الفشل المدمن للأنظمة الدكتاورية والشمولية

 


 

 


الفشل المدمن للأنظمة الدكتاورية والشمولية
ووقوعها في الوحل بالثورات الشعبية لتلطقتها الفئة الساقطة في المجتمع
اسماعيل عبدالحميد شمس الدين – الخرطوم
بعد عقود من الثورة الفرنسية التي أرست قواعد الحرية والحياة الكريمة للشعوب ،  فيتلقفها لاحقاً قتلة   الشعوب  وزبانية العصر محتلين غاصبين ليسقط ملايين الشهداء على مذابح الحرية في الجزائر وسوريا والهند الصينية في أبشع صور البطش،  وتتلاحق العقود لتحقق الثورة المصرية يوليو 1952 الشرارة الكبرى لثورات الشعوب ودك حصون الملكية ثم تبدأ في صرعات لتأكل أبنائها الواحد تلو الآخر بدءاً بالزعيم الخالد محمد نجيب ثم تتوالى النكسات ليصل الأمر الى أن مصر لا  تزال تبحث عن طريقها  حتى اليوم.
وتناثرت عدوى الانقلابات العسكرية وأسموها ثورات وطنية حتى أن الأمر أصبح وكأنه لعبة في أيدي الأطفال ففي سوريا منذ الأربعينات لديهم مقولة بأن الذي يستيقظ مبكراً من العسكريين يستولى  على الحكم وتوالت الانقلابات العسكرية في العراق وسوريا ونال السودان النصيب الأوفر من الحكم العسكري ست سنوات انقلاب الراحل ابراهيم عبود وستة عشرة عاماً انقلاب جعفر النميري و27 عاما انقلاب الانقاذ ولا يزال المسلسل الانقاذي مستمراً على الرغم من موت البطل وعرابه الترابي .
ولعل ما يميز السودان وشعبه بأن الأنظمة العسكرية الأولى والثانية سقطت تحت أقدام أهل السودان  بثورات شعبية دكت حصون وجبروت الانقلابيين بل قذفت بقادتها خارج البلاد ليقتاتوا من فتات الشعوب في ذلة ومهانة وفي نفس الوقت أعطى الشعب السوداني شعوب العالم دروساً في الوطنية في أكتوبر1964 وأبريل   1985والآمال معقودة في شباب الأمة للتغيير الجذري وهو قادم باذن الله.
لقد دلت التجارب على أن خلاصة الأنظمة العسكرية والشمولية بعد استيلائها على السلطة هي ادمان الفشل في كل نواحي الحياة وانتشار الفساد والمحسوبية والسقوط الداوي للقيم الانسانية وانتشار العطالة بين الشباب حتى لوكانوا من خريجي الجامعات وتردي مستويات التعليم والخدمات الصحية والبيئية ليصبح هذا الفشل والتردي قاسماً مشتركاً بين كافة الأنظمة العسكرية والأدهى وأمر من ذلك الانفلات الأمني واشتعال الحروب الأهلية وضياع  أرتال  من الشباب في أتون هذه الحروب والمزيد من القهر وتضيق  الخناق على المفكرين والكتاب وضياع الحريات وأخماد أصوات الوطنيين من صفوة المجتمع وحظر العمل النقابي والطلابي الشريف امعاناً في القهر والاستبداد.ومن خلال السنوات العجاف التي بلغت سبعة وعشرين عاما هي عمرالانقاذ بشقية الوطني والشعبي وبالوجوه الكالحة التي أصبحت صورهم تثير اللغثيان للفرد بعد أن نالت هذه المجموعة الفاسدة  الضربة القاسمة التي عرفوا من خلالها وزنهم الحقيقي بمقاطعة جماهير شعبنا لانتخاباتهم الصورية والمزيفة  واختاروا لأنفسهم نهجاً جديدا يساعدهم لاطالة عمر ألانقاذ الوهم والضياع بالحوار والعودة مرة أخرى للم شملهم بوحدة تنظيماتهم الوهمية  الوطني والشعبي فقبل أن يجف الماء من قبر عرابتهم هذا البطل الذي مات قبل انهاء المسرحية  انطلقوا لمخارج تجمع شملهم المتشتت من خلال أجهزة الاعلام وتكليف شخصية هامشية خليفة للترابي  تمهيدا لمزيد من الشتات ليسهل عليهم الانخراط في المؤتمر الوطني الذي أصبح ميراثاً  لمجموعة الفاسدين والوصولين   الأمر الذي سقود للصراع وربما الصراع الدامي طالما هو  من أجل المصالح الشخصية والسلطة والتكبر على خلق الله.
ان انهيار الوضع الحالي للانقاذ بعد توجوا أنفسهم بأنهم أسباب تردي الأوضاع في السودان وشعبه أمراً ليس بالمستحيل وهذا قول كريم من الخالق الرحيم  (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ) ( صدق الله العظيم ).
قربت ساعة السقوط بل أصبحت ملامحها ترى بالعين المجردة وهم  يتصارعون على ميراث حكمهم فوصولاً لحكمهم الأبدي كما يخال لهم بعد أن تفوقوا على أعتي الدكتاتوريات في التاريخ ففرعون مصر الذي أصابه الله بسبع سنوات عجاف وها هو الانقاذ يصيب شعب السودان بسبعة وعشرين عاما عجاف  ويراهنون على الزيادة وقد مارسوا فيه كل ما يغضب الله ورسوله الكريم وينافسون في عدد سنوات الحكم مع القيادات التي سقطت بالربيع العربي وتركنا الأمر لله طائعين ليخلص شعبنا  بأيادي شبابنا الشرفاء القادرين باذن الله على صنع المعجزات وتحقيق التغيير ويتحسرون على المعارضة الخائبة.
ولكن هل سوف تكرر المأساة ويعيد التاريخ نفسه لمسلسل آخر من سرقات الثورات ومصاصي دماء الشهداء من شبابنا من الجنسين كما حدث من الشيوعيين في أكتوبر1964 وانزوا اول الأيام خلف الجدران ودخلوها في اليوم الخامس وأصبحوا  قادتها وراء السلطة  وكما حدث من الأخوان المسلمين بتوجيه كوادرهم بالاختفاء عن ميادين النضال ، عدا الشهيد محمد صالح عمر الذي اختار طريق الصواب وتتكرر السرقات في ابريل 1985 من حزب الأقلية المطلقة جبهة الميثاق الاسلامي الى  اليوم الذي وجه لهم الزعيم الأزهري الكرت الأحمر بعزلهم من البرلمان بعد جريمتهم بطرد نواب منتخبين . وتكرر السرقة في مايو 1969 من الشيوعيين  وبعد تحجيمهم  زجوا بأنفسهم في أتون حرب لتطلق عليهم المقولة الاعلامية الحزب الذي انتحر أم نحروه في 1971 . وتكرر السرقة والمأساة الكبرى من حزب الأقلية الذي يدعي الدين والتدين بانقلاب  1989 المشؤوم والذي مع طول فترته  الا أنها كانت سنوات ظلامية على شعب السودان وايذانا بسقوط الاسلام السياسي من الساحة السياسية.

