تفكيك السلطة القضائية السودانية الفاسدة (22)

 


 

 

ushari@outlook.com

القاضية آسيا بابكر مختار

... أولا،

الكتابة عن التجربة الشخصية

(1)

الاقتراب من محل حركيات الفساد القضائي

يظل الأمر متعلقا بالفساد في السلطة القضائية السودانية. لا يغير من ذلك أن أكثر البينات تأتي من تجربتي الشخصية الفردية في المحاكم. فالكتابة عن التجربة الشخصية تتيح التعرف عن كثب على إجرام القضاة الفاسدين، وتمكن الباحث من سبر غور اهتراء أخلاقهم، ومن الإمساك بحد فسوقهم القضائي.

كذلك تضمن التجربة الشخصية أن لا يكون الحديث عن الفساد القضائي معمما. أو مجردا، بعيدا عن الأثر الإنساني على الضحايا. فقد مكنتني الكتابة عن تجربتي الشخصية من الإدراك العميق لفظاعة مآسي الفساد القضائي. المآسي التي يتعرض لها آخرون. لم تكن متاحة لهم مثلي القدرات العلمية لتحليل طبيعة الفساد القضائي ولفهم كيفية دورانه. أو القدرات لأخذ حقهم، بالكتابة، من القضاة الفاسدين المحميين من المحاسبية. وهذا ما أفعله. آخذ حقي بالكتابة. بعد أن استنفذت جميع الوسائل الأخرى في السودان. أتعلم باستزادة العلم عن كيف يدور الفساد القضائي. وأقدم إسهامي في العمل العام لمقاومة عصابات الفساد القضائي.

كذلك قد يعين التحليل، وأدراك دلالات التجربة الشخصية مع فساد القضاة، وعملية الكتابة ذاتها، على التعافي. من الآثار النفسية التي أعيشها بسبب فساد قضاة محددين أعرفهم بأسمائهم، منهم هذه القاضية آسيا، وبسبب فساد المحاميين علي أحمد السيد وإيمان المك.

(2)

العدوان القضائي وآثاره

هنالك متقاضون، نساء ورجال. يعتدي عليهم قضاة فاسدون سرقة قطاع طرق مرابطون في المحاكم. يعتدون عليهم يوميا. يعذبونهم. ويفقرونهم. ويسرقون أطفالهم يبيعونهم لغير المستحقين. قضاة يبتزون المتقاضيات لتقديم الخدمات الجنسية لقاء الحكم بالحقوق حول الأطفال. أو هم القضاة كذلك يتحصلون على الجنس لقاء الحكم بالقرار الفاسد المرغوب. يفاصلون في الرشوة المالية عبر المحامي السمسار. يتسببون في موت ضحاياهم. يقترفون جرائم الكذب والتزوير واختلاق البينة والاحتيال. ثم يتصنعون التقوى.

(3)

إخضاع المحاكم للتحقيق الاثنوجرافي

أغسطس 2007. في محكمة رئيسة العصابة الإجرامية، القاضية كوثر عوض عبد الرحمن، بالديوم الشرقية. ما أن كنتُ أدركت المؤشرات الأولية لاستهدافي شخصيا، ولاستهداف ابنتي، بفساد هذه القاضية المشرفة، وبفساد المحاميين علي أحمد السيد وإيمان المك، حتى قررت مباشرة إخضاع تلك المحكمة للتحقيق. وتمكنت من القبض على القاضية متلبسة بالجريمة هي والمحاميين علي أحمد السيد وإيمان المك. المقالات آتية. ومن إثبات إجرام ثلاثتهم.

وكذا أخصعت للتحقيق المحاكم الأخرى التي مثَّلت نفسي أمامها، مثل محكمة حلة كوكو (القاضي الفاسد عثمان عطا المنان، مقاله آت)، ومحكمة الاستئناف بالخرطوم، والمحكمة القومية العليا، والمكاتب المتخصصة في القضائية السودانية. فتمخضت عن ذلك نظريتي عن الفساد القضائي التي عرضت مكوناتها في المقالات التي نشرتها من قبل في هذه السلسلة في سودانايل، عن تفكيك السلطة القضائية السودانية الفاسدة.

(4)

قضية السفر بالطفل المحضون

أستخدم في هذا المقال ذات تجربتي الشخصية في المحاكم. لأعرض لكيفية دوران الفساد القضائي  بشأن قضية السفر بالمحضون. إحدى  أكثر القضايا تعقيدا في سياق علاقات ما بعد الطلاق بين الأزواج، وبعد حسم مسألة حضانة الأطفال. فبعد أن يكون تم تحديد من تؤول إليه الحضانة، وفق فقه أبي حنيفة، ويحاول هذا الطرف الحاضن، الأم أو الأب أو غيرهما، الانتقال إلى منطقة أخرى داخل الدولة أو عبر حدودها، تبدأ المشكلات المؤرِّقة. فيما يتعلق بحق الوالد غير الحاضن، الأم أو الأب. حقه في الرؤية بالزيارة والاستصحاب. وأحيانا الحق في المشاركة في رعاية الطفل وتعهده. وهو الحق الذي يتأثر بالانتقال بالمحضون إلى منطقة أو دولة أخرى.

مشكلة يحبها القضاة الفاسدون. لأنها مطياعة للإفساد. تخضع للسلطة التقديرية المبهمة لدى القاضي. مثل القاضي أزهري شرشاب (فاسد، ربما يكون قابعا في الإمارات). ومثل القاضية الفاسدة آسيا بابكر مختار. في معية عضوي العصابة. الرئيسة، المعلمة التي تُعرِّف الفساد ذاته، القاضية  فادية أحمد عبد القادر كريم الدين. والقاضي آدم محمد أحمد إبراهيم. الذي تمت ترقيته مع آسيا إلى المحكمة العليا.

تعريف الفساد القضائي

لا أستخدم التعبيرات من الجذر فـ سـ د بطريقة مجانية. فكلما وصفت قاضيا باسمه بأنه فاسد، تكون عندي البينة المادية الكافية المقنعة بأنه كذلك فاسد. وفق تعريفي للفساد القاضي بأنه "الكتابة الاحتيالية المُتَدبَّرة لنص القرار القضائي":  (1) بأفعال الانحراف عن القانون: كرفض تطبيق القانون الواجب التطبيق على وقائع القضية؛ وتعمد استخدام المواد القانونية الخطأ؛ وتعمد التأطير القانوني غير الصحيح للقضية قيد النظر؛ وتزوير نصوص ودلالات المواد القانونية والسوابق القضائية؛ وتصنع عدم العلم بالقانون.

(2) بأفعال الخداع: باستهداف الوقائع بالكذب، والتزوير، والاختلاق، وطمس الوقائع الجوهرية، وتشويه الوقائع، وباستبعاد الوقائع الحاكمة.

(3) بأفعال التدليس، لإخفاء أفعال الانحراف وأفعال الخداع أعلاه. بتثبيت المغالطات في نص القرار؛  وإعمال الركة في اللغة والثرثرة ونشر الهراء؛ وبخرق قواعد التسبيب المنطقي. وكذا، بذات أفعال الخداع.

إن نص القرار القضائي هو مسرح جريمة القاضي الفاسد. ما أن يتم الإثبات بأن القاضي استخدم في نص القرار أفعال الانحراف عن القانون، مصحوبة بأفعال الخداع والتدليس، يكون القرار القضائي فاسدا، ويكون صاحبه القاضي فاسدا، كقاض وكشخص.

معروف أن القاضي غير مسائل عن الخطأ القانوني غير المقصود. لكن، ما أن يتم إثبات الخداع أو التدليس يصبح كل خطأ قانوني مقصودا، فتكتمل منظومة الفساد الثلاثية (الانحراف القانوني، الخداع، التدليس).

كذلك يفسد القضاة خارج القرار القضائي، في وظائفهم غير القضائية الصرفة، كالوظائف الإدارية والإجرائية. مثل ما كان يفعل القاضي أزهري شرشاب. قاض محتال ألقيت القبض عليه وقد عدل محضر التحقيق القضائي خارج الجلسة لصالح خصومي. أجبرته على أن يعيد صاغرا كتابة السطر المحوري الذي كان شطبه بالدس خارج الجلسة. انصاع شرشاب لطلبي. لأنه كان تم اختياره للإعارة قاضيا في الإمارات وما كان يريد فضيحة إضافية تهدد مخططه للإثراء بالفساد في محاكم الإمارات. فاسد في محاكم السودان كذلك فاسد بالضرورة في محاكم الإمارات. فساده هنا ليس فسادا قضائيا، بل فساد عام.

... أستخدم قضية السفر بالمحضون، أو هي قضية الانتقال بالمحضون، لأبين عمليات الفساد القضائي كيف تدور في مثل هذه القضية التي تواجه عددا مقدرا من النساء والرجال. ولأُثْبت فساد القاضية آسيا بابكر مختار.

