المناضل المخضرم علي محمود حسنين في حوار جديد : النظام تكسرت أنيابه وتمزقت وحدته
أسبوعان ونحن نبحث عن علي محمود حسنين رئيس الجبهة الوطنية العريضة وما بين حسابه الشخصي وتليفوناته في لندن والقاهرة + ، ابتدأ مشوار الأسئلة والمحاور التقديم والتأخير اكتمل الحوار إذ يقول استاذ حسنين إن الجبهة الوطنية العريضة سابقة للجبهة الثورية بزعامة مالك عقار والتي تتكون من أربع حركات مسلحة ثلاث دارفورية والتي بدأت حربها الأخيرة على إثر انتخابات الوالي في جنوب كردفان حيث تم إسقاط مرشح الحركة الشعبية عبدالعزيز الحلو تزويرا وأوضح حسنين أن جبهته تختلف طبيعتها عن الجبهة الثورية وهي فصيل مسلح والجبهة العريضة قامت على أساسين هما إسقاط النظام وعدم التحاور مع النظام وأن الجبهة العريضة ليست رافضة للاحزاب وليست بديلاً عنها.
( الوطن القطرية )
ما الفرق بين الجبهة الوطنية العريضة والجبهة الثورية، خصوصاً أن هناك مقولة تذهب إلى أن الجبهة الثورية هي الجناح العسكري للجبهة الوطنية؟
- الجبهة الوطنية العريضة سابقة للجبهة الثورية في تكوينها الحالي والجبهة الثورية تكونت من أربع حركات مسلحة، ثلاث منها نشأت في دارفور والرابعة هي الحركة الشعبية قطاع الشمال.
الحركة الشعبية قطاع الشمال.. كانت جزءاً من سلطة الإنقاذ.. شاركت في الحكم وبانفصال الجنوب لم يعد لها وجود سياسي؟
- الحركة الشعبية قطاع الشمال بدأت حربها الأخيرة على اثر انتخابات الوالي في جنوب كردفان عام 2010م حيث تم إسقاط عبدالعزيز الحلو مرشح الحركة الشعبية تزويراً، وبسبب ذلك نشأ القتال بين قطاع الشمال والحكومة.
ألا ترى أن الأمر كان مبيتاً وخصوصاً أن مالك عقار الوالي المنتخب في النيل الأزرق دخل حرباً مع الحكومة وهو أيضاً حركة شعبية قطاع الشمال؟
- النظام أقال الوالي المنتخب مالك عقار وسعى لاغتياله ودخل النظام في حرب مع قطاع الشمال في كلا الولايتين.
حركات دارفور؟
- جبهة دارفور نشطت الحرب بين النظام وحركة العدل والمساواة من جهة وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور من جهة أخرى، وانشقت حركة تحرير السودان إلى جناحين أحدهما بقيادة عبدالواحد والآخر بقيادة مني اركو مناوي وأصبحت في دارفور ثلاث حركات مسلحة رئيسية خرجت عليها ومنها كثير من الحركات المسلحة الأخرى.
كم عددها في تقديرك هذه الحركات المسلحة؟
- تجاوز عددها الثلاثين فصيلاً ولكن ظلت الحركات الثلاث الأساسية هي الأساس في دارفور وهذه الحركات الثلاث الأساسية مع الحركة الشعبية قطاع الشمال هم الذين كونوا الجبهة الثورية في العام 2011م.
مازال السؤال قائماً.. ما الفرق؟
- الجبهة الوطنية العريضة كانت سابقة للجبهة الثورية حيث تأسست في21 أكتوبر 2010 في مؤتمر تأسيسي عقد في لندن وتختلف طبيعة تكوينها عن الجبهة الثورية وهي فصيل مسلح لأربعة فصائل مسلحة والجبهة العريضة قامت على أساسين هما إسقاط النظام وعدم التحاور مع النظام.
مم تتكون الجبهة العريضة؟
- من أفراد الشعب السوداني المعارض ومع كياناته المعارضة فالجبهة غير رافضة للأحزاب السياسية وليست بديلاً عنها.
ما هو وصف الجبهة التي كونها الشعب ولا تتعارض مع كياناته السياسية؟
- هي الفريق القومي السوداني الذي يتداعى له الجميع من كل كيان ومن الذين لا ينتمون لأي كيان ومن السودانيين في دول المهجر والهدف إسقاط النظام.
لماذا لا تفاوضون النظام؟
- لن يتحقق إسقاط النظام بالدخول في تفاوض معه لأن من يتفاوض يسعى للتعايش مع النظام وأن يكون جزءاً منه ومن ثم فهو لا ينفي عنه شرعية ويأمل فيه خيراً، فتضعف المعارضة ويبقى النظام والنظام في نهاية الأمر لا ينفذ ما اتفق عليه.
ما دليلك على عدم تنفيذ النظام اتفاقياته؟
- اتفاق أبوجا مع حركة مناوي واتفاق الشرق واتفاق جيبوتي مع حزب الأمة واتفاق القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي واتفاق الدوحة مع حركة السيسي..!
النظام نفذ نيفاشا بحذافيرها حتى أفضى تنفيذه لها إلى انفصال الجنوب؟
- اتفاقية نيفاشا بين النظام والحركة الشعبية أعطت النظام شرعية وانتزع اعترافاً دولياً وأبقت عليه مدة «6» سنوات وانتهى أمرها بانفصال الجنوب، والجبهة الوطنية العريضة ترفض مبدئياً واستراتيجياً التفاوض مع النظام، لأن من يريد إسقاط النظام لا يسعى ولا يقبل التحاور معه إلا إذا كان التحاور عن تسليم السلطة للمعارضة..!
إذا كنتم ترفضون التحاور وتسعون بأن تصبحوا بديلاً للنظام ماهو برنامجكم الذي يعالج المسألة السودانية برمتها دون تجزئة أو مسكنات؟
- برنامجنا الديمقراطي الذي أجازه المؤتمر التأسيسي يتلخص في إعادة هيكلة الدولة السودانية لتحقيق توزيع عادل للسلطة والثروة حتى تبتلع الثورة والتمدد على الدولة.
ما هو شكل الهيكلة؟
- نظام من ستة أقاليم هي دارفور وكردفان والأوسط والشرق والخرطوم وفق الحدود التي كانت عام 1956م وقت الاستقلال ولكل إقليم إنشاء ما شاء من ولايات أو محافظات أو إدارات أهلية دونما تدخل من السلطة الاتحادية ويكتب ذلك في دستور الإقليم الذي يضعه سكان الإقليم.