واليوم بعد أن قربت ساعة السقوط الداوي للانقاذ بشقيه الوطني والشعبي ماذا يلوح في الأفق  للمشهد المأساوي الذي أوصلت زمرة الانقاذ شعبنا اليه من خلال النقاط التالية:-


1-رئيس الجمهورية ورئيس النظام ولديه كامل السلطات والصلاحيات يصرح بالصوت العالي وهو في وادي وأركان حزبه في وادي آخر ومرض فتكالبوا عليه للفوز بالميراث وأطلقوا الفتاوي بأن الموت حق وكأنها فتوى جديدة ولكنها تنم عن الخبث ، طلبه الجنائية الدولية والغالبية منهم تؤيد وحتى عرابه رحمه الله وحسابه عند الله ،  وينادي الرئيس  بأن حلايب سودانية ويتحدثون عن العلاقات الأزلية وأتحدي أن  فرداً واحد منهم تحدث عن ذلك الا في استحياء أو كتب بها اعلامه المأجور ( ولدي دراسات تم نشرها على هذه الصحيفة الغراء بسودانية حلايب )، ينادي الرئيس بادخال الطاقة الكهربائية في الزراعة وهي نقلة نوعية ولكنه  كلام تزروه الرياح فلم يعقب أحد من الملتفين حوله من الوصولين باعداد دراسة على هذا المشروع الهام خاصةً بعد وصول كهرباء سد النهضة الأثيوبي وحتى السد الذي أيد تشييده فماذا فعل الذين من حوله من دراسات البنيات  الأساسية   لتوصيل الكهرباء وهل خلت ساحة الانقاذ من أهل الفكر والمعرفة ؟ ويصل الأمر   الى وزراء يتطاولون على شعب السودان كدكتور الحيرة الذي ينادي بأكل الضفادع وغيرها من الصور المحزنة وهو على رأس الدولة  وجميعهم في وراء البحث عن مصالحهم والطريق الى الخارج فينفض الجمع من حوله.
2- معارضة شاخت وعفى عنها الزمن وتشتت الى أحزاب صغيرة تحميها الدولة بتقديم وزارة هامشية أو قليلاً من المال الحرام وكأنه انهجاً جديداً يوصلها الى السلطان الساقط فاصبحوا مجال سخرية من شعب السودان وورقة رابحة في أيدي الانقاذ يتلاعب بها عبر السنين.
3- معارضة مسلحة هدفها الأول تحطيم مقدرات قواتنا المسلحة بتاريخها الناصع والشريف  في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ونضالها مشروع من أجل الهامش وعودة الحياة الآمنة الى هذا المواقع وينقسم جمع المتحاربين بين مؤيد للنظام وغالبية معارضة والغالبية المعارضة في دارفور أليست هي من نتاج المؤتمرين الوطني والشعبي؟  ويعيش قادتها مع المعارضة الشمالية في أكبر المدن العالمية في السياحة  والترفيه  في فرنسا وألمانيا ومصر وأديس أببا تاركين مواطنيهم للحرب والتشريد والنزوح.
4- الانقسامات وسط السلطة الحالية ما هي  الا مسرحيات لتوزيع الأدوار بغرض اطالة عمر النظام الظلامي واليوم تتضح المسرحية الهابطة بالتوحد بدعوى وحدة الحركة الاسلامية التي بدأت بالتنكيل بشعبنا في بيوت الأشباح والقهر المستمر ل 27 عاماً ليستمر النظام لفترات أخرى وهم أبعد ما يكونون عن الاسلام وتعاليمه الخالدة.