هذه القاضية، يجب وضعها تحت المجهر، وتخريب مشروعاتها للعدوان على المتقاضين. بتفكيك كل قرار قضائي تصدره. مما هو عمل الحركيين الشباب من طلاب القانون في الجامعات السودانية. والمحامين الشباب النزيهين. وهو أيضا من مهام المساعدين القضائيين الذين يرجى أن يستخدموا مواقعهم داخل القضائية الفاسدة لتوثيق فساد القضاة، وتوثيق فساد زملائهم من المساعدين القضائيين الذين يقبلون عضوية العصابات القضائية.

فتاريخ السودان لم ينته، وحياة السودان لم تنته. والمحاسبة آتية.

... ثانيا،

البداية في محكمة الموضوع

(1)

القاضي الفاسد أزهري شرشاب وقرار الحظر من السفر

في يوم في شهر أبريل 2008، تقدم المحاميان علي أحمد السيد وإيمان المك، نيابة عن نجلاء عبد الحفيظ الرفاعي، في سياق طلاقنا البائن، بعريضة طلب إجراءات تحفظية لحظر ابنتنا من  السفر معي إلى أمريكا. في سياق قضية للزيارة والاستصحاب رفعتها نجلاء ضدي. في المحكمة العامة للأحوال الشخصية. لدى القاضي أزهري شرشاب.

فتقدمتُ بطلب إلى القاضي شرشاب أن يسمح لي بالسفر بابنتي إلى أمريكا للالتحاق بجامعة كورنيل كباحث زائر. وبينت للمحكمة استعدادي لتقديم "كافة الوثائق والبيانات الضرورية" لنجلاء. لكي تعرف "مكان ابنتها من حيث سكنها ومدرستها وحركتها" في أمريكا. والتزمت بإحضار البنت إلى السودان مرة واحدة خلال عامي في أمريكا. وكذا التزمت بأن أقدم لنجلاء تذكرة سفر مفتوحة من السودان لأمريكا لتتمكن من زيارة ابنتها في وقت ثان خلال العام يتفق عليه. كله مكتوب لدى المحكمة.

لكن نجلاء رفضته كله، وأصرت على موقفها.

فأصدر القاضي أزهري شرشاب قرارا بحظر ابنتي من السفر معي خارج السودان.

(2)

الواقعة الجوهرية عن الحضانة القانونية النهائية

كانت ابنتنا، حينئذ في الثانية عشر، في حضانتي القانونية بقرارات من محاكم الإمارات، موضوعا، واستئنافا، وتمييزا. بعد نزع الحضانة من الأم. جرَّته نجلاء على نفسها حين اختارت الخصومة بالمحكمة وبالمحامي بديلا للصلح ولعرضي لها "الحضانة المشتركة". 

كنت أقيم مع البنت في الخرطوم. بينما كانت نجلاء أم الطفلة مقيمة تعمل في دولة الإمارات.

نجلاء حضرت خصيصا من الإمارات لترفع هذه القضية المزدوجة ضدي. مباشرة بعد أن قضت المحكمة العليا، بعد عام من الجري بين المحاكم والمكاتب والانتظار، بإلغاء قرار الحظر من السفر الذي كانت تحصلت عليه بالرشوة أمها نفيسة زلفو وزوج نفيسة، عبد الحفيظ، من القاضية كوثر عوض عبد الرحمن.

ذاته القرار الذي كانت القاضية آسيا بابكر مختار، موضوع هذا المقال، شاركت زميليها القاضيين آدم محمد أحمد إبراهيم وفادية أحمد عبد القادر في تأييده بأنه كان قرارا "سليما". موضوع مقالي السابق رقم 21 في سودانايل.

(3)

العقيد الركن إبراهيم محمد إبراهيم، الضابط المستأجر

ما كنت مصرا على السفر لأمريكا. لكني كنت أريد الخروج من السودان لأن نجلاء وأمها نفيسة وزوج نفيسة عبد الحفيظ استأجروا العقيد الركن إبراهيم محمد إبراهيم، الضابط في القوات المسلحة، لاغتيالي في بيتي. وهو حاول لكنه اضطرب وفشل وهرب. تم التعرف لاحقا على هويته وتم استدراجه ثم مثوله أمام لجنة عليا للتحقيق من قبل رئاسة القوات البرية وإحالته إلى القضاء العسكري. انتهي الأمر بتلاعب القاضي العسكري بحيثيات التحقيق، وبترقية إبراهيم إلى رتبة عميد.

...

ثالثا،

محكمة الاستئناف حيث القاضية آسيا

(1)

التقدم بالطعن وشطبه إيجازيا

تقدمتُ بالطعن لدى محكمة الاستئناف ضد قرار القاضي أزهري شرشاب. بينتُ للمحكمة الأسباب القانونية والموضوعية والإجرائية التي تعيب قرار القاضي أزهري شرشاب. أن القانون الصحيح يدفع لصالحي.

ودفعتُ بأن نجلاء عبد الحفيظ الرفاعي، أم الطفلة، لا تقيم أصلا في السودان. بل تقيم وتعمل في دولة أجنبية، الإمارات. مما كان كافيا، على استقلال، لرفض طلبها لحظر البنت من السفر. وبيَّنت أن القاضي شرشاب فاسد، وفق ما قدمته من أدلة دامغة ضده.

كذلك ذكرت لمحكمة الاستئناف عرضي السخي لنجلاء عن استعدادي للعودة بالبنت مرة خلال العام إلى السودان. وتقديم قيمة تذكرة طائرة لها أدعوها أن تأتي لأمريكا لرؤية ابنتها.

فقررت القاضية آسيا، في معية زميليها آدم وفادية، رفض طعني. وشطبوه إيجازيا. مما قضى ببساطة أن عليَّ أن لا أغادر السودان قيد أنملة. فقط لكي تتحصل نجلاء الرفاعي على متعة الرؤية في أي وقت في العام تختاره للحضور إلى السودان من مكان إقامتها وعملها في دولة الإمارات. 

فكيف كان ذلك ممكنا؟

(2)

التكييف القانوني الاحتيالي للقضية

حدد القضاة الثلاثة المرتشون، وهم أعضاء عصابة إجرامية بقيادة القاضية فادية، أن تكتب القاضية آسيا الرأي المعبِّر عن رغبة العصابة في تلفيق القرار. ليس فقط للرشوة المقدرة من المحاميين ممثلي نجلاء، ولكن كذلك لتأديب عشاري ولإيقافه عند حده. حيث لم تشهد هذه العصابة في محكمة الاستئناف شخصا لاحقها بهذه الضراوة مثلما كان يفعل هذا الغرباوي. فالأبعاد العنصرية كانت حاضرة، بالإضافة إلى التحامل بسبب الرأي السياسي إزاء الإسلاميين وبرنامجهم.

ابتدرتْ القاضيةُ آسيا الكتابةَ الاحتيالية بأن أطَّرت الموضوع بأنه قضية "زيارة محضون"، لا قضية "سفر بالمحضون". وهما أمران منفصلان في القانون، كل بمواده القانونية، وإن كان السفر بالمحضون يؤثر على الزيارة.

فلأن الزيارة محمولة دائما على أن الوالد الآخر لا يحرم منها إطلاقا، قررت القاضية آسيا أن تُكيِّف القضية في حدود هذا الإطار، بالاحتيال.   فالتأطير الاحتيالي لموضوع التقاضي من الخدع الشريرة التي يعتمدها القاضي الفاسد. يعرف أن تلك الخدعة إن تم اكتشافها سيتم تبريرها بسهولة من قبل قاض آخر زميل على أنها كانت "خطأ قانونيا غير مقصود".

قالت القاضية آسيا في تسبيبها لرأيها القضائي:

"فزيارة أحد الوالدين حق كفلته الشريعة والقانون وفقا لنص المادة 123/أ من قانون الأحوال الشخصية لسنة 1991. متى كان الولد عند أحد الأبوين فلا يمنع الآخر من زيارته وتعهده."

هكذا غيرت القاضية آسيا موضوع القضية من نزاع حول كيفية تنفيذ الزيارة المعترَف بها من قبل عشاري، إلى موضوع يفهم منه منع عشاري لنجلاء الأم من زيارة ابنتها وتعهدها. ولم يكن هنالك حق "تعهد" لنجلاء المقيمة في دولة أجنبية وغير مسؤولة عن أي شيء يتعلق بالطفلة.

(3)

القاضية تكذب عن وجود سابقة قضائية تدعم قرارها

بعد أن أطَّرت القاضية آسيا النزاع في ذلك الإطار غير الصحيح، وأتت بالمادة القانونية الخطأ، أرادت دعم التأطير وتعضيده بسابقة قضائية مزورة. فواصلت الكتابة الاحتيالية بالقول التسبيبي:

"وذلك لما جاء في قرار النقض 43/1973 مجلة الأحكام القضائية لسنة 1973...".

دون أن تكون هنالك أية علاقة للنزاع قيد النظر، من قريب أو من بعيد، بهذه السابقة. مما ستؤيدني فيه المحكمة العليا التي ستوبخ القاضية على هذا الاحتيال بالسابقة، وتلغي القرار الفاسد ذاته.