كيفية اختيار رأس الدولة؟
- يكون رئيس الجمهورية منتخباً من كل أبناء الشعب السوداني بدورة انتخابية واحدة مدتها ست سنوات على أن يكون المرشح في الدورة التالية من إقليم آخر وهكذا تتداول الرئاسة بالنسبة للأقاليم ويتم اختيار ستة نواب للرئيس من كل إقليم نائب للرئيس ينتخبه أبناء الأقاليم ويكون الرئيس ونوابه هم رأس الدولة وقيادة السلطة التنفيذية بحيث يكون كل نائب للرئيس رئيساً لقطاع تنفيذي يتكون من وزراء.
من هم سكان الإقليم.. ألا يؤدي هذا التصنيف إلى مزيد من التمزق العرقي والإثني في السودان؟
- الإجابة قطعاً بالنفي لأن سكان الإقليم هم الذين يقيمون في الإقليم لمدة عشر سنوات أو أكثر ومن ثم أي سوداني يقيم في إقليم عشر سنوات أو أكثر يصبح مواطناً في هذا الإقليم.
ألا تخافون من ظهور تصنيف عرقي على أساس أن هؤلاء هم السكان الأصليون وأولئك الوافدون؟
- مثلاً سكان العاصمة القومية الذين قدموا من كل أقاليم السودان هم مواطنون في إقليم الخرطوم وكذلك الذين أتوا من الشمالية إلى الجزيرة أصبحوا من مواطني الإقليم الأوسط ومن هاجر من أبناء دارفور إلى شرق السودان يكونون من أبناء الشرق وبهذه الطريقة فان التفاعل بين أبناء الوطن يساهم في انتفاء الانقسام على أساس إثني.
تعريف الثروة وفق برنامجكم؟
- الثروة إما ثروة فوق الأرض أو في باطنها ويمكن أن تكون مشاريع قامت أو تقوم بها السلطة الاتحادية أو السلطة أو السلطة الإقليمية، فالثروة داخل الأرض أو فوقها يأخذ كلA إقليم 30% منها والباقي للسلطة الاتحادية توزع لباقي الأقاليم التي ليست فيها ثروة ويطبق هذا على مشروع الجزيرة وميناء بورتسودان ومصانع السكر وغيرها، أما المشاريع التي تنشئها الأقاليم من مالها فهي حق أصيل للإقليم.
تتحدثون كثيراً عن مبدأ المحاسبة.. هل يشمل ذلك مثلاً كل من اشترك في حكومة الإنقاذ؟
- لابد من محاسبة كل من ارتكب فساداً سياسياً أو اقتصادياً أو إعلامياً ويعزل سياسياً عن طريق القضاء كل من يدان بتلك الجرائم وقد أعددنا مشروع قانون شاملاً ينص على استرداد كل الأموال التي نهبت أو بددت أو هربت.
ماهو القانون الأمثل لقيام أحزاب سياسية ديمقراطية تساهم في الاستقرار السياسي والتداول السلمي للسلطة؟
- يجب أن تكون القيادة داخل هذه الأحزاب وفق مبدأ القانون لدورتين لا تزيد الواحدة عن أربع سنوات ولا يجوز مطلقاً توريث القيادة.
ألا تعتقد مثل هذا القانون فيه تقييد لمبدأ ديمقراطي راسخ فانتخاب قادة الأحزاب يختلف عن انتخاب رئيس الجمهورية مثلاً؟
- كنا نرجو أن تتطور الأحزاب نفسها ولكن تجارب السودان السياسية المريرة أكدت أن القيادات الحالية للأحزاب غير قادرة بل غير راغبة في التغيير وعند محاصرة قواعدها لها تلون بالشمولية وواقع الحكم الاستبدادي.
ماهو مبدأ فصل السلطات؟
- لابد من إعادة بناء السلطة القضائية حتى تكون مستقلة مقتدرة حكماً بين السلطات لا تابعاً لها كما هو الحال الآن والقضاء المستقل المحايد الذي يحمي النظام الديمقراطي.
ما هي المدة الكافية للفترة الانتقالية؟
- الفترة الانتقالية يجب أن لا تتجاوز السنوات الثلاث يوضع خلالها دستور دائم للسودان وفق الموجهات التي أشرت إليها وتجري في نهاياتها انتخابات عامة على أن لا يترشح فيها من يتولى الحكم الانتقالي والحكم الانتقالي وفق هذه البرامج لا يكون إلا بالتراضي بين الناس.
مواقع الاختلاف مع الجبهة الثورية؟
- الجبهة الثورية قد تختلف معنا في بعض هذه الرؤى وقد نتفق في ما هو مختلف عليه على أن يكون الهدف الأساسي والاستراتيجي هو إسقاط النظام.
من يحمل السلاح يسعى بالقطع إلى إسقاط النظام؟
- هذا ليس صحيحاً في كل الحالات لأن من يسعى للحوار لا يريد إسقاط النظام في حالة الاتفاق معه والحركة الشعبية لتحرير السودان الأم قاتلت النظام 16 عاماً وقبله قاتلت النظام المايوي والنظام الديمقراطي ولم تسقط النظام بل أصبحت جزءاً من النظام لست سنوات كاملة من 2005م حتى 2011م ولم تتخل عن النظام إلا بعد أن تخلت عن السودان.
ألا يكفي حمل السلاح؟
- حمل السلاح وحده ليس دليلاً على النية والعزيمة على إسقاط النظام فإن أعلن من يحمل السلاح الآن أنهم لن يتفاوضوا مع النظام ليس تكتيكاً بل كموقف نهائي واستراتيجي فإن ذلك قطعاً سيؤدي إلى وحدة المعارضة.
الخروج إلى المنفى بعد أن كنت عضواً في المجلس الوطني.. لماذا المنفى؟
- كنت عضواً في المجلس الوطني لشهور قليلة ممثلاً للتجمع الوطني الديمقراطي مع قليل وقد كان اتفاق التجمع أن نشترك في السلطة التشريعية كمعارضة.. أكرر كمعارضة.. لكشف النظام من الداخل وأن لا تتم أي مشاركة في السلطة التنفيذية.
