بين الاتفاق الإطاري ومؤتمر باريس الثاني

 


 

 

د. أحمد جمعة صديق

كان "الاتفاق الإطاري" سيتم توقيعه بين الشق العسكري في مجلس السيادة وقوى إعلان الحرية والتغيير (ق ح ت) يهدف إلى حل الأزمة السياسية في السودان وإعادة الحكم المدني. وقد احتوى أطراً هي المبادئ العامة التي تضمنت ترسيخ مبدأ العدالة والمحاسبة وآليات العدالة الانتقالية لوضع حد لظاهرة الافلات من العقاب. ويؤكد على جيش مهني واحد ملتزم بالعقيدة العسكرية الموحدة. كما كان يسعى لإقامة سلطة مدنية بالكامل دون مشاركة القوات النظامية.
وتطرق الاتفاق الى هياكل السلطة الانتقالية حيث تضمن مستوى سيادي مدني محدود يمثل رأس الدولة ورمز السيادة. كما شمل مستوى تنفيذي يرأسه رئيس وزراء مدني يتم اختياره من قبل قوى الثورة الموقعة على الاتفاق.وتضمن مجلساً تشريعياً وآخر للأمن والدفاع.
كما حدد الاتفاق الفترة الانتقالية بمدة عامين منذ تعيين رئيس الوزراء ويتم اختيار رئيس وزراء انتقالي من قبل قوى الثورة الموقعة على الاتفاق.وتشمل الإصلاحات المطلوبة إطلاق عملية شاملة لصناعة الدستور.وتنظيم عملية انتخابية شاملة بنهاية الفترة الانتقالية وإصلاح الأجهزة النظامية وتحديد مهامها.
بالاضافة الى إزالة تمكين نظام المعزول واسترداد الأموال والأصول المتحصل عليها بطرق غير مشروعة. كما اطر الاتفاق الى إصلاح القانون والأجهزة العدلية وبهذا فان هذا الاتفاق كان سيمهد لإنهاء الأزمة السودانية وتحقيق الاستقرار والديمقراطية في السودان وتكوين الدولة المدنية .
واتفاق بهذه البنود البسيطة والواضحة هو الذي دعى أحد الاطراف المتصارعة وهو الدعم السريع أن يبادر بالتوقيع على الاتفاق فوراً. وكان المتوقع ان يلحق الجيش بالتوقيع على البرتكول والذي لا نشك في انه مولود سوداني المولد والملامح. ولكن نكث الجيش على عهده. وتكشف تماماً – لحظتها - أن الجيش لا يملك ارادة وادارة امره تماماً وان الكيزان يسيطرون تماماً على مفاصل الجيش.
والاتفاق الاطاري وثيقة في رأي المتواضع قد قننت واصلّت العلاقة المستقبلية بين الجيش والدولة، وبالتالي بين الجيش والشعب. وفي رأي ان الأتفاق الاطاري لو سار على ما كان مخطط له لمهد لاعمال مصالحات ومعالجات كثيرة ربما كانت ستؤدي الى تفريغ الاحتقان والغبن الذي ملأ نفوس الناس من مؤسساته العسكرية والعدلية.
والسؤال لماذا بادر الكيزان لافساد هذا الاتفاق؟ الاجابة ببساطة انه كان نقطة مضيئة في نجاح الدبلوماسية السودانية الشعبية المدنية ان تثبت ان السودانيين قادرون على تفصيل وانتاج ما يناسب طقسهم من (ملابس) صيفية أو شتوية. والحقيقية الثانية أن الكيزان قد ادركوا با هذا الاتفاق سيكون لحظة فاصلة في تاريخ السودان الحديث اذ سيؤرخ لميلاد الدولة المدنية السودانية المختطفة منذ الاستقلال وهزيمة المشروع الكيزاني للأبد. اذن لا غرابة ان يصرح قادتهم بان توقيع هذا الاتفاق لن يتم الا على جثثهم. وهي صراحة هي اقصى درجات الوقاحة. والنتيجة افتعال المعركة بمهاجمة الدعم السريع للقضاء عليه كما كانوا يتوهمون في ايام معدودة، ثم يتفرغوا لتصفية الكادر المدني والعودة الى السلطة.
الاتفاق الاطاري في راي هو (الماجنا كارتا) السودانية وقد كان كفيل بوضع الاساس للسياسة السودانية كخارطة طريق واضحة المعالم لارساء قواعد الدولة المدنية التي رفع الشعب شعاراتها في المليونيات التي كانت تغطي وجه الشمس.
والآن تتكرر الهجمة الشرسة نفسها على نتائج مؤتمر باريس. والمؤتمر كما يعلم الجميع كان مؤتمراً مطلبياً لطلب إغاثات عاجلة لشعب السودان ولم يكن مؤتمراً سياسياً ليستدعى هذا العداء الرسمي من حكومة الامر الواقع في السودان.
كان المؤتمر ببساطة يسعى لجمع تبرعات لانقاذ الشعب السوداني من هلاك وجيز وهو أمر كانت الدولة السودانية نفسها أولى بالقيام به. وهو مشروع فشلت فيه تماماً كفشل الجيش في القيام بمهامه الدستورية في حماية الارض والعرض. وانطبق المثل ( لا بجدع ولا بجيب الحجار) وسيكون حال دولتنا مثل حال من (جو يساعدوه في دفن ابوه، دس المحافير).
لقد كان مؤتمر باريس أيضاً علامة أخرى مضيئة في نجاح الدبلوماسية الشعبية السودانية في تجاوز كل العراقيل التي تضعها حكومة الامر الواقع، لتستطيع مخاطبة العالم وعكس قضايا شعبنا الموتور.
التحية لكل من وضع لبنة من أجل البناء والتحية ل(تقدم وقحت) والتحية لرئيس الوزراء عبد اله حمدوك- الذي تدرع المهمة من غير من على بلده واهله.

كسره،،،
• لم لا يباشر (حمدوك) اعماله كرئيس للوزراء فهو لا زال الرئيس الشرعي في السودان؟؟؟
• لم لا يستدعى (حمدوك) مجلس وزرائه وتكوين حكومة (منفى) تخاطب العالم باسم السودان؟


aahmedgumaa@yahoo.com

 

آراء