ولأن آسيا كانت تعرف أنها تقترف الاحتيال والتزوير بشأن السابقة القضائية، لم تشرح وجه القياس بين السابقة القضائية، من جهة، ووضعية القضية قيد النظر، من جهة أخرى.

ثم قفزت القاضية آسيا إلى النتيجة التي كانت خططت لها مع المحامي الفاسد علي أحمد السيد:

"فإن سفر المستأنف بالمحضونة يمنع المستأنف ضدها من الحق في زيارة المحضونة".

(4)

تركيب الركة في اللغة لأغراض التدليس

دغمست القاضية اللغة العربية. وركبت فيها الرِّكة لتكون العبارات غير مفهومة. ولتظهر اللغة وكأنها تؤيد النقاط التي أثارتها القاضية أو تؤيد النقاط تلك التي تلغيها القاضية. في سياق الاحتيال بالكتابة.

وهذه خدعة تفرض بها القاضية على القارئ أن يركز على العبارات الأكثر بروزا، والتي تعطي بالخبث معنى مرغوبا ما. مثل عبارة "إذا كان السفر إلى بلد يمكن للمستأنف ضدها أن تقوم بزيارة المحضونة". فالافتراض الخفي المزلق هو أن السفر ليس إلى بلد يمكن لنجلاء أن تقوم بزيارته.

وعبارة "وإن المحضونة يمكن أن تجد أفضل فرص التعليم ببلدها". بالافتراض المخفي أن الأفضل في السودان هو بالمقارنة بالتعليم في أمريكا!

ومن بعد، انتهت القاضية إلى النتيجة المدمرة لطعني، مستخدمة الكتابة الاحتيالية ذات الركة المقصودة:

"أما بالنسبة لتمكين المستأنف ضدها وزيارتها للمحضونة في العام مرة واحدة فهذا الأمر ليس باليسير كما أن المستأنف ضدها وزيارتها للمحضونة في العام مرة واحدة هذا أمر غير مقبول."

ثم مضت القاضية إلى الضربة النهائية:

"وعليه أرى إذا وافق الزملاء في الدائرة تأييد قرار محكمة الموضوع وشطب الاستئناف إيجازيا برسومه ...".

"الزملاء"، عضوا العصابة، آدم وفادية، وافقا على الشطب الإيجازي.

(5)

هكذا تدور صناعة الفساد القضائي بالكتابة

فالذي أريد إثباته في الأجزاء التالية من المقال هو أن العبارات أعلاه التي قد تبدو عادية أو صحيحة في الظاهر تتمثل كتابة احتيالية متدبَّرة. وأن التفكيك سيبين أن نص القرار ينطوي على الانحراف عن القانون، بتعمد قمع القانون الصحيح الواجب التطبيق، وبإحلال القانون الخطأ مكانه، وبتزوير القانون (هنا السابقة القضائية).

وكذا ينطوي النص على اقتراف القاضية آسيا أفعال الكذب في إيراد الوقائع، والتحوير التزويري للوقائع. وعلى أفعال الركة في اللغة لإخفاء عمليات الاحتيال المنتظمة في نص القرار.

هكذا تدور صناعة الفساد القضائي. بماكينة الكتابة. لتخريط العمليات اللغوية المايكروسكوبية الدقيقة. جملة بجملة. كلمة بكلمة. لتغيير المعاني. ولصنع المعاني. ولفرض المعاني. قرارا بعد قرار. يوميا. في جميع المحاكم. حيث ينتج القاضي الفرد أكثر من ثلاثمائة قرارا قضائيا في العام الواحد. يفسد عددا مقدرا منها. ويحكم بالصحة القانونية في بعضها، لكن بالابتزاز للمتقاضين أصحاب الحق. ولا يحكم في البقية بالحق إلا لموازنة قراراته الفاسدة، بغرض بث انطباع زائف أنه يحكم حكما صحيحا في جميع القرارات.

...

رابعا،

المحكمة العليا ومفاجأة وجود قاضيين نزيهين

(1)

إلغاء قرار محكمة الاستئناف وقرار محكمة الموضوع وأمر الحظر

أفشلت القاضيةُ آسيا وزميلاها آدم وفادية طعني.

فتقدمتُ بالطعن لدى المحكمة العليا.

فأيدتني المحكمة العليا بأن ألغت قرار قضاة محكمة الاستئناف، وقرار المحكمة العامة الذي كان أصدره القاضي الفاسد أزهري شرشاب، وأمر الحظر من السفر الذي وجه به القاضي شرشاب إدارة الجوازات للتنفيذ.

جاء في قرار النقض نمرة 448/2008، عشاري ضد نجلاء، الذي كتبه القاضي محمد إبراهيم محمد، ما يلي:

"ونخلص إلى أن قرار محكمة الاستئناف لا حجة فيه.

وكذلك حكم المحكمة الأدنى لا يستحق التأييد من محكمة الاستئناف.

والقرار هو إلغاء قرار محكمة الاستئناف، ومن ورائه ]إلغاء] قرار المحاكم الأدنى. وأن نلغي أمر الحظر".

وجد القاضي محمد إبراهيم محمد، رئيس الدائرة، كاتب الرأي الأغلبية، التأييد من القاضي محمد أبو زيد عثمان.

لكن القاضي البشرى عثمان صالح كتب رأيا مخالفا. وسأعرض لرأيه المخالف في مقال منفصل مخصص له. أبين أن الرأي المخالف من قبل هذا القاضي كان مكتوبا بالاحتيال.  

(2)

المحكمة العليا تعيب حكم الاستئناف

قالت المحكمة العليا أيضا إنها توافقني في أن القضاة الثلاثة في محكمة الاستئناف لم يطبقوا المادة 187 إجراءات مدنية تطبيقا صحيحا. إذ إن هذه المادة المشار إليها تطلب من جميع القضاة أن يتخذوا قرارات بشأن النقاط القانونية والموضوعية التي يثيرها المتقاضي. وأن يسجلوا أسباب قراراتهم وفق النقاط القانونية والموضوعية الواجب الفصل فيها.

ذلك لأني كنت قدمت في مذكرتي لمحكمة الاستئناف عدة نقاط قانونية وموضوعية، تجاهلتها القاضية آسيا  المؤيدة من زميليها آدم وفادية. ولم تسجل القاضية آسيا في نص القرار سبب ذلك التجاهل.

وخلص رأي الأغلبية في المحكمة العليا إلى أن حكم محكمة الاستئناف ضدي "شابه كثير من الضعف". وهي العبارة القضائية المخففة يستخدمها جنس القضاة بديلا للغة الصحيحة عن فساد القضاة الزملاء من بني جنسهم.

(3)

الخلاص من الجدة الماكرة

هكذا، تم إلغاء أمر الحظر من السفر، الثاني.

مما سهل لي الانتقال بابنتي من السودان إلى أمريكا. بطريقة قانونية.

خلاصا نهائيا كذلك من الجدة الماكرة نفيسة زلفو ومن زوجها في المكر عبد الحفيظ الرفاعي. كانا يلاحقاني على مدى عام ويزيد في المحاكم. يريدان بالبوليس وبقلة الأدب زيارة الحفيدة واستصحابها. أما نجلاء، لنقل مؤقتا إنها الأم صاحبة الحق تنازع بالطريقة التي تعرفها.   

(4)

إلغاء القرار القضائي يعني احتمال فساد قاضيه 

إن إلغاء القرار القضائي لا يعني في ذاته فساد القرار أو فساد القاضي. فقد يكون الإلغاء بسبب خطأ قانوني غير مقصود. لكن الإلغاء يجب اعتماده، في جميع الأحوال، قرينة تثير الشك حول نزاهة القاضي الذي أصدر القرار الملغى.

ومن ثم، يجب أن تبدأ مهمة تفكيك نص القرار الذي تم إلغاؤه. بمقارنة ما ورد فيه مع محتوى المذكرات ومع محتويات مجمل نصوص القضية، بما في ذلك النصوص القانونية الحاكمة. وبالبحث عن أدلة الانحراف عن القانون، وأدلة الخداع، وأدلة التدليس (المستخدمة لغرض إخفاء الانحراف والخداع).

فإن وُجدت بينات نسق الانحراف عن القانون، مقرونة بأفعال خداعية وتدليسية، في نص القرار، يتم الحكم على القرار بأنه فاسد وعلى قاضيه بأنه فاسد.

ومن بعد، يمكن أن يتم تحليل القرار في سياقه في وضعية القضية بأكملها. بالبحث التفكيكي في الاتفاق الجنائي بين القاضي وأفراد عصابته. وفي طبيعة الغرض الشرير الذي يكون في العادة متمثلا  في الرشوة المالية أو الجنسية، أو في مقتضيات إنقاذ قاض زميل تم القبض عليه متلبسا بجريمة، أو في استحواذ آخر.   بعد ذلك، يتم النظر في محاولات العصابة القضائية التغطية على الجريمة القضائية.

