بسمه …. بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم

 


 

 

اجتمع نفر كريم من الأكاديميين العاملين ببعض الجامعات السودانية ( النيلين، أفريقيا العالمية ، ام درمان الإسلامية دون أي صفة رسمية او تمثيل لأساتذة تلك الجامعات و انما بصفتهم الشخصية و كزملاء عمل و أصدقاء تجمع بينهم قواسم مشتركة ، ذلك تجنبا للالتباس أو التبرم من قبل أي شخص او جهة ما) ، ما يعني اجتمع بعض الأساتذة الجامعيين  المقيمين في السودان المكتوين بنيرانه الذين يمارسون عملهم وسط المعاناة العامة و الخاصة، اجتمعوا في جلسة عادية تفاكروا في الشأن الخاص بهم و في الشأن العام . كان مجتمعنا هذا من المختصين في علم الاقتصاد بالتحديد فمن الطبيعي ان يتناول الحديث قضايا مثل ارتفاع الاسعار الذي حول حياة الناس الي جحيم لا يطاق ، يفوق في حرارته غيظ الظهيرة و في قتامة موجات الغبار التي تغطي سماء الخرطوم و مساحات واسعة اخري من البلاد، كما ناقشوا انخفاض سعر صرف الجنيه السوداني ، أسبابه و ما يمكن ان يكون عليه في المستقبل، عرجوا علي استحقاقات الاستفتاء الخاص بتقرير المصير للجنوب و ابيي و مدي تأثيره علي الإيرادات العامة و انعكاس ذلك علي الإنفاق الحكومي و بالتالي علي الحياة العامة و علي قدرة القطاع الخاص في الأداء و تسأل احد الأساتذة  عن ماهية الحل في حال ان فقد السودان إيرادات النفط؟ لم يكن السؤال خوفا من فقدان الإيرادات العامة من البترول في حد ذاتها و انما المعني ابعد من ذلك ، أي كيف ستتصرف الحكومة من اجل القيام بوظائفها ؟ و كيف ستتعامل مع المواطنين خاصة من حيث الضرائب و الرسوم التي استنفدت كل طاقة متاحة وفقا للقدرات الإنتاجية و الاستهلاكية ذات العلاقة بالمتغيرات الاقتصادية المفهومة؟ جاء ذلك في سياق الحديث عن القدرة الاقتصادية للبلاد و الموقف المالي للدولة، مواردها و احتياطياتها و ما تواجهه من تحديات و مستحقات واجبة الوفاء، تم تناول الحقوق و كفاية المرتبات و الأجور و المعاشات و استحقاقات ما بعد الخدمة و التفاوت الكبير في ( المستحقات ، اذا جازت التسمية ) الخاصة بالعمل بين مختلف فئات العاملين بالدولة ، بل و بأصحاب المهنة الواحدة. في هذا المقام تم تناول الحديث عدد من المفارقات ، التي أصبحت مضربا للأمثال ، و التي لا يمكن ان تكون الا ابتكارات سودانية بحتة ، جديدة ، لكنها لا تحمل أي صفة حميدة من صفات الابتكار و التجديد و الاستحداث. تناول الحديث أيضا واحدا من أهم أحداث الساعة : إضراب الأطباء و ضربهم و (رفدهم) و تسربهم الي الخارج و تم التعبير بخوف من العواقب التي قد تكون في شكل هوة كبيرة في المهنة تحتاج الي جيل كامل حتي يمكن ردمها. كان الحديث يدور حول المسئولية الاجتماعية العامة و الحرص علي مستقبل البلاد و تماسكها و كان للناس بالطبع أراء مختلفة لكن ساد التوافق حول (السمات العامة ) ، بحكم اننا جميعا في الهم "بلد".

