السيدة سيدة .. كتب: المحبوب عبد السلام
المحبوب عبدالسلام
2 December, 2021
2 December, 2021
ضم الثري بمدينة باريس أخريات أكتوبر المنصرم رفات سيدة عظيمة أحبت تلك المدينة وقضت فيها غالب عمرها الناضج وقدر الله لها أن تقضي فيها أيامها الأخيرة وأن تدفن في أرضها هي السيدة ( سيدة حسن كرار)، كما
صلي علي جنازتها جماعة المسلمين في مسجد (كرتيه) الضاحية الباريسية التي نزلت فيها أول ولم تغادرها إلا الي مثواها الأخير.
بالطبع زرعت السيدة سيدة جدات تلك الناحية مرات لا تحصي بالخطي الصالحة التي بذلتها بسخاء في خدمة الناس والسعي في حوائجهم منذ وطئت قدماها بلاد فرنسا في العقد السبعين من القرن الماضي، فهي بلا ريب من اولئك الذين أختصهم الله سبحانه وتعالي بقضاء الحاجات في تجرد وسعادة لا ترجو جزاءً ولا شكوراً ولا تبالي إن كان صاحب الحاجة قريباً حميماً أم عابراً تعرف أنها قد لا تلقاه مرةً أخري، حتي أضحت معروفة لدي تجار منطقة (باربس) السوق الذي تكثر طلبات السودانيات لأغراضه، إذ صحبتها مرات الي محلاته وكنت أقول لها في كل مرة أنها لو ترشحت في هذه الدائرة لفازت.
تقول السيدة سيدة أنها قطعت دراستها في كلية الآداب جامعة الخرطوم وتزوجت ببساطة وغادرت الي باريس، فيما ظلت ذكراها تتردد بأصداء قصيدة ( السيدة لا )للشاعر الطبيب عمر خالد، وحينما تعرفت علي السيدة سيدة في منتصف العقد الثمانين من القرن الماضي لم تكن تحفظ سوي مطلع القصيدة ولا تعرف من هو مؤلفها ولكن قدر الله لها ذكر وذكري دون جهد أو هم منها، فهي لا تشعرك مطلقاً سوي بطبعا المتواضع ونزوعها العملي البعيد عن غرور الجميلات المجافي لاهتماتهن، ولم أكن رغم مرافقتي لها كثيراً اذكر ذلك الا عندما يفاجئنا فرنسي أو فرنسية في قطار المترو بعبارة ( أنت جميلة جداً).
تزوجت السيدة سيدة حسن علي كرار من الدكتور سيد ميرغني الجراح الفريد في تخصصه وشخصيته، وربما لن تجد طبيباً مجيداً لمهنته مثله يتوفر علي اهتمام جدي بالسياسة واللغة والفكر والدين ويصل لخلاصات عميقة في كل ذلك كما هو شأنه، ورغم أنه ولد وترعرع في ربوع الشمال السوداني وانتمي مرحلة من حياته الي المدرسة الاسلامية، فقد توافق مع السيدة سيدة نجلة الاداري المخضرم خريج كلية غردون وابنة نفيسة كامل الرائدة النسائية المثقفة والأم لثلاثة عشر بنتاً وثلاثة أنجال، والتي راسلت في مرحلة مبكرة من حياتها عميد الادب العربي الدكتور طه حسين تطلب منه تثقيفها اجابة لدعوته أن يكاتبه كل من يريد نصيحةً في الثقافة والتثقيف.
لا ابرح ذكري سيدة حسن علي كرار حتي استذكر الحادث الذي برح بها وبدل ايامها وهو استشهاد شقيقها العميد عبد المنعم حسن كرار في اخريات رمضان ١٩٩٠ الذي فاجئها وهي في شغلها المبارك في خدمة الناس بباريس واسلمها من بعده لامراض عابرة سرعان ما تغلبت عليها بعزيمتها وشخصيتها الفذة قبل أن تصاب في اعوامها الاخيرة بمرض عضال، واجهته كذلك بعزيمة وصبر وماتت بعده في شجاعةً نادر ة أو موتاً جميلاً كما يقول الفرنسيون، فقد دعت الأقربين من الكبار والصغار الي باريس لوداعهم قبل رحيلها الأبدي وعند المحطة الأخيرة في المدينة كثيراً ما جاءوا اليها واستمتعوا بصحبة السيدة سيدة وحديثها الشجي وطعامها الشهي، فقد كانت سيدة كذلك ماهرةً في اعداد المائدة قديرة في الطبخ كريمةً في توزيعه.
بأسباب من السيدة سيدة تعرفت كذلك الي أطفالها النجباء يومئذٍ وهم أربعتهم اليوم في مهن جيدة ومناصب رفيعة ( هيثم وهشام وخالد وحسن)، كما تعرفت الي والدتها رحمها الله والي أخوانها وأخواتها وخاصة المناضلة سميرة حسن كرار التي ما لانت قناتها حتي رأت مصارع القوم الذين غدروا شقيقها، ولا أملك في هذا المقام إلا أن أعزيهم جميعاً كما أعزي زوجها الدكتور سيد وأعزي جالية باريس التي كانت الراحلة شامتها ومصدر اشعاعها.
