(المُستعبدة) Sklavin

 


 

د. أمير حمد
17 January, 2009

 


(منده ناصر ولويس دامين)
عرض وترجمة  وتعقيب أمير حمد / برلين

إن الغرض من عرض كتاب (المُستعبدة) لمنده ناصر، ولويس دامين، هو عكس ما يكتب عن السودان وراء حدوده، لا سيما قضايا، تبدو لأول وهلة شخصية، إلا أنها أدانه، وتعريه للمجتمع السوداني ونمط تعامله مع الآخر (المختلف)، من السودانيين. أثار كتاب المُستعبدة لمنده ناصر ضجة كبرى وسط الصحافة والأعلام الألماني ، فأجرت، مثلاً القناة الأولى للتلفزيون الألماني(ARD)  لقاءا معها وفي  رفقتها وزير الاقتصاد الألماني السابق Oskar Lavonten اوسكار لافونتين.
لقد شغلت قضية (الرق)، ومشكلة جنوب السودان اهتمام الدولة الألمانية، ورجال الدولة، حتى أن الوزيرين السابقين، قايزلرGeisler  وبلوم و Bluehmقد قاما (بمغامرة) استكشافية لجنوب السودان، كانت تعرف أبعادها الحركة الشعبية، فتوالت أثر ذلك الصحف والأعلام الألماني في التحدث عن قضية(الرق) في جنوب السودان، وجبال النوبا، موطن منده ناصر.
كتبت صحيفة إنجليزية، لأول مره تقريراً عن منده ناصر فسارع لويس دامين الكاتب الثاني لأوتيوغرافيا المستعبدة بإجراء لقاء تلفزيونيً معها بالقناة الإنجليزية الرابعة حيث يعمل كمراسل صحفي لها، مختص بقضية (الرق) في السودان.
رفع الدبلوماسي المتهم باسترقاقها قضية ضدها بشأن إساءة السمعة، وربح القضية أمام محكمة إنجليزية مختصة وعوض بمبلغ يليق ببراءته من التهمة الموجهة إليه. صدر اعتذار رسمي من Telgraf - Daylyبشأن قضية منده موضح فيه بأن ما ورد عن سيرتها كمسترقة لا يقوم على أي أساس من الصحة.
لم تجد أوتوبغرافيا منده ناصر دار نشر لتبنيها ما عدا دار Lebensweg الألمانية التي نشرت الكتاب، دونما تقصي لما ورد على صفحاته واعتبرته أوتوبغرافيا حقيقية بل وروج له في الإعلام الألماني كدليل قاطع على الرق في السودان حتى بعد قرار المحكمة الإنجليزية الذي دحض إدعاء استرقاقها.
صدر كتاب منده ناصر و لويس دامين بعنوان (مستعبده) مكتوب تحته معتدى عليها، مضطهدة، ومباعة.
كما ذيل الغلاف الخارجي للكتاب بالأتي:
كانت تنادى بلفظ (بنت)/ فما من (قيمة)، لأن تسمى. تنام في مكان مهمل تعمل ليلا نهارا  وتضرب، ولا تمنح مليماً، كأجر، أسيرة حُرمت أن تغادر المنزل، ولو خطوة واحدة. ها هي منده
الفتاة النوبية، تروى سيرة حياتها. سيرة حياة لم تحدث قبل مائتي عام، وإنما في القرن الحادي والعشرين، ولم تنتهي في أفريقيا، وإنما عند جيراننا بأوربا. لأن منده، في ختام سنوات اضطهادها،
واستعبادها بالخرطوم بُعثت إلى لندن لتستعبد هناك أيضاً.
إنها تراجيديا إنسانية، وسياسية، ستهز العالم. أما داخل الغلاف، فتطل صورة منده، ولويس داميين، معرفاً كل منهما:
 منده ناصر، 22 عام، تقريباً، لأنه من الصعوبة تحديد تاريخ الميلاد بجبال النوبا. نشأت منده في جبال النوبا وتعيش اليوم بلندن، عقب ثمانية أعوام من الأسر في أفريقيا وأوربا. أمنيتها العظيمة أن ترى عائلتها، ثانيةً، بالسودان.
لويس داميين:
 صحفي إنجليزي مختص بالسودان، آزر منده على الهروب، وفي صياغة الكتاب. بمعاونة منظمة حقوق الإنسان، يكافح لويس لأجل الكتابة عن فظاعة حقيقة (الاستعباد) الحديث، بالقرن الواحد والعشرين
ذُيل داخل الكتاب بعرض مقتضب لسيرة منده ناصر إلى بلوغها أثنتي عشر عام، حيث كانت تعيش سعيدة بين قبيلة النوبا لاسيما وأنها الطفلة الأثيرة من بين أخوتها  لدى والديها. كانت تحدد ملامح حياتها كل من عادات النوبا، والمناسبات، والعمل في الحقول ومرافقتها لأبيها، وارتيادها المدرسة. أما أمنيتها العظيمة
فهي أن تصبح طبيبة. إلا أن حياتها قد تغيرت حينما هاجم العرب (الجنجويد) قريتها، وأشعلوها بالنيران، وبشعوا بالأطفال، والنساء، وأسروا من أسروا، ليخدموا كأرقاء دونما أجر، في منازل الاثرياء بالخرطوم كما كان
 من  منده نصيب  أن تعيش في منزل عائلة أرستقراطية بالخرطوم، حيث حُرمت من كل حقوقها،وحبست، وتركت لتنام في زاوية مهملة بحديقة المنزل تخدم ليلاً نهاراً بل وتعرضت للاغتصاب،والضرب، والاضطهاد. بعد ثمانية أعوام، آكان من العسير أن تهرب. بيعت منده، لتخدم كأمة، بلندن عند المستشار التجاري لسفارة السودان. هنا في دولة تتمتع بحرية مطلقة بغرب أوربا، بموسع الفرد أن يستعبد، ويسلب، ويحبس ويحطم غيره نفسياً!!!!. كثيراً فكرت منده في الانتحار، إلى أن حانت سانحة في شهر سبتمبر بعام 2000 فالتقت أحد أبناء (النوبا) فأخبرته بسيرتها.
أن هذا الكتاب توثيق مذهل للعلاقات بالسودان، وربما آخر تقرير "حقيقي" من يوميات حضارة النوبا المندثرة. أنه كتاب يسلط الضوء على عزيمة فتاة صامدة.
قامت بترجمته من الإنجليزية إلى الألمانية Karin Dugner
  صدر كتاب منده ناصر (مستعبده / الاأمه) بعام 2002 بألمانيا عن دار Lebensweg
تصدر غلاف الكتاب صورة منده ناصر قبالة  ãÈäì البرلمان الإنجليزي بلندن. كما تضمن صوراً فوتوغرافية لجبال النوبا وقاطنيها، ولمنده ولويس داميين غضون تأليف الكتاب. يمكن لقارئ الكتاب أستنباط سيرة (أوتويوغرافيه) منده، من تسلسل العناوين
الجانبية لفصول الكتاب كما يلي:
مفتتح: الأعتداء / الغارة.
الباب الأول: طفولتي بجبال النوبا.