كلها المكونات الثلاثة الأخيرة وقائع خارجية على نص القرار القضائي. وليس ضروريا إثباتها لإثبات فساد القرار أو فساد القاضي. فبمجرد توفر مكونات الانحراف القانوني والخداع والتدليس في نص القرار القضائي يكون أصلا ثبت فساد القرار وفساد القاضي.

..

فإلى تحليل نص قرار المحكمة العليا. لإثبات فساد القاضية آسيا كاتبة الرأي القضائي. وفساد زميليها آدم وفادية المؤيدين عن علم في سياق المداولة والتخطيط المشترك لتلفيق القرار القضائي. أورد نقاط الإثبات دون ترتيب. فكل نقطة قائمة بذاتها. لكن النقاط تتضافر متحدة للإثبات. 

...

خامسا،

إثبات فساد القاضية آسيا

(1)

الحركات القانونية الاحتيالية

اقترفت القاضية آسيا في كتابة نص القرار القضائي (قرار محكمة الاستئناف محل الطعن) أفعالا إجرامية في مجال الانحراف عن القانون، أحد المكونات الثلاثة للكتابة الاحتيالية المتدبرة. ذلك في معية أفعال الخداع وأفعال التدليس.

تمثلت أفعال الانحراف عن القانون في تعمد القاضية الابتعاد عن القانون الواجب التطبيق. وفي تعمدها تغييب المواد القانونية الصحيحة. وفي إحلالها مواد قانونية غير صحيحة في مكان المواد المغيبة. بالإضافة إلى تزويرها السابقة القضائية التي أوردتْها لتوحي بالخدعة وبالكذب أنها تنطبق على القضية قيد النظر. وتصنعها عدم العلم بالقانون.

كلها حركات يحذقها القضاة الفاسدون. ففي كل قرار قضائي يفسدونه، توجد في النص هذه الحركات الاحتيالية ذات الطبيعة القانونية. ولا يوجد فساد قضائي بدون مثل هذا الانحراف القانوني. معززا بأفعال الخداع، وبأفعال التدليس، بشأن الوقائع المادية، ونقاط النزاع، والتسبيب.

أيدتني المحكمة العليا في جميع النقاط القانونية والوقائعية التي أثرتها في مذكرتي لإثبات عدم صحة القرار الذي كانت القاضية آسيا صاغته. وكان أيدها فيه عضوا العصابة فادية أحمد عبد القادر وآدم محمد أحمد إبراهيم.

وبالرغم من أن المحكمة العليا رفضت ادعاءاتي أن القضاة الثلاثة في محكمة الاستئناف فاسدون، إلا أن تخطئة المحكمة العليا للقرار القضائي تثبت في ذاتها صحة إسنادي الفساد للقضاة الثلاثة.

(2)

تغييب واقعة مكان إقامة الأم

(أ)

من أهم الخدع القضائية التي يستخدمها القضاة الفاسدون، مثل آسيا، تغييب الوقائع الجوهرية التي يوردها المتقاضي المستهدف كأحد أسباب طعنه، في مذكرته للطعن. لأن تغييب الوقائع الجوهرية المؤثرة يسهِّل للقاضي الفاسد تلفيق قراره القضائي. فكل قضية تقوم وتقع على وقائعها الجوهرية. هنا، كانت الواقعة ذات الأثر المحوري في الفصل في القضية متمثلة في أن نجلاء الرفاعي، طالبة الأمر بحظر ابنتنا من السفر، لم تكن أصلا مقيمة في السودان. بل كانت نجلاء مقيمة منذ أكثر من خمسة أعواما تعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة. مما يدمر مباشرة قضيتها أمام أي قاض نزيه.

فتصنعت القاضية آسيا أنه لا وجود لهذه الواقعة الجوهرية في المحضر، أو في مذكرتي للطعن، أو في أوراق ملف القضية. بينما كانت الواقعة مسجلة بوضوح في المحضر، وفي مذكرتي للطعن، وفي الإقرار المشفوع باليمين في ملف القضية.

القاضية آسيا، في إجرامها، عتمت على الواقعة الجوهرية بصورة كاملة. عندما لخصت أسباب الطعن في مذكرتي. تحديدا لأنها كانت مدركة للأثر المدمر الذي ستحدثه الواقعة على كتابة القرار النهائي مدفوع الرشوة المؤجلة.

ذلك لأن الأم غير الحاضن المقيمة في دولة أجنبية وتعمل في تلك الدولة الأجنبية، هذه الأم لا يمكن أن يحق لها أن تمنع الأب الحاضن المقيم في وطنه السودان من السفر والانتقال بالمحضون إلى دولة أخرى.

ودونك أن السفر كان لأسباب مقنعة تم تبيينها بوثائقها. وأن الأب قدم للأم، عبر المحكمة، المعلومات الكافية عن مكان ابنتها في أمريكا. وقدم لها تذكرة طائرة ذهاب إياب إلى أمريكا لرؤية ابنتها. بالإضافة إلى ضمان إعادة الطفلة إلى السودان، كذلك للرؤية، خلال ذات العام.

فقط القاضي الفاسد المرتشي، مثل آسيا بابكر مختار، في هذه الحالة، يغيب هذه الواقعة الجوهرية عن إقامة نجلاء الأم في دولة أجنبية. فقد تصنعت القاضية أن الواقعة لا وجود لها. بأن غيبتها تماما من نص القرار القضائي.

(ج)

ذلك الوقاح من قبل القاضية آسيا، ومن قبل زميليها آدم وفادية المؤيدين، جعل قاضي المحكمة العليا محمد إبراهيم محمد، رئيس الدائرة وكاتب الرأي الأغلبية، يستشيط غضبا ضد قضاة محكمة الاستئناف. فكتب ما يلي:

"إن محكمة الاستئناف لم تسأل نفسها أين توجد هذه الأم، هل هي في السودان؟"

ثم أجاب القاضي كاتب رأي الأغلبية بنفسه عن السؤال المصوغ بالاستنكار:

"إن الأم المطعون ضدها تعمل بالإمارات. وهذا ثابت في المحضر. وبإقرار الطرف الآخر، لأنه لم ينكر هذه الحقيقة".

فلكأن القاضي محمد إبراهيم محمد في المحكمة العليا كان يتحدث عن فساد قضاة محكمة الاستئناف.  دون أن يجرؤ على استخدام العبارات الصحيحة عن أن قضاة محكمة الاستئناف الثلاثة كانوا فاسدين.   

فهذا القاضي في المحكمة العليا لم يصدق درجة انحطاط أخلاق قضاة محكمة الاستئناف. تحديدا هنا  في تعمدهم الفسادي إغفال الواقعة الجوهرية الحاكمة المسجلة أمامهم. في المحضر. وفي مذكرتي للطعن لديهم. والمسجلة أيضا بالغياب الحاضر في رد ممثل نجلاء، المحامي علي أحمد السيد. 

وما كانت المحكمة العليا لتعرف أي شيء عن هذه الواقعة الجوهرية. لولا أني كنت ركزت عليها في مذكرتي للمحكمة العليا. وقد كنت كيفتُ تغييب محكمة الاستئناف للواقعة على أنه دليل فساد القضاة الثلاثة.

فالمحكمة العليا، ممثلة هنا في القاضيين النزيهين محمد ومحمد، حيث لا قيمة للقاضي الثالث البشرى عثمان صالح، كادت أن لا تصدق الواقعة ذاتها. حين قرأتْها في مذكرتي.  فذهبت للتحقق من صحتها، لتجدها مسجلة في محضر الدعوى للزيارة والاستصحاب. "وهذا ثابت في المحضر"، هكذا قالت المحكمة العليا.

ثم تحققت المحكمة العليا، في شقها الأغلبية النزيه، من أن محامي نجلاء لم ينكر الواقعة في مذكرته للرد على مذكرتي للطعن:

"إن الأم المطعون ضدها تعمل بالإمارات ... بإقرار الطرف الآخر لأنه لم ينكر هذه الحقيقة".

هذا الانفعال القضائي من قبل القاضي محمد إبراهيم إزاء فساد قضاة محكمة الاستئناف لابد كان من أهم النقاط، والنقاط متكثرة، التي كانت وراء إلغاء القرار المطعون فيه.

(د)

حين طلبتْ المحكمةُ العليا ملف القضية من محكمة الموضوع بالديوم الشرقية، للنظر في طعني المقدم إليها، كان القاضي أزهري شرشاب هو المسؤول المشرف على هذه المحكمة العامة بقضاتها الفاسدين الأربعة (كوثر عوض عبد الرحمن، أحمد الطيب عمر، يحيى أحمد محمد خير، أنس حسن مالك).

ذلك أنه كان تم إقصاء القاضية كوثر، دون إعلان، من وظيفتها كالمشرفة. بعد أن كنت قدمت الإثبات على فسادها. وقد كان جيء بالقاضي أزهري شرشاب من محكمة أخرى ليقوم بأعباء القاضية كوثر. خلال وضعها في الرف مقصية في مكتبها تلعق جراحها. كانت تنتظر عطف رئيس القضاء جلال وكبار القضاة الذين كانت في السابق تقدم لهم الخدمات القضائية الإفسادية السريعة الممتازة.