5- أرتال من ذوي الخبرة والكفاءة من السودانيين مجموعات منهم  داخل البلاد وقد حرموا من العمل بفعل السياسية الساقطة التي أسموها الولاء قبل الكفاءة وتعتصر قلوبهم ألماً وهم يشاهدون التردي في كافة الأعمال وهم الأقدر على القيام بها  ومجموعات هاجرت من البلاد الطاردة لهم  وقالها قيادي في السلطة  بأنها فرصة لتوفير رواتبهم من الدولة ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم) ووجد بعضهم فرصته في التفوق والنجاح بل  نال بعضهم التكريم الذي وصل من رؤساء الدول وأوصدت الأبواب في وجوه بعضهم ورضوا بالقليل الذي يسد الرمق وتعد هذه أكبر سرقة التي تصل عقوبتها لقطع اليد بعد أن سلبت الانقاذ سنوات حياتهم وعصارة فكرهم وحرمت السودان من نخبة كانت قادرة على تصحيح المسار.
وفي هذا الخضم الهائل من الفشل والسقوط الاخلاقي بفعل السياسة المتردية للانقاذ والاسلاميين السياسيين الذين هم أبعد ما يكونون بأنهم دعاة دين حنيف  بريئ  منهم بأفعالهم وسلوكهم المشين ففي هذا الخضم تلوح في الأفق اشراقات  للأمل المنشود لشعبنا بانتفاضات شباب السودان من الجنسين أصحاب الشرف والفضيلة بانتفاضة سبتمبر2013  وصحوة الشباب لدرء السيول والامطار في نفير وطني  وتعرضون للزبانية الى سرقت حاجيات المشردين  ،،  والشباب المتوقد حماسة في شارع الحوادث بالخرطوموكافة مدن السودان تحديا لحماية الانسان السوداني من المرض ورغبة في توفير الدواء أمام سلطة لاتعرف من القول الا بالنصح اللعين بأن يأكل الناس الضفادع فنال لقب وزير الضفادع وياحسرة والدته عليه ،،  وانتفاضة الأطباء هذا الأسبوع دفاعاً عن زملائهم كما أوضح الكاتب المرموق سيف الدولة حمدنا الله في صحيفة سودا نايل الغراء والبطولة  التي أعادت الأمل لشعبنا من كلمات الدكتورة أسراء أحمد التي ألهبت مشاعرنا وجعلنا نردد نحن الذين وصولنا لخرف العمر بأن الصورة أمامكم ياشباب السودالن   وأن الكلمة لكم  والتغيير بكم وهو قادم باذن الله معارضة قد شاخت وتنتظر تضحياتكم كما حدث بالأمس لجني ثمارها والاستيلاء على السلطة وأخرى حاملة للسلاح وهدفها تحطيم قواتنا المسلحة بتاريخها الناصع من قوة دفاع السودان وما هو المصير الذي ينتظر شعبنا بعد استيلاء مليشات مسلحة على السلطة  لا أقول أحسن حالاً من الوطني والشعبي فهم منه ورضعوا من دمه الفاسد طوال سنوات الانقاذ. ليصبح الأمل في شباب السودان  ويصبح الأمل مرة أخرى في شباب السودان وهو الاقدر على التغييروهو الوحيد الذي يستشعر بآلام شعبنا التي يرها داخل  بيته وسط اخوته ووالدته ووالده وجيرانه وأرحامه  والتغيير قادم ولا يحتاج الى قيادة فهم الأقدر على التفكير والتخطيط والتنفيذ فهي ثورة يرعاها الخالق وهو العالم بمعاناة شعب السودان طوال السنوات الماضية من عمر الاستقلال لتنتهي بظلامية الانقاذ الللعين .
     Ismail.shamseldin@gmail.com

 

آراء