/ 1/ منزلي. 2/ مع أبي. 3/ أعراس ووفيات. 4/ مدرسة النفاق. 5/ الثعابين. 6/ المصارعون الأشباح. 7
الختان. 8/ أمنيتي.
الباب الثاني: الاستعباد
/ 1/ الله أكبر. 2/ في غابة كثيفة. 3/ إلى الخرطوم. 4/ النخاسة. 5/ أُبتِيعت. 6/ سيدتي. 7/ لا ملاذ. 8
الطمث. 9/ تهديد بالقتل. 10 / أيمان/ أمل / وعي. 11 / محاولة قتل. 12 / ثأر. 13 / أنقذوني. 14 / عن
الاستعباد والعفه. 15 / إلى لندن. 16 / أنهم بعد على قيد الحياة. 17 / عام جديد، وأمة جديدة.
الباب الثالث: رحلة إلى الحرية
1/ أحاديث كذب. 2/ سيرتي. 3/ خوف من التحليق بالطائرة. 4/ مأسورة. 5/ انتحار. 6/ منقذي.
بحق حره
مفتتح
"الاعتداء / الغارة"
بدأ اليوم الذي تحولت فيه حياتي برمتها، ببزوق شمس حانية. توجهت نحو الشرق، وأديت صلاة الفجر
تقرباً إلى الله. لقد كان الوقت خريفياً بعام 1992 أثر موسم الجفاف. كان عمري وقتها أثني عشر عاماً.
طالبةً مجدةً كنت، أحلم بان اصبح طبيبة.  كنت اجتاز، كل يوم، الطريق المؤدي إلى المدرسة في
ساعة كاملة. إنني من قبيلة النوبا، ومعظم ساكني قريتنا من المسلمين. لقد كانت عائلتي، متوسطة الحال
تقطن في أكواخ من الطين، على مرتفعات شبه معزولة عن العالم. ككل (النوبا) كنا نعتمد على الصيد،
والزراعة، والرعي. كان أبي يملك خمسين بقرة، تُعد ثروةً، لدى النوبا.
اثر أوبتي من المدرسة كنت أنجز واجباتي المنزلية، وتطبخ أمي وجبة المساء من ما يجلبه أبي، وأخوتي
معهم، من الحقل، ثم نتحلق النار، ليروي أبي قصصاً مرحةً. هكذا كان أبي كثير الدعابة. أنني أحبه فوق
كل شيء. وحين يتدلى المساء نتسلق قطتي الأثيرة،  / (Uran)فراشي
لتنام لصقي، ويخيم السكون على القرية، إلا من هسيس النار الموقدة جوارنا.
في مساء كهذا اكتست الأكواخ فجأة بضوء برتقالي. قفز أبي، وهتف عالياً "النار تحرق القرية! …". في
البدء كنا نعتقد بأنه حريق خاطف، يحدث كالعادة من وقت لآخر بقريتنا. إلا أننا رأينا مشاعل ضخمة
تُقذف نحو الأكواخ، وتحيلها هشيماً. كان القاطنون يتقافزون، ويركضون فزعاً، فيما يُصرع البعض …
صاح والدي "المجاهدون" ….. أننا نهاجُم من قبل العرب. المجاهدون في القرية.
ثم حضنني، وأسرع بي دونما هدف. كنت أبصر المجاهدين ينتزعون، قسراً الأطفال من أحضان
الأمهات، وهن يتراكضن، فزعاً، دونما هدف. لحظتها أبصرت أمي مرتعدةً، مثلي. لم أنس قطتي الأثيرة. ( Uran)
حملتها بكفٍ، وتشبثت بأبي، بكفي الأخرى
"أمسكي جيداً يامنده، أمسكي جيداً، قال أبي، وأنا أبُصر المجاهدين يذبحون القاطنين، بمدى معقوفة،
وينزعون، قسراً، الأطفال من أحضان الأمهات، وهن يتراكضن دونما هدف ورأيت الأكواخ تتوهج تحت
ضوء النيران. ليس بموسوع أحدٍ وصف ما رأيت، ولا من شاهد، مثلي، على تلك الفظائع، بتلك الليلة
الحالكة. من على البعد، رأيت قريتنا، وقد تحولت إلى دخان، ونار، وتبينت، وجوه المجاهدين لأول مرة،
… كانوا ملتحين، متسخي الملابس، يمتطون خيولاً، يقطعون بها ملاذ الهاربين من النوبا. كانت تتعالى
صرخات الواقعيين في أفخاخهم. طغى الرعب، والفوضى، مصحوبين بدوي الطلقات. كنت أرآض مع اسرتي
فجأة أخذ أبي ينادي أمي لاختفائها، حين غرة، ويركض بشدة، وأنا خلفه . تعثرت فوثبت  Uran
من بين يدي، بعيداً دونما أوبه. كنت لحظتها شاهدة على صراع دار بين أبي
ومجاهد، أطل بغتةً … استطاع أبي أن يرديه بحجر … حينما وصلنا نهاية قريتنا، كان التعب قد تملكني
فلم أستطع المشي أكثر، رغم تحفيز أبي لي. فجأة، أنفلت قطيع بقر، بين الأآواخ، فانطرحت أرضاً، موقنةً
بهلاكي … كنت أسمع لحظتها نداء أبي لي، من بعيد، فأجبته بصوت ضعيف، وحنجرة ملئها الغبار بكيت
… إلى أن أحسست بوخز لحية على عنقي … فالتفت ورأيت أحد المجاهدين، ذي رائحة كريهة.
قال لي: أخرسي … أن تعالى صوتك ثانيةً سيسمعك الآخرون، ويقتلونك ثم امسكني من ساقي، مجتازاً
بي القرية فرأيت خنجره، ومسدسه مغروسين في حزامٍ. من بعيد كنت أسمع صوت أبي "منده … منده".
لم يكن بوسعي فعل شيء سوى إطلاق صرخات ضعيفة "أبي، أبي"، إلا أن خاطفي (العربي)، وضع يده
على فمي ليسكتني … لو عثر والدي على لتحدى كل المجاهدين … رأيت القرية، من جديد تحت النيران،
والدخان، تتجاوب فيها الصرخات، ورأيت النساء ملقاة أرضاً، فوقهن المجاهدين. تضرعت إلى ربي أن
ينقذني، وأهلي،وان يارني مجيباً  لدعوتي حينما ولجنا غابة رأيت قرابة الثلاثين من صبية
وصبيان النوبا، جلوساً تحت شجرة، فيما كان بعض المجاهدين يجلبون أطفالاً آخرين، وخناجرهم تقطر
دماً، وأعينهم تلمع بالرعب، ويتصايحون "الله أكبر، الله أكبر". لم أعد أدرى ماذا حدث لعائلتي، نجوا، أم
قتلوا … ولا أدرى عن ماذا سيسفر مصيري. هكذا توارت طفولتي، السعيدة، وبدأت  حياتي، كمستعبده.

الباب الأول:
 طفولتي بجبال النوبا
منزلي

Gazelle منده
 أبهى حيوانات جبال النوبا،
هذا هو أسمى الذي سماني به والدي، إذ كان يعتبرني أجمل
فتاة بالعالم. لقد كنت خامسة أخوتي وأصغرهم. وسط جبال شاهقة دائرية، تنبسط قريتنا، التي تسمق عند
نهايتها، صخرة عظيمة. لم يكن مرقى المرتفعات نائياً عن قريتنا التي يتبوء منها منزلنا موقعاً ما. أنه
منزل من كوخين يحيطه سياج عشبي، بطرفه مقاعد خشبية، نقتعدها مساءاً، لنتحلق النار المشتعلة جوارنا،
ونروى القصص، ونتسامر. ثمة أغنام وخراف بفناء دارنا، تمدنا بالحليب. كنت وأمي نقطن  آكوخاً به
ثلاثة أسرة، من البابمس (خيزران)، تغطيها ألحفة من لحاء الهجليج المفتول. حذو باب الكوخ كان ينام أبي
ليحمينا من الثعابين، والضباع، التي تعج بها الغابات والمرتفعات حول قريتنا. كنا نشعل النار بمنتصف
الدار لا سيما في مساءات الخريف، فيسمق الدخان من الخشب البليل. ثمة صومعتان صغيرتان، للغلال
بفناء دارنا نصعد إليها بسلم، لنملا منهما، الصحاف/ ….. / بالفول والذرة. هكذا كنا نحفظ الغلال، في
منأى عن الثعابين، والفئران التي تدب على سطح الأرض. في أكواخ أخرى بقريتنا كانت تقطن أختايا
المتزوجتان. أما اخواي(بابو) وآوندهران فيسكنان بالكوخ الأخر بدارنا، تمسكاً بأعراف النوبا، في فصل
الصبيان عن النساء. كانت أمي تطهو لنا الفول، والشعير، واللحم بالبهار، وتصنع لنا (مديدة) العيش
بالحليب، فندعوا الجيران، والأقارب، بل والغرباء، ليشاركونا طعامنا.
فيما يلي عرض لبقية أوتوبغرافيا منده ناصر، وهو عرض منوط بالأحداث وملتزم عبر الترجمة، بما
ورد في الكتاب.
تروي منده(طُرفة) حدثت في طفولتها، حيث كانت تقضي حاجتها، ذات يوم بين لفيف أشجار، فباغتتها
صيحة كيكو صديقتها، محذرةً لها من ثعبان بين الأشجار فهربت نصف عارية . تصف في سردها،
جلبها للماء من حفر مائية / توج حيث يجتمع الصبية والصبيات، فيتشاغبون، ويتحدى بعضهم البعض،
فيحميها أخوها (بابو) الأكبر سناً منها، من شجار الصبية. كان الصبية والصبيات ينشدون ترانيماً للمطر،
كبشارة للحصاد، فيما يتقافزون والجرار على رؤسهم:
هطل المطر …
غزيراً هطل …
تذكر منده أن عاماً طوق بالجفاف، فكاد النوبا أن يهلكوا، لو لا أن الأوربيين "الخواجات" قد قدموا
لإنقاذهم من حتف أكيد بسيارات خلوية وشاحنات محملة بالحنطة، والزيت، والدقيق، والسكر، والأغطية،