فجأة تم الانتباه الي ان الناس غارقون في جو من الكآبة و الحزن و الإحباط و القبح و التشاؤم فجاء الاقتراح بان يتم التحول الي جو مرح تسود فيه الابتسامة و كسر القبح و الإحباط و ضعف الأمل في تحسن الأحول و الخوف من المستقبل، تم الاتفاق اذن علي الذهاب مباشرة في العلاقة مع بعضنا البعض الي كسر كل تلك الأشياء بما روي عن رسول الله صلي الله عليه و سلم بان ( .. و تبسمك في وجه أخيك صدقة) ،.

علي ذلك تم الاتفاق بان تكون الابتسامة هي فاتحة اللقاء دائما و ان يتم البحث عن كا ما يمكن ان يدخل البهجة و الفرح و التفاؤل و الجمال وسط هذا الواقع الذي اقل ما يمكن ان يوصف به هو ( الصعب). هكذا ولدت لدينا فكرة تكوين جمعية يتم إطلاق مسمي (بسمة ) عليها. في ذلك اتفق كل من بروفيسر عصام بوب ، بروفيسر سعد الدين عبد الحي ، دكتور هاشم حسين ، د. محمد عبد القادر، د. حافظ إبراهيم و شخصي و عدد غير قليل من أبنائنا و بناتنا ، طلابنا السابقين ، الذين شبوا عن الطوق و صاروا أساتذة يحملون درجة الدكتوراه . من هنا ستكون انطلاقتنا نحو تكوين الجمعية التي نتمني ان تري النور قريبا و ان تقدم الأمل لعدد كبير من السودانيين خاصة العاملين في المجال الأكاديمي ، طلاب الدراسات العليا و كل المهتمين بموضوع الأمل و الابتسام و هزيمة الكآبة و القبح و الكثير غيرها من الظواهر التي تدفع نحو الاكتئاب ، هذا المرض الذي لم يكن معروفا في السودان من قبل و صار متفشيا سريع الانتشار مع قلة الاهتمام به و ندرة المختصين في علاجه.

 ربما يلاحظ شخص ما ان هذه التسمية لا تليق بوسط مثل الذي تحدثنا عنه و انها تعاني من خفة الوزن ، لكن ذلك التصور راجع ، في رأينا الي التجهم و الكآبة والحالة السائدة في رد كل ما هو جميل و ايجابي في المناخ السائد اليوم و الذي يسيطر عليه صناع الأزمات و صائدي الجوائز و جامعي المال من صحة الناس و تعليمهم و رفاهيتهم و سعادتهم و نحن نريد ان نضيق المجال علي ال ( Money Collectors)  ، الذين أصبحوا يزحفون كل يوم نحو مساحات جديدة بمعدلات أسرع من الزحف الصحراوي في بلادنا. غرضنا هو حماية أنفسنا و محيطنا و المساهمة بشكل بسيط في الصحة النفسية للذين نتعامل معهم ، و في ذلك تدخل العديد من الجوانب الاقتصادية ، الثقافية و الاجتماعية. الأهداف ، السمات و الملامح العامة للجمعية سيتم الاتفاق عليها بعد ان نجمع العدد الكافي ( النصاب ) المطلوب لتكوين "جمعية" ، وفقا لما تنص عليه القوانين المنظمة لذلك. عندما طرحت الفكرة علي صديق ( إبراهيم عز الدين) لاحظ ان من مهام هذه الجمعية يجب ان يكون " محاربة الغباء" ، لان ، حسب رأيه ان الأغبياء لا يضحكون و لا يتمتعون بروح الفكاهة و المرح , و لم ينسي ان يعتز بربطابيته و ان هناك ارتباط بين حبهم "للنكتة" و الذكاء الذي يتمتعون به ، له حق في ذلك.  كل من اقتنع بالفكرة و طابت له المشاركة فيها عليه ان يجد أي من الذين تمت الإشارة إليهم في هذا المقال.  فلتعلو وجوهكم الابتسامة و ليصحبكم الأمل في حياتكم أينما ما ذهبتم و ان تعيشوا سعداء أينما كنتم.

 

Dr.Hassan.

hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]

 

آراء