حرب السودان وتأثيراتها الاقليمية
ادريس همد
27 April, 2024
27 April, 2024
دخلت الحرب السودانية عامها الثاني مع استمرار القتال بين الفرقاء السودانيين دون بارقة أمل على قرب انتهائها للأسف. تلك الحرب اللعينة التي اندلعت في 15 أبريل/ نيسان 2023 بعد فترة من النزاعات السياسية بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير، وكانت الخلافات على خطة سياسية مدعومة دوليا للانتقال بالسودان إلى حكم مدني بين مؤيد لها ومعارض يرى تدخل الخارج في العملية السياسية قد يعقد المشهد في البلاد. ومهما يكن الامر فان واقع الحال يؤكد ان القوى السياسية السودانية وعلى الرغم من تراكم الخبرات عند بعضها الا انها لم تقدر مآلات الامور وغلب على ادائها التنافس الحزبي الضيق دون النظر الى الصورة الكلية لما افرزه التغيير والجهات الفاعلة التي كانت تعمل على حدوثه ، وهو مايفسر ترفع الكفاءات السودانية عن المنافسة لاستلام زمام امور البلاد وترك الفراغ لقيادات متواضعة في قدراتها وخبراتها. هذا فضلا على ان النظام الذي تم تغييره والذي تربع على حكم البلاد لثلاثين عاما هو الاخر متجذر في مؤسسات الدولة ، وان من ساهم في احداث التغيير مع الشارع جزء من نفس النظام (اللجنة الامنية). تجربة الحكم المدني في السودان عبر التاريخ شابها الكثير من العيوب وهو ما فتح الباب للمؤسسة العسكرية للاستيلاء على الحكم بمساعدة الاحزاب نفسها في اطار صراعها المحموم على الكراسي. كانت الصراعات بين الفرقاء في السودان في السابق لم تخلو من العنف بعض الشيئ ولكن هذه المرة كانت هى الاعنف حيث أدت هذه الاشتباكات التي باتت تغطي مساحات واسعة من البلاد، إلى مقتل آلاف الأشخاص المدنين وإصابة آلاف آخرين وفق تقارير الأمم المتحدة. اذا كان الامر كذلك هل يمكننا اعتبار التدخل الأجنبي في حرب السودان التي مازالت تأكل الاخضر واليابس العقبة الأولى أمام الحل ؟ وهل ما عرف بالاتفاق الاطاري هو سبب المشكلة والقشة التي قسمت ظهر البعير كما يقولون؟ لماذا يتجاهل المجتمع الدولي إيجاد حل للصراع ويكتفي بتقديم مساعدات رمزية في احسن الاحوال؟ نعتقد وان كان التدخل الدولي في الصراع السوداني حاضرا الا ان الارادة الوطنية هى العامل الحاسم فبغيابها تظل الامور تراوح مكانها وتفتح الابواب لكل الاحتمالات بما في ذلك التقسيم الذي يذهب في الاشارة اليه بعض المتابعين ، وهى رغبات البعض الذين يرغبون ان يروا السودان تتقاذفه اطماع الاخرين بمن فيهم الجوار. ومشروع التقسيم الذي بدأ يلوح في الافق ظهرت ملامحه منذ وقت بعيد ابان حكم الإسلاميين الذي خلق عداوات مع العديد من دول المنطقة والعالم، وقد انحنى النظام وقتها للعاصفة بقبوله خيار تقرير المصير للجنوب ونتائجه معروفة للجميع، وقد نصل الى نتيجة مماثلة في حالة الحرب القائمة الان اذا لم يتدخل العقلاء من ابناء السودان لايقاف الحرب والجلوس في مائدة مفاوضات شفافة لا تستثني احدا لتحديد مستقبل البلاد بالتوصل الى اتفاق كيف يحكم السودان وليس من يحكمه.
ففي ظل هذا المشهد الذي يزداد تعقيدا كل يوم كيف يمكننا قراءة المشهد في السودان وتأثيراته المباشرة على منطقة القرن الافريقي ؟ ان منطقة القرن الأفريقي التي تضم ( السودان وأثيوبيا وإرتريا والصومال وجيبوتي) ويمكن أن يزيد عددها وفق التداخل والمصالح المشتركة (قرن افريقي سياسي وليس جغرافي). تعتبر منطقة إستراتيجية حساسة للغاية بالنسبة للعالم، وان الدول الكبرى التي تسعى للهيمنة وتنظر لأمنها القومي على أساس أنه يمتد ليشمل كل العالم، ويزيد من أهمية منطقة القرن الأفريقي أنها تسيطر على باب المندب الذي يعتبر أهم ممر مائي عالمي في منطقة يهيمن على الحصة الأكبر من احتياطي وإنتاج النفط وتصديره للعالم. واصبح اى الممر في الاونة الاخيرة موقع نفوذ الدول لايجاد موطئ قدم هناك ، وامامنا شواهد حدة الصراع والاهتمام بإقامة القواعد العسكرية للعديد من الدول المتنافسة في المنطقة. وجدير أن نذكر هنا تشكل جديد لمنطقة القرن الافريقي يعلمه كل متابع والسودان في الاولوية يجري الاعداد له على قدم وساق ،ولهذا يقوم المخطط على ضرب النسيج الاجتماعي للمشروع الوطني المتمثل في الدولة القطرية، لتفتيت السودان الذي يعتبر بوابة لدخول المنطقة في دوامة صراعات تفوت فرصة التنمية والتعاضد بين سكان القرن الأفريقي ، ان التركيز