الطيب صالح .. إنسان نادر على طريقته … بقلم: محمّد خير عوض الله
محمّد خير عوض الله
23 February, 2009
23 February, 2009
Mohkhair765@hotmail.com
بعد رحيله المدوي ، ستبدأ الكتابة عنه ، تتحوّل ، شيئاً فشيئاً ، لتشبه الكتابة عن سر من أسرار الكون ، لايخالجني شك في ذلك .. كنت أنظر إليه ـ وهو حي بيننا ـ على هذا الاعتبار ، أنه سر من أسرار الكون ،... لقد أنعم الله علي بمعرفته عن قرب ، فقد كان يزورني في داري المتواضعة بمدينة الرياض كلما جاء إلى المهرجان السنوي للثقافة والتراث المعروف ب"الجنادريّة" وكان من أكبر ضيوفه سنوياً .. سيتغيب بالطبع هذا العام كما تغيب العام الماضي ، وستكون الجنادرية حزينة هذا الموسم الذي سيحل بعد أيام .. يمتلئ فندق قصر الرياض بضيوف الجنادرية ، وتمتلئ صالات الفندق بالزوار والصحفيين ، وكان راحلنا الكبير يخصني بمساحات واسعة من وقته ، لدرجة أنه يتغيب عن بعض المناشط ليعطيني من وقته .. فقد كان يجد في شخصي الضعيف بعضاً من بقايا الثقافات والعادات واللهجة والذكريات التي عجنته وصنعت شخصيته ، فأنا من قرية الأراك التي لا تبتعد كثيراً عن قريته كرمكول ، وتحمل ذات الطبائع والخصائص والموروثات التي تربى عليها.، فنحن امتداد ثقافي وجغرافي واحد ... وكان يلاقيني بأبيات عن الأراك وإنسان الأراك كما تغنت له المحبوبة ، لم أسمعها إلا منه ، يقول : " الظريف مسواك الأراك .. وين لقيتك لامن آباك ؟ راقدي فوق صدرك ومشتهاك" والطيب كما هو معروف ، تهمه الجوانب الإنسانية في حياة الناس وفي تصرفاتهم وفي كافة شؤونهم ، ولهذا تأسره مثل هذه الأبيات البسيطة ، لكنها عنده عميقة محمّلة بالدلالات والمعاني ، معاني الحب في أقصى تجلياته ، كذلك تأسره البلاغة المتناهية التي تعبّر بها هذه المحبوبة ، "راقدي فوق صدرك ومشتهاك" !! والمعروف أنّ الإنسان يشتهي أشياءاً لاتكون في يده ، والمشتاق يشتاق لمن يبعد عنه ، ولكن أهلنا في هذه المنطقة الساحرة ، يسحرونك كذلك بأشعارهم ، فقد قال شاعر الحنين والطمبور إبراهيم أبنعوف نسأل الله له عاجل الشفاء ، قال في قصيدته : " ليه ما اكتب وليه ما أغني ؟ سنين الشقا مني عدت ومعاك ضمتني السعادي " يقول فيها : " مشتاق ليك وانتي جمي وأهم بالشوق في بعادي " وقد عالج الشاعر الأموي عبد الله بن الدمينة الخثعمي في قصيدته المشهورة : ألا ياصبا نجد متى هجت من نجد ... لقد زادني مسراك وجداً على وجد" قال فيها : وقد زعموا أن المحب إذا دنا يمل وأن البعد يشفي من الوجد .. بكل تداوينا فلم يشف مابنا على أن قرب الدار خير من البعد ، على أن قرب الدار ليس بنافع ٍ، إذا كان من تهواه ليس بذي ود ."
