الصادقون والصدمة
الفريق أول ركن/ محمد بشير سليمان
4 February, 2015
4 February, 2015
حركة إسلامية ومؤتمر وطنى وبواقع اليوم العكس أصح، شاب تلحظ حين تقرأ نفسه وجهه حيوية مع لمسة حزن، سمع بى ولم نلتق، ولكنه كان يبحث عن سانحه للقيا، إجتهد كثيراً لتحقيقها ولكن " لكل أجل كتاب"، ثم إزداد جهداً حين قرأ فى وسائل الاعلام نبأ انضمامى لـ"حركة الاصلاح الآن" وجعل سبيلاً لذلك من يعرفنى ويلتقينى يومياً، والذى أبلغنى برغبته في إلتقائي عاجلاً بعد قراءته لما كتبت بصحيفة التيار عن "الإنقلاب ما بين الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطنى ومبدأ القيم" حيث إستحث الخطى للمقابلة حضوراً حسب الوقت المحدد، بل كان قبله بقليل، وكأنه يود أن يؤكد أن الوقت "دين" وقيمة إسلامية تعبدية ما كان لها من إستيعاب وإدراك عند من يبشرون بدولة الشريعة إسلاماً والمشروع الحضارى نهضة. وبعظم نبل الهدف وصدق النية، كان اللقاء لأكثر من ساعتين، مبتدراً بتعريف شخصه، ومستعجلاً بيان الهدف الذى دفعه للقاء طارحاً له فى سؤال "قصير و واضح" كما يقول العسكريون، ممثلا فى: "ماهي أسباب خروجى من المؤتمر الوطنى، وألا يمكن أن يتم الإصلاح من داخله؟، بحسبان كسبى السابق فى القوات المسلحة، وولاية شمال كردفان" كما قال، وقد كان متابعاً لكل ذلك، مضافاً إليه ما كان يسمع، فقلت له : "الا يكفيك أسباباً ما كتبته برسائلي الخمس بصحيفة التيار عن "دقيقة المؤتمر الوطنى وقيامة السودان"، وألم تجد من الأسباب ما يقنعك حين تقرأ موضوع " الانقلاب مابين الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني ومبدأ القيم"، حيث الحالة الوطنية الآن وبعد خمس وعشرين عاماً أسوأ من العام 1989م، والأ يكفيك مابينته في مقالي عن "الإنتخابات ما بين الوفاق الوطنى والإستحقاق الدستورى"، إذ يتجاوز المؤتمر الوطنى معنى الآية الكريمة "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا" حيث عظمة الإسلام إيماناً بأن القوة تحققها الجماعة كلها، وليس جزء منها كما هي الدعوة للإنتخابات الآن. فقال لقد قرأته وعلمته كله، وأعيشه كله، وأود أن اسمعه منك كله وزيادة قولاً مباشراً وشفافاً. فقلت له لا مانع مع العمل بأن تكون المعلومة قدر الحاجة، وأصدقك القول بأن تأييدنا للإنقاذ كما هو تأييد الشعب السودانى لها حين قيامها ما كان وسيلة لغاية، كما يحسب كثير من الناس وأن خروجنا من المؤتمر الوطنى ما كان وسيلة لغاية، وإلا لتركت الباب موارباً أملا فى عودة لها ثمنها حين "تسوى الأوضاع" مالاً، ووظيفة مدنية أو وعداً بمنصب دستورى كما هو حال الكثيرين، ثم تنزوى الشخصية وتصبح باهتة وأضحوكة "ولكن كان الخروج لذات المبادئ والأهداف والمثل القيم العليا التي أستمعنا لها من الإنقاذ شعارات عند عهدها الأول، وكان التطبيق صدمة لنا كما أنت تعيشها الآن، وصاحب الصدمة لابد له من سرعة في الإسعاف علاجاً قبل أن يتم إسكانه غرفة العناية المكثفة فيموت سريرياً، وذلك ما نخافه، ولم يبق من العمر بقية يتم ضياعها سداً، والإصلاح ما بات ممكناً لقلوب أصابها الراَن، والتغيير بات مستحيلاً لحال لا يصلح فيه إلا البتر والإنقاذ حين جاءت مبشرة "بدولة الرسالة الأولى" صدقناها وشعب السودان، وما كان لنا غير ذلك،و الوطن وقتها يعيش أضعف حالته أملاً في إصلاح سياسي يؤسس لنموذج سياسي يعالج سوءة الممارسة السياسية السودانية وأخطائها الوطنية من خلال هوية جامعة في دولة الوطن والمواطنة عدلاً ومساواة، وقبل ذلك حرية ما جاء الإسلام إلا ليثبت أركانها