دعوة لتطوير نظام خلاوي تحفيظ القرآن الكريم

 


 

 

حسين عبدالجليل
خلاوي تحفيظ القرآن الكريم هي نظام تعليمي قديم في بلادنا, وهو رغم اضمحلال أثره بعد انتشار التعليم الحديث فمازالت الخلاوي منتشرة من أقصي شرق السودان الي أقصي غربه.

الأسر التي ترسل أبنائها للتعلم في الخلاوي, بدلا من ارسالهم للمدارس النظامية, هي في الغالب الأعم أسرا ريفية فقيرة. و ربما لهذا السبب (فقر وقلة نفوذ المنتفعين بالخلاوي) لم تنال الخلاوي أي أهتمام من الدولة السودانية منذ الاستقلال. فحسب علمي لاتوجد ميزانية بوزارة التعليم العام للصرف علي الخلاوي, ولا أدري هل هناك أي بنود صرف عليها من قبل وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف؟

منذ نشأتها قبل قرون, ترتبط الخلاوي ارتباطا وثيقا بالمجتمع الذي تنشأ فيه, فذلك المجتمع يمولها بالعون الذاتي الأهلي الذي يشمل الصرف علي تلاميذها في سكنهم و معيشتهم. المشكلة الكبري في نظام الخلاوي هي أن المستقبل المهني لخريجيها ينحصر في حصول قلة قليلية من المحظوظين منهم علي وظائف براتب شهري كأئمة مساجد, أو ربما مؤذنين ببعض المساجد. و يسعي الكثرة منهم للتكسب بتلاوة القرآن الكريم, ولكن كم نسبة من يصبح منهم شيخ الزين أو شيخ نورين؟

في هذا المقال أدعو للتفكير جديا لايجاد بدائل أخري تعين خريجي الخلاوي لكسب عيشهم بكرامة. كرامة تليق بحفظة القرآن الكريم.

ماأقترحهه هو أنه عند بدء التلميذ لدراسته في أي خلوة, فيمكن لأسرته أن تختار له تعلم حرفة يدوية مثل النجارة, الحدادة, حياكة الملابس, ميكانيكا تصليح السيارات أو غير ذلك من الحرف اليدوية. يواصل التلميذ منهجه الدراسي لحفظ القرآن الكريم مع تعلمه للحرفة التي أختارها أو اختارها له أهله, علي أن يكون قد أجاد الحرفة اجادة تامة عند تخرجه من الخلوة.

أيضا يجب علي الدولة (كواجب أخلاقي) أن تسهل لمن يريد منهم مواصلة تعليمه الاكاديمي النظامي (بدلا من تعلم حرفة)- أن يفعل ذلك بموازة مواصلته للتعلم بالخلوة و لو كان ذلك عن طريق مدارس مسائية ابتدائية تكون علي مقربة من الخلاوي .

نطبيق هذا الأقتراح في أرض الواقع سيتطلب مواردا مالية لتنفيذه , و أعتقد أن جلب الموارد المالية سيكون الجزء الأسهل , فقد أعتمدت الخلاوي لمئات السنين علي تبرعات المحسنين الذين يمكنهم أن يقوموا بتمويل أنشاء ورش مهنية صغيرة ملحقة بالخلاوي . لكن التحدي الأكبر سيكون في ايجاد نظام مركزي فعال, يشمل كل السودان, يقوم بالتخطيط لكيفية ادارة و صيانة هذه الورش و استقطاب المعلمين و المدربين لها و من ثم الاشراف علي توزيع التلاميذ الذين أكلموا تدريبهم علي العمل مؤقتا مع حرفيين في مناطقهم وذلك قبل دخولهم لسوق العمل. طبعا لن يقيض لهذا الاقتراح بالتطبيق الا اذا تبنته وزارة التعليم العام أو وزارة الشؤون الدينية.

الدولة السودانية تأخرت كثيرا في وضع نظام للأشراف علي الخلاوي و تطويرها باعتبارها مؤسسات تعليمية أهلية سودانية ذات جذور ضاربة في القدم في مجتمعاتها. ربما كان سبب هذا الأهمال هو أن الخلاوي تخدم مجتمعات ريفية فقيرة لاصوت لها مقارنة مع الصوت العالي لسكان الحضر الذين لايدرس أبناؤهم في الخلاوي. وفي أصلاح نظام الخلاوي فائدة لأسر التلاميذ( الذين ينتمي معظمهم لاسر فقيرة) و لسوق العمل الذي سيتم رفده باستمرار بحرفيين مهرة.


husseinabdelgalil@gmail.com

 

آراء