والأدوية. أما (العرب)، على حد قولها، فلا يهمهم الأمر، بالرغم ن الجميع أبناء وطن واحد. تقول منده
 أن المعونة كانت تقدم من أمريكا فيصطفون منشدين
Bush , Bush , Bush
رجلٌ خيّرٌ
من بعيد، يفد الأوربيون إلينا
بيضٌ كالأشباح
ولكنهم طيبون إزاءنا
يآزرون النوبا
بالحنطة، والزيت …
…  لو لم يكنBush
 موجوداً لمتنا
Bush  Bush آما  نساء النوبا، حاولن تسمية  ÇÈäÇÁåã  (Bush) لإعجابهم به,
كما لم يستطعن حينما حاولن تسمية بناتهن  بإسم زوجتة لجهلهن باسمها .
هلكت الأبقار في هذا الموسم الجاف، وهي لا تمثل لدى النوبا، مصدر حياتي فحسب، بل مظهر من مظاهر الترف وتميز الأثرياء.كان Adeka)
صبي من صبيان النوبا، متقلدً ربابة، بيده حربة يرعى
أبقار أبي منده في الحقول، والغابة.
تقول منده أن الأشراف على البقر، كان وظيفة أخيها، إلا أن والدها أعفاه منها، حينما ألتحق بالمدرسة.
من حليب البقر الطازج كانت تشرب منده، وتتمهل في سردها لوصف نكهته الخاصة الطيبة وصنعهم
للزبدة، واللبن، كانت تحبس العجول في الحظائر إلى أن يُحلب البقر لمالكيها، ثم يفرج عنها.
تقول منده أن أمها قديماً كانت تمشي عارية في فناء البيت، وخارجه إلى أن اعتادت نساء النوبا على
تغطية أثداءهن، ووسطهن بخرق. أما عادة "الشلوخ" التي كانت تصف أمها فظاعتها فقد اندثرت بمرور
الوقت واستُبدلت بالتزين بعقود، وأقراص مزرآشة حول المعصم والبطن، والساقين هذا إلى جانب قص
شعر الرأس بطريقة معينة تميز كل قبيلة، عما سواها. قديماُ كان يختن صبيان النوبا، وبناتهن في سن
متأخرة، إلا أن الخطورة الصحية في ذلك، جعلت النوبا يلجاون إلى الختان مبكراُ. تعتز "منده" بملامح
أبيها السامية، الدقيقة، وتصف في الوقت عينه قوته، وخشونة يديه، وأقدامه، لفتله الحبال، من لحاء أشجار
 وبيعها في الأسواق كمكسب، هذا إلى جانب تمشيطه للحقول والغابات، لساعات طويلة، بحثاً عن
الفاكهة، والخضر. كان أبوها يحب والدتها أيما حب وآثر الاكتفاء بها، على التزوج بنساء عده، كشان
النوبا. تقول منده أن أبيها كان صائداً ما هراً كثيراً ما يصطاد الوعل البري أو الضباع وينفخ في البوق
كعادة النوبا، ليأتوا، ويأزروه في حمل صيده
كانت قطة منده
تتسلق سريرها لتنام جوارها وتُحظى بعطفها  وتقديم الحليب … أيما فرح فرحت منده حينما امتلأ بيتهم بالقطط الصغيرة
لكن والدتها أهدتهم إلى الجيران، لعدم تمكنهم من إطعامهم، الأمر الذي أحزن
منده  حينما  رأت القطط من ثم تملا بيوت الجيران فرحة خلافا لبيتهم .  كأي
طفلة جهولة، لم تستطع منده فهم الحمل، والإنجاب فشرعت والدتها في نسج ردودٍ ما لإقناعها كأن انتفاخ بطن قطتها
سببه افتراس الفئران.
تصف منده في هذا الفصل أخوتها، وأخواتها فإحدى الأختين، كانت قرعاء / صلعاء، في طفولتها، لذاسميت ب كنقانت عكس الثانية شوكان
أي غزيرة الشعر.
 تزوجتا مبكراً وعمرهما ثلاثة عشر عاماً. أما أخواها فأحدهما كان مرحاً، وشغوفاً يسعى لأن
يصبح ضابطاً، أما (بابو) أي الطفل فهو أخوها الأثير الذي يقربها سناً، كان يحلم بأن يصبح تاجراً. كثيراً
ما كان يصطاد الطيور (بنبله)، ويشويها، ويلعب مع منده لعبة (الحجلة)، و(شده) في الليالي المقمرة
بمرتفعات النوبا إلى وقت متأخر.

مع أبي

في هذا الباب من الكتاب تصف منده رحلتها مع أبيها إلى الحقل، في بداية موسم المطر، حيث تزرع،
وتنثر بذور الغلال في الحقول. رفضت منده مصاحبة أبيها في بدء الأمر، وإلا فبصحبة قطتها. غير أنها
استجابت مكرهة في نهاية الأمر لأن ترافقه وحدها عبر مرتفعات النوبا، والغابات المتناثرة، وجداول
الماء المندفع‘، بموسم الخريف. كان والد منده يحاول إقناعها بحماية الحقل، والغلال، من الطيور، إلا أنهاكآانت ترى في الأشباح خير حامٍ،  لطرد الطيور. أخذ الخوف يمتلك منده حينما علمت بأن أبيها
سيتركها في الحقل، لتحميه في غيابه، وتهيأت بأن أشباحاً ما ستداهم الحقل. تصف منده بذرها للعيش في
الحقل، ورجوعها مساءً إلى كوخ خالها قرب الحقل لتتناول الطعام، ولتنام. حينما بارحها أبوها لمهام ما
بالقرية، وعدها بأن أمها وأخاها الأثير سيرافقانه حين عودته لتطمئن، وهذا ما حدث.
إلا أن انفرادها في الحقل، لتتعلم المسئولية، والشجاعة، طوقها بحادثة هجوم أحد الكلاب البرية، لافتراس
الطيور مما حذا بمنده إلى الركض، وتسلق شجرة والمكوث على أعلى أغصانها أطول وقت. حاولت منده
أثارت هلع والدها وخالها بأن الكلب حاول افتراسها وأن بقع دم الطير المفترس، من قبل الكلب البري،
ليست سوى دمها. إلا أن ريش الطير حول بقعة الدم فضح كذبتها وأثار ضحك الجميع.
أعراس وحوادث موت
أثر الحادث بالحقل، تصف منده زواج أختها من شاب يدعى موسى، اجتمع المدعوون من الرجال،
للاحتفال وحدد المهر بعدد من الأبقار والأغنام وجوالات الذرة.
طفقت النساء في أعداد الطعام وتزيين العروس وتدليكها، وخياطة فستان الزفاف، ثم احتفى بحفلٍ دام ثلاثة
أيام كعادة النوبا بنى موسى العريس كوخاً متواضعاً من الأوتاد الخشبية، والطين، وأعواد الذرة اليابسة.
عقب ذلك تصف منده انفراد موسى بزوجته، وصياحها، وتعليق أهلها خرقة بيضاء بدم بكارة العروس،
على السياج الخشبي للمنزل دلالة على عفة العروس، التي كانت في الثالثة عشر من عمرها. تصف منده
ذلك من منظورها، كطفلة يُصعب عليها فهم ما يحدث، فيرافقها منظر الدم، وسماع الصيحات، آألم
محض،  لا سيما وأن تسويف أمها لتوضيح ذلك، جعلها تزداد شغفاً وتهيأً خاطئاً لما يحدث.
حينما حملت، ووضعت أختها مولودة ظلت منده تتساءل عن كيفية الحمل، والوضع، ولا تجد رداً مقنعاً
على أسئلتها. ماتت المولودة أثر ولادتها، بقليل، فكانت منده شاهدة على زواج، ووفاة في زمن متعاقب،
تذكر منده ما قالته امها  لاختها ام الرضيع المتوفي
 لا تخافي
لا تبكي وتحزني فطفلك أصبح طائراً في الجنة … إن شاء الله، إن شاء الله"
مدرسة النفاق
في الثامنة من عمرها، انتظمت منده بالمدرسة، وفقاً لوصفها، تبدو هذه المدرسة نفاقاً وكذباً، وتزويراً
وتحويراً لهوية أبناء النوبا. كان الأساتذة - على حد قولها - يطالبون الأباء دوماً، بالمال، مدعين حوجه
التلاميذ إلى كتب وكراسات، لم ير التلاميذ منها كتاباً أو كراساً.
تصف منده مشقة أبيها في الحصول على المال، بفتله للحبال من لحاء الشجر، وتشقق كفيه ورجليه من
هذه الصنعة، ومن تجوابه لطريق الغابة الشاق، والمرتفعات لبيع إنتاجه بالسوق، فيما كانت منده،
وصديقتها تجلبان الحطب، والماء لذويهما عقب اليوم الدراسي. أما المدرسة بمنهجها التعليمي المنافق،
على حد قولها، فقد كانت مكونه من غرف للدراسة مبنية بالآجر، وأخرى للمعلمين، مُضاءة بالفوانيس،
كما كان بها مراحيض قذرة، وفناء دونما جدران فتلج الأغنام وتلتهم الكراسات والكتب.
 تصف منده نفسها في هذا الفصل بأنها طالبة ذكية، ومجتهدة، وطموحه، فاقت قريناتها بالفصل، الذي
تُدرس فيه اللغة العربية وتمنع لغة النوبا، وأن يُنادي التلاميذ بأسمائهم النوبيه، مما حذا بالمعلم تسميتهم
بأسماء عربية، ومعاقبتهم بالجلد / السوط حينما يخطئون، وتكليف أحد التلاميذ / الألفه، بالإبلاغ عن من
يتحدث بلغة النوبا. كان الأساتذة، وفقاً لوصف منده يعلمونهم المواد العلمية، واللغة الإنجليزية في وقت
وجيز مقارنة بوقت تعليم القرآن / العلوم الدينية، واللغة العربية. تقول منده بأنها كانت تستشعر النظرة
الفوقية للأساتذة واستخفافهم بأبناء النوبا لأنهم لا ينتمون إلى العرب.
الثعابين
بهذا الفصل تعكس منده جزءاً من طبيعة جبال النوبا الخضراء، والحيات التي تدب بين لفيف الأشجار،
والقرى المتناثرة بالمرتفعات. لدغت حية خالتها، في رحلة مع أمها طي الغابة فتورم جسدها، وتغير لونها
وجحظت عيناها، وانبثق الدم من منافذ جسدها، حاول والد منده أن يعالجها، بمسحوق بعض الأوراق
والأعشاب وبتراتيل ما إلا أن الموت قد عاجلها، فدفنت وفقاً لمراسم الإسلام. تسرد منده في هذا الفصل
ملامح من حياتها كمسلمة / وُلدت مسلمة، علمها أبوها الصلاة فكانت تؤدى صلواتها الخمس كوالديها،
وتقراء القرآن، وتذآر دائماً تخويف أبيها لها، من عاقبة دخول النار للمتخاذل عن ممارسة الإسلام ثم
تصف مسجد القرية المبني من الطين والاحتفاء برمضان وعيد الفطر. إلا أن منده، تبدو متحيزة إلى
معتقدات النوبا الأولى، قبل دخول الإسلام، وإلى الكجور نشخص مقدس، وكطبيب للقرية. تسرد منده، ما
ذكره أبوها عن ديانة النوبا الأولى، واعتقادهم في تعدد الآلهة … آله للمرتفعات وآله للمطر، وأخر للقمر،
وللشمس، استبدلهم جميعاً الإسلام بآله واحد حتى فقد الكجور وظيفته كوسيط، رغم أن القرية من وقت
لأخر قد شهدت له بلكرامات نزول المطر، في موسم الجفاف. هكذا تتعجب منده من اعتقاد النوبا في
الكجور، وفي الإسلام في آن معاً. إلا أن والدها حاول إماطة الدهشة برده عليها بأن مفعول الكجور لا يتم
إلا بمعاونة وأذن الله، وأن ديانة النوبا الأولى والإسلام يعيشان معاً في تسامح وسلام بجبال النوبا.
المصارعون الأشباح