إيماناً بالإنسان كقيمة وحرمة، ثم إصلاحاً مؤسسياً تقوية لمؤسسات الدولة القومية " دولة المؤسسات " مع تثوير لحركتى الإبداع والإجتهاد اللذين تؤسس عليهما نهضة الأمة وبما يمكن الدولة "السودان" من مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية حفاظاً على وجوده المعنوي والمادي مع تجاوز حالة الإقتتال والتناحر حتى لا يقسم الوطن إلى دويلات. هكذا كانت البداية، ثورة بأهداف إسلامية ساد بها أصحابها الصادقون العالم فى عهد دولة الإسلام الأولى، وهي فى عهدها الأول. أهداف كالبذور المحسنة، متى ما رعيتها سقاية وتقانة أعطتك خيراً وفيراً، ومسئولية الرعاية هنا تقع على عاتق الحركة الإسلامية عبر قيادتها التى كان عليها عبء تقديم النموذج، فماذا وجدنا أخي الكريم، وقد كنا ننشد المعالي، وجدنا أن الحركة الإسلامية وهى تتحدث عن تقديم النموذج والمثال لا تعدو عن كونها حركة طائفية أمنية تخلت عن الدعوة لصالح مفهومها الأمنى الذى للأسف كانت تمارسه ضد عضويتها تصنيفاً وتقيمياً واقصاءً، والذي تطور فأصبح مؤسسة أمنية تمسك بمفاصل الدولة بعيداً عن قيم الإسلام التى تقول "لا تَجَسَّسُوا وَلا تَحَسَّسُوا" وذلك ماأهلك الحركة الإسلامية التى فارقها وبعد عنها أهل الشوكة، فما أصبح لها من وجود حديثاً بتنا نسمعه من بعض قادتها الآن. وواقع اليوم يقول أنها لا تزيد عن كونها أمانة من أمانات المؤتمر الوطنى مؤتمره بأمره، ومع البدايات الأولى وحين تبين لنا أن المسار والمنهج الذى كنا نتوقعه وننشده ليس هو الذى كنا نأمل صادعين بالنصيحة والتنبهيه كان الرد علينا وبغلظه تجاهلاً مقصوداً والتنبيه مباشراً تبعه تهديداً أن "أعمل حسابك" والذي لم يخيفنا أو يثنينا عن الإشارة إلى الفساد وغيره من الممارسات الا إسلامية، وعندما لم يؤتى ذلك ثماراً كان التآمر والكيد والبهتان والتصنيف الذى ما ترك من أهل الخير شخصاً ينطق كلمة الحق إلا وأبعده. هكذا كانت الحركة الإسلامية التي إنعدمت فيها الشورى وقبول الرأي الآخر والمبادرات إلى أن تحولت جسداً وروحاً إلى "مؤتمر وطني" ليفعل فى الوطن فعلته التي فعل. من هنا كانت بداية الصدمة لي ولك ولكل الصادقين "ضياع المشروع الإسلامى" بياناً لأخي "الصادق المصدوم" ومن بيننا حديث قادة المؤتمر الوطنى الذين يتغنون هذه الأيام بدولة الشريعه تسويقاً ودعاية إتخابية تضليلية ما باتت تنطلي على عقل المواطن السودانى، الذى تظل الصدمة عليه مستمرة حين يسمع أهزوجة قادة المؤتمر الوطنى وهم يرددون أن الإنقاذ هي النسخة الثانية للثورة المهدية بحسب زعهم ونقول شتان ما بين الثورة المهدية ودولة حزب المؤتمر الوطني، حيث المقارنة غير جائزة أو وارده بين ثورة قامت عليها وحدة السودان الحديث وإنقلاب تفككت به دولة الثورة المهدية، والقادم مجهول وخطير. لقد أفتقدت الحركة الإسلامية وهى تطرح أسباب الانقلاب فى بيانها الأول للقدوة والنموذج القيادي "الزعيم"، الأسوة التي قامت عليها دولة الإسلام الأولى، ولأن أي مشروع أو هدف لا تؤمن له القيادات النموذج لا يحقق له النجاح، لأن هذه القدوه تحقق إستمرارية التميز والنجاح إقتناعاً وإقناعاً من خلال الذين يدفعون بالأهداف ويثبتونها في عقول الأمة يقيناً كما كان صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتكون كذلك المفتاح لقبول الفكرة والإنضمام إليها دفاعاً، وأقول هنا لعل باب تقديم النموذج مازال مفتوحاً كأعظم سانحة لقادة الإنقاذ وشخصى بينهم، بل أولهم، حتى لا يكون ما نكتب ذراً للرماد في العيون، تأكيداً على إنهم غير فاسدين ولا