حول رواية ليلى أبو العلا: “حارة المغنى”: بقلم: انيتا سيثي وبيث كمنجق .. ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي

 


 

 


حول رواية ليلى أبو العلا: "حارة المغنى"

بقلم: انيتا سيثي وبيث كمنجق

ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي

تقديم: هذه ترجمة لعرضين مختصرين عن رواية الروائية السودانية (من أم مصرية) ليلى أبو العلا "حارة المغنى" (ويمكن ترجمتها ب"زقاق الأغاني")، والتي صدرت في أخريات عام 2010م عن دار نشر  "بلومزبري". نشر العرض الأول لناقدة متخصصة في صحيفة "التلغراف" البريطانية في 12/12/2010م، بينما نشر العرض الثاني بقلم قارئ عادي في موقع أمازون.
للروائي والشاعر والناقد جمال محمد إبراهيم مقال ضاف عن هذه الرواية نشر في صحيفة "الأحداث" قبل شهور بعنوان: "حارة المغنى" : حيرة وطن.
**************************
العرض الأول بقلم: أنيتا سيثي
في روايات "ليلى أبو العلا" تحدث التغيرات الفجائية في مصائر الناس توترات عاطفية بالغة الأثر. وفي روايتها التي صدرت مؤخرا (والتي تدور أحداثها في سودان الخمسينات، قبيل الاستقلال)، يتعرض "نور"، وريث عائلة "أبو زيد" البالغة الثراء من أعمالها التجارية الواسعة، إلى حادث سقط فيه من شاهق، وهو يحاول الغطس في مياه البحر الأبيض المتوسط في مدينة الإسكندرية. تهشمت في ذلك الحادث بعض فقرات ظهره فأصيب بالشلل التام، وتحطمت بذلك الحادث أحلام علقت عليه في تلقي تعليم عال، وإدارة شركات عائلته بطرق عصرية، ثم زواجه من ابنة عمه الجميلة "ثريا". كان "الظهر" استعارة مجازية في سائر أحداث الرواية، للمقابلة بين "التفكير الرجعي (المتخلف) " و"التفكير التقدمي" و بين "الضعيف العاجز" و"القوي القادر".
تقوم هذه الرواية الملحمية التي تحكي – دون كبير تزويق-  عن مشاعر إنسانية أساسية، على أساس روائي بديع، قد يعوزه أحيانا الاستواء.  تعرض المؤلفة في الرواية لوجهات نظر متباينة في حالة من التحول، ويعطي ذلك القارئ رؤى رائعة عن المجتمع السوداني، إذ أن الرواية تعرض لشخصيات مختلفة تمثل تناقضا دراميا بين التقليد والحداثة.  تزوج السيد/ محمود كبير عائلة "أبو زيد" من زوجتين: وهيبة (السودانية التقليدية المحافظة") ونبيلة (المصرية الراقية الحديثة). مثل ذلك الصراع بين السودان ومصر. ومثلت "ثريا" خطيبة "نور" وابنة عمه الفكر الجديد، السوداني الأصيل والحالم بمستقبل زاهي.
ما يسيطر على ذهن القارئ تماما وهو يقرأ فصول هذه الرواية، هو مدى تلك الإمكانية الهائلة لتحقيق (أو لإحباط) أحلام الحالمين بمستقبل زاهي. تلك الإمكانية التي وصفتها المؤلفة بأنها: "ضخمة وغامضة كسواد ليالي السودان".
تتوق "ثريا" إلى أن تصبح "مركز كل شيء"، بيد أن حالة كونها امرأة، تلزمها بأن تظل في الهامش. تقدم لنا ليلى أبو العلا هنا صوتا بليغا لنصف المجتمع الصامت. في نظر "ثريا" بعض الضعف، فهي لا ترى النجوم في السماء بوضوح، بيد أن والدها يمنعها من أن تستخدم نظارات (حتى لا تتشبه بالرجال!) بينما يقوم خطيبها "نور" سرا بشراء نظارات لثريا حتى "ترى كل شيء بوضوح تام". الطريق إلى "وضوح الرؤية" فكرة أساسية شديدة الجاذبية عند ليلى أبو العلا.