تصف منده المصارعة بأنها رياضة ومعلم مميز لشخصية النوبا، يُعد لها الاحتفالات السنوية التي يشترك
فيه كل مصارعي قبائل النوبا بين الجبال الدائرية فيتحلقهم الحضور من الرجال، والنساء، والصبيان،
والصبيات. في دائرة يُصارع مصارعو قبائل النوبا بعضهم البعض فيكون المنتصر من يصرع كل من
يصارعه. بالرماد يلون المصارعون أجسادهم، ويخططون وجوههم بالون الأسود، ويلف الخصر،
والساقيين والمعاصم، بعقود ذات فصوص، مزرآشة وأجراس صغيرة كما تُوشم الأطراف بحيوانات،
وطيور معينة. تقص الفتيات شعورهن بطريقة تُميز كل قبيلةٍ عن غيرها. وينفخ في بوق من قرن البقر
وتدق الطبول وتتعالى صيحات الحماس ويغنى للمتصارعين ….. هكذا غُنى لبابو أخيها

(بابو) في حلبة الصراع
أخُ (منده) في حلبة الصراع
في حلبة الصراع

وتستمر الترنيمة في ذآر إخوانه وأخواته في نهاية الاحتفال تغني الفتيات للمنتصر ويدعى وذويه
لمأدبة، كما حدث في منزل منده. كما يزار الكجور الذي يرتدي ملابس بألوان الطيف، ويعتمر قبعة
صوف ويتوكا عصاه، ويحدث الأرواح، والأشباح بلغة ما عن بشئون المطر . تذكر منده  ان رجلاً أسمه، (Shimii كان مصارعاً مميزاً، وصديقاً لأبيها قُتل في غارة (للمجاهدين)، وذبح)
من حوله، وحُرقت قريته واغتصبت النساء، وطغى دوي الطلقات. تكتب منده بأن أبيها كان يحلم باليوم
الذي تتساوى فيه حقوق الجميع وتتلاشى سيادة الأثرياء على الضعفاء بالسودان. كما تكتب قائلة بأنها لم
تكن تدري وهى طفلة مهمة الطائرات التي تحلق من وقت لأخر فوق سماء النوبا. أما اليوم فهي تعرف
بأن مثل هذه الطائرات تسقط القنابل في جنوب السودان على الكنائس، والمدارس، والقرى، والمستشفيات.
الختان

حينما بلغت منده سن الحادية عشر قررت عائلتها خفاضها تمسكا بأعراف النوبا. في وصف تفصيلي تصف
منده ألم، وفظاعة الختان، وإمساك أخوتها بها لكي تختن، فيما كانت (الخاتنة) تحرك موسى حادة فينبجس
الدم، وتتوالى صرخات منده، وبكائها، إلى انتهاء الختانة، ومواراة ما اجتزته، "في التراب". في البدء
أهال منده حديث والدتها عن الختان، رغم محاولة تبريرها له، بأنه عرف من أعراف النوبا، وأن كل
الصبيات يُختن، وعليه، يُسخر من غير المختونة، كما أن في الختان ضربً من التعود على الصبر،
ومقاومة الألم. فيما كانت منده تقاوم ألم ما بعد الختان، اهُدي (للخاتنة) جوال ذره، واحتفى بهذه المناسبة.
لم تقبل منده على حد قولها معالجة (الخاتنة) للجرح، فيما بعد، فتولت أمها تطهيره وانتزاع الخيط غضون
أيام، مستخدمة الماء، الدافئ والشاي. في ختام هذا الباب تحدثت منده، عن انطباعها عن الختان وتبعاته
مشيرة إلى أن بعض الصبيات قد متن بسبب الالتهابات، والأمراض المعدية، وأن بعضهن فقدن أبناءهم،
بسبب تضييق الفرج ، كما حدث لأختها. لم تستطع منده مسامحة ذويها، إلا بعد مدة، تاكد لها فيها، بأن
الصبيات الغير مختونات قد لا يجدن من يتزوجهن من أبناء النوبا، وأن المختونة وحدها - لضيق افرج  -
هي التي تضمن العذرية للعريس من أبناء النوبا.

أمنيتي
مرض (بابو) أخو منده الأثير (بدسنتاريا مزمنة) فتحملت العائلة - لا سيما والد منده - مشاق السفر إلى
مستشفى بعيد بالدلنج، وتبعات العلاج. أخبر الطبيب منده، بأنه لو توفرت مستشفى بجبال النوبا، لما
تأقلمت حالته الصحية. فاشتعلت بمنده أمنية أن تصبح طبيبه. أمنية جعلتها تعكف على التهام العلوم، واللغة
الإنجليزية، بالمدرسة. إلا أنه، عقب ستة أشهر، داهم (المجاهدون) قريتها، وحرقوها، واقتديت (كأمه).

