السودان… في انتظار بيان البرهان
عبد الحميد عوض
7 February, 2023
7 February, 2023
عملية التسوية السياسية في السودان بين العسكر والمدنيين وعلى علّاتها، دخلت في نفق جديد في اليومين الماضيين، بموقف قديم متجدد من العسكر ينبئ بنيّتهم التراجع والنكوص عن الاتفاق الإطاري الموقّع بينهم وبين المدنيين في 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتكشفت مواقف ونوايا عسكر السلطة الانقلابية، خلال حشود شعبية نُظّمت بعناية فائقة وترتيب دقيق، يبدو أنها متفق عليها وعلى تبادل أدوارها. الحشد الأول في ولاية نهر النيل شمال السودان، الموطن الأصلي لقائد الانقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان، والذي قال في خطابه إن الجيش لن يواصل في الاتفاق الإطاري مع جهة واحدة، في إشارة صريحة لقوى الحرية والتغيير، الطرف الأساسي في التسوية السياسية.
ولم يمضِ سوى يوم واحد على ذلك الكلام، حتى خرج الرجل الثاني في الجيش، الجنرال شمس الدين الكباشي، من موطنه الأصلي في ولاية جنوب كردفان، ليقول بصريح العبارة إن عدد القوى السياسية والعسكرية الموقّعة على الاتفاق الإطاري غير كافٍ لحل الأزمة السياسية في البلاد. وسخر حتى من الدستور الذي وافق عليه الجيش ومن بعده قوات الدعم السريع، إذ ذكر بالحرف الواحد أن القوات المسلحة لا يمكن لها أن تحمي دستورا صاغه 10 أشخاص. وزاد الكباشي من وتيرة التراجع حينما فسر قانون القوات المسلحة على هواه وهوى رفاقه العسكر، وأشار بما معناه إلى حقهم في أن يفعلوا ما يشاؤون لحماية أمن البلاد بموجب ذلك القانون.
من الواضح أن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، إلى الخرطوم الخميس الماضي، كان لها مفعول قوي في تغيير موقف العسكر الأخير المتماهي مع التسوية السياسية، ولو بصورة ظاهرية، فطفقوا يتحدثون بذات الخطاب الذي سبق انقلابهم في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021. وهو خطاب يتذرع بالخلافات المدنية-المدنية للانقضاض على السلطة، وكسب الوقت للبقاء فيها أطول فترة ممكنة. وهذا الامتحان صار مكشوفاً لكل مراقب حصيف للمشهد السياسي، ولكل القوى السياسية، ولرجل الشارع العادي.
ولا يُفهَم على وجه الإطلاق أسباب تمسك قوى الحرية والتغيير بتلك التسوية العرجاء، والتي لم تقنع الكثير من السودانيين وقواهم الحية، وحتى من اقتنع بنصوصها يشكك في مصداقية الانقلابيين، وهو تشكك صحيح لأن المكوّن العسكري ظل يُظهر عدم حرص على تأكيد ما يجعله جديراً بالثقة ولو من باب حسن النوايا.
ومع هذا الواقع يبقى احتمال انقلاب قائد الجيش على العملية السياسية برمتها وارداً جداً، وما على السودانيين إلا انتظار البيان الأول، وسيكون حينها البيان الأول للمرة الثالثة يعلنه البرهان.
///////////////////////////
وتكشفت مواقف ونوايا عسكر السلطة الانقلابية، خلال حشود شعبية نُظّمت بعناية فائقة وترتيب دقيق، يبدو أنها متفق عليها وعلى تبادل أدوارها. الحشد الأول في ولاية نهر النيل شمال السودان، الموطن الأصلي لقائد الانقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان، والذي قال في خطابه إن الجيش لن يواصل في الاتفاق الإطاري مع جهة واحدة، في إشارة صريحة لقوى الحرية والتغيير، الطرف الأساسي في التسوية السياسية.
ولم يمضِ سوى يوم واحد على ذلك الكلام، حتى خرج الرجل الثاني في الجيش، الجنرال شمس الدين الكباشي، من موطنه الأصلي في ولاية جنوب كردفان، ليقول بصريح العبارة إن عدد القوى السياسية والعسكرية الموقّعة على الاتفاق الإطاري غير كافٍ لحل الأزمة السياسية في البلاد. وسخر حتى من الدستور الذي وافق عليه الجيش ومن بعده قوات الدعم السريع، إذ ذكر بالحرف الواحد أن القوات المسلحة لا يمكن لها أن تحمي دستورا صاغه 10 أشخاص. وزاد الكباشي من وتيرة التراجع حينما فسر قانون القوات المسلحة على هواه وهوى رفاقه العسكر، وأشار بما معناه إلى حقهم في أن يفعلوا ما يشاؤون لحماية أمن البلاد بموجب ذلك القانون.
من الواضح أن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، إلى الخرطوم الخميس الماضي، كان لها مفعول قوي في تغيير موقف العسكر الأخير المتماهي مع التسوية السياسية، ولو بصورة ظاهرية، فطفقوا يتحدثون بذات الخطاب الذي سبق انقلابهم في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021. وهو خطاب يتذرع بالخلافات المدنية-المدنية للانقضاض على السلطة، وكسب الوقت للبقاء فيها أطول فترة ممكنة. وهذا الامتحان صار مكشوفاً لكل مراقب حصيف للمشهد السياسي، ولكل القوى السياسية، ولرجل الشارع العادي.
ولا يُفهَم على وجه الإطلاق أسباب تمسك قوى الحرية والتغيير بتلك التسوية العرجاء، والتي لم تقنع الكثير من السودانيين وقواهم الحية، وحتى من اقتنع بنصوصها يشكك في مصداقية الانقلابيين، وهو تشكك صحيح لأن المكوّن العسكري ظل يُظهر عدم حرص على تأكيد ما يجعله جديراً بالثقة ولو من باب حسن النوايا.
ومع هذا الواقع يبقى احتمال انقلاب قائد الجيش على العملية السياسية برمتها وارداً جداً، وما على السودانيين إلا انتظار البيان الأول، وسيكون حينها البيان الأول للمرة الثالثة يعلنه البرهان.
///////////////////////////