تكتب ليلى أبو العلا نثرا جميل المبنى، بديع المعنى. يمثل هدم أمل "نور" في أن يصبح شاعرا غنائيا موهوبا أهم مسار  في الرواية، رغم أنه كان ينبغي عليه أن يكافح ضد رغبة والديه وأهله ومجتمعه في أن ينأى بنفسه عن مجتمع الفن (من كانوا يسمون بالصيع. المترجم).
ألهمت قصة حياة "نور" (وهو الشاعر الغنائي المعروف حسن عوض أبو العلا. المترجم) المؤلفة لكتابة الرواية. تدور الرواية حول سؤال هام ومركزي، وهو: ما هو دور الفنانين في مجتمعنا؟ ترسم مؤلفة "حارة المغنى/ "زقاق الأغاني" وبحساسية فائقة تطور فنان شاب وهو يشحذ موهبته بجد واجتهاد. تكتب المؤلفة في هذا الصدد ما نصه: "لا بد أنها مهارة، مثلها مثل مهارة صيد السمك. ترمي بشباكك في نهر من الأحلام، فتصطاد مجموعة رائعة من الكلمات."  في هذا العالم المزعزع المتغير يجد "نور" أن "القصيدة هي ملاذه".
تستحضر هذه الرواية وبشكل جلي أطيافا من أزقة السودان ومصر وبريطانيا، وتستكشف بصورة دقيقة مؤثرة المسارات الخفية للقلب والعقل معا، بكل ما فيها من غضب وعار وبغض وعشق.
****************************
العرض الثاني بقلم: بيث كمنجق
استمتعت جدا بقراءة رواية "زقاق الأغاني". تدور الرواية حول عائلة رجل أعمال سوداني هو السيد/ محمود أبو زيد في سنوات خمسينات القرن الماضي، والبلاد تتجه نحو الاستقلال عن مصر وبريطانيا، وتكوين قومية مستقلة. تحكي الرواية عن "محمود أبو زيد" كبير عائلة "أبو زيد" الثرية، والذي سار على خطى أسلافه في ميادين التجارة، والتي لهم فيها تاريخ طويل. فقد كان جده تاجرا بسيطا، ووالده صاحب محل في السوق العربي. طور محمود من تجارة أهله، فصار يستورد ويصدر، وله مخازن ومحال في كل من السودان ومصر. زوجته الأولى امرأة سودانية قروية كبيرة، أنجبت له ولديه الكبيرين "ناصر" و"نور"، بينما زوجته الثانية امرأة مصرية راقية وصغيرة السن، أنجبت له ولدا وبنتا. تدور الرواية في جانب صغير منها حول التناقض بين الزوجتين من ناحية الشكل والثقافة والتوقعات في الحياة، بينما يدور الجزء الأكبر من الرواية حول الحادث المأساوي الذي وقع للشاب "نور" في شاطئ الإسكندرية.
يتغير العالم من حول عائلة "أبو زيد" بسرعة، وعلى كل فرد من أفراد العائلة أن يتعلم أن يتعامل مع تلك التغيرات المتسارعة. تقوم الرواية ببصيرة نافذة بفحص الحياة السودانية، والفروقات بين مصر والسودان، مما يجعل فهم الصدع الحادث الآن بين البلدين (!؟ المترجم) أكثر سهولة.
لقد وجدت الرواية آسرة للحد البعيد، لذا أرشحها لكل من له شغف لمعرفة ثقافات الشعوب الأخرى، ودراسة تاريخ البلدان المختلفة من خلال قصة أو دراما عائلية.

نقلا عن "الأحداث"

badreldin ali [alibadreldin@hotmail.com]

 

آراء