الباب الثاني: الاستعباد
في هذا الباب، تكتب منده عن حياتها كمستعبده، حُرقت وسلبت قريتها من قبل العرب، وتشتت ذويها
دونما أوبه. لم يكتف خاطفها، باشتراكه مع العرب الآخرين، في محو قريتها، وساكنيها من الوجود
فحسب، بل أغتصبها في غابة، وهي طفلة في سنها العاشرة، كما رأت، وفقاً لسردها، جلب العرب /
المجاهدين لصبية النوبا، واصطفافهم، تحت شجرة، ليباعوا كمستعبدين. تصف منده خاطفها في هذا
الفصل، واقتياده لبعض صبيات النوبا كأرقاء، لينتهي المشوار بهم في الخرطوم، بمنزل "نخاسة" حيث
تعيش زوجته المتاجرة كذلك في بيع الرقيق، الذي يباع للخدمة بالمنازل دونما أجر طيلة الحياة، مقابل
مبلغ ما يمنح لجالبي الرقيق. لم يكن الطريق إلى الخرطوم خالياً من معسكرات، ومليشيات الجيش، التي
يتحرى فيها القارئ أملاً لخلاص هؤلاء الصبيات ولكن سدي. وفقاً لوصف منده، كان بعض الجنود
يتآمرون مع (النخاسة) ويتقاضون منهم مبالغاً، ويهنئوهم على غاراتهم بجبال النوبا. وفقاً لوصفها، لم
ينتهي الأمر عند ذلك بل، وأن بعض الجنود، كان يعلم بحالات الاغتصاب، ويتلذذ بسرد التفاصيل.
في قبو بمنزل جالب الرقيق، كانت الأسيرات من صبيات النوبا، يعشن في انتظار قدوم السيدات، والأسياد
لاختيار "الأمة" المناسبة لخدمتهم. وهذا ما حدث وفقاً لسردها، إذ قدمت سيده واشترتها "كمستعبده" طيلة
الحياة، وكخادمه دونما أجر، أُهملت، وضُربت، وحُبست وكانت عرضه لاغتصاب جديد، بل وتداولتها
هذه العائلة فيما بينها، إذ سُفرتها إلى لندن لتعيش العبودية من جديد، في القرن الحادي والعشرين، بدولة
بلغت فيها حقوق الإنسان أيما شأن …
ظلت منده، تسرد طيلة صفحات الكتاب  شقاءها اليومي، قيد الجدران، إلى أن التقت أحد أبناء النوبا
فحررها من العبودية بلندن، والتقت من ثم لويس دامين الصحفي، الذي أشهر قضيتها في الأعلام
الإنجليزي والصحافة، ومهد للقائها بشخصيات سياسية لامعة.
في سردها للاوتيوغرافيا تعرض "منده" حوادث صبيات أخريات من (النوبا)، شبيهة بسيرة حياتها. فتيات
أُسترقن، واضطهدن، وخضعن لقدرٍ مرير، أثر حرق قراهن. في فصول "جانبيه" بالباب الثاني تصف
منده ظاهرة (الطمث)، في أول تجربة لها، ومحاولة انتحارها، للخلاص من قيد العبودية. في فصلين
بعنوان "تهديد بالقتل"، "ومحاولة قتل"، تصف منده تهديد ربة البيت لها، وضربها حتى اصطدمت بحافة
طاولة، أفقدتها الوعي، أثر مشادة مع ربة البيت. تعكس منده اضطهادها اليومي، إذ كانت تُحبس وتعاقب
أشر عقاب ما أن هفت في خدمتها بالمنزل، فتحولت حياتها إلى جحيم، إلى أنها كانت تتمنى الموت. في
إحدى فصول الكتاب، تكتب منده عن شكها في مبدأ المساواة بالإسلام، بدليل أنها مسلمة، تُضطهد من قبل
مسلمين مثلها، وتُسترق. ما من فأرق سوى أنها سوداء البشرة وليست عربية. هذا هو سبب اضطهادها
على حد قولها.
كانت تُرمى بسواد لونها، وتتهم بأنها قذرة، وأنها بدائية لأنها تنحدر من أصول حامية، لذا كانت تُمنع من
التحدث بلغتها "النوبية"، في المدرسة، ومن التغني بأغاني (النوبا) أثناء الخدمة بمنزل "سيدتها". ما من
شيء أعظم من حقدها على (سيدتها)، وتمنى موتها. بل وأنها تحقد على كل العرب بالسودان، أيما حقدٍ
لاستعبادهم لها. تكتب قائلة أن الأمريكان حينما قصفوا مصنع الشفاء اعتقاداً منهم بأنه قاعدة إرهابية
بالسودان تمنت منده قتل مزيد من العرب / السودانيين. تكب  منده بأنها قد فرحت، فرحاً عظيماً حينما
علمت، من أحد أبناء النوبا، بأن عائلتها لم تزل بخير عقب الغارة على قريتها. في مقطع آخر تكتب بأن
ربة المنزل كانت تناديها بلفظ (بنت) أي خادمة وفقاً لتفسيرها، فيما كانت تجاوب ربة المنزل بلفظ
(سيدتي). باغتتها ربة المنزل ذات مره، وهى تزين جيدها بعقد مزرآش ملك لربة المنزل ذكرها بعقود
جبال النوبا، فانتزعته منها، وعاقبتها.
تختم منده الفصل الثاني " تحت أغلال العبودية" بفصل عنوانه " مطلع قرنٌ جديد، وأمة جديدة مستعبده"،
تقرر تسفير منده إلى لندن لتخدم هناك كامة، عند أقارب سيدتها، فيما وعد تاجر الرقيق، عينه، سيدتها
بجلب، أمة جديدة. اقسرت منده على السفر إلى لندن أثر ست سنوات من الاستعباد تعلقت غضونها بأطفال
ربة المنزل واعتبرتهم عوضاً عن عائلتها بجبال النوبا.
فيما يلي نقاط متفرقة من الباب الثاني، والثالث / الأخير، بكتاب "الأمة" لمنده ناصر:
دهشت منده حينما رأت صورتها بالمرآة، أثر أسرها، وذلك لعدم معرفتها بالمرآة بجبال النوبا، حيث .
كانت تقيم الصبيات مظهر بعضهن البعض بدلاً عن المرآة.

دهشب "منده" بالخرطوم، حينما رأت لأول مره بحياتها السيارات والعمارات، وتقزت  من المجاري، .
والأوساخ بطرقات الخرطوم، وتعجبت من اكتساء الأفق بالغبار، على النقيض من جبال النوبا، حيث
السماء، والقمر ناصعين.

تقول منده أن معظم العاملين بالبيوت بالخرطوم من الجنوبيين، والنوبا مثالاً على ذلك "النوبي" .
حارس بيت تاجر الرقيق الذي أسرها.
تكب منده بانها احست
بالتناقض بين اعتناق الإسلام، وأداء فريضة الصوم وبين استرقاق المسلمين لغير المسلمين، .
وللمسلمين مثل منده، انطلاقاً من الشعور بالتفوق على الأفارقة.

أقامه منده، ورفيقاتها بقبو في منزل تاجر الرقيق، إلى أن أتي "سيد" ليختار إحداهن للخدمة بمنزله، .
طيلة الحياة، دونما أجر، مقابل أن يتقاضى تاجر الرقيق مبلغاً، لبيعها.

دهشة منده من الأكل بالملاعق.
 .
توارث "العرب / المسلمين / السودانيين"، للأمة، آما حدث لصديقتها عائشة. .

تعالي أطفال العرب عليها، وضحكهم من ملامحها الأفريقية، وشعرها.
 .
اعتقاد تاجر الرقيق، بأنه قد سدد لها معروفاً، حينما أسرها، وخلصها من قبيلتها الأفريقية، البدائية، .
ومهد لها لتعيش في ركب الحضارة، وبين العرب.

تصريح ربة المنزل لمنده بأنها ستظل خادمة دونما أجر طيلة عمرها، تسكن بزاوية مهملة بحديقة .
المنزل، وتعمل ليلاً نهاراً.

حينما كسرت منده مزهرية في بيت ربة المنزل، سبتها قائلةً بأن المزهرية أقيم من كل قبيلتها.
 .
تسمية منده ببنت / خادمة، لقناعة ربة المنزل بأنه لا قيمة لأسمها، فيما كانت منده تنادى ربة المنزل .
بسيدتي.

عدم إخطار الطبيب حينما مرضت منده. .
محاولة منده الهرب، سدي. .
أكلها مع الخادمات، وعزلها في جو خاص.
 .
محاولة اغتصابها بمنزل ربة المنزل، وخوف المعتدى عليها من أن تشي به إلى ربة المنزل، .
الصارمة، المتحكمة في زمام البيت.

تهيب منده من السفر إلى لندن، لاحتمال عدم رؤية أهلها ثانية. .
فرحها حينما علمت بأن أهلها لا يزالون على قيد الحياة. .
منح منده رقم هاتف البيت لأحد أبناء النوبا، لأخطار ذويها بمكانها. .
إملاء ربة المنزل على منده، معلومات كاذبة، لتسهيل أجرات السفر بالسفارة الإنجليزية. .

رؤية (نانوس) صديقتها لحرق قريتها من قبل الجنجويد وبقرهم لبطن أمها. .
دهشت منده من (تحجب) ربة البيت الثانية، واسترقاقها لها في الوقت عينه. .
تشويش) ربة البيت، على منده، محاولة الاتصال بأهلها، وإخطارها بأن الإنجليز أشرار، لذا يتوجب ) .
عليها ألا تغادر المنزل إلا بصحبتها.
هروب منده بمساعدة أحد أبناء النوبا، وآخر من جنوب السودان، مهدا لها الطريق للالتقاء بلويس .
دامين الصحفي الإنجليزي والكاتب الثاني للأوتبغرافيا.

حينما رأت منده السحاب، وراء نافذة الطائرة، لأول مرة تذكرت قصة أبيها، لتأويل بعد السحب عن
الأرض، بأنه في القديم كانت السحب دانية من الأرض، بموسوع المرء التقاطها. ذات مرة، أعجبت أمراه
بقطع السحب المتناثرة، فأوقدت ناراً لطهي سحابة، وحينما امتدت يدها لالتقاطها ابتعدت السحب جميعاً
إلى الأعالي، لعلمها مسبقاً بما عزمت عليه المرأة.