والاهتمام بأوضاع السودان يأتي من ما يشكله السودان من بعد استراتيجي وسياسي لدول القرن الافريقي من عمق جيوسياسي واجتماعي بحكم المساكنة حيث أن الشعب الإرتري والشعب السوداني تربطهما علاقات التداخل القبلي بين الدولتين ، بالاضافة الى علاقات المصير المشترك. والامر نفسه ينطبق على اثيوبيا والصلات الثقافية والعلاقات الاقتصادية مع بقية دول القرن، فالذين يستهدفون القرن الأفريقي بالتفجير بالضرورة يستهدفون السودان لأهميته ومكانته في الاقليم. تأثير الحالة السودانية على دول القرن الافريقي التي اشرنا اليها انفا تأثير مباشر حيث ترتبط معظمها بحدود جغرافية وامتدادات اجتماعية مع السودان وان استمرار الصراع سوف ينعكس بشكل مباشر على امنها الوطني ولهذا نلاحظ تدخل بعضها في الصراع بانحيازها الى هذا الطرف او ذاك ، كما ان مصالح اقليمية ودولية متداخلة تجعل من تأجيج الحرب ودعم اطرافها امرا غير مستغرب كما نشاهد الان. ونشير هنا الى مسألة مياه النيل والخلاف الذي نشب بانشاء سد النهضة الاثيوبي على مقربة من الحدود السودانية الاثيوبية على ارض بني شنقول وكيف ان كل من اثيوبيا ومصر عمل جاهدا لكسب الموقف السوداني الى جانبه وكذلك مشكلة الفشقة في ولاية القضارف على الحدود مع اثيوبيا على الرغم من وجود اتفاقات بين الدولتين والاعتراف المتبادل بتبعيتها للسودان تشير اصابع الاتهام الى دور اقليمي واطماع مازالت تأخذ حيزا كبيرا في صراع الموارد .
ادريس همد
26/04/2024
idrisy35@hotmail.com
ففي ظل هذا المشهد الذي يزداد تعقيدا كل يوم كيف يمكننا قراءة المشهد في السودان وتأثيراته المباشرة على منطقة القرن الافريقي ؟ ان منطقة القرن الأفريقي التي تضم ( السودان وأثيوبيا وإرتريا والصومال وجيبوتي) ويمكن أن يزيد عددها وفق التداخل والمصالح المشتركة (قرن افريقي سياسي وليس جغرافي). تعتبر منطقة إستراتيجية حساسة للغاية بالنسبة للعالم، وان الدول الكبرى التي تسعى للهيمنة وتنظر لأمنها القومي على أساس أنه يمتد ليشمل كل العالم، ويزيد من أهمية منطقة القرن الأفريقي أنها تسيطر على باب المندب الذي يعتبر أهم ممر مائي عالمي في منطقة يهيمن على الحصة الأكبر من احتياطي وإنتاج النفط وتصديره للعالم. واصبح اى الممر في الاونة الاخيرة موقع نفوذ الدول لايجاد موطئ قدم هناك ، وامامنا شواهد حدة الصراع والاهتمام بإقامة القواعد العسكرية للعديد من الدول المتنافسة في المنطقة. وجدير أن نذكر هنا تشكل جديد لمنطقة القرن الافريقي يعلمه كل متابع والسودان في الاولوية يجري الاعداد له على قدم وساق ،ولهذا يقوم المخطط على ضرب النسيج الاجتماعي للمشروع الوطني المتمثل في الدولة القطرية، لتفتيت السودان الذي يعتبر بوابة لدخول المنطقة في دوامة صراعات تفوت فرصة التنمية والتعاضد بين سكان القرن الأفريقي ، ان التركيز والاهتمام بأوضاع السودان يأتي من ما يشكله السودان من بعد استراتيجي وسياسي لدول القرن الافريقي من عمق جيوسياسي واجتماعي بحكم المساكنة حيث أن الشعب الإرتري والشعب السوداني تربطهما علاقات التداخل القبلي بين الدولتين ، بالاضافة الى علاقات المصير المشترك. والامر نفسه ينطبق على اثيوبيا والصلات الثقافية والعلاقات الاقتصادية مع بقية دول القرن، فالذين يستهدفون القرن الأفريقي بالتفجير بالضرورة يستهدفون السودان لأهميته ومكانته في الاقليم. تأثير الحالة السودانية على دول القرن الافريقي التي اشرنا اليها انفا تأثير مباشر حيث ترتبط معظمها بحدود جغرافية وامتدادات اجتماعية مع السودان وان استمرار الصراع سوف ينعكس بشكل مباشر على امنها الوطني ولهذا نلاحظ تدخل بعضها في الصراع بانحيازها الى هذا الطرف او ذاك ، كما ان مصالح اقليمية ودولية متداخلة تجعل من تأجيج الحرب ودعم اطرافها امرا غير مستغرب كما نشاهد الان. ونشير هنا الى مسألة مياه النيل والخلاف الذي نشب بانشاء سد النهضة الاثيوبي على مقربة من الحدود السودانية الاثيوبية على ارض بني شنقول وكيف ان كل من اثيوبيا ومصر عمل جاهدا لكسب الموقف السوداني الى جانبه وكذلك مشكلة الفشقة في ولاية القضارف على الحدود مع اثيوبيا على الرغم من وجود اتفاقات بين الدولتين والاعتراف المتبادل بتبعيتها للسودان تشير اصابع الاتهام الى دور اقليمي واطماع مازالت تأخذ حيزا كبيرا في صراع الموارد .
ادريس همد
26/04/2024
idrisy35@hotmail.com