فحين جاءه من المحكمة العليا طلب إرسال ملف القضية نجلاء ضد عشاري، حاول القاضي أزهري شرشاب أن يتذاكى. بالإجراءات وبحرفيتها. فأرسل إلى المحكمة العليا ملف الإجراءات التحفظية، فقط. الملف الذي لم يكن يكتب فيه شيئا، حتى لا يدين نفسه. وهو رفض في البداية إرسال ملف دعوى الزيارة والاستصحاب. وكتب متعللا بالإجراءات الشكلية. لعلمه أن في ملف القضية الأساس للزيارة والاستصحاب من الوقائع المتكثرة ما سيفضح احتيال قراره بأمر الحظر من السفر، وما سيفضح أيضا احتيال قرار قضاة محكمة الاستئناف الذين أيدوه.

كان قضاة المحكمة العامة وقضاة محكمة الاستئناف يعملون في عصابات متعاونة لبيع القرارات القضائية ولضمان عدم إلغائها في حال الطعن.

لكن المحكمة العليا أصرت بالكتابة مجددا على إرسال ملف الدعوى الأساس لها. وفيه كانت هذه الواقعة الجوهرية مسجلة. فاضطر القاضي أن يرسل ملف القضية الأساس للزيارة والاستصحاب كاملا.

(هـ)

لم يرد المحامي علي أحمد السيد في مذكرته على الواقعة الجوهرية عن محل إقامة نجلاء. لعلمه أن أي ذِكر للواقعة كان سيلفت انتباه قضاة المحكمة العليا إليها. وكان المحامي يتحسب لمغبة الكذب الذي يمكن فضحه. يعلم أني كنت له بالمرصاد.

كان المحامي الفاسد يأمل في أن لا يراجع القاضي كاتب رأي الأغلبية في المحكمة العليا المحضر ذا الأوراق في مئات الصفحات ليجد  الواقعة المدمرة فيه.

وهو لم يتوقع أن قاضي المحكمة العليا محمد إبراهيم محمد، لمزيد الاستيثاق، سيراجع رد المحامي على مذكرتي بشأن هذه الواقعة. ولم يتوقع أن القاضي سيكتب العبارات المدمرة لقضية نجلاء:

"إن الأم المطعون ضدها تعمل في الإمارات ... وبإقرار الطرف الآخر. لأنه لم ينكر هذه الحقيقة".

أدركت نجلاء، أخيرا، أن الأستاذ الدكتور المحامي علي أحمد السيد الذي كانت تستخدمه لرشوة القضاة خذلها بسوء تمثيله لها في أهم واحدة من قضاياها. ولابد أنها عبرت، بطريقتها، عن خيبة أملها في قدراته على إفساد جميع القضاة كما هو كان بذلك يدعي. فوجد المحامي الفرصة سانحة ليقرر التخلي عن تمثيل نجلاء. خاصة بعد الإهانة التي تعرض لها من قبل القاضي محمد إبراهيم محمد. الذي وصف المحامي بالضعف والهزال القانوني (مقال منفصل عن المحامي علي أحمد السيد).

(و)

خلص قاضي المحكمة العليا كاتب رأي الأغلبية، محمد إبراهيم محمد، مؤيَّدا من القاضي محمد أبو زيد عثمان، إلى القول:

"فإن كانت [نجلاء] حقا تعيش خارج السودان، لماذا تمنع الأب من الخروج من السودان ولمدة معينة ولعمل أكاديمي ....؟"

بعد هذه النقطة كانت المحكمة العليا اتخذت قرارها بإلغاء القرار الفاسد الذي كان سطرته بالاحتيال القاضية الفاسدة آسيا. واعتمدت المحكمة العليا في قرارها النهائي على استعادة ذات الواقعة الجوهرية التي كانت القاضية آسيا الفاسدة اجتهدت في إخفائها وفي إعدامها بصورة كاملة من نص قرارها القضائي الملفق.

(3)

تعتيم القاضية آسيا واقعة سن حضانة النساء وواقعة أن الأم ليست الحاضنة

(أ)

تساءلت المحكمة العليا عن نقطتين قانونيتين جوهريتين كنت أصلا أثرتهما سبقا لدى محكمة الاستئناف. وهما تجاوز البنت سن حضانة النساء، وأن الأم ليست الحاضنة. وهما تدعمان حقي في السفر بابنتي دون حق للأم غير الحاضن في الممانعة. إذ لا يبق لها إلا التقاضي بشأن كيفية الزيارة. ومما كنت قدمت بشأنه مقترحين كريمين لها.

لكن القاضية آسيا كانت قررت أن تهمل الواقعتين الجوهريتين، في سياق عرضها للوقائع وفي سياق إيرادها للتسبيب. وأن تتصنع، في هذين الجزئين المحوريين في نص القرار، أني لم أعرض للواقعتين الجوهريتين، أو أنهما كانا مناط أقوال مرسلة مني أوردتها في مذكرتي للطعن.

ثم دلست القاضية آسيا على النقطتين باستخدامها فهما خاطئا لمفهوم المادة القانونية 120 من قانون الأحوال الشخصية عن منع الولي بالسفر بالمحضون.

(ب)

لكن القاضي محمد إبراهيم محمد كاتب رأي الأغلبية في المحكمة العليا فطن لخداع القاضية آسيا. فقال إن مفهوم المادة 120 من قانون الأحوال الشخصية عن منع الولي من السفر بالمحضون في مدة الحضانة يثير وجود أمرين في القضية قيد النظر:

"(1) إن المحضونة تجاوزت سن حضانة النساء، فهي ليست في مدة الحضانة.

(2) إن الأم المطعون ضدها [نجلاء] ليست حاضنة، فكيف نستأذن من ليست بحاضنة؟ هل تطلب فقط عدم سفر الأب الحاضن لاحتمال أن يفوت عليها الزيارة؟" "فنوافقه [عشاري] على ما ذهب إليه".

(ج)

إن الذي كنت ذهبت إليه بشأن الواقعتين أعلاه كان من البديهيات. فلا يمكن أن يخطئ القاضي مثل آسيا في محكمة الاستئناف بشأن هاتين الوقعتين إلا قاصدا. إذ كنت قدمت للقاضية وزميليها شرحا وافيا لفقه السفر بالمحضون. وهو فقه متحامل ضد المرأة، الأم، هنا نجلاء. لكنه يبقى هو القانون الحاكم المحتكم إليه. جوهره أن الأب، ولأنه ولي الأمر،  يمكنه السفر بالمحضون حتى إذا كان المحضون في حضانة أمه، في حال كان المحضون تجاوز حضانة النساء.

فدفعت بأن  المشرِّع خص ولي الأمر بالسفر بالمحضون دون أن يأخذ إذنا من الأم ذاتها، إذا كان المحضون تجاوز سن حضانة النساء. مما كان جاء عن موضوع (سفر ولي الأمر بالمحضون) في كتاب شرح قانون الأحوال الشخصية السوداني للمسلمين، في ص 75-76. من تأليف قاضي المحكمة العليا، ورئيس دائرة الأحوال الشخصية في المحكمة العليا، د. أحمد محمد عبد المجيد (مقال آت عنه والقاضي عبد الباسط عبد الله حامد والقاضي صلاح التيجاني الأمين).

جاء في كتابه الجيد ما يلي:

"وقيد المشرِّع سفر الولي بالمحضون بإذن الحاضنة إذا كان المحضون في مدة الحضانة".

"وقد نص المشرع على أن يكون المحضون في مدة الحضانة"، لتقييد السفر به. "وأنه [الأب] يستطيع السفر به [المحضون] ولو كان المحضون مع أمه، إن تجاوز سن السابعة.  لأنه قد خرج من مدة حضانة النساء".

"وهذا التفسير هو الذي نص عليه المذهب.. ومن هنا يكون المُشرِّع قد سار على ما عليه المذهب. ويلاحظ أن المشرع، ومن قبله ما ورد في المذهب، قد راعى في النص حق الحاضنة في الحضانة فقط. ولذلك حدد السفر بالسن لاشتراط الإذن ... ".

 (د)

كنت قدمت ذات المحاجة أعلاه لدى محكمة الاستئناف. فسفهتْها بالإغفال القاضيةُ آسيا وزميلاها.

ثم قدمتُها في مذكرتي للطعن لدى المحكمة العليا، فوافقني القاضيان في الأغلبية. باعتمادهما أن البنت تجاوزت حضانة النساء. وأن الأم نجلاء ذاتها ليست حاضنة.

هنا، أصبح القانون واجب التطبيق واضح تماما. بأن لي، من حيث إني ولي أمر المحضونة، والتي تجاوزت سن حضانة النساء، حق السفر بها حتى إذا كانت المحضونة في حضانة أمها المستأنف ضدها. فما بالك والبنت لم تكن في حضانة أمها نجلاء. بل كانت في حضانتي القانونية بأحكام قضائية نهائية حتى مرحلة التمييز.