خاتمه / تعقيب
بحق حره بقلم لويس دامين
فيما يلي تعقيب عن قضية الرق في السودان للصحفي الإنجليزي لويس دامين المشترك مع منده ناصر
في صياغة الكتاب، يعقبه اللقاء التلفزيوني الذي أجراه بالقناة الرابعة للتلفزيون الإنجليزي.
هربت منده ناصر من (الاستعباد)وقد أخطرني  قبلها شاب من قبيلة (النوبا) بموقعها،  
وقصتها، وطلب مني مؤازرتها.
مترددة، وخائفة كانت تبدو منده ناصر، في أول لقائي بها، أما اليوم فهي واثقة من ذاتها، جرئيه، وحيوية.
ملئها الأمل والاعتقاد في مستقبل مضيء. أثر أن يعترف بطلب لجؤها، تود منده أن تدرس، وتتخرج
كممرضة، وربما كطبيبه. لا تزال أمنيتها العظى هي أن ترى عائلتها. أنها قضية (الرق) من جديد
بالقرن الواحد والعشرين، وليس قبل مائتين عام، حين كنا (نحن) الإنجليز أساطين الرق. أنه الاسترقاق
… بعد خمسين عام من توقيع اتفاقية الأمم المتحدة التي تنص على المساواة، وألا يُسترق أي
فرد أو يُمتلك.
بعام 1996 كنت شاهد على فظائع (الرق الحديث)، بالسودان. كصحفي موفود من قبل القناة الرابعة
الإنجليزية، كتبت تقريراً بتكلفة منها. كنت اأراقب عن آثب، الأحداث، وأجوب بهوية مزيفة مع منظمة
أغاثه صغيرة أصقاع جنوب السودان. شاهدت (الجنوبيين) يباعون كالقطيع، بل وأن الأمر أفظع. إذ تُشن
غارات استلاب فظيعة على الأفارقة ويُذبح المئات منهم، وتُحرق القرى. منذ ذلك الوقت، كتب لكل العالم
عن الرق في جنوب السودان، وجبال النوبا. لقد أجريت لقاءات عده مع المستعبدين، أو نخاسة "الجنجويد،
وغيرهم"، فكانت أجوبتهم متشابهة بأن (الحكومة) تدربهم، وتسلحهم ب 47 لتشن الغارات، - باسم
الجهاد - ، على القبائل الأفريقية، في الجنوب، أو جبال النوبا. وكمكافئه على جهودهم، لهم أن يحتفظون
بالغنائم من البقر، والأغنام والرقيق، وأن يتركوا النساء والأطفال على قيد الحياة، ولكن يبدو من العسير
الالتزام بشروط الحرب، إذ كانوا يسترقون الرجال ويتاجرون بالنساء كمومسات، ويزجون بالصبيان في
الرعي بالقطيع فيما يبيعون الصبيات "كخدم" بالمنازل. إذ لا يتجاوز ثمن العبد مائة وخمسين دولار. في
 تقريرالمكتب الامريكي للضؤون الافريقية نفرا بان الرق في السودان يتسم بالأسر الوحشي،
والاختطاف، والإكراه على العمل دونما أجر، ومنع حق حرية التحرك، وتقرير نهج الحياة، هذا إلى جانب
اضطهاد اللغة الأم، وقطع الوشائج بالعائلة. أن قضية منده لا تعدو عن كونها إحدى السير الذاتية التي
. تزخر بها Anti-Slavery Intentional أو Human Rights Watch
لقد تمكنت منده ناصر من عتق (نفسها)، بتجاوز حدود السودان إلى لندن، إلا أن هناك الكثير من الأرقاء
كصديقتها الذين ينتظرون سانحة للحرية. رغم أن (الحكومة السودانية الإسلامية) قد وقعت اتفاقية حظر الرقالا انه قد اثبت
عام 1999 بأن الرق لا يزال ممارساً في السودان.
تلغى الحكومة الحالية، أي اتهام لها بارتباطها (بالجنجويد) وغيرهم من المليشيات المدربة المساعدة، بدليل
تنفيذ عقوبة السجن، لكل المشاركين في قضية الرق. لا يكفي قرار كهذا، للبت في قضية الرق، وعليه
تجدنا نعتقد في تجاهل، الحكومة لقضية الرق، بل وتشجيعه فقضية منده دليل مؤكد لهذا إذ أنها
استرقت من قبل دبلوماسي ممثل للحكومة. لا يعني أن تمتع منده بالحرية في لندن بأنها آمنة تماماً فلقد
جرت محاولات لاعادتها واسترقاقها من جديد.
 أن قضية (منده ناصر) نموذج أخر مؤكد ا. لقد كنت، مستمعاً، لمهاتفة منده لأهلها بالسودان، أثر
قطيعة دامت ثمانية سنوات. إن كانت منده تنعم اليوم، بلندن، برفاهية ما، إلا أنها لا تزال قلقة على أهلها،
وصحتهم. لقد نجت عائلتها من غارة (الجنجويد)، إلا أمها فقد أُصيبت بجراح خطيرة، وقتلت صديقتها
أثر التقاء منده بشخصيات سياسية بإنجلترا، أنكر الكل بأن (الرق) لم يزل ممارساً،
واعترته الدهشة.
أخيراً تأكد لهم واقع هذه الحقيقة المؤلمة. سأل منده كل من السياسيين الإنجليز، وشخصيات عالمية،
والصحافة والأعلام، لماذا تود نشر قصة حياتها فأجابتهم بأنها لا يمكن أن تسكت عل قصة كهذه، شبيهة
 بقصص كثير من النساء، والأطفال المسترقين بالسودان، لا سيما وأنها تعرفت على بعضهم..…………… كKatuna ، وعائشة،
تقول منده ربما (تحرك) قصتها، لأن يُقدم الأكثر لحل قضية (الرق) بالسودان. فيما يلي اللقاءالتلفزيوني للويس دامين مع منده ناصر
 وهو لقاء مؤثر، تخللته دموع منده:
سألت منده عن إحساسها، الآن، وهي حره، فأجابت:
لا اصدق بأني حره، رغم ممارستي لحرية كاملة بلندن، وربما احتاج إلى وقت كافي للتأكد من هذه الحقيقة
الجميلة. أن الحرية هي الحلم الذي ظل يلاحقني، غير أني الآن، قلقة على عائلتي مما قد يصيبهم بسببي.
- ماذا تودين قوله للذين استرقوك؟
- العدل، والسماحة، والمساواة خير لكل البشر، أسودهم، وأبيضهم، ولكل الأديان وهي المقياس الحقيقي
والقيمة الفضلى. فليكف النخاسة من استرقاق الأبرياء.
- ماذا ترغبين قوله لكل العالم، عن (الرق) في السودان؟
- أقول أن (الرق) في السودان أمر اعتيادي بديهي، وأنا مثال على ذلك، اسُتعبدت في السودان، ولندن.
أنني أعلم أن الكثير (بالسودان) لا يزال مسترقاً، فليقم العالم في وجه الرق.
- ماذا تتمنى لمستقبلك، وأنت حرة الآن؟
- أولاً، يجب أن أتحقق، حقاً، بأنني حرة، فهذه حياة جديدة أود أن أتنعم بها، ومن ثم سأفكر في مستقبلي.
- لقد هربت حديثاً وكان ذاك الزمن بحياتك، قاسياً بحق. من أين لك هذه القوة، والشجاعة لتتحدثي،
ساعات طوال، عن السنوات الأليمة المنصرمة؟
- أنعم بالقوة لأنني أعلم الآن بأن ثمة خيرين بالعالم، مثال على ذلك هنا بإنجلترا حيث الناس حره، ويعم
العدل. كل من التقيته، أثر هروبي، أبدى عطفاً واهتماماً بي، وأعاد لي كرامتي. كذلك تجدني أستمد
القوة من ديني.
- هل تودين إضافة شيئاً ما؟
- أود أن أقول لأهلي بأنني أفتقدكم كثيراً، وأتمنى أن تكونوا بخير وأقول لكل المُسترقين في قريباً
ستعتقون. كيف يمكنني الإحساس الحق، بالحرية، وأنا أعلم أن آخرين مسترقين؟
- سؤال أخير، هل ترغبين في مرافقتي، وبعثة تلفزيونية إلى جبال النوبا إذا تسنت الفرصة؟
- أيمكن ذلك؟ هل يمكن تحقيقه؟ بالطبع سأتي! أستكون معنا؟ إذا سافرت إلى هناك سأسفر دون شك. ما
من فرصة أعظم من رؤية عائلتي، ووطني. أنه حلم.
تعقيب على كتاب "الأمة" لمنده ناصر