ماذا فعلتم للظهور كمعارضة داخل المجلس الوطني؟
- قدمت للمجلس الوطني في أول جلسة باسم التجمع خطاباً مكتوباً مصوراً أوضحت فيه أننا معارضة تهدف إلى كشف فساد الإنقاذ وفق رؤى مفصلة وتأكيداً لهذا كشفت فساد وزارة الداخلية في عمارات «الرباط» ومؤتمر القمة العربية وفي الميزانية وتمكنا من تجميع حتى بعض نواب الحكومة معنا حول فساد وزارة الداخلية التي كان يديرها وزير الدفاع الحالي وقد اغضب ذلك النظام.
ماذا فعل النظام معكم؟
- أمر بعدم إعطائي فرصة للتحدث واستقلت من المجلس بعدما بلغت الرسالة ولكن زملائي من ممثلي التجمع لم يلحقوا بي وظلوا لسنوات في المجلس دون أن يحققوا شيئاً واستقالتي التي تقدمت بها مشهورة.
لماذا خرجت من السودان؟
- تم تهديدي بالتصفية وهذا لن يثنيني عن طريق اخترته ولكن رأيت أن مساحة التحرك أوسع وأنا خارج السودان لاسيما في عصر التكنولوجيا؛ حيث أصبحت قريباً إلى كل السودانيين وإلى كل شبر في السودان.
ولكنه المنفى؟
- الرؤية في المنفى اشمل وأوسع، ولم يعد المكان الجغرافي هو منطقة الحراك وإنما الوجود في منطقة معينة في الوطن قد يحجب الرؤية عن منطقة أخرى.
اتهامك بتدبير انقلاب عسكري مع القيادي بحزب الأمة مبارك الفاضل؟
- ليس هناك ما يجمعني والأخ مبارك الفاضل في العمل العسكري ولو كانت هناك محاولة انقلابية لما كانت السلطة أطلقت سراحنا وقد سبق للنظام أن اتهم المناضل الأمير نقدالله بمحاولة انقلاب استأجرت له أجهزة النظام بعض الشهود ولكن رد الله كيدهم وفعل النظام ذلك مع صلاح قوش الذي دبر الكثير من المؤامرات ضد المعارضين فارتد السهم إليه وأعلن انه برئ مما يتهمونه به وهذا هو حال النظام.
أنت بعيد عن الحزب الاتحادي الأصل وأنت مازلت نائباً لرئيس الحزب؟
- الآن لا يوجد في قيادة الحزب غير الرئيس ونائب الرئيس والأمين العام فقد تم حل المكتب السياسي وعزل نواب الأمين العام أما ما يسمى بالمجلس القيادي فهو غير موجود كمؤسسة وفق مؤتمر المرجعيات العام 2004م.
لماذا الخلاف مع بعض قيادات الحزب الاتحادي وانت نائب للرئيس؟
- هنالك العديد من رجال المؤتمر الوطني أو مندوبيه يعملون داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي وبعضهم يدعي أن له مواقع ويسعون لجر الحزب حتى يكون ذراعاً للمؤتمر الوطني أو منفذاً لسياساته حتى ينعزل الحزب عن ارثه النضالي وقواعده الوطنية الوثابة الرافضة للشمولية والداعية لإسقاط النظام.
كيف تنظر إلى التغييرات الأخيرة داخل المؤتمر الوطني وخروج أسماء كبيرة من الحزب الحاكم؟
- هذه ليست تغييرات لسياسات كلية للنظام ولكنها تجديد للأدوات فالنظام بعد أن سدت أمامه جميع السبل والحيل رأى أن ما يبتغيه مدة أطول ولا يكون ذلك إلا عبر القمع العسكري والأمني فاستعان بعدد ممن تم تدريبهم أمنياً سواء في الدفاع الشعبي أو الأمن وأوكل إليهم مهام المرحلة المقبلة.
ماهي مهام المرحلة المقبلة؟
- بدأت الملامح بالثورة الشعبية، وقد جرب النظام الثورة في انتفاضة سبتمبر 2013م وانتفاضة يوليو 2012م وأدرك أن الحراك الشعبي يتصاعد فلابد من قوة رادعة حاسمة بعد أن أفلس الحل السياسي فخرجت مجموعة الدكتور غازي صلاح الدين ومن معه، ثم المجموعة الأخيرة وهي المحسوبة على ما يسمى الإسلامية والتي تمد السياسة بيد وتمد الخنجر باليد الأخرى فرأى النظام انه لابد من يد واحدة تمد الخنجر فكانت هذه التغييرات.
أنت والسيد محمد عثمان الميرغني تتبادلان الأدوار؟
- نحن لسنا في تمثيلية ليكون هناك ممثلون وأدوار لكل ممثل، نحن نقود نضالاً حقيقياً ومهره غالٍ هو الدم والتشريد والأذى والذي يصيب المناضلين ليس اصطناعياً بل هو أذى حقيقي فبالتالي فإن الحديث عن أدوار لا يليق.
رؤية مولانا قد تختلف في الأدوات؟
- نحن لدينا رؤى ومواقف لها تبعات وآثار والسيد محمد عثمان الميرغني له رأي ويتعاون مع المؤتمر الوطني وفق رؤاه، وأنا ارفض الشمولية مبدأ ومنهاجاً.
مازلت نائباً لرئيس الحزب؟
- أنا الآن لا أستمد شرعيتي من أحد ولكن من الموقف النضالي الممتد لعشرات السنين للحركة الاتحادية من سجون وتشريد ولست حبيساً لموقع اتمشدق به ولكني جزء من الموقف الشعبي الهادر للشعب السوداني الحر.
حركة سبتمبر 2013م أحدثت تغييراً داخل النظام؟
- انتفاضة سبتمبر 2013م أخرجت المجموعة السياسية من نظام الإنقاذ لتتقدم المجموعة الأمنية وكان التغيير يمثل تغيير أولويات للنظام.
ماذا كشفت حركة سبتمبر للمعارضة؟
- انتفاضة سبتمبر جعلتنا نكتشف العلاقة مع قواعدنا وشباب الوطن استعداداً لمعركة نرجو أن تكون فاصلة وحاسمة.
متى معركتم هذه؟
- النظام تكسرت أنيابه وتمزقت وحدته وأصبح كالأسد المريض الهزيل الذي تأبى به حتى الفئران، وشباب الأمة التليدة عانى وتشرد وافقر وامتهن وهو يرى وطنه يضيع ويقسم وسوس الفساد ينخر فيه والمعركة الأخيرة مع النظام قريبة جداً.
