السيد البدوي .. جورج غالاوي المصري

 


 

سارة عيسى
25 August, 2013

 




ضحكت كثيراً عندما علمت أن سلطات مطار القاهرة منعت السيد البدوي من السفر إلى السودان ، وحسب تسريبات الصحافة المصرية أن قرار المنع صدر في عهد الرئيس المعزول  مرسي ، لكن ليست هذه هي المفارقة الوحيدة ، المفارقة هي أن مصر الثائرة حديثاً ضد الاستبداد لا زالت رموزها السياسية تحن للاستبداد وتتمسك به  ، فإن لم يجدوا مبارك أو مرسي في مصر فهناك البشير في السودان ، والمبكي في الحدث أن زعيم حزب الوفد يختصر  علاقاته مع السودان في شخص الدكتور نافع علي نافع ، ولا أريد المجازفة بالقول أن السيد البدوي هو ضيف على كل الموائد حتى لو تطلب ذلك منه  السفر والترحال ، لكن هذا يعيدني لذكر مقولة شهيرة للواء عمر سليمان  أن مصر ليست جاهزة للديمقراطية ، وربما يكون الراحل عمر سليمان يقصد هذه النخبة التي تتلون كقوس قزح مع كل أمطار تغيير جديدة ، وكل النخب المصرية كانت تقول أن الديمقراطية ليست صندوق إنتخابي ، فالصندوق الإنتخابي هو جزء من آليات الديمقراطية لكنه لا يمثل قيم الديمقراطية الشاملة مثل الحرية والإعتراف بحقوق الآخرين في السلطة والثروة ، ولا أعتقد أن الدكتور نافع علي نافع يمثل هذه القيم ، فهو من صقور نظام البشير ، وهو قاد الحرب بنفسه في جنوب السودان ضد الحركة الشعبية ، وكل يوم يتحدث الدكتور نافع عن المقابر التي حفرها النظام لدفن خصومه ، ومن دون ثورة شعبية لا يلوح في الأفق أن نظام البشير مستعد للتغيير .
إذاً ما هو سر جاذبية الدكتور نافع التي جعلت منه كعبة تزورها قيادات الأحزاب المصرية ؟؟ فمصر الأن تشهد تحولاً لا يقل درامتيكية عن ما يحدث في السودان ، فهناك دستور جديد وحرب شعواء في سيناء ، والمحاكم المصرية تعرض رموز نظامين للمساءلة ، وذلك غير حظر التجول وإعلان حالة الطوارئ ، إذاً ما هي الضرورة التي الحت على السيد البدوي وجعلته يهرع للقاء الدكتور نافع علي نافع وبلاده تمر بهذه الظروف العصيبة ؟؟ فالسبب لا يخفى على أحد ، فلطالما كان حزب الوفد متحالفاً في السابق مع الإخوان المسلمين ، وقد وصف الدكتور الراحل فرج فودة في كتاباته  هذا التحالف بزواج المتعة حيث يقتسم الشريكان الدوائر الإنتخابية من دون الإلتقاء على أطر فكرية واضحة  ، لكن علاقة السيد البدوي بنظام البشير تطوق أيضاً الأطر الفكرية ، فهناك استثمارات ضخمة للسيد البدوي في السودان مكونة من مزارع دجاج والبان ومصانع للطابوق ، وينعم السيد البدوي بستهيلات إستثمارية غير مسبوقة بحكم علاقته مع صقور النظام ، لكن الذي لا يعرفه السيد البدوي إنه ليس بافضل من اسامة بن لادن في هذه المخاطرة  ، فزعيم القاعدة كان يستثمر أمواله في السودان ويظهر في وسائل الإعلام السودانية وفي معيته الرئيس البشير ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين ، ولكن عندما وقعت الواقعة طردوه شر طردة وباعوا اصول شركاته بسعر بخس في المزاد.
وأعتقد أن هناك تشابهاً بين السيد البدوي والنائب البريطاني المثير للجدل جورج غالاوي ، النائب غالاوي في العادة يحط ضيفاً على قادة أنظمة تشتهر ببطشها لشعوبها وقهرها لتطلعاتها  ، فهو كان  يحل  ضيفاً على  كل من  صدام حسين والقذافي وبشار الأسد ونظام حماس في غزة ، لكن النائب غالاوي يفعل ذلك لأجل الشهرة ، لكن بعض الصحف اشارت أنه ربما يكون قبض الثمن من صدام حسين فيما يُعرف وقتها بكوبونات النفط . فسفر السيد البدوي للسودان القصد منه تأمين الإستثمارات ، فالمعركة الإنتخابية القادمة في مصر سوف يحسمها المال ، اما النسبة للفوائد التي يجنيها نظام البشير من دعمه للأحزاب المصرية العتيقة ليست خافية على أحد ، فمصر من اهم المربعات الآمنة التي كان يخصها الرئيس البشير بالترحال وهو آمن من بطش المحكمة الجنائية الدولية ، ومصر تعتبر محطةً إعلامية هامة للتواصل مع الخارج ، وهناك تخوف من أن يتجذب النظام الجديد في مصر المعارضة العسكرية السودانية كما كان يفعل نظام حسني مبارك ، والشواهد على ذلك أن نظام الخرطوم لا يخفي دعمه لنظام الرئيس المعزول محمد مرسي ، صحيح أنه بخبث شديد أدعى بان ما يحدث في الشارع انه  حركة عفوية تجتاح الشعب  السوداني ضد العنف الذي مارسته السلطات المصرية في فض إعتصام رابعة العدوية ، لكننا راينا من بين الحشود قطبي المهدي والزبير أحمد الحسن  ، وهذان الشخصان لا يعرفان النعومة في التعامل مع المعارضين  ، وعفوية الشارع السوداني تقتصر الآن على إنقاذ ما يُمكن إنقاذه من اثاث ومتاع داهمته السيول والأمطار ، الشعب السوداني غارق في الطيب والوحل  ولا أحد يهتم بما يجري في مصر ، وغير كل  ذلك إن الإعتصامات غير مسموح بها في السودان ناهيك عن الإهتمام بكيفية فضها . إذاً خلاصة الأمر أن السيد البدوي هو أشبه ما يسميه الناس في مصر بنواب ( الكيف ) ، فهؤلاء تدفع لهم الإنقاذ ليكونوا أبواقها في مصر .
سارة عيسي
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]

 

آراء