القاعدة العسكرية الروسية … أين مصلحة السودان؟
اسماعيل عبدالله
4 March, 2022
4 March, 2022
تساءل نائب رئيس المجلس السيادي عمّا هو الضير في انشاء قاعدة عسكرية بالبحر الاحمر، لو أن مصلحة السودان اقتضت ذلك، وذكر بأن القارة الافريقية توجد بها العديد من القواعد العسكرية، وربط اهمية وجود مثل هذه القواعد العسكرية بالتنمية، وهنا وجب علينا التساؤل والاستفهام، ما العلاقة بين الوجود العسكري الاجنبي بمياهنا الاقليمية والنماء الاقتصادي؟، وهل حققت القواعد العسكرية ببلدان الغرب والشرق الافريقي أي قدر من التنمية الاقتصادية؟ من المعلوم أن القواعد العسكرية الفرنسية الممتدة على طول وعرض الدول الفرانكفونية (المستعمرات الفرنسية السابقة)، لم تقدم أي خدمة تنموية لسكان تلك البلدان، ليس هذا فحسب بل فشلت بقصد منها في أن توفر الحماية للمدنيين عند اندلاع الحروب الأهلية، ففي النزاع المسلح بالكنغو برازافيل قبل سنوات، شهد الناس الطريقة العنصرية والانتقائية التي اتخذتها القوات الفرنسية في اجلاء المدنيين اثناء الحرب.
ومن غرابة الحديث الذي ادلى به الرجل الثاني بالدولة السودانية، قوله بأن لا غضاضة في وجود أي قاعدة عسكرية يمكنها تحقيق المصحلة ولا تهدد الأمن القومي، سواء كانت روسية أو غيرها، وهنا يوجد احتمالان، الأول أن الفريق أول نائب رئيس المجلس السيادي وبحكم خلفيته البدوية لا يميز ما بين خطر وجود القوات العسكرية الاجنبية في منافذ الدولة البحرية وبين الأمن القومي، والثاني هو أن حكومته الانقلابية قد حزمت امتعتها وحسمت أمرها في اختيار الاحتماء وراء ظهر القوة الدولية الناشئة بقيادة الدب الروسي، وفي هذه الحالة تكون الدولة السودانية قد دخلت في اتون الصراعات القطبية بطريقة أحادية، ضماناً لاستمرار الانقلابيين في السيطرة على المشهد السياسي والسلطوي في البلاد، وهذا الخيار الصعب ينبيء عن قنوط ويأس هؤلاء الانقلابيين من تحقيق أي اختراق شعبي وسط الجماهير، فبالتالي فضّلوا التمسك باهداب روسيا العظمى التي باتت انجمها تتلألأ في سماء الصراع الكوني الجديد، وبهذا الاختيار القاسي تكون الكرة قد تدحرجت ووصلت لملعب القوى الثورية والسياسية بكياناتها العديدة.
وفي الضد من الخطوة التي اتخذتها حكومة الامر الواقع الانقلابية، سجّل تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير موقفاً في الاتجاه المعاكس، فادان العدوان الروسي على اوكرانيا، في أول موقف رسمي معلن له منذ اندلاع الصراع بين موسكو وكييف، ووصف التقارب الذي تم بين روسيا والانقلابيين بأنه تدخل في الشئون الداخلية السودانية، ودعم لانقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، واستغلال للأراضي السودانية في تغذية النزاعات الجيوسياسية الاقليمية والعالمية، وهذا الموقف المناويء الذي اعلنه تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير شيء متوقع، بحكم أن الطرفين يجلسان على طرفي نقيض، كما أن استنجاد الانقلابيين بروسيا سيزيد من كلفة فاتورة التغيير الداخلية، ويضع القوى الثورية أمام تحد جديد يفرض على الاجسام الساعية لاسقاط الانقلاب أن تسمو فوق الجراح لكي تتوحد، والأهم من كل هذا على (قحت) أن تكسب ود الشارع الثائر الذي يرى فيها ذلك المؤتمن الذي ضيّع الأمانة، ومهّد الطريق امام عودة الحرس القديم بالتراخي والاهمال في لجم البائدين لمدى سنتين.