قوى الإجماع الوطني في الداخل كيف تنظر إليها كقوى معارضة للنظام؟
- قوى الإجماع الوطني ولدت بعد أن مات التجمع الوطني الديمقراطي بسبب تحاوره مع النظام وكان بديله تجمع جوبا في سبتمبر 2009م والذي حضرته ممثلاً للحزب الاتحادي واتفقنا على عدم الدخول في أي انتخابات ما لم تتحقق شروط عديدة لمدة زمنية لا تتجاوز 30/11/2009م فلم يتحقق منها شيء.
ماذا فعلتم كتجمع لجوبا؟
- قمنا بمسيرات ومظاهرات شاركت فيها القوى السياسية ومن بينها الحركة الشعبية ولكن النظام انفرد بالحركة الشعبية وأعطاها ما تريد وهو الاستفتاء على الجنوب واستفتاء ابيي مقابل حضورها في المجلس الوطني لإجازة قانون الأمن الوطني وقانون الصحافة وقد كان فانهارت قوى جوبا وجاءت الانتخابات في 2010م فدخلت كل القوى السياسية بها في مخالفة لما اتفقنا عليه في جوبا.
مات تجمع جوبا كما مات التجمع الوطني أيضاً؟
- أصدرت شخصياً 15 بياناً محذراً من نتائج الانتخابات وأنها محصورة بالتزوير فانسحب الحزب الشيوعي وقبل أيام من التصويت انسحب حزب الأمة وواصلت بقية القوى السياسية الانتخابات ومع النتائج أعلنت القوى السياسية المشاركة رفضها للنتائج ودمغتها بالتزوير ولكن سرعان ما أذاب ثلج الرفض تحت بهج المنافع فجلسوا مع السلطة التي جاءت بالتزوير واعترفوا بها بل إن بعضهم اصبح جزءاً منها.. فيا سبحان الله..!
ماذا عن قوى الإجماع الحالية؟
- أدعوها للالتفاف لإسقاط النظام وعدم التحاور معه والاتفاق على البديل الديمقراطي والجلوس للاتفاق على خطط الحراك النضالي اليومي والالتفات للدرس والعبرة التي يمكن أن تستخلصها من انتفاضة سبتمبر.
تكريم مولانا الميرغني واللمام الصادق من قبل رئاسة الجمهورية في احتفالات استقلال السودان هذا العام؟
- إنه تكريم من لا يملك لمن لا يستحق، فنظام الإنقاذ لا علاقة له بالنضال، ولا هو يسعى لتحقيق الديمقراطية والكرامة والعزة والاستقلال، ولا أحسب أن موافقة السيد الصادق والسيد محمد عثمان الميرغني كانت موفقة وأذكر انه وقبل سنوات عرض مثل هذا التكريم للمناضل الحاج مضوي محمد احمد فرفض أن يكرمه هذا النظام الذي لا يكرم إلا أمثاله.
القتال الدائر بالجنوب في هذه الدولة الوليدة ماهي أسبابه في اعتقادك في دولة خرجت من الوطن الأم السودان؟
- ما يحدث في الجنوب فتنة، والجنوب يتكون من نحو 60 قبيلة على رأسها القبائل ذات الأنياب والنفوذ كالدينكا والنوير والشلك ولم يتطور البعد الوطني بعد، وهذا الذي يحدث الآن يقودني إلى الصراع الذي دار بين ابيل الير وجوزيف لاقو وكانا يقودان اتفاقية أديس أبابا 1972م وأدى لتجمع القبائل من غير الدينكا خلف جوزيف لاقو ففاز جوزيف وهذا ما دفع ديكتاتور مايو النميري إلى إلغاء اتفاقية أديس أبابا وتقسيم الجنوب إلى ثلاثة أقاليم أعالي النيل للنوير والشلك وبحر الغزال للدينكا وبقية المناطق لباقي القبائل.
ماذا كانت المحصلة؟
- هذا التقسيم هو الذي دفع العقيد جون قرنق كي يتمرد وينشئ الحركة الشعبية لتحرير السودان في مايو 1983م.
والصراع الحالي؟
- الجنوب منطقة قابلة للاشتعال وقابلة وقادرة على أن تستجلب حكماً ديمقراطياً تعددياً بعيداً عن الصراع القبلي حتى يتطور وينمو الإحساس الوطني ولكن الخلاف على السلطة مسنود بالبعد القبلي يجعل الصراع قاتلاً.
التدخلات الخارجية في الصراع؟
- أي تدخل في هذا الصراع لن يكون لصالح طرف بل سيؤدي لهلاك الجميع وليس من الجيد الوقوف مع طرف ضد الآخر وان كان لابد من حراك فيجب أن يكون حراك مصالحة وإطفاء للحرائق وأنني اعرف المتقاتلين وأقدرهما وأطمع في حكمتهما في هذا الموقف الخطير الذي يمر به الجنوب.
المنفى محطات قديمة متجددة؟
- إحدى محطات المعارضة، السعودية ومصر وليبيا وانتهى الأمر في لندن، ولندن منطقة حرة لا تتدخل في نشاط ما لم تؤثر سلباً في الأمن الداخلي وباقي الدول محطات تتلاقى في المواقع، أما مصر قد كانت المحطة الأساسية في نضال التجمع الوطني الديمقراطي حتى انتحار التجمع عام 2006م وبعدها أصبحت مكاناً للقاء لا للانطلاق ومعها كانت أسمرا.
محطات المعارضة الآن؟
- المعارضة الآن لا تحتاج إلي محطة انطلاق فكل احتياجها لمحطة لقاء للتفاكر والتشاور لأن الانطلاق الحقيقي لا يكون إلا على أرض الوطن.
ما الفرق بين الجبهة الوطنية والجبهة الوطنية العريضة؟
- الجبهة الوطنية الأولى تكونت عام 1959م بين الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الأزهري وحزب الأمة بقيادة الإمام الصادق المهدي ووساطة مع اتحاد طلاب جامعة الخرطوم والذي تشرفت برئاسته وقتها، وكانت مكونة من أحزاب يمثلها قادتها.
حركة غازي صلاح الدين «الإصلاح الآن»؟
- الدكتور غازي صلاح الدين كان جزءاً من النظام منذ قيامه وحتى انتفاضة سبتمبر وبالتالي فهو حتى خروجه جزء من النظام ولكنه يمتاز على غيره بالوعي والثقافة وإن كان هذا لا يعفيه من المسؤولية فهو وحده أراد أن يخرج من المركب الغارق فهو من ناحية ينجو بنفسه ومن ناحية أخرى يضعف النظام وكلا الأمرين محمدة.