وضح للقاضيين في المحكمة العليا أن القاضية آسيا وزميليها لم يكونا يقبلان تطبيق القانون. وأن القضاة الثلاثة في المحكمة العليا كانوا يتعمدون مخالفة القانون الصريح. ويستخدمون التدليس والخداع لإخفاء ذلك انحرافهم عن القانون. بأفعال الإغفال والتعتيم والتزوير والكذب.

(4)

القاضية ليست حركية تدافع عن المرأة بل عضو عصابة إجرامية تعمل للرشوة ثابت انحراف القاضية آسيا، كاتبة الرأي الذي تم نقضه، عن القانون.

هنالك ثقافة كاملة عن الانحراف عن القانون لأغراض نبيلة. أو لأسباب أيديولوجية، أو سياسية، أو مجتمعية، أو عدلية، أو حتى دينية.

وهنالك في دول العالم القضاة الحركيون المعتمدون للنظرية الانتقادية للقانون. ينحرفون عن تطبيق القانون عيانا بيانا. دون خداع أو تدليس أو مداراة.

وكذا نجد في عديد الدول ما تفعله القاضيات الحركيات الأنثويات. بالصدور في قراراتهن القضائية من موقف يرفض القهر الجندري بالقانون. فيفسرن القانون وفق عدسة التحليل الجندري للمجتمع. ويُصدرن قراراتهن أحيانا بالانحراف الصريح عن القانون. كذلك بالواضح، دون خداع أو تدليس. لأجل تحقيق العدالة للمرأة، خاصة في سياق محاكم الأسرة حيث تسيطر الاستحقاقات الذكورية في بعض القضايا. فيا ليت القاضية آسيا بابكر مختار كانت من نوع هؤلاء القاضيات الحركيات تنطلق من فلسفة الأنثوية، عند إعطائها نجلاء ما لا تستحقه بالقانون. أو أن القاضية كانت تصدر من أن ضميرها لا يسمح لها بتطبيق هذا القانون الإسلامي البائس للأحوال الشخصية الظالم للمرأة، والمنحاز بطريقة فاضحة للرجل الأب.

لكنت صفقت لها.

لكنت، عندئذ، احترمتها.

لكن القاضية لا تلق مني إلا الاحتقار. لأنها قاضية فاسدة. لا علاقة لانحرافها عن القانون أو لرفضها تطبيقه بموقف سياسي أو فلسفي أو اجتماعي تغييري. وهي استخدمت الخداع والتدليس والغش والكذب في كتابة قرارها ضدي وضد ابنتي. هدفها الرشوة، لا غير.

كنت بينت في مذكرتي للطعن لدى القاضية آسيا وزميليها في محكمة الاستئناف أن القرار بحظر ابنتي من السفر كان مخالفا لقانون الأحوال الشخصية كما هي مبينة أعلاه. ومن ثم، هو كذلك مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية. لا تهمني الشريعة موقفي منها معروف. لكنها القانون المحتكم إليه بقوة القهر والعنف والإرهاب في دولة الإسلاميين.

أرفقت للقاضية مع مذكرتي نص سابقة حكم المراجعة من المحكمة العليا رقم 3/2001 الصادر في 29/1/2001 وفيه "إن مخالفة قانون الأحوال الشخصية مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية".

كان هدفي إفحام القاضية بالحجة الدينية. لكن القاضية الفاسدة كانت مشغولة بالرشوة أكثر من همها بالشريعة الإسلامية.

(5)

تزوير القاضية آسيا للسابقة القضائية (قرار النقض 43/1973)

(أ)

يستخدم القضاة المحتالون خدعة تزوير السوابق القضائية. بالإشارة في قرارهم القضائي إلى سابقة قضائية غير منطبقة يعطون رقمها. وهم يقدمونها حافية دون تقديم أي شرح لوجه انطباقها على الوقائع قيد النظر. لأن الشرح يورط القاضي الفاسد في مزيد كذب وخداع حين تكون السابقة غير ذات علاقة بالوقائع قيد النظر. هذا التعامل الاحتيالي مع السوابق القضائية  فعل غير أخلاقي يثبت أن القاضي ليس فاسدا فقط كقاض، بل فاسد كذلك كشخص.

هنا، تعمدت القاضية آسيا بابكر مختار خرق القانون، وارتكاب جريمة الكذب، واقتراف جريمة التزوير. حين تعمدت أولا اقتراف الخطأ القانوني، بالانحراف عن القانون الواجب التطبيق الذي تعرفه وتم تقديمه لها في مذكرتي للطعن. ثانيا، سعت القاضية إلى إحلال سابقة قضائية لا علاقة لها بالقضية مكان القانون الصحيح الذي استبعدته. ثالثا، تعمدت القاضية الكذب بأن السابقة القضائية المحددة تدعم رأيها. ورابعا، اقترفت القاضية التزوير بشأن حقيقة السابقة القضائية ذاتها. كله حول حق الزيارة. عندما أوردت القاضية آسيا عبارة مبهمة دون تفسير أو اقتباس أو تنصيص:

"وذلك لما جاء بقرار النقض 43/1973 م مجلة الأحكام القضائية لسنة 1973". فقط. هكذا.

(ب)

فعند بحثي في السابقة القضائية المشار إليها، وجدت أنها غير منطبقة على الحالة قيد النظر. حيث إن الموضوع قيد النظر لا يتعلق بـ "منع" من الطاعن للمطعون ضدها من رؤية المحضونة، كما هو الحال في السابقة القضائية. بل يتعلق الموضوع قيد النظر بتنفيذ الزيارة المعترف بها أصلا من قبل الطاعن، عشاري، في سياق السفر بالمحضون. فمجال ذلك المادة 235 منازعات التنفيذ في قانون الإجراءات المدنية.

ظهر لي مباشرة احتيال القاضية آسيا بمجرد قراءتي لوقائع السابقة القضائية. فقد كانت الوقائع مختلفة  بصورة جذرية عن وقائع قضيتي. فلا يمكن القياس عليها.

(ج) كان النزاع في السابقة القضائية بين زوج وزوجته التي نشزت عن طاعته، وذهبت لتعيش في منزل أسرتها. وهي كانت ترفض لزوجها رفضا باتا أن يرى ابنهما الصغير عمره عام واحد. حجتها صغر عمر الطفل، والمشكلات بينها وزوجها، وأن الزيارة "تسبب كثيرا من المشاكل". ذلك كان هو النزاع.

فذهب الأب إلى المحكمة يطلب الزيارة، وطلب أن تكون الزيارة محمية برجل أمن لأن أسرة زوجته الناشز هددته بالضرب إن هو جاء لزيارة ابنه.

وصلت القضية إلى المحكمة العليا بسبب طعن من قبل الزوجة الناشز المصرة على عدم صحة الحكمين الصادرين ضدها في المحاكم الأدنى لصالح زوجها في الحق في زيارة ابنه، من قبل المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف.

وقد حكمت جميع المحاكم ضدها مؤيدة حق الأب في زيارة ابنه في حضانتها.

...

ذلك كان هو النزاع الذي صورته القاضية آسيا بأنه هو ذاته النزاع بين الأب عشاري والأم نجلاء المطلقين طلاقا بائنا، والبنت موضوع النزاع تجاوزت سن حضانة النساء، والأب يقبل زيارة الأم لابنتها، والنزاع يدور فقط حول كيفية تنفيذ الزيارة في سياق السفر بالمحضون.

فالقاضية آسيا، في احتيالها، أتت بالسابقة مدعية بالكذب أن الموضوع هو ذاته الموضوع. تحديدا لتتمكن من تلفيق الحكم النهائي بشطب طعني إيجازيا. ومن ثم، لتستلم رشوتها.

(د)

فأشير إلى أن المحكمة العليا أيدت تحليلي القانوني لهذه السابقة، في مذكرتي للطعن. وخطَّأت المحكمةُ العليا رأيَ القاضية آسيا وزملائها بشأن هذه النقطة القانونية.

حيث قالت المحكمة العليا:

"نوافق الطاعن [عشاري] أن قرار النقض 43/1973 لا ينطبق على الواقعة أمامنا ولا علاقة له بها."

وهذه إدانة صريحة للقاضية آسيا بأنها قاضية محتالة.

كثيرا ما يحتال القضاة الفاسدون بالإشارة لسابقة قضائية ما، ويزعمون كذبا بأنها تنطبق على الحالة قيد النظر. بينما يكون كله محض كذب.

ولا يمكن للقاضية في درجة محكمة الاستئناف أن تدعي أنها لا تعرف كيفية القياس على السوابق القضائية.

(هـ)

اعتمدت القاضية آسيا بابكر مختار في خداعها وامتهانها الغش على الاحتمال أن الخدعة بتزوير السابقة ستمر. لأن القاضي الذي ينظر في قرارها قد لا يجد الوقت الكافي للمراجعة. أو للتدقيق بشأن مدى انطباق السابقة التي استخدمَتها لدعم تسبيبها لقرارها، دون أي شرح لوجه الانطباق.