ويقيني أننا مهما نقبنا في الشعر العربي والشعبي لن نجد كقول ود أبنعوف "مشتاق ليك وانتي جمبي وأهم بالشوق في بعادي" ولن نجد كالتي ظلّ يلاقيني بها أديبنا الكبير " الظريف ود الأراك ، وين لقيتك لامن آباك ؟ راقدي فوق صدرك ومشتهاك" والدلالة التي استوقفتي الآن قصدت ألا أتجاوزها سريعاً ، لأنّ الحديث عن الطيب صالح يشبه الحديث عن سر مفقود ، وهو نفسه كما قال للزميل طلحة جبريل في حواره المطول معه : أشعر بأن البشريّة تائهة وأشعر بأنني تائه معها .." وهذه الإجابة تماماً تجعلنا ننظر للأديب الكبير من أعلى ، أقصد ننظر لمسيرته الطويلة بين المطارات يجوب العواصم والمواسم ، بل حتى لو نظرنا وتجولنا في رواياته ، سنجده بالفعل مشغول بالبشرية التائهة وسنجده بالفعل تائهاً معها ، والتوهان هنا هو التوهان الذي قصده ، وهو التوهان الذي عاشه ، وهو التوهان الذي تجده ببساطة عند أي درويش في أي حي من أحياء السودان ، لا التوهان الفكري والثقافي كما يتبادر ، وهنا يمكنني أن أسجل عبارات موجزة متقابلة متضادة عن الطيب صالح ، فهو البسيط المثقف ، الزاهد الأنيق ، السطحي العميق ، فهو عميق لأقصى درجات العمق ، وهو على السطح لا تكاد تجد له غوراً ، كما أنه عميق لا تكاد تسبر غوره !! والبساطة تمثل الطبيعة التي يفضلها ، لايفضل الأعماق التي تلف الفلاسفة والمثقفين ، وهو زاهد تماماً كالزهاد والدراويش ، ولكنه الأنيق الذي يهتم بأناقته وهندامه ، وهو مثقف جبار ، بل إنه موسوعي الثقافة ، يبحر بلا أي شواطئ في قضايا الثقافة ، لكنه لايجد نفسه إلا في حياة العوام وحياة البسطاء .. كان بهو فندق قصر الرياض يعج بالدعوات ، من أمراء ومن وجهاء سعوديين وعرب وسودانيين يقدمون له دعوات محافل وليالي مختلفة ، لكنه كان يقول لهم : " أبداً والله ، مابقدر ، أنا مرتبط مع ود أخوي ده " ويواصل : " ده من ناس الأراك .." ثمّ يقول أبياته "الظريف مسواك الأراك" ذات مرّة أتيته على موعد بعد صلاة العصر ، فوجدته جالس في بهو الفندق ومعه الشاعر عصام عيسى رجب وهي أول مرة ألتقي فيها بعصام ، ومعه أحد أصدقاءه، وجدته منهمكاً معهم ، وقرأ عليه عصام من شعره ، فأعجب إعجاباً كبيراً ، فهو يحفز ويشجّع بلا حدود ، لا كبقية المثقفين الذين يحتكرون شهادات الغفران الثقافي ، ثمّ استأذن وكان الموعد أن آتيه بعد صلاة العشاء ليذهب معي للبيت ، فوجدته ينتظرني وأتى لي بحقيبة أنيقة مليئة بكتب قيّمة ، قال لي هذه هدية ، وهي أقيم هدية ، توزن عندي ذهباً .
في الموسم قبل الماضي ، وهو آخر موسم يشارك فيه ، أعطيته كتاباً كتبته من ذكرياتي مع الآباء والجدود في خلوتنا الصغيرة بالقرية ، وتحدثت عنهم بشفافية وحاولت أن أنقل الصورة اليومية من داخل الخلوة وأنا صغير وهم يتسامرون ويحكون تفاصيل الحياة اليوميّة ، كل واحد يسرد يومياته كل يوم ، وقلت لأستاذنا الكبير أريدك أن تقرأه وتكتب مقدمته ، فأخذه ، وفي اليوم التالي عبر الهاتف ، امتدح الكتاب وقال لي إنه منهمك معه ، وفي اليوم التالي ـ أي بعد يومين ـ ذهبت إليه بعد صلاة الظهر فوجدته قد كتب المقدمة بخطه الجميل ، وقال إنّ التفاصيل التي أوردتها في الكتاب قادته إلى عالم "عظيم الجاذبية" وأن شخوص الكتاب "يعرفهم واحداً واحداً" كما عايشهم من خلال حياة مشابهة ، وطلب أن أوسّع في رسم الصورة ، لم يقلها شفاهة إنما ضمنها في المقدمة لأهمية ذلك . كان الطيب صالح مثل "منسي" إنسان نادر على طريقته " وكان مثله مثل أي درويش نعرفه في قرى الريف ، فقط يختلف أديبنا الكبير في الهندام وفي العلم والثقافة ، والطيب صالح كذلك طفلٌ كبير ، تكسوه البراءة والعفوية والتلقائية وصفاء السجية والنفس السمحة السخية ، هو إنسان نادر على طريقته ، كذلك رأيت فيه كرم حاتمي ، فلا يستطيع أحد أن يدفع فاتورة إكرام أو ضيافة في حضرته ، في مطعم كان أو مقهى . يكره تماماً أن يجاهر أحد ويكثر من كلمات الثناء والمدح والتزلف والإطراء ونحوها ، وأذكر أنّ زميلاً صحفياً بالرياض ، ينشط جداً في الحوارات ، جاء فوجدني أرتب لأجري معه حواراً سبق الاتفاق بشأنه ، فانبهر صديقنا ، ولم يكد يصدق أنه وجهاً لوجه مع الطيب صالح ، فقال عبارات الانبهار ، وزاد منها ، فاغتاظ الراحل عليه رحمة الله ، فتدخلت وهدّأت من غضبه ، وقلت له ، يا أستاذنا الطيب ، نقول لك بكل صدق ، غيابك الطويل جعل جيلاً كاملاً يقرأ عنك ويتعامل معك كما يتعامل مع الأساطير ، فعليك أن تدرك هذه المسافة الكبيرة الفاصلة ، وهي مسافة تعبر عنها المشاعر كما فعل صديقنا هذا .. فهدأ وأعطى إيحاءات الإعتذار لصديقنا الصحفي .. فإذا كانت تلك جلسة محصورة جداً ، فلك أن تتخيّل زهادته في الصولجان والبهرجة والأبهة .. وأذكر أنّ أحداً شاركنا في حوار مفتوح معه ، وطرح عدة أسئلة عن الهوية السودانية ، وعن عدم اعتراف بعض العرب بنا كدولة عربية وغيرها من الإشكالات المفتعلة عند بعض المثقفاتية ، فكان رد أديبنا أننا لانستجدي أحداً ، ولا نود الاعتراف من أحد ، ونحن حضارتنا أقدم من أي حضارة ، ولا نخجل من لوننا أو شكلنا ، فنحن أقدم وأعرق وأرسخ في الحضارة ..
