ذكاء الحركة بعين أسامة ..!!

 


 

 

الصباح الجديد -
بكل قوة عين قال القيادي بحركة الاصلاح الآن أسامة توفيق في خبر للزميلة (السوداني): إن من يستحق حكم البلاد هم الاسلاميون لأنهم اذكياء، مشيراً إلى أن الإسلاميين والشيوعيين هما فقط من لديهما فكر متقدم في السياسة.
وأضاف “تكررت للمرة الثانية عبارة (اذهب للقصر رئيساً وسأذهب للسجن حبيساً)، وتم استخدام القحاتة على نطاق واسع (وشالوا وش القباحة) في رفع الدعم وتعويم الجنيه”، وتابع :”الإسلاميون أصحاب (الرصة والمنصة)، ونفذوا بالقحاتة مهمة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
مع احترامنا للدكتور أسامة توفيق وحرصه على علو كعب الحركة الاسلامية والسير بفقه (أنتم الأعلون) ، إلا أن تصريحه هذا تكذبه الوقائع التي استشهد بها لتعضيد وتعزيز حديثه في السياق الدلالي.
فالموضع الذي ذكرت فيه مقولة (أذهب الى القصر رئيساً وسأذهب الى السجن حبيساً) كان المقصد منه أن الدكتور الترابي يقول للبشير أن الحركة الاسلامية هي التي صنعتك ووضعتك في هذا المقام وأنت خنتها ولم توف بعهدها وأخرجتها خارج السلطة وظلمت ذوي القربى وظلمهم أشد مضاضة ، ولعل وقتها كثير من الاسلاميين ظنوا أن المفاصلة نفسها تمثيلية لتفويت الفرصة على الاعداء ، ولكن عندما اشتد ساعد من في السلطة وعملوا على التنكيل بشيخهم وإخوانهم وبدا العضاض شاخصاً إقنتع الجميع أن ما حدث مفارقة حقيقية، وبالتالي (أذهب...) ليست محل استشهاد ولم تكن تعبر عن ذكاء حتى في مهادها الأول فبعض التنظيمات كشفت ان انقلاب يونيو 1989 وراءه الاسلاميون منذ أول يوم.
والغريب أن د.غازي صلاح الدين رئيس حزب توفيق نفسه إنبرى مهاجماً الدكتور الترابي لصالح البشير عندما كان وزيراً للاعلام ، بسبب توقيع الشعبي مذكرة للتفاهم مع الحركة الشعبية شمال بقيادة الراحل جون قرنق ، فكيف يخرج شيخه عن الملة وهو مؤمن بهذه المقولة التي استشهد بها الترابي أثناء التهاب المفاصلة؟
أما مسألة رفع الدعم وتعويم الجنيه فروشتة صندوق النقد والبنك الدوليين بدأتها الانقاذ ، ولكنها في كل مرة كانت تحاول إنفاذها بشكل كامل وتخاف من مآلات ذلك فتتراجع وتتمسك بالتطبيق التدريجي، مع مواصلة نهازي الفرص من عضوية المؤتمر الوطني في افقار البلاد بنهب أموالها وثرواتها والدخول في حروب مع الجميع وبالتالي زيادة الصرف على الأمن ، ولم يتحمل هذا الخطل في السياسات حتى الدكتور أسامة توفيق وخرج بل فصل من إخوانه بسبب تبنيهم خط الاصلاح من الداخل ولدرجة غضبتهم سموا حزبهم (الاصلاح الآن)، وكان ذلك بعيد هبة سبتمبر 2013 والتي كادت أن تعصف بالنظام لولا حصد رصاصه لأكثر من مائتي ثائر لتمضي المسيرة على ذات المنهاج وحتى السقوط الذي خرجت قبله حركة الاصلاح الآن من البرلمان، وقاطعت حكومة البشير هل كل هذه هي فقط دراما (مسبكة) أخرجها عقل الاسلاميين الذكي؟.
أما مسألة وضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب فهذا يؤكد عدم ذكاء الحركة الاسلامية منذ البداية فمن يريد تصدير ثورته يقدر امكانياته ولا يتوكل دون حزم أمره ، فالتحدي بفتح البلاد للاسلاميين من كل دول العالم والرهان على المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي ، ومحاولة اغتيال حسني مبارك ، وقضية الشيخ عمر عبدالرحمن وخدعة المخابرات المصرية التي أوصلت السودان للتصنيف والدمغ بالارهاب من قبل واشنطن وكل هذه الملفات وغيرها كانت سبباً رئيسياً في معاقبة الشعب السوداني بعقوبات لا ناقة له فيها ولا جمل.
ولو كانت قوى الحرية والتغيير (داقسة) وقامت برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب واتباع سياسات اقتصادية أعادت للاقتصاد الكلي عافيته لولا أن قطعها الانقلابيين وأعادوا السودان للمربع الأول ، فهل ذلك يؤهل الاسلاميين لممارسة الخداع مرة أخرى على الشعب السوداني باعتبار أن ذكائهم هو الذي قادهم لتسخير (قحت) لذلك؟ صحيح هناك عودة عبر بوابة الانقلاب للاسلاميين ولكنها لم تنضج بعد ونسى توفيق أن يشكر العسكر على التطبيع مع اسرائيل كخطوة فشلت الحركة الاسلامية في تحقيقها.
القصد من هذا التفنيد ليس سخرية ولكن على كل من سار في ركب الحركة الإسلامية السودانية أن يقر بأنها الأكثر تميزاً من رصيفاتها في العالم لأنها تطورت في بيئة متسامحة فلم تتعرض للملاحقة والاضطهاد كمثيلاتها، وكانت قيادتها الأكثر انفتاحا قياسا بالإسلاميين الآخرين، جمعوا بين الثقافة الإسلامية وبين التخرج في أفضل الجامعات الغربية. وشاركت الحركة الإسلامية السودانية في الحكم على فترات، ثم استولت على السلطة بصورة كاملة فى 30 يونيو 1989 لفترة امتدت ثلاثين عاماً، ولكن كانت تجربتها الأسوأ فى تاريخ السودان الحديث.
الجريدة
/////////////////////////////////

 

آراء