راهنت القاضية الفاسدة آسيا على أن القضاة في المحكمة العليا سيميلون إلى أن يثقوا في أعضاء جنسهم من القضاة في محاكم الاستئناف. وراهنت على معرفتها السبقية أن عددا مقدرا من القضاة في المحكمة العليا مثلها فاسدون يقترفون ذات الخدعة بالسوابق. وهي خدعة من اختراع القضاة في المحكمة العليا أصلا. فلن يدققوا في فعلة القاضية آسيا في إشارتها الاحتيالية للسابقة.

لكن، ولأني كنت أصلا أعرف من تجربة سابقة في قضية الحظر الأول من السفر أن القاضية آسيا فاسدة، قررت استقصاء حقيقة السابقة القضائية التي أوردتها القاضية في هذا قرار الحظر الثاني من السفر. بأن بحثت عن السابقة فوجدتها.

وكما توقعت، وجدت أن القاضية آسيا كانت فعلا مارست عادتها في الاحتيال. فالسابقة ذاتها لم تكن لها أية علاقة بالقضية. فقدمتُها إلى المحكمة العليا مبينا أنها سابقة لا تنطبق على القضية قيد النظر. فوافقتني المحكمة العليا في رأيي القانوني.

(6)

خرق القاضية آسيا للقانون وتصنعها عدم العلم بالقانون

(أ)

مضت المحكمة العليا لتؤيدني أيضا بتثبيتها الوقائع التي كنت أصلا أوردتها في مذكرتي بلغة إسناد الاحتيال للقاضية آسيا ولزميليها فادية وآدم. وشملت الوقائعُ الاحتياليةُ التأطيرَ من قبل القاضية آسيا للقضية في المادة القانونية الخطأ، ورفضَها تطبيق المادة القانونية الصحيحة التي كنت قدمتها لقضاة محكمة الاستئناف لأثبت لهم فساد القاضي أزهري شرشاب.

يتعلق التأطير الاحتيالي بأن القاضية آسيا، كما أسلفت، كيفت القضية أمامها على أنها عن "منع حق الزيارة". بينما كانت القضية عن النزاع حول تنفيذ الزيارة المعترف من جانبي بحق نجلاء فيها.

هنا قالت المحكمة العليا:

"رابعا، نوافق [عشاري] على أن النزاع يناقش تحت المادة 120 فإن حدث نزاع في التنفيذ يناقش تحت المادة 235 إجراءات مدنية".

(ب)

فهذه  النقطة في صالحي، وفق رأي المحكمة العليا، من أهم النقاط التي تثبت بصورة حاسمة أن القاضية آسيا فاسدة. وأنها ليس لها من وازع أخلاقي يمنعها من أن تقترف الجريمة القضائية بسهولة. فهي ترفض بوقاح تنفيذ القانون الصحيح الواجب التطبيق الذي كنت قدمته لها في مذكرتي للطعن.

كنت أصلا قلت كتابة في مذكرتي للطعن لدى القاضية آسيا وزميليها الفاسدين، للتذكير بسابقة قضائية، إن المحكمة العليا كانت بينت في قرار قضائي سابق أن تَعَذُّر زيارة الأم  للمحضون نتيجة سفر الأب الحاضن بالمحضون يكون مجال النظر فيه بتطبيق المادة 235 (منازعات التنفيذ) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983. المادة المخصصة لتحديد الكيفية التي تنفذ بها الزيارة.

ذلك كان ما سجلته كتابة في مذكرتي لمحكمة الاستئناف على النحو التالي، أطلب منهم إلغاء أمر الحظر الفاسد الذي أصدره القاضي الفاسد أزهري شرشاب:

"القرار المستأنف (قرار القاضي شرشاب في محكمة الموضوع) يناقض أحكام المحكمة العليا التي قررت أن حكم الزيارة للأم لا يمنع ولي الأمر من الانتقال بالمحضونة لجهة أخرى "بحجة أنه يمنع الأم من زيارة أبنائها". وأن الاختصاص هو لإعمال المادة 235 من قانون الإجراءات المدنية (منازعات التنفيذ)".

"أولا، يسجل قرار النقض من المحكمة العليا رقم 13/1999م الصادر في 6/2/1999م  أن المادة 119 (1) (السفر بالمحضون) ["لا يجوز للحاضن السفر بالمحضون، داخل القطر، إلا بإذن وليه"]  لا تنطبق على الأب. فهي موجهة للأم التي يوجد الطفل الصغير في سن الحضانة في حضانتها. وعليه، هي لا تمنع المستأنف من السفر بالمحضون.

فلا يكون الاختصاص لهذه المادة 119 (1) (السفر بالمحضون). ولا يكون تقديم طلب لإجراءات تحفظية لحظر المحضونة من السفر على أساسها ابتداء.

ثانيا، يسجل القرار من المحكمة العليا أعلاه أن المنع للأب من السفر بالمحضون إنما يكون بالمادة المادة 120 (سفر غير الحاضن بالمحضون) ["لا يجوز للولي أبا كان أو غيره، أن يسافر بالمحضون في مدة الحضانة إلا بإذن حاضنته"].

هذه الماد أيضا غير منطبقة على الحالة قيد النظر. ذلك لأن المحضونة تجاوزت سن حضانة النساء (فعمرها 12 عاما). ولأن المنع من السفر بالمحضون مقيد بمدة الحضانة وبسنها.

ثالثا، يسجل حكم المحكمة العليا أن حكم الزيارة لا يمنع الأب من الانتقال إلى جهة أخرى "بحجة أن هذا الانتقال يحرم الأم من زيارة أبنائها".

رابعا، قررت المحكمة العليا أن تعذر زيارة الأم (هنا، نجلاء) للمحضون نتيجة سفر الأب الحاضن (عشاري) بالمحضون يكون مجال النظر فيه بتطبيق المادة 235 (منازعات التنفيذ) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983؛ وذلك بتحديد الكيفية التي تنفذ بها الزيارة.

...

عليه، يكون قرار محكمة الموضوع المستأنَف، الذي أصدره القاضي أزهري شرشاب، بدون أساس قانوني. بل هو مناقض بدرجة صريحة لأحكام المحكمة العليا. وقد كنت قدمت إلى محكمة الاستئناف مستندا بالسابقة القضائية في نص قرار المحكمة العليا أعلاه.

(ج)

لكن القاضية آسيا بابكر مختار قررت أن تتجاهل هذه النقطة في مذكرتي للطعن لمحكمة الاستئناف. مما يثبت أن القاضية، وقد تم تعريفها من جانبي بالقانون الصحيح وتزويدها بنسخة منه، لا يمكن لها أن تتعلل بأنها كانت نسيت ذلك القانون مثلا، أو بأنها لم تكن تعرف شيئا عن وجود تلك المواد الصحيحة المبينة في السابقة القضائية.

ومن بعد، أعلمتُ المحكمة العليا أني كنت سجلت هذه النقطة القانونية المفصلة في مذكرة استئنافي. وأن قضاة محكمة الاستئناف الثلاثة غيبوا هذه النقطة الجوهرية الواردة في السابقة القضائية. وهي السابقة التي تشير إلى أن مناط الفصل في مثل هذا النزاع حول سفر المحضون إنما يكون بتطبيق المادة 235 (منازعات التنفيذ) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983. وأن الفصل لا يكون بالمادة القانونية التي اختارها القضاة الثلاثة لتأطير القضية على أنها عن منع حق الأم في زيارة المحضون. 

وبينت للمحكمة العليا أن قضاة محكمة الاستئناف في تسبيب حكمهم لم يردوا على هذه النقطة القانونية الجوهرية التي أثرتها، كما كان ينبغي عليهم أن يفعلوا.

(د)

لم يكن للقاضية آسيا أي عذر في كتابة رأيها القضائي بتلك الطريقة البين الاحتيال القضائي فيها. أن تقرأ المواد القانونية الصحيحة كما قدمتها لها، ثم أن تقرر تجاهلها؛ ثم تمضي في طريق الإفساد؛ ومن بعد،  أن تتصنع وكأني المتقاضي لم أكن تحججت بهذه المواد القانونية.

قصدت القاضية آسيا عدم ذكر المادة المحورية 235 (منازعات التنفيذ) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983وشرحي لها. لتعفي نفسها من مغبة الرد المستحيل على النقطة القانونية التي تهدد قرارها المتخذ سبقا بالإفساد. 

علما أن عدم الرد من قبل القضاة الفاسدين على أسباب الطعن المدمرة لأهدافهم في التلفيق من الخدع الاحتيالية التي يلجؤون  إليها بصورة تظهر طبيعية عندهم حيث الفساد هو الأصل والنزاهة طارئة.

لذلك كله أعلاه، اتفقت معي المحكمة العليا في رأي الأغلبية:

"رابعا، نوافق [عشاري] على أن النزاع يناقش تحت المادة 120 فإن حدث نزاع في التنفيذ يناقش تحت المادة 235 إجراءات مدنية".