الاستعمار الحديث يتخذ طرقاً عديدة للاستحواذ على مقدرات الشعوب مثل التدخل المباشر والسيطرة على الموارد، وطرق أخرى غير مباشرة يتم فيها تجنيد الوطنيين (الشرفاء) لادارة الموارد نيابة عن المستعمر، فالحالة الأولى جسدها الاستعمار الفرنسي والثانية نلحظها في سلوك الامبراطوية التي كانت لا تغيب عنها الشمس، ووكيلتها الولايات المتحدة الامريكية، فالبريطانيون لهم باع طويل في الدهاء والمكر السياسي وتسيّد الناس، فقد وضعوا بصمتهم على صفحات اسفار تاريخ الجمهوريات الآسيوية والافريقية، وبقى نظامهم الاداري يرفد الاجيال تلو الاجيال بالمتانة والجودة كما هو الحال في الهند وكينيا، لا أدري هل يقوم احفاد الانجلوسكسون وواجهتهم الحديثة - أمريكا – بترك مستعمراتهم المستقلة لقمة سائغة امام خياشيم الدب القطبي الجائع، أم تقوم هذه الواجهة الحديثة بفعل شيء ما أمام التمدد الشرقي المحتمي بالرؤوس النووية (المدببة)؟
اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
3 مارس 2022
ومن غرابة الحديث الذي ادلى به الرجل الثاني بالدولة السودانية، قوله بأن لا غضاضة في وجود أي قاعدة عسكرية يمكنها تحقيق المصحلة ولا تهدد الأمن القومي، سواء كانت روسية أو غيرها، وهنا يوجد احتمالان، الأول أن الفريق أول نائب رئيس المجلس السيادي وبحكم خلفيته البدوية لا يميز ما بين خطر وجود القوات العسكرية الاجنبية في منافذ الدولة البحرية وبين الأمن القومي، والثاني هو أن حكومته الانقلابية قد حزمت امتعتها وحسمت أمرها في اختيار الاحتماء وراء ظهر القوة الدولية الناشئة بقيادة الدب الروسي، وفي هذه الحالة تكون الدولة السودانية قد دخلت في اتون الصراعات القطبية بطريقة أحادية، ضماناً لاستمرار الانقلابيين في السيطرة على المشهد السياسي والسلطوي في البلاد، وهذا الخيار الصعب ينبيء عن قنوط ويأس هؤلاء الانقلابيين من تحقيق أي اختراق شعبي وسط الجماهير، فبالتالي فضّلوا التمسك باهداب روسيا العظمى التي باتت انجمها تتلألأ في سماء الصراع الكوني الجديد، وبهذا الاختيار القاسي تكون الكرة قد تدحرجت ووصلت لملعب القوى الثورية والسياسية بكياناتها العديدة.
وفي الضد من الخطوة التي اتخذتها حكومة الامر الواقع الانقلابية، سجّل تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير موقفاً في الاتجاه المعاكس، فادان العدوان الروسي على اوكرانيا، في أول موقف رسمي معلن له منذ اندلاع الصراع بين موسكو وكييف، ووصف التقارب الذي تم بين روسيا والانقلابيين بأنه تدخل في الشئون الداخلية السودانية، ودعم لانقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، واستغلال للأراضي السودانية في تغذية النزاعات الجيوسياسية الاقليمية والعالمية، وهذا الموقف المناويء الذي اعلنه تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير شيء متوقع، بحكم أن الطرفين يجلسان على طرفي نقيض، كما أن استنجاد الانقلابيين بروسيا سيزيد من كلفة فاتورة التغيير الداخلية، ويضع القوى الثورية أمام تحد جديد يفرض على الاجسام الساعية لاسقاط الانقلاب أن تسمو فوق الجراح لكي تتوحد، والأهم من كل هذا على (قحت) أن تكسب ود الشارع الثائر الذي يرى فيها ذلك المؤتمن الذي ضيّع الأمانة، ومهّد الطريق امام عودة الحرس القديم بالتراخي والاهمال في لجم البائدين لمدى سنتين.
الاستعمار الحديث يتخذ طرقاً عديدة للاستحواذ على مقدرات الشعوب مثل التدخل المباشر والسيطرة على الموارد، وطرق أخرى غير مباشرة يتم فيها تجنيد الوطنيين (الشرفاء) لادارة الموارد نيابة عن المستعمر، فالحالة الأولى جسدها الاستعمار الفرنسي والثانية نلحظها في سلوك الامبراطوية التي كانت لا تغيب عنها الشمس، ووكيلتها الولايات المتحدة الامريكية، فالبريطانيون لهم باع طويل في الدهاء والمكر السياسي وتسيّد الناس، فقد وضعوا بصمتهم على صفحات اسفار تاريخ الجمهوريات الآسيوية والافريقية، وبقى نظامهم الاداري يرفد الاجيال تلو الاجيال بالمتانة والجودة كما هو الحال في الهند وكينيا، لا أدري هل يقوم احفاد الانجلوسكسون وواجهتهم الحديثة - أمريكا – بترك مستعمراتهم المستقلة لقمة سائغة امام خياشيم الدب القطبي الجائع، أم تقوم هذه الواجهة الحديثة بفعل شيء ما أمام التمدد الشرقي المحتمي بالرؤوس النووية (المدببة)؟
اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
3 مارس 2022