يغلب على (السير الذاتية) طابع المصداقية، والنوستالجيا، والتأمل في الحياة، إلا أن كتاب (المستعبده_ الأمة)، لا يعدو
عن كونه أوتويغرافيه (مفبركه)، تقوم على اضطهاد مبهم لحقوق الإنسان، وتجني العرب / السودانيين
على القبائل الأفريقية بالداخل، والإشارة إلى الأسلمة الإجبارية، ومنع الأعراف المنافية للإسلام، وأي
لغة، غير العربية. قد يكون (الجنجويد)/ المليشيات المسلحة قد داهموا قرية منده، وحرقوها، إلا أننا لا نود
هنا التقصي عن الأسباب التي تقود إلى مثل هذه الغارات / النهب المسلحة، لأن هذا سيصرفنا عن التحقيق
في طبيعة غارة كآتلك والتي يصفها دامين (بكارثة)، يقتل فيها الرجال، ويباع الصبيان كخدم بالبيوت،
ويجعل من الصبيان رعاة للقطيع فيما تغتصب النساء، وتباع كمومسات. لا تختلف منده في سردها، عن
لويس دامين، فهي كما يبدو واقعة تحت تأثير لويس دامين المشارك في تأليف الكتاب، الذي لا يفتأ يسلط
الضوء على قضايا "معينه" إلى جانب الرق، كاستبدال الإسلام واللغة العربية قسراً للغات والأديان
المحلية، ويتشعب الاتهام إلى شبكة العلاقات الاجتماعية العامة بالسودان، حيث يتعالى السوداني / العربي
على غيره من الجنوبيين، وأبناء غرب السودان، كأن معاناته لا تنتمي إلى معانة الآخرين، وقد توقف
تماماً عن مسيرة العالم، الحديث، ومفهوم الحريات، كما تصف منده المجتمع السوداني، بأنه مجتمع بالقرن
الثامن عشر ملئه الرق، والتخلف، وفقاً لما أراد إبرازه لويس دامين.
سعت منده إلى الحصول على اللجوء بإنجلترا، تقول بأنها لو كانت تعلم بمنحها للحرية، وحياة أفضل،
بإنجلترا، لفكرت إذاً جادة، في الهرب، ومن ثم السفر إلى لندن. في تصريح كهذا تتجاوز منده حدود
السودان كله كأن كل شبر فيه ملوث بالرق، وإلا لما كان كل همها السفر إلى خارج السودان وليس
الحرية. أما لويس دامين الذي يصف مهنته كمختص بشؤون الرق في السودان فله دون شك رغبة جامحة،
في ترويج قضية كهذه، ولكن شاء القدر بأن تخسر القضية، ويتحول الكتاب، إلى رواية ما، لا تستند إلا
على وقائع عامه، أحرى بسردها من عاشها، وتضرر منها. أنها سيرة مُغرضة جسمت فيها الحوادث
"أعمل من الحبة قبة" حتى بدت منده كممثلة لقبائل مضطهدة. باستثناء، جزء  من الفصل الأول، الذي
يتميز بالطابع الروائي، في عكس طبيعة جبال النوبا، وأعراف القاطنين بها، وذكريات منده مع أسرتها.
نقرء في النقاط التالية، التي يعتمد عليها الكاتب، تقصى الكاتبين لعرض قضايا معينة تُشير إلى التحيز إلى
الغرب، وإلى العنصرية والرق داخل السودان، هذا إلى جانب الحقد وتكرار وتجسيم الأحداث.