(هـ)

أخلص إلى أن المحكمة العليا اتقفت معي في التسبيب القانوني، وفي الموضوع، وألغت قرار محكمة الاستئناف الفاسد الذي صاغته بالاحتيال القاضية آسيا.

لكن تعضيد إثباتي فساد القاضية آسيا، وفساد زميليها آدم وفادية، لم ينته بعد. فهنالك خدع احتيالية إضافية استخدمتها القاضية في كتابة نص القرار القضائي. كما أن إثبات الخداع والتدليس ضروري لإثبات فساد القاضي. خاصة وأن القاضي الفاسد سيدعي كاذبا أن كل ما هناك هو أنه كان وقع في خطأ قانوني غير مقصود. فغير مسائل. والطعن هو طريق تصحيح ذلك الخطأ القانوني غير المقصود.

هذه لعبة مكشوفة من خدع القضاة الفاسدين والنزيهين أيضا. فتكثُّر الأخطاء القانونية، وشناعتها، واتساقها في نسق ذي اتجاهية نحو القرار المرغوب، كلها أدلة على الفساد وليست من نوع الخطأ القانوني غير المقصود.

فأعرض فيما يلي لمزيد البينات عن استخدام القاضية آسيا للخداع والتدليس.

 (7)

الهراء: السفر بالطائرة بين دبي ونيويورك "ليس باليسير"

(أ)

كانت القاضية آسيا قالت في رأيها القضائي إن مقترحي بمنح نجلاء تذكرة سفر إلى أمريكا مرة في العام "غير مقبول". وإن السفر ذاته "ليس باليسير"!

اقترفت القاضية الاحتيال والكذب ونشر الهراء في إيراد هذه الواقعة. لأني كنت أصلا اقترحت في نص مذكرتي أن أعود بالبنت إلى السودان مرة واحدة في العام، ثم أن أوفر تذكرة سفر دبي نيويورك دبي للأم نجلاء مرة واحدة خلال ذات العام.

مما يعني مرتين لرؤية نجلاء ابنتها خلال عام واحد.

لكن القاضية آسيا لخصت أقوالي في مذكرتها بأني كنت اقترحت فقط دعوة الأم لرؤية ابنتها في أمريكا. أي، مرة واحدة للرؤية. وهي تعمدت مسح الواقعة الجوهرية الثانية، عن مقترح عودتي بالبنت إلى السودان مرة خلال العام.

كنت كتبت لقضاة المحكمة العليا عن أن القاضية آسيا لها علم حساب مختلف. واحد زايد واحد يساوى واحد، ذلك فهمها للحساب. لا واحد زايد واحد يساوي اثنين. مما حدا بالمحكمة العليا أن تعلق في قرارها أني ناقشت الأسباب التي استندت إليها محكمة الاستئناف "بأسلوب جاف ساخر ويتجاوز الأسلوب المعهود في المرافعات".

(ب)

كانت صياغة القاضية آسيا للرأي القضائي فيما يتعلق بهذه الواقعة أعلاه على درجة من المكر اللغوي عظيمة لتمرير الخدعة. فقد كتبتْ:

"إذ أن المستأنف سوف يمكِّن المستأنف ضدها من زيارة المحضونة وسوف يقدم لها تذكرة سفر مفتوحة إعادة لأمريكا لزيارة ابنتها مرة واحدة في العام".

فالخدعة الكتابية هي أن القاضي الفاسد يمسح الواقعة غير المرغوب فيها، ثم يشير إليها بصورة مبهمة. فقط تحسبا إن تم القبض عليه.

كانت القاضية آسيا تريد أن تقول إن زيارة نجلاء لابنتها مرة واحدة خلال عام كامل غير كافية. مما قد يبدو قولا معقولا. لذا قررت القاضية آسيا أن تمسح من النص، بالاحتيال، الواقعة الثانية للزيارة خلال ذات العام في عرضي بالعودة بالطفلة إلى السودان فتزورها أمها.

ولأن القاضية كانت تعرف أنها تقترف فعلا احتياليا بمسح الواقعة المادية، فهي لجأت إلى اللغة، وسيلتها للإفساد. فكتبت عن الواقعتين في عبارة ممتدة يبرز فيها أن الزيارة لمرة واحدة فقط، مما هو "غير مقبول"، على حد تعبيرها. لكن القاضية استعدت لأي تحد لها أنها اقترفت الفعل الفاسد بمسح واقعة المرة الثانية.

استعدت القاضية بأن أزلقت في النص عبارة تسجل الواقعة الثانية وتلغيها في ذات الوقت. تلغيها بمسح الخواص الدالة عليها. فيكون في مقدور القاضية الاحتيال والتنصل منه في ذات النص اللغوي.

ستقول القاضية آسيا إنها بل كانت أشارت إلى الواقعة الممسوحة بعبارة "أن المستأنف سوف يمكن المستأنف ضدها من زيارة المحضونة" قبل ذكرها الواقعة الثانية بواو العطف: "وسوف يقدم لها تذكرة":

"إذ إن المستأنف سوف يمكِّن المستأنف ضدها من زيارة المحضونة وسوف يقدم لها تذكرة سفر مفتوحة إعادة لأمريكا لزيارة ابنتها مرة واحدة في العام".

فالعبارة الأولى حتى كلمة "المحضونة" يمكن أن تشير إلى المرة الإضافية إلى تذكرة السفر. وكذا يمكن أن تكون هي المقدمة فقط، المشروحة بالتفصيل في الجزء عن تذكرة السفر.

القاضي وهبي أحمد دهب والقاضي عبد الباسط عبد الله حامد في المحكمة العليا من أبرع القضاة في استخدام هذه الخدعة. وهي خدعة ذات علاقة بما أسميه "الكذبة المسترجعة". يكذب القاضي في نص القرار القاضي، ثم يمسح بعض مكونات الكذبة، تاركا بعض آثارها في النص. ليخدم في آن واحد غرض الكذب وإمكان المخارجة منه.

لكن التفكيك يقف بالمرصاد لهؤلاء القضاة الفاسدين.

أكتفي بهذا القدر عن إثبات فساد القاضية آسيا بابكر مختار. فيه بينت أن هذه القاضية فاسدة، كقاضية وكشخص. تستخدم الانحراف المتعمد عن القانون، والخداع، والتدليس في كتابتها الاحتيالية المتدبرة لنص القرار القضائي.

...

سادسا،

نسق الفساد القضائي في نص القرار

(1)

رفض القضاة إسنادي الفساد لزملائهم

رفض قضاة المحكمة العليا نقطة وحيدة من بين العشر نقاط التي أوردتها في مذكرتي للطعن. تلك المتعلقة بأن قضاة محكمة الاستئناف غير مؤهلين للنظر في طعني بسبب فسادهم الثابت. لكني أراه رفضا لا معنى له.

فالمحكمة العليا بل كانت ترفض بصورة تعسفية وغير معقولة النتيجة المنطقية التي لا مفر منها. أن نوعية الأخطاء القانونية التي بينتْها المحكمة العليا ذاتها في نص قرار محكمة الاستئناف، وتكثر هذه الأخطاء، بالإضافة إلى إغفال الوقائع الجوهرية المؤثرة، كله لا يمكن أن يكون من نوع "الخطأ القانوني غير المقصود". بل إن النسق ذا الاتجاه يثبت في ذاته فساد القضاة الثلاثة في محكمة الاستئناف.

(2)

تلقف القضاة الثلاثة لقضيتي الجديدة وعزلهم منها

وعلى مستوى آخر، فإنه في قضية لاحقة تلقفت ذات عصابة القضاة الثلاثة (آسيا وآدم وفادية) طعني. لابد بغرض شطبه إيجازيا بقرار ملفق. فطالبت بعزلهم من النظر في طعني.

وبسبب البينات الدامغة التي قدمتها عن فسادهم، لم يجد القاضي برعي محمد سيد أحمد، رئيسهم رئيس الجهاز القضائي، الخرطوم، مخرجا غير أن يعزلهم من النظر في قضيتي الإضافية التي أتت في أعقاب هذه القضية عن الحظر الثاني من السفر (برعي، مقاله جاهز).

(3)

عصابة قضائية جديدة إلهام ونادية وبكر

فتمت إحالة طعني في القضية الجديدة لتنظر فيه عصابة ثلاثية أخرى في محكمة الاستئناف. ثبت لي أنها تستخدم ذات أدوات تزوير القانون، والكذب واختلاق الوقائع، والتدليس، لتلفيق القرار القضائي.

أعضاء العصابة القضائية الإجرامية الثانية في محكمة الاستئناف هم:

نادية سليمان عبد الرحمن.

إلهام أحمد عثمان وني.

بكر محمد بكر عبد اللطيف (تمت ترقيته إلى العليا).

سأخصص لهم مقالا لإثبات فسادهم.

(4)

المقال القادم عن القاضي البشرى عثمان صالح والمحامي علي أحمد السيد  

عشاري أحمد محمود خليل ushari@outlook.com

 

آراء