مفسدين، خروجاً من الإتهام المصوب نحوهم، ولأسرهم وأقربائهم وبطانتهم وحتى الحرس، أقول لهم "قدموا كشف ما تملكون من ثروة ومال لقضاء الشعب السودانى تبرئة لانفسكم من إتهامكم بانكم قد أكلتم مال الشعب السودانى"، بناية لناطحات السحاب والفلل ذات المفاتيح الآلية، والحسابات البنكية خارج السودان وغير ذلك مما يتم تناقله، تأكيداً لبراءة حقيقية تحسب لصالح المصدومين من الصادقين بشارة وقدوة حسنة، وأن يتم التحقيق في ماقدمناه لكم من تقارير مكتوبة وشفهية عن الفساد "سابقاً بولاية شمال كردفان"، ولم يتم البت فيها خروجاً من دائرة فقه الستره، والتحلل، ثم يتواصل حديث الشفافية مع الشاب "الصادق" عن إستراتيجيات ومفاهيم خاطئة أسس لها المؤتمر الوطني وهى ليست من الإسلام في شئ، حيث يمارس المؤتمر الوطني إستراتيجية "الإكراه والإتباع قسراً" تجاه عضويته وغيرها ، ويلاً وثبوراً لمن يبدئ رأياً معارضاً، أو فكراً إصلاحياً، ثم إستراتيجية " الترغيب والترهيب" تركيزاً على من يفكر في الخروج من صفه، فالمال دولة عنده، والعصا تهديداً حتى مرحلة التصفية مرفوعة، وذلك ما يتم تجاه عضويته التي سارعت إنضماماً لحركة الإصلاح الآن تهدياً بالنقل والإعفاء من الوظيفة والتصفية، ثم إستراتيجية "التفكيك والتجزئة" التي ما تركت حزباً سياسياً معارضاً، أو جسم مجتمعي غير موال، أو حركة مسلحة تطالب بحقوق منقوصة إلا وشتت شملها دون إدراك لمخاطر وخطأ هذه الإستراتيجية على الوحدة الوطنية والأمن القومي، ولإستراتيجية "الحرب" الصدر بالرغم من عبثيتها، إهداراً للموارد البشرية والمادية، وللمزيد كان النقاش عن إستخدام المؤتمر الوطنى لموارد وإمكانيات الدولة ووقتها والذي نثبته بالدلائل القاطعة دون إدراك لحرمته، ويمتد الحديث عن خطأ قيام الإنتخابات في موعدها إستحقاقاً دستورياً يتم به تجاوز الحوار الوطني ومخرجاته التي من أهمها تحقيق الوفاق الوطنى كهدف إستراتيجى تؤسس به مسيرة الوطن القادمه إحتواء لكل مهدداته كما لم نغفل قضية الحرية بكل أشكالها والتى غير مكفوله حتى داخل المؤتمر الوطني كحق إلهى شرعى؛ وكان ختام الحديث كارثة التوظيف لأهل الولاء من القبيلة والحزب ظلماً للمتميزين من أبناء السودان، وبما أدى لهدم الخدمة المدنية. هكذا إنتهى الحديث الذي لم يكتمل كله ولم أكتب ما تناقشنا فيه كله مع "الصادق " الذى تأكد له إن الخروج لم يكن حتى من أجل حركة الإصلاح الآن ولكنه ذو أبعاد وطنية جادة وصادقه وأكيدة، ثم هو خروج لإصحاح خطأ إستراتيجى ما أحسب أنه يتكرر عودة أخرى، إدراكاً لحالة الإصلاح التي حين تأتى لا تؤخر، وإن الإنسان بيد الأقدار التي تأخذه إلى حيث لا يدرى متقلبه ومثواه، وذلك مايكون عزاءً لى، إذ لو كان الإنسان يعلم الغيب لاستكثر من الخير وما مسه السوء، خاصة في القضايا الوطنية، ومع كل ما ذكرت إذ بالصادق وهو على باب المغادرة وبأمل المؤمن يقول "هل من أمل فى العودة؟"، فأرد عليه "أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا". شاكراً له زيارته التى تصنف الثانية من ثلاثة زيارات مشابهة قام بها أحد منسوبى الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطنى لداري منذ العام 2004م. إتفاقاً على أن نكون بالأمل تفاؤلاً لتغيير الحال الوطني وحدة وطنية واستقراراً وتنميةً وإن الشباب الصادقون قادمون فى دولة الوطن والمواطنه عدلاً ومساواة والسودان وطن يسع الجميع وسنلتقى لمزيد من طرح الرؤى والأفكار تصويباً نحو الأهداف الوطنية والسلام.
الفريق أول ركن/ محمد بشير سليمان
moh-bashir@hotmail.com