كان الجمهور الذي يفضله وأحشده له في دارنا المتواضعة ، لم يكن جمهور المسرح والتصفيق ، فتلك بهارج كثيراً ما يعتذر عنها ، كان جمهوره جمهور البسطاء من قرى الشمالية التي أحبها وكوّنت وجدانه ، لا تصفيق ولا جدال ثقافي ، فقط الحديث عن ذكريات ، كأن يحكي أحدهم قصة الحمارة حين رمته ، وأحدهم كان صبياً "شقياً" يسرق المنقة من منقة محجوب ، ومثل هذه الحكاوي ، والوجبات التي نقدمها ليست ذبائح وبذخ ، فقط فول بزيت سمسم ، وقراصة بدمعة ، وفطير مع لبن .. هذه هي متعته مع الأشخاص ومع هذا النوع من الأنس ومع هذا النوع من الطعام .. وأذكر في مرة من المرات شرفنا فيها بالحضور الصحفي والشاعر الأستاذ سليمان عبد التواب سفيرنا الحالي بإيران ، وقد أهدى أحد دواوينه لأستاذنا الكبير .. وفي مرة شرفنا الأستاذ الشاعر الأخ والصديق محمود محمد حسن ، هذا المثقف الجبار الذي يبتعد عن الأضواء وينطوي على أديب عملاق لا يعرفه كثير من الناس .. وفي إحدى المرات أتيت بفنان الطمبور المبدع عبود تبوري ، وقلنا للطيب صالح أطلب أغنية طمبور ، فطلب أغنية من أقدم أغاني المبدع صديق أحمد " روِّح يا البريد شيل من قليبي سؤالو .. إنت روّح للصعيد شوف الحبيب كيف حالو" وغنى عبود من أغاني النعام آدم فأطرب الراحل وكل الحضور .
كان الراحل مغرم لدرجة الهوس بشاعر البطانة الحردلو ، فكان يردد قصيدة "الليلة المعيز جفلن بشوف لصفيهم" وشرحها بيتاً بيتاً وقال كل مفرداتها تعود للغة العربية الفصحى ، ثمّ قارن بينها وبين أبيات لشاعره الأثير (ذو الرمّة) وما أن عاد حتى حولها إلى مادة رائعة في عموده الأسبوعي بمجلة المجلّة .. وقد كان مجنوناً بالمتنبئ كما هو معلوم .
كنت سأكتب عن الطيب صالح كتابة أفخم من هذه الكتابة لو أنني حاولت الكتابة العلمية أو دخلت إلى عالم رواياته ، أو تناولت سيرته الذاتية من مدخل تقلباته العملية ، ولكنني أعرف أنّها كتبت على ذلك النحو عشرات المرات، فأردت الجانب الإنساني فيه ، لأنّ جميع من كتبوا تناولوا "تواضعه" وأنا لا أراه تواضعاً إنما هو طبع وتطبع وتكوين فطري فيه ، ففضلت أن أكتب من خلال المعايشة والجلوس الطويل معه ، لأكتب عن رجل جمع بين الثقافة الموسوعية العميقة ويعيش البساطة !! تحيط به نجوميته ويزهد في الأضواء !! بداخله درويش حقيقي لكنه يختلف عن الدراويش ، لبق في حديثه أنيق في هندامه !! يحب الناس ، ولا يرى لنفسه أي ميزة تميزه عن أي سوداني ، وقد أعجبتني عبارة دكتور عبد الوهاب الأفندي حين قال : " يأسرك بإنسانيته قبل أن يبهرك بموهبته" .