تمني منده أن يُقتل سودانيين أكثر حين قصفت الولايات المتحدة مصنع الشفاء. .
تسمية المولودين باسم بوش، في جبال النوبا لبعثه بحملات الإغاثة من
حنطه، وزيت، وأغطية، على النقيض من على العرب، الذين لا تهمه مآسي النوبا بشئ.
تكرار فظائع الغارات، وسرد منده لقصة صديق أبيها المصارع الذي قتل وكل أفراد قريته، هذا إلى .
جانب قصص، صديقاتها اللائى اضطهدن، وبيعن كرقيق، وقتل أجدادهن، وذويهن، في غمار الغارات.
تحيز منده لديانة النوبا القديمة، رغم (إسلامها)، ورغم أن أبيها آكد لها بأن كل من الديانتين يعيشان
بأمن وتسامح يآزر بعضهم البعض في غرب السودان
استرقاقها من قبل العرب، لأنها أفريقية / سوداء، بالرغم من أنها مسلمة. .
تعليم أبناء النوبا اللغة العربية، والإسلام كأهم مواد بالمدرسة، واكراهم على التخلي من ديانتهم .
المحلية ولغتهم.
إسهاب منده قي ظاهرة (الختان)، إلى أدق الأمور، فيغلب على أسلوبها التفحش، تماماً آسردها لحادثة .
اغتصابها بغابة من قبل تاجر الرقيق.
.( واصطفاف صبيات النوبا تحت شجرة لبيعهم آرقيق، كأننا نقرء Roots).
وصف (بيت النخاسة)، وطريقة بيع الأرقاء. .
تعرض منده، خدمتها بداخل البيوت السودانية كرقٍ، وعمل إجباري دونما أجر، واضطهاد، موسوم .
بالتعدي، ومحاولات الاغتصاب، والتهديد بالقتل إلى أن حاولت الانتحار.
إكراه (ربة المنزل) لمنده على الكذب، وتزوير الحقائق لأجل تسهيل إجراءات الفيزا بالسفارة .
الإنجليزية بالخرطوم، وتسفيرها من ثم إلى لندن.
وصف ربة البيت الثانية، للإنجليز بأنهم أشرار، حتى تخيف منده من مبارحة المنزل فتهرب. .
إشارة منده، بين الفينة والأخرى إلى قضية جنوب السودان، كقضية مشتركة مع غربة في الاسترقاق،
والأسلمة الإجبارية.
توارث العرب للرقيق.
لقد بذلت دار النشر الألمانية . Lebensweg
عبر الإعلام والصحافة مجهوداً ضخماً، لترويج الكتاب ،
الذي أستطرد مطولاً في قضية، لا يفصح عنها إلا غلافه الموسوم بصورة منده بالضفائر الأفريقية،
والمنضدة بالفصوص قبالة مبنى البرلمان الإنجليزي بلندن، يفصلهما عنوان الاوتوغرافيا Sklavin
الأمة_المستعبده، واسما المؤلفين في تصميم نفسي مغرى يرمز إلى الاستعباد داخل أوربا.
لقد تأسست في ذهنية الأوربي صورة اضطهاد المسلم لغير المسلم، والعرب للسود، لذا نجدهم سراعاً ما
يطلقون لفظ المستعبد على الأجير / العامل بالبيوت السودانية مثلاً، لا سيما وأن كان أسود البشرة.
أن الألمان لا زالوا يعانون من عقدة الذنب لاضطهاد الهتلرية للأقليات، لهذا يبالغون في تعاطفهم مع
قضية كهذه، غير مكترثين بهذا التصور.
أن منظمة، آمنظمة التضامن المسيحي، مثلاً، لدليل واضح على الاختلاسات المالية، وتدنيس (سمعة) السودان (بالرق)، باشتراآها مع بعض أفراد SPLM
الذين أدينوا من قبلها _ لارتزاقهم من مبالغ -
 مبذولة أصلاً لتحرير الرق، فيخُتلس المال ويمنح قسطاً منه للمتحفزين بإدعاء استرقاقهم، لإثبات
قضية الرق بالسودان.
مهدت أوتوبغرافيا منده "المفبركة"المغرضة والمستهدفة لتسهيل طلب لجوءها بلندن فنالته بالفعل، فيما كان السودان يدان كتاجر نخاسة
محترف. لقد سعى لويس دامين إلى نشر صيته بتبني قضية منده وصياغتها غير مكترث بالأكاذيب
وتجسيم الحوادث كشأن بعض منظمات الإغاثة التي تعمل من وراء قناع لبث التقزز من العرب /
السودانيين وتمسيح الأهالي والسعي وراء مأرب آالترقيات في إفريقيا. لقد أدان لويس دامين نفسه بنفسه
ودحض أراءه عن الرق في السودان وذلك بتصريحه بأن قضية منده هي الدليل القاطع على تفشي الرق
بالسودان. ولكن خسرت القضية / الاتهام التي تمثلت آلاف الادعاءات بالاسترقاق في السودان.
لقد أوغل التاريخ الأوربي في الاسترقاق، وقتل وتشريد الشعوب المستعمرة، آالهنود الحمر، وال Oberigiens
بأستراليا، كما اضطهدت الكنيسة المجتمع الأوربي، بتمتعها بالسلطة السياسية، إلا أن
حالات "الاستعباد النسبي" اليوم، بداخل أوربا، لا تدان إلا آقضية فردية، لا كظاهرة عامة تمس المسيحية
والأوربيين، عكس ما يعممه الأعلام الغربي عن حالات الاضطهاد بالدولة المسلمة مثلا، كأن الغرض
ليس أدانه الجناة، وإنما محاآمة الإسلام والتاريخ العربي.
يتضح جلياً للمطلع على كتاب "المستعبده" أن ثمة ممارسات، واعتداءات، وألفاظ إساءة معينة مقصودة
ومستهدفة، وقضايا "متآكلة" كالرق لوث بها تاريخ السودان، من قبل الكنائس التبشيرية، بجنوب السودان.
من جديد، يُعاد صياغة الرق من قبل لويس دامين ومنده بهذا الكتاب اعتماداً على اتهام عام، دونما إثبات.
فلغة النوبا مثلاً تضطهد، وتمنع في مدارس جبال النوبا، حتى أن التلاميذ هناك يمنعون من مناداة بعضهم
البعض بأسمائهم ويسمون بأسماء عربية!!!  أن لويس دامين لا يفتأ، غضون الكتاب، أن يعيّر كل العرب
والمنتمين إليهم، لأنهم استرقوها، وأساءوا إلى النوبا بأنهم قبيلة بدائية متوحشة، وقذرة، حتى أنه ما من
قيمة، لأن تسمى منده مثلاً، باسمها، فكانت تنادى بلفظ بنت / جارية. يبدو، في نقاط كثيرة متفاوتة بهذا
الكتاب أن تجسيم حادثة ما مهينة أو لفظ إساءة لا يفتأ يتجاوزا شخصاً بعينه إلى آل العرب والسودانيين،
ويخلق منهما قضية برمتها، آالاستعباد، واضطهاد أعراف ونسب القبائل النيلية، واستبدال الإسلام
القسري، للديانات المحلية كما يبدو ذلك في حديث منده مع أبيها. لا يهمنا في هذا المقام الاستدلال على
التقول على العروبة، أو الإسلام، بقدر ما أن ننوه إلى عموم السرد حول قضية حادثة شخصية دونما
دلائل، خسرت بمحكمة إنجليزية. ورد في مقال بمجلة دير شبيقل الألمانية المهمه Der Spiegel
ان الرق في السودان، لم يثبت إلى الآن، سوى في حالات فردية، ملبثة بتصرفات شخصية خاطئة فبدث كقمع مؤسس للدينات المحلية، وآاستعباد محض. ، عكستها وعممتها منظمات  كنسية Evangelisch
لقد طغت "سمعة" جنوب السودان، وغربه في الغرب  كمنطقة استعباد، وتشغيل إجباري دونما أجر، فيما تقلصت
مشاكل أصدق، وأهم من ذلك كالوضع الاقتصادي، البيئي، والاجتماعي بصورته العامة، التي لا تقل فيها
مشاق الشمالي / العربي، عن غيره من الجنوبيين، وأبناء جبال النوبا وغرب السودان. هكذا تجدنا نقرء
من جديد تاريخ السودان المستهدف بالرق، نقرءه بصياغة مُقنّعة، لا تخلو في لبنتها الأساسية من سياسة
الاستعمار الأسبق، والمنظمات الكنسية العاملة بالجنوب، وقتئذ
"ذكر الحاكم العام: (إذا ما اقتنع الزنجي بتعاليم الدين المسيحي فانه سيتحول إلى وغدٍ زنيم وعاطلٍ وسفيهٍ
وماكر، في حين أنه يمكن لنا القول بأن الزنوج سعداء، قانعون وشرفاء على ما هم عليه بطبيعتهم، ولا
يعرفون الرذيلة، وإذا انتشرت المسيحية في بلادهم فإن هذه القبائل ستندثر) "
"ثم برز ما سمِّى بالسياسة الجنوبية ، القائمة على فصل الجنوب الزنجي عن الشمال المسلم - كهدف
استراتيجي - وإلحاقه بإحدى جاراته الأفريقيات، إن أمكن، على أساس أن عوامل الفصل العنصرية
والجغرافية متوفرة، وأن بالإمكان إضافة فارق ديني يجعل الجنوب مسيحياً. وبعد هذا التخطيط أخذت
، الحكومة في تشجيع الإرساليات وتقديم المعونة لها للعمل في أنحاء الجنوب"
"وكان من أخطر التطورات الإدارية في سبيل عزل الجنوب عن الشمال: إصدار قانون المناطق المقفولة،
الذي لم يهدف إلى منع التأثير القادم من الشمال فحسب، بل هدف - أكثر من ذلك - إلى اجتثاث الثقافية
الإسلامية التي كانت موجودة من قبل. فلقد وضع السكرتير الإداري أولويات السياسة نحو الجنوب في:
العودة إلى القوانين والعادات واللهجات القبلية المحلية، ومحاربة الأسماء والعادات وطريقة اللبس العربية،
وذاك بإخلاء الجنوب من الشماليين ومن المسلمين غير العرب - آالفلاتة - وتوطيد لغة للتخاطب، وتشجيع
التجار المسيحيين من الإغريق للعمل في الجنوب. […..] ومن جماع كل ذلك، يتبدى لنا أن تنصير
الجنوب لم يكن لهدف ديني بحت، وإنما كان - أيضاً - لخدمة الاستراتيجية الاستعمارية"
"وكان أن وجَّهت الإرساليات مناهج التعليم إلى منحى يشيع كراهية الإسلام والمسلمين. فالكتب المدرسية
حوت سباُ للإسلام، واتهاماً للنبي صلى الله عليه وسلم بالكذب وقطع الطرق وسفك الدماء، وأن الإسلام
دين احتقار واضطهادٍ لغير العرب والمسلمين، […..] ويذكر الدرديرى محمد عثمان، أته كان في مهمةٍ
تعليمية في الجنوب، فقابل أحداً من الجنوبيين أشار إلى شجرة كبيرةٍ، ثم قال له (إن الإنجليز أفهموهم أن
تلك الشجرة، كانت سجناً يُحجز تحته المسْتَرَقٌين الذين كان يأخذهم الزبير باشا وآكركساوى لبيعهم في
الشمال). وكانت الشجرة تجد عنايةً خاصةً لإذكاء تلك الذكرى البغيضة."
"لقد انحصرت أهداف التعليم في تثبيت فكرة أن المسيحية هي الدين الأرقى، وأن الإنجليزية هي اللغة
الأجمل، فكان يُمنع حتى التكلم باللغة العربية في المدرسة. وبينما كانت السياسيات التعليمية في الشمال
تهدف إلى توفير الموظفين للحكومة، وكان هدف التعليم في الجنوب منحصراً في نشر المسيحية والحد من
انتشار الإسلام، فزاد ذلك في التباين بين شقي القطر. […..] غير أن الكنيسة استطاعت خلق نخبة متعلمة
تجاوزت الثقافة المحلية واكتسبت القيم الغربية في تدينها وطريقة لبسها ولغتها، وتمسكت بالمسيحية لأنها
منحتها هوية ثقافية تميزها عن تلك الشمالية الإسلامية. فلقد كانت، الكنسية، في تجنيدها، تنتقى بعض
الأفراد وتعمدهم، فتخرجهم بذلك من ثقافاتهم القبلية المحلية، ليصبحوا أكثر احتكاكاً بالقساوسة واكثر تأثراً
بهم في سلوكهم السياسي، ولقد زاد ذلك من تغريبهم وابتعادهم عن الموروث المحلى."
إن السودانيين يدركون تماماً عبر التاريخ الاستعماري للسودان مأساة الرق ودور الإسلام في المقابل
لتحريرالفرد  والمعاملة الحسنة مع آلكل   بغض النظر عن لونه ومعتقده.
"ساوى الإسلام بين الناس على اختلاف أجناسهم، فساوى بين الأبيض والأسود، والبدوي والمتحضر،
والحاكم والمحكوم، وبين الرجال والنساء، آكما ساوى اليهود والنصارى بالمسلمين ما داموا في سلم
معهم" 1 رغم ما قدمه الإسلام لتحرير الرق إلا أن الغرب ظل يوقظ هذه القضية ما عدا أجهزة قلية منه
وبعض كتابه
"وقد وصف المستشرق (فان دنبرغ) معاملة الإسلام للرقيق في هذه العبارة: (لقد وضعت للرقيق في
الإسلام قواعد كثيرة تدل على ما كان ينطوي عليه محمد وأتباعه من الشعور الإنساني النبيل." 1
أن "النزاع العرقي" المدعى تأقلمه، وتواجده بالسودان، من قبل الأعلام الغربي، ما هو إلا نتاج نزاعات
اقتصادية، استفاد منها الغرب، عبر أعلامه عبر الانشقاق الداخلي في السودان بإقامة سوق اقتصادي بديل يتيح
له مصلحته الاقتصادية، فالمصادر الغير متجددة (آالبترول) مثلاً بغرب السودان، وجنوبه أثر الغرب آما
يبدو نيل حصته منها والتدخل في سياسة السودان الداخلية بادعائه لتفشي التصفية العرقية بالسودان،
والأسلمة الإجبارية، وتعريب الهوية.
لا يمكن اعتبار قضية الرق المرتبطة في أغلب الأحيان (بالجنجويد / المليشيات المسلحة) لشن الغارات
ظاهرة عامة، بكل بقاع السودان، كما رمز إلى ذلك لويس دامين، إذ أن غارات كتلك موسومة بالنهب
والسلب المسلح، تقتضي تمحيص النظر فيها، والتصدي لها. بالاعتراف بحرية الرأي، وحقوق الإنسان،
والمساواة العادلة في الموارد الاقتصادية، والتنمية المتكافئة في أصقاع السودان.
لقد كان عام 1980 مثلاً بفترة الحكم العسكري السابق بالسودان وفي مرحلة النزاع بين هبري وجكوني
بتشاد عاماً خصباُ لتوافد القبائل التشادية إلى غرب السودان حيث المياه والمراعي فنشأ  صراعا مع
قبائل غرب السودان على الموارد الطبيعية لا يقل فيها التشاحن العرقي عن المصلحة الاقتصادية هذا إلى
اشتداد تسليح هذه القبائل بفترة الديمقراطية الثالثة في السودان لضعف المراقبة العسكرية والأمنية بتلك
المنطقة. إن الأزمة الحالية في دارفور وجبال النوبا من قبل تقوم بالضرورة على تدخل القبائل النازحة من
تشاد عبر الحدود المفتوحة هذا إلى جانب النزاع الاقتصادي القائم أصلاُ بين قبائل الزرقة والعرب بغرب
السودان.

المراجع:
1 تاريخ الإسلام لمحمد حسن إبراهيم
2 مقتطفات من آتاب البعد الديني للدكتور البوني

 

آراء