صلي علي جنازتها جماعة المسلمين في مسجد (كرتيه) الضاحية الباريسية التي نزلت فيها أول ولم تغادرها إلا الي مثواها الأخير.
بالطبع زرعت السيدة سيدة جدات تلك الناحية مرات لا تحصي بالخطي الصالحة التي بذلتها بسخاء في خدمة الناس والسعي في حوائجهم منذ وطئت قدماها بلاد فرنسا في العقد السبعين من القرن الماضي، فهي بلا ريب من اولئك الذين أختصهم الله سبحانه وتعالي بقضاء الحاجات في تجرد وسعادة لا ترجو جزاءً ولا شكوراً ولا تبالي إن كان صاحب الحاجة قريباً حميماً أم عابراً تعرف أنها قد لا تلقاه مرةً أخري، حتي أضحت معروفة لدي تجار منطقة (باربس) السوق الذي تكثر طلبات السودانيات لأغراضه، إذ صحبتها مرات الي محلاته وكنت أقول لها في كل مرة أنها لو ترشحت في هذه الدائرة لفازت.
تقول السيدة سيدة أنها قطعت دراستها في كلية الآداب جامعة الخرطوم وتزوجت ببساطة وغادرت الي باريس، فيما ظلت ذكراها تتردد بأصداء قصيدة ( السيدة لا )للشاعر الطبيب عمر خالد، وحينما تعرفت علي السيدة سيدة في منتصف العقد الثمانين من القرن الماضي لم تكن تحفظ سوي مطلع القصيدة ولا تعرف من هو مؤلفها ولكن قدر الله لها ذكر وذكري دون جهد أو هم منها، فهي لا تشعرك مطلقاً سوي بطبعا المتواضع ونزوعها العملي البعيد عن غرور الجميلات المجافي لاهتماتهن، ولم أكن رغم مرافقتي لها كثيراً اذكر ذلك الا عندما يفاجئنا فرنسي أو فرنسية في قطار المترو بعبارة ( أنت جميلة جداً).
تزوجت السيدة سيدة حسن علي كرار من الدكتور سيد ميرغني الجراح الفريد في تخصصه وشخصيته، وربما لن تجد طبيباً مجيداً لمهنته مثله يتوفر علي اهتمام جدي بالسياسة واللغة والفكر والدين ويصل لخلاصات عميقة في كل ذلك كما هو شأنه، ورغم أنه ولد وترعرع في ربوع الشمال السوداني وانتمي مرحلة من حياته الي المدرسة الاسلامية، فقد توافق مع السيدة سيدة نجلة الاداري المخضرم خريج كلية غردون وابنة نفيسة كامل الرائدة النسائية المثقفة والأم لثلاثة عشر بنتاً وثلاثة أنجال، والتي راسلت في مرحلة مبكرة من حياتها عميد الادب العربي الدكتور طه حسين تطلب منه تثقيفها اجابة لدعوته أن يكاتبه كل من يريد نصيحةً في الثقافة والتثقيف.
لا ابرح ذكري سيدة حسن علي كرار حتي استذكر الحادث الذي برح بها وبدل ايامها وهو استشهاد شقيقها العميد عبد المنعم حسن كرار في اخريات رمضان ١٩٩٠ الذي فاجئها وهي في شغلها المبارك في خدمة الناس بباريس واسلمها من بعده لامراض عابرة سرعان ما تغلبت عليها بعزيمتها وشخصيتها الفذة قبل أن تصاب في اعوامها الاخيرة بمرض عضال، واجهته كذلك بعزيمة وصبر وماتت بعده في شجاعةً نادر ة أو موتاً جميلاً كما يقول الفرنسيون، فقد دعت الأقربين من الكبار والصغار الي باريس لوداعهم قبل رحيلها الأبدي وعند المحطة الأخيرة في المدينة كثيراً ما جاءوا اليها واستمتعوا بصحبة السيدة سيدة وحديثها الشجي وطعامها الشهي، فقد كانت سيدة كذلك ماهرةً في اعداد المائدة قديرة في الطبخ كريمةً في توزيعه.
بأسباب من السيدة سيدة تعرفت كذلك الي أطفالها النجباء يومئذٍ وهم أربعتهم اليوم في مهن جيدة ومناصب رفيعة ( هيثم وهشام وخالد وحسن)، كما تعرفت الي والدتها رحمها الله والي أخوانها وأخواتها وخاصة المناضلة سميرة حسن كرار التي ما لانت قناتها حتي رأت مصارع القوم الذين غدروا شقيقها، ولا أملك في هذا المقام إلا أن أعزيهم جميعاً كما أعزي زوجها الدكتور سيد وأعزي جالية باريس التي كانت الراحلة شامتها ومصدر اشعاعها.