أما عن الطيب صالح الأديب ، فيكفي أنّه صار مادة علمية في معظم جامعات العالم ، يجلس لتدارسها الدارسون ويمتحن فيه الممتحنون لنيل الدكتوراة في أرقى جامعات الدنيا .. يكفي أنّ رواياته تقرأ بكل لسان في الكون .. يكفي أنّ كتباً وترجمات ودراسات نقدية كثيرة كتبت في شرح ودراسة أعماله وتناولتها بالتحليل والنقد .. ورغم كل ذلك ، فإنني أقول في موهبته ، إنها تعود للسر الذي ذكرناه في شخصيته الإنسانية ، لايخالجني شك أنّ في أستاذنا الكبير سر كبير غير معروف ، مثل آثار البركل وكرمة و البجراوية وآثار الأقصر وإهرامات الجيزة ، مثل النيل الذي ينطوي على سر عظيم ، مثله تماماً ، ينطوي أديبنا على سر عظيم ، لم يُكتب عنه على هذا النحو ، لكنني أعني ما أقول ، فالطيب صالح شخصية غير عادية بمعنى الكلمة ، ولله في خلقه شؤون !! مثلما نعلم أنّ في الأنبياء أسرار وفي الأولياء أسرار ، فإنني أرجح ولا أتجاوز فأقول إنني على يقين ، أنّ الطيب صالح ، رحمة الله عليه ، ينطوي على سر عظيم ، حتى موهبته ، ليست موهبة عادية توضع في صف واحد مع المواهب ، هذه موهبة غير عادية ، وغير معتادة في بني البشر ، نادرة جداً ، ورواية موسم الهجرة وحدها تؤكد ذلك ، فهي عمل غريب ساحر ومدهش .. وما عرفت شخصاً قرأها مرّة واحدة واكتفى بذلك ، أبداً .. كان كل هذا الحديث يجول في ذهني يوم مماته ، ولكنني صعقت وأنا أشاهد فضائيّة الشروق وهي تقوم مشكورة بزيارة بيت الطين المتواضع في كرمكول الذي ولد فيه ، ثمّ تدخل الغرفة القديمة الموحشة ، التي يحتفظ فيها الطيب صالح بكتبه وأشياءه القديمة ورسائله الشخصية لشقيقه بشير ، صعقت تماماً لأننا ندخل هذه المرّة غرفة كأنها غرفة مصطفى سعيد الموحشة عياناً بياناً !! مراسل الشروق يأخذ من الأوراق ويقلّبها في عين العدسة !! ثمّ يلتقي بنساء الحي يحكين موت الطيب صالح وكأنهن نساء يخرجن من روايته موسم الهجرة !! يا إلهي !! كنت أشاهد الشروق وأتمالك نفسي وهي صعقة ممّا ترى وتشاهد ، وتعززت قناعتي بالسر الكبير الذي ينطوي عليه هذا الأديب الساحر ، مثلما لامس دكتور غازي صلاح الدين بحاسته الأدبية المرهفة شغاف درويش كبير يسكن دواخل الطيب صالح كما كتب في مقالته الباذخة " أريحيات الطيب صالح" وقال كأن شخصيات رواياته يخرجون منها وكأنّ أديبنا كالصالحين في طبقات ود ضيف الله تأتيهم الأفكار "دخاخين دخاخين" .. وأرجو أن يلتفت الناس لهذه الناحية غير المطروقة في شخصية الطيب صالح ، فهو طيب وهو صالح بإذن الله .. وأرجو من أديبنا الكبير دكتور الشوش أن يعطينا خلاصات في هذا الشأن وهو الخبير بشخصية صفيه وخليله .
رحم الله الطيب صالح قال لي أنه يزور المسجد النبوي ويجلس في الروضة ، وهو لا يحب أن يقول مثل هذا الكلام ولكن تداعيات الحديث جرته للقول ، قال : رآه أحد الناس وظلّ يرمقه بالنظر ، ثمّ تجرّأ وسأله : أأنت الطيب صالح ؟ قال فأثار غضبي وقمت فغيرت مكاني .. كان شخصاً نادراً على طريقته . اللهم أرحمه وأسكنه فسيح جناتك مع النبيين والصديقين والشهداء والأولياء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . اللهم إنه فقير إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه ، اللهم جاءك فقيراً وأنت أكرم الأكرمين ، اللهم فاكرم نزله وأشمله بعطفك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين . وارحمنا اللهم إذا صرنا إلى ما صار إليه . واجعل اللهم البركة في ذريته إلى يوم الدين . ونعزي أنفسنا جميعاً في ركن من أركان السودان ، أصبح جزءاً من تاريخ السودان وثقافته وجغرافيته ، أصبح معلماً تماماً كالنيل ، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف علينا بأحسن منه . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .