نحاول في سلسلة هذه المقالات تلمس بعض المؤثرات الفاعلة في إطار علاقتنا بجارة الشرق ومثلما قدمنا في مسألة الحدود وأكدنا في قضية المياه وحوض النيل أن تلك العوامل هي سيف ذو حدين إذ يمكنها أن تسيء للعلاقة الثنائية كما يمكنها أن تحسن إليها بما يفيض خيرا لبلدينا ولكل الاقليم بل وللعالم إن نحن أحسنا إدارتها بالحكمة والموضوعية والإرادة والاستقلالية اللازمة. وسد النهضة الذي نتناوله اليوم- بتوفيق من الله، هو العامل الثالث المؤثر في علاقتنا بأثيوبيا. يقع السد في منطقة بني شنقول ، على الحدود السودانية على مسافة 900 كيلو متر شمال غربي العاصمة أديس أبابا على امتداد 1800 كلم مربع بارتفاع 170 مترا وسعة تخزينية تصل الى 74 مليار متر مكعب (سعة السد العالي التخزينية 162 مليار متر مكعب) لتوليد 6 ألف ميغاواط(3 أضعاف كهرباء السد العالي) بتكلفة بلغت 4.7 مليار دولار بتمويل أثيوبي . وبالطبع هو ملف لا ينفصل عن معالجتنا لمسألة المياه و حوض النيل في الاسبوع الماضي، وهو أيضا يطاله ذات تعقيد الخروج من الإطار الثنائي وهو أيضا احتجاج ناطق على ما نجم عن اتفاقية 1959 بين السودان ومصر والتي أتت تأكيدا مفصلا لاتفاقية 1929 وصدى مرددا لاتفاقية 1902 بين بريطانيا وأثيوبيا بخصوص مياه النيل. وكنا قد مررنا على بنود تلك الاتفاقيات سريعا ورأينا اهمالها لدول الحوض الأخرى المتشاطئة ولكونها مصممة فقط لصالح الدولة المصرية. ومع أن سد النهضة لا ينفصل عن نقاش مياه حوض النيل لكنه استحق أن تفرد له مساحة خاصة لكونه مثل التحدي الأكبر الذي حرك أشواق دول الحوض الأخرى للمطالبة بالحقوق في المياه كما سلط الأضواء كاشفة عن ظلم قرن ويزيد .. مثلما ذكرنا في الحلقات السابقة من هذا المقال أن موضوع المياه لم يكن هاجسا لدول حوض النيل الأخرى في السابق بسبب أن كمية الأمطار بها كبيرة أصلا واعتمادها كان على مصادر أخرى للمياه غير النيل الذي تنبع الأنهار المكونة له من أراضيها، لكن تغييرا طرأ على ذلك منذ الستينات بسبب الجفاف وبسبب تزايد أعداد السكان وبسبب الحاجة الملحة للتنمية فازداد الطلب على المياه لأغراض التنمية ولتوليد الكهرباء.. تلك الدوافع الذاتية- لأثيوبيا خاصة، اقترنت بظروف الحرب الباردة التي دفعت الاتحاد السوفيتي لتمويل السد العالي في مصر وبنائه عام 1960، بعد نكوص الغرب عن وعده فكان أن أعدت امريكا دراسات اقامة سدود في أثيوبيا. الدراسات الخاصة بسد النهضة كانت جاهزة منذ 1957 الاعلان عنه رسميا تم بعد ذلك بسنوات عديدة وفي هذه المرحلة وبعدها طلبت أثيوبيا من مصر ومن السودان المشاركة في تمويل السد وإدارته لكن كان مصير ذلك الطلب التجاهل الكامل.(تصريح السيد نبيل فهمى، وزير خارجية مصر السابق: «نحن أخطأنا فى الماضى فى تعاملنا مع إثيوبيا، وقد عرضوا علينا بناء سد أقل بكثير من حجم سد النهضة ولكننا رفضنا، وهذا بصراحة بسبب العجرفة وغياب التقدير الاستراتيجى السليم». (المصرى اليوم ٢٧ /٧/ ٢٠١٦م) وحتى فى أمر السد جاء فى صحيفة الشروق (١٧ /١٢ /٢٠١٦م) أن وزيراً إثيوبياً عرض فى مؤتمر صحفى فى الخرطوم على مصر والسودان الإدارة والانتفاع والتمويل المشترك لسد النهضة، ولكنهما تجاهلا هذا العرض). قيام سد النهضة والمناقشات حوله مرت بعدة مراحل نستعرض أهمها لمحاولة فهم أكثر إحاطة : أعلنت أثيوبيا في 2001 عن نيتها إنشاء عدد من المشروعات على أنهارها الدولية،وفي مايو 2010 تم توقيع اتفاقية عنتيبي بين ست دول لحوض النيل، هى إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي وبموجب الاتفاقية، تنتهي الحصص التاريخية وفقا لاتفاقيات عامي 1929 و 1959، في أغسطس-نوفمبر 2010 أنهت الحكومة الأثيوبية عملية مسح موقع السد وتصميمه وأعلنت عن اعتزامها التنفيذ في 2011. في مايو 2012 اتفقت السلطات المصرية والإثيوبية على تشكيل لجنة دولية، تدرس آثار بناء سد النهضة مارس 2015 وقع رؤساء السودان ومصر وأثيوبيا في الخرطوم وثيقة مباديء سد النهضة وقد تضمنت الوثيقة 10 مبادئ أساسية، تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية في مايو 2017 صدر التقرير المبدئي و خلاف بين الدول الثلاثة عليه. ديسمبر2017 اقترحت مصر مشاركة البنك الدولي في أعمال اللجنة الثلاثية التي تبحث في تأثير سد النهضة على دولتي المصب والمجرى الشيء الذي رفضته أثيوبيا. وبين التمسك الأثيوبي بالسد الذي يمثل العزة الوطنية وكحوجة تنموية والرفض المصري له باعتباره مهدد للحياة والأمن وصلت المفاوضات لطريق مسدود . دخلت واشنطن على خط الأزمة وفي نوفمبر 2019 استضافت الأطراف الثلاثة بحضور وزير الخزانة الأمريكية و رئيس البنك الدولي وصدر بيان مشترك جاء فيه أنه "تقرر عقد أربعة اجتماعات عاجلة للدول الثلاث، على مستوى وزراء الموارد المائية وبمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي، تنتهي بالتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة خلال شهرين، بحلول منتصف يناير 2020 للأسف آخر جلسات الوساطة الأمريكية وصلت لطريق مسدود . تقدمت مصر بشكوى لمجلس الأمن احتجاجا على اعلان أثيوبيا نواياها بخصوص البدء في ملء السد في يوليو القادم. وما زال التفاعل بالخصوص مستمر...بل يهدد بتصعيد يرقى لاعلان حرب مثلما صرح وزير خارجية مصر السيد سامح شكري للاسوشيتيد بريس يوم الجمعة الماضي أن خيار الحرب غير مستبعد حيال اصرار اثيوبيا على البداية في ملء السد قبل الاتفاق في يوليو القادم. التلويح بقرار الحرب من مصر هنا ليس جديدا بحسب(الاجتماع الذي أذيع سهوة عام 2013 عندما اجتمع رئيس الوزراء المصري مرسي بقادة الأحزاب المصرية عند اعلان أثيوبيا تحويل مجرى النيل الأزرق بغرض بناء الخزان وفيه حديث عن تسليح المعارضة الأثيوبية ولم ينتبه المجتمعون لأن الميكرفون مفتوح، وقبل ذلك ما كشفته ويكيليكس عن أن الرئيس المصري كان يدرس عام 2010 ضرب السد عسكريا في حالة فشل المفاوضات). لذلك نقول أنه ليس بالجديد لكنه تصعيد مستغرب منذ التوافق على وثيقة المباديء في 2015 في سياق متصل نجد من ضمن بنود الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل و التي ترصد حقوقا مكتسبة لكل من مصر وبدرجة أقل للسودان، بند يتعلق بوجوب اتخاذ الدولتان موقفا موحدا تجاه قضايا الحوض! وفي رأي أن هذا البند فوق تعسفه غير منطقي ولا موضوعي لأنه يفترض تطابق مصالحنا مع مصلحة الدولة المصرية وعلى أرض الواقع نعلم أن تناقض تلك المصالح في ملفات كثيرة منها حوض النيل هو الطابع الذي وسم تلك العلاقة. لا أظن اننا بحاجة للتأكيد على أننا في السودان نتطلع لعلاقات حسن جوار وتعاون مع مصر ومع أثيوبيا ومع كل الدول في حدودنا ولا نحتاج لتأكيد روابطنا الثقافية والتاريخية مع مصر لكننا بحاجة لتأكيد أننا نريد لتلك العلاقة أن تقوم على الندية ومراعاة المصالح المشتركة وأن تنسى مصر لتنسينا ادعاءاتها المتكررة –تاريخيا، بالسيادة على السودان وأولوية مصالحها فوق مصالحنا أحيانا على أرضنا! بخصوص موضوع اليوم أكد خبراء معنيون بملف المياه لا يرقى الشك لموضوعيتهم ولا لعلمهم وخبرتهم ولا الى وطنيتهم أن سد النهضة يحقق مصلحة سودانية وهو لنا مثلما السد العالي لمصر بل فائدته تزيد والتالي اقتباس كامل من مقال لدكتور سلمان محمد سلمان بعنوان:(فوائدُ سدِّ النهضة على السودان كما أكّدَها خبراءُ المياه الدوليون والمصريون) سودانيل، 1 اكتوبر 2019 :: (وقف الفيضانات المدمّرة من مياه النيل الأزرق، تعدّد الدورات الزراعية (من دورةٍ واحدةٍ إلى دورتين، أو حتى ثلاث دورات في العام)، انتظام وزيادة توليد الكهرباء من سدودنا، التغذية المتواصلة للمياه الجوفية المرتبطة بالنيل الأزرق (ونهر النيل نفسه)، انتظام الملاحة على النيل الأزرق ونهر النيل طوال العام، حبس الجزء الأكبر من الطمي الوارد من الهضبة الإثيوبية وراء سد النهضة، وإمكانية شراء الكهرباء الإثيوبية والتي تقلُّ تكلفة توليدها كثيراً عن تكلفة التوليد في السودان، بدلاً من مواصلة سياسة بناء السدود المُكلّفة مالياً واجتماعياً وبيئياً للسودان وشعبه، والتي يرفضها بشدة (ولأسبابٍ وجيهةٍ ومنطقيةٍ) سكان المناطق المتضرّرة من تلك السدود (مثل الشريك وكجبار.بل حتى في حالة اعتراف دول حوض النيل الأخرى على اتفاقية 1959 بعد تعديلها والتمكن من زيادة ايرادات المياه بالتعاون المثمر بين دول الحوض فإن سد النهضة سوف يساعد السودان كثيراً في استخدام نصيبه من مياه النيل بموجب اتفاقية عام 1959، والذي يذهب أكثر من ثلثه (ستة مليار ونصف المليار من المياه) سنويا لمصر بسبب فشل السودان منذ عام 1959 في استخدامه. وسوف ينتج هذا الاستخدام بسبب تعدّد الدورات الزراعية في السودان جراء اكتمال سد النهضة. كما سوف يساعد تعدد الدورات الزراعية السودان في استرداد سلفة المياه التي قدّمها السودان لمصر بموجب اتفاقية عام 1959 (والتي لم يتم استردادها حتى الآن). لهذه الأسباب فإن فوائد سد النهضة على السودان تفوق فوائد السد العالي لمصر، وبدون التكلفة المالية والاجتماعية والبيئية الضخمة للسودان. لقد تمَّ إعداد العشرات من الدراسات والتقارير والمقالات حول مياه النيل والسدود الإثيوبية، وخاصةً سد النهضة، وتأثيراتها على السودان ومصر. وقد ناقشتْ هذه الدراساتُ والتقاريرُ بعمقٍ وتفصيل، وأوضحت بجلاء، التأثيرات الإيجابية لهذه السدود على السودان ومصر، والمنافع المشتركة التي يمكن أن تنتج للدول الثلاثة من هذه السدود ومنها دراسة معهد ماسشتوشس للتكنولوجيا في عام 2014 بعنوان "سد النهضة الأثيوبي: فرصة للتعاون والمنافع المشتركة في حوض النيل الشرقي" قام بإعداد الدراسة 17 خبيرا دوليا من معظم تخصصات الموارد المائية من عدة دول وقد أوضحت الدراسة ضرورة وفرص وامكانيات التعاون والمنافع المشتركة الكبيرة في حوض النيل بين الدول الثلاثة وشملت توصيات قبلتها الدول الثلاثة في المفاوضات السابقة. https://jwafs.mit.edu/sites/default/files/documents/GERD_2014_Full_Report.pdf ومنها دراسة ال البنك الدولي التي صدرت عام 2008 بعنوان "فرص التعاون في تنمية الموارد المائية في النيل الشرقي." وقد قام بإعداد الدراسة اثنان من خبراء المياه المستقلين المرموقين الدوليين من خارج البنك الدولي، بناءً على طلب وزراء مياه النيل الشرقي (النيل الأزرق - مصر وإثيوبيا والسودان) أنفسهم. تناولت الدراسة بعمقٍ وتفصيل المنافع المشتركة لمصر وإثيوبيا والسودان في تنمية موارد مياه النيل الأزرق، خصوصاً المنافع للدول الثلاثة من السدود في إثيوبيا. يمكن الرجوع لتلك الدراسة على الربط: https://entrospace.nilebasin.org/bitstream/handle/20.500.12351/173/19_JMP_Scoping_Study.pdf?sequence=1 بالإضافة إلى ُ عدّةَ مؤتمراتٍ دولية علمية في العشر سنواتٍ الماضية ناقشت القضايا المتعلّقة بمياه النيل وضرورة التعاون بين دول الحوض، وسد النهضة والمنافع المشتركة لإثيوبيا ومصر والسودان من السد منها مؤتمر الجمعية الدولية لمصادر المياه السابع عشر الذي انعقد في مدينة ادنبرا باسكتلندا عام 2015 حضره أكثر من 1400 خبير للمياه من كل أنحاء العالم نشرت أوراق المؤتمر بواسطة الجمعية الدولية لمصادر المياه في عدد خاص : سد النهضة الاثيوبي: التحديات القانونية والسياسية والعلمية (العدد 4 مجلد 41، يوليو 2016) الرابط هو : )انتهى الاقتباسhttps://www.tandfonline.com/toc/rwin20/41/4?nav=tocList
توافق الثلاث دول على الاعتراف بأحقية أثيوبيا في بناء سد النهضة في وثيقة المباديء منذ 2015 كان يجب أن يحصر الاختلاف بالنسبة لمصر والسودان حول ضررين محتملين مثلما ذكر الحبيب الامام الصادق المهدي في مقال عنوانه (الانسداد الفكري والسد النهري، 1 اكتوبر 2017) هما: -حدوث اضطرابات جيولوجية تدمر السد، ما ينذر بإغراق مدمر فى السودان خاصة، ويهدد السد العالى. هذا الاحتمال وارد فى حالات كل السدود -الضرر الثاني المحتمل الذي تحدث عنه الامام الصادق هو: فى حالة حدوث خلافات سياسية حادة يمكن لإثيوبيا استخدام الماء سلاحاً سياسياً. هذا وارد فى كل الظروف، حتى إن أحد أباطرة إثيوبيا لوح به. السبيل الوحيد لمواجهة هذا الاحتمال هو أن يتفق على معاهدة حوض النيل، وأن تودع المعاهدة لدى الأمم المتحدة ومعها التزام دول حوض النيل بها، ويعامل الإخلال بها كتعدٍّ على الأمن القومى للدولة المتضررة، وبالتالى حقها فى الدفاع عن نفسها بتأييد دولى.على أساس هذه المفاهيم يرجى أن تتفق دول مجرى ومصب النيل الأزرق على ثلاثة أمور هى: الالتزام بقبول توصيات الهيئة الفنية المكلفة، واتفاق على طول فترة ملء السد الإثيوبى، والاتفاق على ضوابط إدارية لإدارة سد النهضة بالصورة التى تأخذ فى الحسبان مصالح دولتى المجرى والمصب) .انتهى بخصوص الضرر الأول المحتمل من وراء سد النهضة أفاد الدكتور فاروق الباز عالم الفضاء ومستشار وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا): «إن سد النهضة لن يؤثر على مصر والسودان، وكل حديث يدور بأن هناك آثاراً سالبة للدولتين عبارة عن كلام سياسي، لأن الدراسات العلمية أثبتت غير ذلك». مقترح الحبيب الامام للاتفاق المذكور أعلاه وبحسب دكتور سلمان يمكن فيه الاستفادة من التجربة المصرية في ملء بحيرة السد العالي والتي تبلغ سعتها 162 مليار متر مكعب (مقابل 74 مليار متر مكعب لبحيرة سد النهضة). وقد استطاعت مصرُ ملءَ تلك البحيرة الضخمة في سنواتٍ وجيزة، ودون أن يسبّب ذلك ضرراً لبرنامجها الزراعي الذي يعتمد اعتماداً كاملاً على الري من مياه النيل. من المؤكّد أن تلك التجربة يمكن الاستفادة منها في برنامج ملء بحيرة سد النهضة. في خاتمة هذا الجزء أتقدم بثلاث رسائل أرجو أن تسمع وتجد قبولا : الرسالة الأولى في بريد الحكومة المصرية أن تدرك أننا في السودان شعبا وحكومة نريد لها الخير والنماء ونعرف أن النيل هو شريان الحياة لمصر لكن على مصر أن تعلم أن هناك شعوبا أخرى تتشارك في السيادة على هذا النيل ومن حقها أن تتمتع بمائه التي تنبع من أراضيها وتقدرلتلك الدول أنها فقط تطلب الاستفادة من الماء وليس احتكاره مما يعني أن على مصر القبول بمراجعة الاتفاقيات التاريخية. الرسالة الثانية في بريد الحكومة الأثيوبية أن تدرك أننا في السودان نقدر الدور والمعنى الذي يمثله سد النهضة والذي لنا مصلحة في قيامه لكننا نطلب منها في سبيل تنمية مستدامة وجوار أخوي المرونة في الزمن المطلوب لملء بحيرة السد لتقليل الخسائر على الدول الأخرى وخاصة مصر. الرسالة الثالثة في بريد الحكومة السودانية أن تبقى على استقلاليتها في القرار على مسافة واحدة من كلتا الدولتين وأن تجعل مصلحة السودان نصب أعينها وفي سويداء قلبها وأن تعيد للسودان دوره الواصل الايجابي المحترم. أخيرا أقول إن تناقض المصالح في حوض النيل يجب أن يحل عن طريق الاتفاق والحوار وتقريب وجهات النظر- مثلما تقتضي الحكمة وسبق الحكماء بالنصح، ففي مساحة الحوار يمكن الاتفاق على زيادة ايراد النيل ويمكن مثلما ذكرنا في مقال الاسبوع الماضي الاستثمار المتكامل بين دول الحوض الاحدى عشر بحيث يمكن أن تصل درجة التعاون الى تخزين مياه للاستخدام المصري في دول المنابع ويكون ذلك بالاتفاق وعلى أسس الندية والمصالح المتبادلة وليس بالفروض الاستعلائية. موضوع سد النهضة فيه تطورات على مدار اليوم مثلما نتابع فالملف متحرك ولا أحد يدري ما ستستقر عليه الأوضاع لكننا نأمل وندعو أن تكون الحكمة ضالة جميع الأطراف وأكرر علينا في السودان واجب لعب دورنا التاريخي وفق مصالحنا الاستراتيجية فالفوائد المرجوة لنا من السد كبيرة ولكن تحصيلها لن يتم في ظروف الشقاق أبدا. وسلمتم