حديقة العشاق … والله مشتاقين … بقلم: أحلام إسماعيل حسن : إدمنتون

 


 

 

 

اسم مشدود كالوتر

قصة الحب الأول والطيور الراحلة في ضل المسا

 

أحلام إسماعيل حسن : إدمنتون

 

ahlamhassan@live.ca

 

قلب مشدود فوق ضلوع الليل وتر

 

غنى للشوق

 

من قديم ليلو أصلو ما فتر

 

جواب دروب الشوق

 

يكوس أرض الحنان

 

حتى إن بقت في القمر

 

إسماعيل حسن

حين أسترجع ذكريات ربيع أيامي التي قضيتها مع والدي إسماعيل حسن ذلك النهر الخالد ، تمتلكني الدهشة ويسكنني الفرح والحزن معا ، الفرح به كشاعر عظيم والحزن على فراقه المبكر ، وما زلت أتساءل : كبف مضت تلك الأيام الجميلة بتلك السرعة الرهيبة المذهلة ؟ كأنها سحابة صيف رحلت متعجلة وتركتني حائرة !!!!!حتى أنني أحيانا لا أكاد أصدق أين ذهبت ؟ تلك الأيام الحلوة الرائعة التي كانت تغمرنيب بالسعادة والآمال الباكرة المزدهرة ، لم أكن أعلم أن الربيع سيمضي هكذا سريعا ، ولكن ها هو ربيع أيامي قد ولى ، وها هو الشتاء يملأ دنيايا لتصبح قصتي مع إسماعيل حسن ذكرى يتردد صداها في كل أرجاء حياتي .

 

بسافر ليكي زي زولا تخنقو العبرة

 

ما بقدر يوصف حالو بالكلمات

 

ويبقى الشوق

 

مدن مطمورة

 

في عمق البعيد ما باينة

 

ما منظورة

 

للسارحين ورا الغيمات

 

حوار إسماعيل مع عرفه

 

كثيرا ما كنت أجلس مع إسماعيل يحدثني عن طفولته وصباه ، حدثني عن أمه حدالزين التي أحبها وأحبته بلا حدود ، وكانت ترى فيه الإبن البار والصديق المقرب ، وترى فيه دنياها وحاضرها ومستقبلها ، لم ينعم إسماعيل بحب حدالزين فقط ، بل أن كل أقارب حدالزين كانوا يحبون إسماعيل حبا شديدا ، وبخاصة خالته عرفه .

 

كانت عرفه تنظم الشعر بطلاقة ، بل أن كلامها العادي كان شعرا منظوما ، وأنا أذكر عرفه هذه تماما ، وأذكر أنه وفي كل زيارة لها لمنزلنا كانت تتحدث شعرا إلى إسماعيل ، وكان إسماعيل بدوره يرد عليها شعرا ، وكأن ما بينهما كانت مناظرة أو مطارحة شعرية بالغة الحب والحنية .

 

عاش إسماعيل في بداية طفولته مغ والده ووالدته وخالته عرفه ، ينعم بحبهم وحنانهم ، في منزل يغمره الدفء والحنان والشعر ، ثم سافر مع والديه إلى مصر ، حيث عمل والده في قوة حرس الحدود المصرية على ساحل البحر الأحمر ، وهناك بدأ إسماعيل دراسته ، وفي تلك المنطقة الساحرة إرتبط وجدانه بطبيعة الأرض وأهلها ، فانطبع حبهم وانغرس في داخل قلبه الرهيف فنظم الشعر لأول مرة في حياته .

 

إسماعيل وعليه

 

في كل يوم كان يعود فيه إسماعيل من المدرسة كان يذهب إلى شاطيء البحر لينتظر عودة مراكب الصيادين ، التي كانت تغادر في الصباح الباكر ، وهناك إلتقى إسماعيل بإبنة أحد الصيادين ، وكانت في نفس سنه ، إنها عليه بنت عمي سعفان ، تعلق إسماعيل بعليه وتعلقت به ، تماما كما يقول الشاعر :

 

تعلق قلبي بطفلة عربية

 

تنعم بالديباج والحلي والحلل

 

إنها قصة الحب الأول ، كانت عليه هذه تذهب أحيانا مع والدها في رحلات الصيد ، وحين عودتها كانت تجد إسماعيل في إنتظارها ، ويلتقيان ويلعبان ويتسامران تملأ السعادة حياتهما .

 

وفي ذات يوم عاد إسماعيل من المدرسة وذهب مسرعا إلى شاطيء البحر متلهفا لرؤية عليه والمراكب ، ولكن المراكب لم تعد في ذلك اليوم ، إنتظر إسماعيل كثيرا ولكن المراكب كانت قد ذهبت بلا عودة ، بكى إسماعيل بحرقة حتى إختلطت دموعه بمياه البحر .

 

ياما دربك كنت بفرشو ورد وحنية وأماني

 

ياما عهدك صنتو وما خنت وكان ليك حناني

 

ياما من ليلي ونهاري ودمعي بنسج أغاني

 

وكل كلمة من غناي فيها من حبك معاني

 

إن نسيت برجاك

 

وإن نسيت بطراك

 

وإن قسيت بهواك

 

حدث ني إسماعيل أن بدايات شعره العاطفي كانت عندما فقد عليه ، فقد حزن عليها كثيرا ، وأخبرني أيضا أن كل إمرأة تعلق بها قلبه كانت تشبه عليه تماما ، وقد صور إسماعيل حزنه عليها تصويرا رائعا ومن بين ما أنشده :

 

طال علينا فراقكم والله يا غايبين

 

قدر ما ننسنا العلينا برضو مشتاقين

 

الخدود الشاربة من لون الشفق عند المغارب

 

ديل خدودك سيدي يا سيد الناس يا سيد الحبايب

 

العيون طرتني زول من أهلو غايب

 

والشعر في كتيفو يتهادل سبايب

 

في عيونك تظهر لي دنيا شةقك فيها ظاهر

 

والأماني الحلوة هايمة زي بحور ما ليها آخر

 

والكليمة الطيبة منك زادي وحياتك لباكر

 

والأمل فارد جناحو ديمة زي عينيك مسافر

 

الغروب بسألني منك

 

أمسياتنا في شوق إليك

 

والرمال الناعمة مشتاقة لمشيك

 

والطيور الراحلة في ضل المسا تسأل عليك

 

كيف تفارق الضفة والنيل هان عليك

 

والله مشتاقين

 

لك الرحمة يا والدي أيها الشاعر العظيم

 

آراء