المسيرية، والحرب اذا ما اندلعت

 


 

محمود الدقم
13 February, 2012

 



مثل الكبد ان عاني فانه يعاني وبصمت مطبق كما يقول الاطباء، او مثل قطبي المغنطيس، هم المسيرية  ومهلكة ابيي والجنوب، كلما توتّرت الاجواء وطقوس الحرب بين جمهورية الخرطوم وجمهورية جوبا، كلما وضع المسيرية ايديهم علي البنادق منهم من يفعل ذلك تحسبا للدفاع عن النفس، ومنهم من لهم مارب اخري، واكثر من يجعل الفؤاد (مُحنبِكا)  والهم منتصبا تارة زاوية قائمة واخري حادة، هو ان لا احد يذكر المسيرية عند السلم، وقسمة عائدات النفط، ولا احد في الخرطوم يفكر بتنمية غرب كردفان، او حتي يسال المسيرية من انتم، والاخبار تترايء بان امراض السرطانات افترشت مع الناس الارض، تضحك معهم، وتاكل، وتشرب، وتستنثر، وتستنشق، وان الفشل الكلوي من فرط المياه الملوثة، اصبح مثل الانفلونزا، اما امراض الانيمياء وفقر الدم فهي مثل الصداع ونزلة البرد، اصبحت شيء عادي، وكثرت العصابات وقطّاع الطُرق، من فرط الضائقة المعيشية، و جيوش وارتال من الشباب العاطل عن العمل خريجي جامعات اكاديمية، وجامعات الحياة، وخريجي مدارس، وخلاوي، وحدادين، وسبّاكين، وشعراء، كلهم محشورين في الهم، مثل قندول ذرة،  مثل منحلة نحل، ولم نسمع  انه قد افتتح مشروع ضخم بغرب كردفان، ولم نسمع يوما الضوء الاخضر  قد اعطي بتشغيل الشباب العاطل رغم انفه بغرب كردفان، كي يتم استيعابهم في حقول  وهكذا عندما يتعلق الامر بالحرب، فالمسيرية جاهزون، والحكّامات جاهزين، والمجاهدين، والصحابة، والقرود، والكدايس، والملائكة، التي تقاتل بجانب المجاهدين كلهم جاهزين لنصرة المسيرية، دعاة العروبة والاسلام، اما في التنمية فلقد اثبت المسيرية فعلا انهم صحابة، حيث ينتظرون المطر ان ياتي، وعندما اكتسح السيل مدخل المجلد العام الفائت كان السعيد فيهم من عثر علي كيس نايلون  (مشمّع) يغطي به عياله، او كِسرة يطعم بها اسرته، في الوقت الذي كانت فيه الالاف من اطنان اللحوم، تذهب مجانا مذبوحة، مسلوخة، وقيل مطبوخة للمصريين،  اليس هذا  بظلم الحسن والحسين؟

الان اطلت بوادر للحرب بين الجنوب والشمال، وثامبو بيكي قال انه اتفاق وقع بين الطرفين لمنع العدائيات وهذا ممتاز وعمل يستحق الاشادة ورفع العمامة عالية،  لكن اذا تمادي الجنوب في حرمان الشماليين من النفط، فان الحرب لا مناص قائمة، شاء من شاء، وابي من ابي، واول من سيدفع ثمن الخراب والموت والجوع والبؤس هم  المسيرية، فساعة الجندلة تتحرك ماكينة الاعلام والصحف بالداخل لتصور المسيرية وكانهم  مارينز امريكي، وانهم اسود كاسرة وضارية/ وانهم، وانهم، وانهم، والمسيرية اساسا لا يحتاجون شهادة كائن من كان ان يجعجع بفروسيتهم وشجاعتهم، لكن لماذا لا تتطالب هذه الاقلام بضرورة توفير مقومات العيش الكريم البسيط لهم؟ وان يتم توظيف ابناءهم في حقول البترول مثلا؟ وان تكون لهم مستشفيات عادية، ومدارس، ويتم وضع الاولويات للامن الذي خرج ولم يعد؟ وان تقوم الحكومة بعمل خطة متوازنة لتنمية المنطقة! بل العكس من ذلك قامت وزارة المالية بتحويل نسبة المسيرية ملكهم الخاص، حقوقهم، التي اقرتها لهم اتفاقية نيفاشا مقصوفة الرقبة، قامت وزارة المالية وحولتها لخزينة الدولة العامة، هل هذا عدلا؟
الان السؤال الكبير هو ان اندلعت الحرب بين الشمال والجنوب ما هي وضعية المسيرية فيها؟ ماذا انتم فاعلين يامسيرية؟ قضية العروبة، والجهاد والوطنية ليس ماركات مسجلة باسم المسيرية فقط، حتي تهلكوا عن بكرة ابيكم،  بل من يزعم بان جده العباس، او ابوجهل او بولهب، ايضا عليه ان يذهب ويدافع عن هذه المفاهيم و ليس مسؤولية المسيرية وحدهم، والوطن ليس وطن خاص بالمسيرية حتي تعدم وتحرق وتسحق القبيلة من الرجال وتصبح القري والاحياء تعج بالنساء الارامل والاطفال اليتامي!! مثل مدينة لينينغراد ايام الحرب العالمية.

هذه الحرب او الحروب التي ان قدر لها ان تدور وتشتعل مستقبلا و في  القريب الاجل او العاجل، فان المجتمع الدولي برمته سيقف بجانب دولة جنوب السودان، ضد دولة شمال السودان، واي تكتل او همج وهرج مليشياوية فان المسيرية سوف يكونون في عين العاصفة دوليا، والامم المتحدة ما زالت تنظر الي المسيرية نظرة مريبة علي خلفية ما جري مؤخرا في احداث ابيي، وجورج كلوني ابن بلاك وتتر المدلل ما زال قمره الاصطناعي متدلل يراقب الحدود كي يخلق من الحبة قبة، الخطة (ب) للمسيرية ينبغي ان تتمثل في ضبط النفس، وعدم الركوض والرهان علي البندقية في كل صغيرة او كبيرة،  وضرورة التاخي والتماهي والتحابب مع الرزيقات والنوبة والنقوك، فالمرحلة القادمة سوف يقوم جيش دولة جنوب السودان باستفزازت متعمدة هنا وهناك.

وربما اختراقات الي الداخل الشمالي، ومنع رعاة المسيرية من التغلغل داخل نهر العرب او كير، وغيرها من الممارسات الاستفزازية،  خصوصا لو قام الشمال بشحن عشرات الالاف من ابناء جنوب السودان الي جوبا كي يكونو عوامل ضغط اقتصادية علي الرئيس سالفا كير، فعلي المسيرية ضبط النفس مرة اخري، وتوثيق كل اختراق ميداني، اعلاميا وخصوصا الفيس بوك واليتويب، ومخاطبة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، والاعلامية، وعلي المسيرية القبّيضة والهتيفة والجعجيعة، والبيّعة ان يحزموا امرهم وخيارتهم هل هم مع ترميل نسائهم واخواتهم وبناتهم، ام مع  مصالح القبيلة؟ الحرب القادمة ان اندلعت سوف تكون فوق طاقة المسيرية بكثير، بل ستكون فوق طاقة شمال السودان المتبقي كله، هذا كتابي لكم ، والسعيد من يري في غيره، والشقي من يري في نفسه، والسلام.
MO ahmd [mo2ahd@gmail.com]

 

آراء