العداوة مع زعيم المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي؟
- أنا ليست لي عداوة شخصية مع أحد ولكن لي خلاف في المواقف والرؤى مع كثيرين وعندما اعتقل دكتور حسن عام 2002م قمت بتكليف منه وأسرته وحزبه بالدفاع عنه حتى اطلق سراحه وتعرضت في ذلك للأذى والاعتقال وأنا دعوت المعارضة أن يكون المؤتمر الشعبي جزءاً منها دون إسقاط مبدأ المحاسبة حتى إسقاط النظام ونحن ملتزمون بالعدالة على كل من يثبت أنه أجرم في حق وطنه.
المناضل المخضرم علي محمود حسنين في حوار جديد : النظام تكسرت أنيابه وتمزقت وحدته January 17, 2014 ( الوطن ) ما الفرق بين الجبهة الوطنية العريضة والجبهة الثورية، خصوصاً أن هناك مقولة تذهب إلى أن الجبهة الثورية هي الجناح العسكري للجبهة الوطنية؟ - الجبهة الوطنية العريضة سابقة للجبهة الثورية في تكوينها الحالي والجبهة الثورية تكونت من أربع حركات مسلحة، ثلاث منها نشأت في دارفور والرابعة هي الحركة الشعبية قطاع الشمال. الحركة الشعبية قطاع الشمال.. كانت جزءاً من سلطة الإنقاذ.. شاركت في الحكم وبانفصال الجنوب لم يعد لها وجود سياسي؟ - الحركة الشعبية قطاع الشمال بدأت حربها الأخيرة على اثر انتخابات الوالي في جنوب كردفان عام 2010م حيث تم إسقاط عبدالعزيز الحلو مرشح الحركة الشعبية تزويراً، وبسبب ذلك نشأ القتال بين قطاع الشمال والحكومة. ألا ترى أن الأمر كان مبيتاً وخصوصاً أن مالك عقار الوالي المنتخب في النيل الأزرق دخل حرباً مع الحكومة وهو أيضاً حركة شعبية قطاع الشمال؟ - النظام أقال الوالي المنتخب مالك عقار وسعى لاغتياله ودخل النظام في حرب مع قطاع الشمال في كلا الولايتين. حركات دارفور؟ - جبهة دارفور نشطت الحرب بين النظام وحركة العدل والمساواة من جهة وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور من جهة أخرى، وانشقت حركة تحرير السودان إلى جناحين أحدهما بقيادة عبدالواحد والآخر بقيادة مني اركو مناوي وأصبحت في دارفور ثلاث حركات مسلحة رئيسية خرجت عليها ومنها كثير من الحركات المسلحة الأخرى. كم عددها في تقديرك هذه الحركات المسلحة؟ - تجاوز عددها الثلاثين فصيلاً ولكن ظلت الحركات الثلاث الأساسية هي الأساس في دارفور وهذه الحركات الثلاث الأساسية مع الحركة الشعبية قطاع الشمال هم الذين كونوا الجبهة الثورية في العام 2011م. مازال السؤال قائماً.. ما الفرق؟ - الجبهة الوطنية العريضة كانت سابقة للجبهة الثورية حيث تأسست في21 أكتوبر 2010 في مؤتمر تأسيسي عقد في لندن وتختلف طبيعة تكوينها عن الجبهة الثورية وهي فصيل مسلح لأربعة فصائل مسلحة والجبهة العريضة قامت على أساسين هما إسقاط النظام وعدم التحاور مع النظام. مم تتكون الجبهة العريضة؟ - من أفراد الشعب السوداني المعارض ومع كياناته المعارضة فالجبهة غير رافضة للأحزاب السياسية وليست بديلاً عنها. ما هو وصف الجبهة التي كونها الشعب ولا تتعارض مع كياناته السياسية؟ - هي الفريق القومي السوداني الذي يتداعى له الجميع من كل كيان ومن الذين لا ينتمون لأي كيان ومن السودانيين في دول المهجر والهدف إسقاط النظام. لماذا لا تفاوضون النظام؟ - لن يتحقق إسقاط النظام بالدخول في تفاوض معه لأن من يتفاوض يسعى للتعايش مع النظام وأن يكون جزءاً منه ومن ثم فهو لا ينفي عنه شرعية ويأمل فيه خيراً، فتضعف المعارضة ويبقى النظام والنظام في نهاية الأمر لا ينفذ ما اتفق عليه. ما دليلك على عدم تنفيذ النظام اتفاقياته؟ - اتفاق أبوجا مع حركة مناوي واتفاق الشرق واتفاق جيبوتي مع حزب الأمة واتفاق القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي واتفاق الدوحة مع حركة السيسي..! النظام نفذ نيفاشا بحذافيرها حتى أفضى تنفيذه لها إلى انفصال الجنوب؟ - اتفاقية نيفاشا بين النظام والحركة الشعبية أعطت النظام شرعية وانتزع اعترافاً دولياً وأبقت عليه مدة «6» سنوات وانتهى أمرها بانفصال الجنوب، والجبهة الوطنية العريضة ترفض مبدئياً واستراتيجياً التفاوض مع النظام، لأن من يريد إسقاط النظام لا يسعى ولا يقبل التحاور معه إلا إذا كان التحاور عن تسليم السلطة للمعارضة..! إذا كنتم ترفضون التحاور وتسعون بأن تصبحوا بديلاً للنظام ماهو برنامجكم الذي يعالج المسألة السودانية برمتها دون تجزئة أو مسكنات؟ - برنامجنا الديمقراطي الذي أجازه المؤتمر التأسيسي يتلخص في إعادة هيكلة الدولة السودانية لتحقيق توزيع عادل للسلطة والثروة حتى تبتلع الثورة والتمدد على الدولة. ما هو شكل الهيكلة؟ - نظام من ستة أقاليم هي دارفور وكردفان والأوسط والشرق والخرطوم وفق الحدود التي كانت عام 1956م وقت الاستقلال ولكل إقليم إنشاء ما شاء من ولايات أو محافظات أو إدارات أهلية دونما تدخل من السلطة الاتحادية ويكتب ذلك في دستور الإقليم الذي يضعه سكان الإقليم. كيفية اختيار رأس الدولة؟ - يكون رئيس الجمهورية منتخباً من كل أبناء الشعب السوداني بدورة انتخابية واحدة مدتها ست سنوات على أن يكون المرشح في الدورة التالية من إقليم آخر وهكذا تتداول الرئاسة بالنسبة للأقاليم ويتم اختيار ستة نواب للرئيس من كل إقليم نائب للرئيس ينتخبه أبناء الأقاليم ويكون الرئيس ونوابه هم رأس الدولة وقيادة السلطة التنفيذية بحيث يكون كل نائب للرئيس رئيساً لقطاع تنفيذي يتكون من وزراء. من هم سكان الإقليم.. ألا يؤدي هذا التصنيف إلى مزيد من التمزق العرقي والإثني في السودان؟ - الإجابة قطعاً بالنفي لأن سكان الإقليم هم الذين يقيمون في الإقليم لمدة عشر سنوات أو أكثر ومن ثم أي سوداني يقيم في إقليم عشر سنوات أو أكثر يصبح مواطناً في هذا الإقليم. ألا تخافون من ظهور تصنيف عرقي على أساس أن هؤلاء هم السكان الأصليون وأولئك الوافدون؟ - مثلاً سكان العاصمة القومية الذين قدموا من كل أقاليم السودان هم مواطنون في إقليم الخرطوم وكذلك الذين أتوا من الشمالية إلى الجزيرة أصبحوا من مواطني الإقليم الأوسط ومن هاجر من أبناء دارفور إلى شرق السودان يكونون من أبناء الشرق وبهذه الطريقة فان التفاعل بين أبناء الوطن يساهم في انتفاء الانقسام على أساس إثني. تعريف الثروة وفق برنامجكم؟ - الثروة إما ثروة فوق الأرض أو في باطنها ويمكن أن تكون مشاريع قامت أو تقوم بها السلطة الاتحادية أو السلطة أو السلطة الإقليمية، فالثروة داخل الأرض أو فوقها يأخذ كلA إقليم 30% منها والباقي للسلطة الاتحادية توزع لباقي الأقاليم التي ليست فيها ثروة ويطبق هذا على مشروع الجزيرة وميناء بورتسودان ومصانع السكر وغيرها، أما المشاريع التي تنشئها الأقاليم من مالها فهي حق أصيل للإقليم. تتحدثون كثيراً عن مبدأ المحاسبة.. هل يشمل ذلك مثلاً كل من اشترك في حكومة الإنقاذ؟ - لابد من محاسبة كل من ارتكب فساداً سياسياً أو اقتصادياً أو إعلامياً ويعزل سياسياً عن طريق القضاء كل من يدان بتلك الجرائم وقد أعددنا مشروع قانون شاملاً ينص على استرداد كل الأموال التي نهبت أو بددت أو هربت. ماهو القانون الأمثل لقيام أحزاب سياسية ديمقراطية تساهم في الاستقرار السياسي والتداول السلمي للسلطة؟ - يجب أن تكون القيادة داخل هذه الأحزاب وفق مبدأ القانون لدورتين لا تزيد الواحدة عن أربع سنوات ولا يجوز مطلقاً توريث القيادة. ألا تعتقد مثل هذا القانون فيه تقييد لمبدأ ديمقراطي راسخ فانتخاب قادة الأحزاب يختلف عن انتخاب رئيس الجمهورية مثلاً؟ - كنا نرجو أن تتطور الأحزاب نفسها ولكن تجارب السودان السياسية المريرة أكدت أن القيادات الحالية للأحزاب غير قادرة بل غير راغبة في التغيير وعند محاصرة قواعدها لها تلون بالشمولية وواقع الحكم الاستبدادي. ماهو مبدأ فصل السلطات؟ - لابد من إعادة بناء السلطة القضائية حتى تكون مستقلة مقتدرة حكماً بين السلطات لا تابعاً لها كما هو الحال الآن والقضاء المستقل المحايد الذي يحمي النظام الديمقراطي. ما هي المدة الكافية للفترة الانتقالية؟ - الفترة الانتقالية يجب أن لا تتجاوز السنوات الثلاث يوضع خلالها دستور دائم للسودان وفق الموجهات التي أشرت إليها وتجري في نهاياتها انتخابات عامة على أن لا يترشح فيها من يتولى الحكم الانتقالي والحكم الانتقالي وفق هذه البرامج لا يكون إلا بالتراضي بين الناس. مواقع الاختلاف مع الجبهة الثورية؟ - الجبهة الثورية قد تختلف معنا في بعض هذه الرؤى وقد نتفق في ما هو مختلف عليه على أن يكون الهدف الأساسي والاستراتيجي هو إسقاط النظام. من يحمل السلاح يسعى بالقطع إلى إسقاط النظام؟ - هذا ليس صحيحاً في كل الحالات لأن من يسعى للحوار لا يريد إسقاط النظام في حالة الاتفاق معه والحركة الشعبية لتحرير السودان الأم قاتلت النظام 16 عاماً وقبله قاتلت النظام المايوي والنظام الديمقراطي ولم تسقط النظام بل أصبحت جزءاً من النظام لست سنوات كاملة من 2005م حتى 2011م ولم تتخل عن النظام إلا بعد أن تخلت عن السودان. ألا يكفي حمل السلاح؟ - حمل السلاح وحده ليس دليلاً على النية والعزيمة على إسقاط النظام فإن أعلن من يحمل السلاح الآن أنهم لن يتفاوضوا مع النظام ليس تكتيكاً بل كموقف نهائي واستراتيجي فإن ذلك قطعاً سيؤدي إلى وحدة المعارضة. الخروج إلى المنفى بعد أن كنت عضواً في المجلس الوطني.. لماذا المنفى؟ - كنت عضواً في المجلس الوطني لشهور قليلة ممثلاً للتجمع الوطني الديمقراطي مع قليل وقد كان اتفاق التجمع أن نشترك في السلطة التشريعية كمعارضة.. أكرر كمعارضة.. لكشف النظام من الداخل وأن لا تتم أي مشاركة في السلطة التنفيذية. ماذا فعلتم للظهور كمعارضة داخل المجلس الوطني؟ - قدمت للمجلس الوطني في أول جلسة باسم التجمع خطاباً مكتوباً مصوراً أوضحت فيه أننا معارضة تهدف إلى كشف فساد الإنقاذ وفق رؤى مفصلة وتأكيداً لهذا كشفت فساد وزارة الداخلية في عمارات «الرباط» ومؤتمر القمة العربية وفي الميزانية وتمكنا من تجميع حتى بعض نواب الحكومة معنا حول فساد وزارة الداخلية التي كان يديرها وزير الدفاع الحالي وقد اغضب ذلك النظام. ماذا فعل النظام معكم؟ - أمر بعدم إعطائي فرصة للتحدث واستقلت من المجلس بعدما بلغت الرسالة ولكن زملائي من ممثلي التجمع لم يلحقوا بي وظلوا لسنوات في المجلس دون أن يحققوا شيئاً واستقالتي التي تقدمت بها مشهورة. لماذا خرجت من السودان؟ - تم تهديدي بالتصفية وهذا لن يثنيني عن طريق اخترته ولكن رأيت أن مساحة التحرك أوسع وأنا خارج السودان لاسيما في عصر التكنولوجيا؛ حيث أصبحت قريباً إلى كل السودانيين وإلى كل شبر في السودان. ولكنه المنفى؟ - الرؤية في المنفى اشمل وأوسع، ولم يعد المكان الجغرافي هو منطقة الحراك وإنما الوجود في منطقة معينة في الوطن قد يحجب الرؤية عن منطقة أخرى. اتهامك بتدبير انقلاب عسكري مع القيادي بحزب الأمة مبارك الفاضل؟ - ليس هناك ما يجمعني والأخ مبارك الفاضل في العمل العسكري ولو كانت هناك محاولة انقلابية لما كانت السلطة أطلقت سراحنا وقد سبق للنظام أن اتهم المناضل الأمير نقدالله بمحاولة انقلاب استأجرت له أجهزة النظام بعض الشهود ولكن رد الله كيدهم وفعل النظام ذلك مع صلاح قوش الذي دبر الكثير من المؤامرات ضد المعارضين فارتد السهم إليه وأعلن انه برئ مما يتهمونه به وهذا هو حال النظام. أنت بعيد عن الحزب الاتحادي الأصل وأنت مازلت نائباً لرئيس الحزب؟ - الآن لا يوجد في قيادة الحزب غير الرئيس ونائب الرئيس والأمين العام فقد تم حل المكتب السياسي وعزل نواب الأمين العام أما ما يسمى بالمجلس القيادي فهو غير موجود كمؤسسة وفق مؤتمر المرجعيات العام 2004م. لماذا الخلاف مع بعض قيادات الحزب الاتحادي وانت نائب للرئيس؟ - هنالك العديد من رجال المؤتمر الوطني أو مندوبيه يعملون داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي وبعضهم يدعي أن له مواقع ويسعون لجر الحزب حتى يكون ذراعاً للمؤتمر الوطني أو منفذاً لسياساته حتى ينعزل الحزب عن ارثه النضالي وقواعده الوطنية الوثابة الرافضة للشمولية والداعية لإسقاط النظام. كيف تنظر إلى التغييرات الأخيرة داخل المؤتمر الوطني وخروج أسماء كبيرة من الحزب الحاكم؟ - هذه ليست تغييرات لسياسات كلية للنظام ولكنها تجديد للأدوات فالنظام بعد أن سدت أمامه جميع السبل والحيل رأى أن ما يبتغيه مدة أطول ولا يكون ذلك إلا عبر القمع العسكري والأمني فاستعان بعدد ممن تم تدريبهم أمنياً سواء في الدفاع الشعبي أو الأمن وأوكل إليهم مهام المرحلة المقبلة. ماهي مهام المرحلة المقبلة؟ - بدأت الملامح بالثورة الشعبية، وقد جرب النظام الثورة في انتفاضة سبتمبر 2013م وانتفاضة يوليو 2012م وأدرك أن الحراك الشعبي يتصاعد فلابد من قوة رادعة حاسمة بعد أن أفلس الحل السياسي فخرجت مجموعة الدكتور غازي صلاح الدين ومن معه، ثم المجموعة الأخيرة وهي المحسوبة على ما يسمى الإسلامية والتي تمد السياسة بيد وتمد الخنجر باليد الأخرى فرأى النظام انه لابد من يد واحدة تمد الخنجر فكانت هذه التغييرات. أنت والسيد محمد عثمان الميرغني تتبادلان الأدوار؟ - نحن لسنا في تمثيلية ليكون هناك ممثلون وأدوار لكل ممثل، نحن نقود نضالاً حقيقياً ومهره غالٍ هو الدم والتشريد والأذى والذي يصيب المناضلين ليس اصطناعياً بل هو أذى حقيقي فبالتالي فإن الحديث عن أدوار لا يليق. رؤية مولانا قد تختلف في الأدوات؟ - نحن لدينا رؤى ومواقف لها تبعات وآثار والسيد محمد عثمان الميرغني له رأي ويتعاون مع المؤتمر الوطني وفق رؤاه، وأنا ارفض الشمولية مبدأ ومنهاجاً. مازلت نائباً لرئيس الحزب؟ - أنا الآن لا أستمد شرعيتي من أحد ولكن من الموقف النضالي الممتد لعشرات السنين للحركة الاتحادية من سجون وتشريد ولست حبيساً لموقع اتمشدق به ولكني جزء من الموقف الشعبي الهادر للشعب السوداني الحر. حركة سبتمبر 2013م أحدثت تغييراً داخل النظام؟ - انتفاضة سبتمبر 2013م أخرجت المجموعة السياسية من نظام الإنقاذ لتتقدم المجموعة الأمنية وكان التغيير يمثل تغيير أولويات للنظام. ماذا كشفت حركة سبتمبر للمعارضة؟ - انتفاضة سبتمبر جعلتنا نكتشف العلاقة مع قواعدنا وشباب الوطن استعداداً لمعركة نرجو أن تكون فاصلة وحاسمة. متى معركتم هذه؟ - النظام تكسرت أنيابه وتمزقت وحدته وأصبح كالأسد المريض الهزيل الذي تأبى به حتى الفئران، وشباب الأمة التليدة عانى وتشرد وافقر وامتهن وهو يرى وطنه يضيع ويقسم وسوس الفساد ينخر فيه والمعركة الأخيرة مع النظام قريبة جداً. قوى الإجماع الوطني في الداخل كيف تنظر إليها كقوى معارضة للنظام؟ - قوى الإجماع الوطني ولدت بعد أن مات التجمع الوطني الديمقراطي بسبب تحاوره مع النظام وكان بديله تجمع جوبا في سبتمبر 2009م والذي حضرته ممثلاً للحزب الاتحادي واتفقنا على عدم الدخول في أي انتخابات ما لم تتحقق شروط عديدة لمدة زمنية لا تتجاوز 30/11/2009م فلم يتحقق منها شيء. ماذا فعلتم كتجمع لجوبا؟ - قمنا بمسيرات ومظاهرات شاركت فيها القوى السياسية ومن بينها الحركة الشعبية ولكن النظام انفرد بالحركة الشعبية وأعطاها ما تريد وهو الاستفتاء على الجنوب واستفتاء ابيي مقابل حضورها في المجلس الوطني لإجازة قانون الأمن الوطني وقانون الصحافة وقد كان فانهارت قوى جوبا وجاءت الانتخابات في 2010م فدخلت كل القوى السياسية بها في مخالفة لما اتفقنا عليه في جوبا. مات تجمع جوبا كما مات التجمع الوطني أيضاً؟ - أصدرت شخصياً 15 بياناً محذراً من نتائج الانتخابات وأنها محصورة بالتزوير فانسحب الحزب الشيوعي وقبل أيام من التصويت انسحب حزب الأمة وواصلت بقية القوى السياسية الانتخابات ومع النتائج أعلنت القوى السياسية المشاركة رفضها للنتائج ودمغتها بالتزوير ولكن سرعان ما أذاب ثلج الرفض تحت بهج المنافع فجلسوا مع السلطة التي جاءت بالتزوير واعترفوا بها بل إن بعضهم اصبح جزءاً منها.. فيا سبحان الله..! ماذا عن قوى الإجماع الحالية؟ - أدعوها للالتفاف لإسقاط النظام وعدم التحاور معه والاتفاق على البديل الديمقراطي والجلوس للاتفاق على خطط الحراك النضالي اليومي والالتفات للدرس والعبرة التي يمكن أن تستخلصها من انتفاضة سبتمبر. تكريم مولانا الميرغني واللمام الصادق من قبل رئاسة الجمهورية في احتفالات استقلال السودان هذا العام؟ - إنه تكريم من لا يملك لمن لا يستحق، فنظام الإنقاذ لا علاقة له بالنضال، ولا هو يسعى لتحقيق الديمقراطية والكرامة والعزة والاستقلال، ولا أحسب أن موافقة السيد الصادق والسيد محمد عثمان الميرغني كانت موفقة وأذكر انه وقبل سنوات عرض مثل هذا التكريم للمناضل الحاج مضوي محمد احمد فرفض أن يكرمه هذا النظام الذي لا يكرم إلا أمثاله. القتال الدائر بالجنوب في هذه الدولة الوليدة ماهي أسبابه في اعتقادك في دولة خرجت من الوطن الأم السودان؟ - ما يحدث في الجنوب فتنة، والجنوب يتكون من نحو 60 قبيلة على رأسها القبائل ذات الأنياب والنفوذ كالدينكا والنوير والشلك ولم يتطور البعد الوطني بعد، وهذا الذي يحدث الآن يقودني إلى الصراع الذي دار بين ابيل الير وجوزيف لاقو وكانا يقودان اتفاقية أديس أبابا 1972م وأدى لتجمع القبائل من غير الدينكا خلف جوزيف لاقو ففاز جوزيف وهذا ما دفع ديكتاتور مايو النميري إلى إلغاء اتفاقية أديس أبابا وتقسيم الجنوب إلى ثلاثة أقاليم أعالي النيل للنوير والشلك وبحر الغزال للدينكا وبقية المناطق لباقي القبائل. ماذا كانت المحصلة؟ - هذا التقسيم هو الذي دفع العقيد جون قرنق كي يتمرد وينشئ الحركة الشعبية لتحرير السودان في مايو 1983م. والصراع الحالي؟ - الجنوب منطقة قابلة للاشتعال وقابلة وقادرة على أن تستجلب حكماً ديمقراطياً تعددياً بعيداً عن الصراع القبلي حتى يتطور وينمو الإحساس الوطني ولكن الخلاف على السلطة مسنود بالبعد القبلي يجعل الصراع قاتلاً. التدخلات الخارجية في الصراع؟ - أي تدخل في هذا الصراع لن يكون لصالح طرف بل سيؤدي لهلاك الجميع وليس من الجيد الوقوف مع طرف ضد الآخر وان كان لابد من حراك فيجب أن يكون حراك مصالحة وإطفاء للحرائق وأنني اعرف المتقاتلين وأقدرهما وأطمع في حكمتهما في هذا الموقف الخطير الذي يمر به الجنوب. المنفى محطات قديمة متجددة؟ - إحدى محطات المعارضة، السعودية ومصر وليبيا وانتهى الأمر في لندن، ولندن منطقة حرة لا تتدخل في نشاط ما لم تؤثر سلباً في الأمن الداخلي وباقي الدول محطات تتلاقى في المواقع، أما مصر قد كانت المحطة الأساسية في نضال التجمع الوطني الديمقراطي حتى انتحار التجمع عام 2006م وبعدها أصبحت مكاناً للقاء لا للانطلاق ومعها كانت أسمرا. محطات المعارضة الآن؟ - المعارضة الآن لا تحتاج إلي محطة انطلاق فكل احتياجها لمحطة لقاء للتفاكر والتشاور لأن الانطلاق الحقيقي لا يكون إلا على أرض الوطن. ما الفرق بين الجبهة الوطنية والجبهة الوطنية العريضة؟ - الجبهة الوطنية الأولى تكونت عام 1959م بين الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الأزهري وحزب الأمة بقيادة الإمام الصادق المهدي ووساطة مع اتحاد طلاب جامعة الخرطوم والذي تشرفت برئاسته وقتها، وكانت مكونة من أحزاب يمثلها قادتها. حركة غازي صلاح الدين «الإصلاح الآن»؟ - الدكتور غازي صلاح الدين كان جزءاً من النظام منذ قيامه وحتى انتفاضة سبتمبر وبالتالي فهو حتى خروجه جزء من النظام ولكنه يمتاز على غيره بالوعي والثقافة وإن كان هذا لا يعفيه من المسؤولية فهو وحده أراد أن يخرج من المركب الغارق فهو من ناحية ينجو بنفسه ومن ناحية أخرى يضعف النظام وكلا الأمرين محمدة. العداوة مع زعيم المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي؟ - أنا ليست لي عداوة شخصية مع أحد ولكن لي خلاف في المواقف والرؤى مع كثيرين وعندما اعتقل دكتور حسن عام 2002م قمت بتكليف منه وأسرته وحزبه بالدفاع عنه حتى اطلق سراحه وتعرضت في ذلك للأذى والاعتقال وأنا دعوت المعارضة أن يكون المؤتمر الشعبي جزءاً منها دون إسقاط مبدأ المحاسبة حتى إسقاط النظام ونحن ملتزمون بالعدالة على كل من يثبت أنه أجرم في حق وطنه.
////////