رثاء إلى زوجي سامي سالم

 


 

 

 

أحلام إسماعيل حسن

 


 

 

لم يكن السابع عشر من سبتمبر 2007م يوما عاديا منذ صباحه. كنت أجلس مع صغيريَّ محمد وعمرو في حديقة منزلنا بأدمنتون بعد أن نقل زوجي سامي سالم إلى المستشفى إثر إصابته بسكتة قلبية. كنت في دواخلي أرفض التصديق بأنه سوف يرحل عن عالمنا على الرغم من كلام الأطباء.

كان قلبي رافضا لفكرة الفراق تماما، ويصيح ليسكت عقلي الذي كان في حيرة كبيرة من أمره. وفجأة يصرخ صغيري عمرو : يا أماه انظري إلى السحاب،ها هو ذا أبي يطير إلى فوق. انظري. فنظرت إلى السماء وقرأت نفس الذي قرأه عمرو، وتأكدت من أن سامي لن يعود. أحسست وكأنني

قد أغشي علي. وذهبت في حلم غريب. رأيت نفسي بصحبة سامي وأبنائي في زورق صغير تتقاذفه الأمواج المتلاطمة، والظلام يحيط بنا من كل

حدب وصوب، والغمام الأسود الكثيف يغطي السماء. ثم علت الأمواج وعلت. أصرخ صرخات مدوية يتردد صداها في كل أرجاء المكان. وسمعت صوت سامي وهو يهدئني ويأويني قائلا: لا تخافي. بعدها تظهر نجمة بعيدة ضعيفة الضوء وتختفي مرة أخرى.

وفجأة يظهر نور، ويحيط بزورقنا أناس كثيرون يحملون مشاعل في أيديهم ويمشون فوق الماء. وعندما نظرت رأيت شيخ طريقة يتقدم هذا الحشد وكان يرتدي جلبابا أبيض اللون وفي كتفه عباءة سوداء. إنه الشيخ الطريفي. بعدها سمعت صوت النوبة يتردد في كل الأرجاء ويرجع صداها، ويظهر المجذوب وجمال محمد أحمد ودكتور علي المك ثم يلوح لي طيف الشاعر محمد عبدالحي ومحي الدين صابر. وأناس كثيرون لا أعرفهم.

بعدها ألتفت لأرى شبح رجلين لم أكد أميزهما لأتبين فجأة أبي إسماعيل حسن يقود وراءه الفنان النعام آدم. وعلى خلفية ذلك أسمع في ذلك الفضاء الواسع أغنية: والله طاريك يا ام درق. فصرت أبكي وأبكي حتى اختلطت دموعي بمياه المحيط الذي أحسست وكأنه يبكي معي

يظهر لي خالد الكد رافعا يده محييا سامي ويقول له : مرحبا يا شيخنا

وفي مشهد آخر يظهر الفنان حسن عطية وهو يردد أغنيته الرحيل ثم أرى بشار الكتبي وهو يقول لسامي: أنا أيضا سألحق بهم. وهناك إبراهيم عوض وأحمد الجابري وأحمد المصطفى يغني يا رائع جفيتني ... ثم يأتي أخيرا الطيب محمد الطيب. فأنظر إلى سامي وأسأله عما يحدث!!  فيقول لي هذه الأغنية بصوت زيدان إبراهيم!! فأسمع أغنية

 داو ناري والتياعي

 وتمهل في وداعي

 يا حبيب الروح هب لي

 بضع لحظات سراع

 

 ويرجع صداها في أرجاء المكان

وفجأة اختفى كل من رأيت وتوجهتْ نحونا موجة كبيرة حاول سامي أن يحول بيننا وبينها ولكن الموجة كانت أعلى منه كثيرا فدفعته وأخذته في علو وهبوط بعيدا عنا

أنا أصرخ وأمد يدي إليه ولكن بلا طائل فقد ذهب إلى عمق المحيط. لحظتها لم استطع الصراخ وكتمت الصرخة بدواخلي

فجأة أرى نور الصباح. ويصل الزورق إلى الشاطئ فأنزل منه وأحس بأن الأرض تهتز تحت أقدامي فأجلس وأنظر إلى عيني عمرو ومحمد لأرى الأمل الباكر والألق. وكانت نهاية وبداية. واحترق الورق وانكسر القلم وانطوت صفحة عامرة كانت مليئة بمعاني الحياة

اللهم ارحم سامي سالم بقدرما كان قلبه عامرا بكل جميل

***

وقفة : قصيدة النجم الذي غاب

 

هـــدأ الليـــل وزادت آلامـــي بسكــونــه الرهيــب

فـي سمـائه الزرقــاء التمعـت نجيماتـنا يــا حبيــب

بـبـريق الأسى وما كتبـت لنـا الأيام مـن نصيــــب

وبكـت ما شـهــدنــاه مــن عهــود الأمـــان القشيب

حيث كنا نتوق إلى ازدهارها ونحـلم بــأن تصيــب

ازداد لمعان النجيمات وأومأت عيناها برمق كئيب

وبكـت بدموع مــن لـظـى ودمـــوع مــن لهيــــب

تبكي مصرع الآمال في قلبي ومآل الزمان الغريب

فلـكم تمنيت بزوغ فجـر الأماني والأماني لا تجيب

فلـقــد ولـى زمان الحب والأحلام في زمن عصيب

نجيمات الهوى كفي عن النواح.. كفي عن النحيب

واســدلي ستــار الهــوى فالهـوى قدر ككل نصيب

 

 

AHLAM HASSAN [ahlamhassan@live.ca]

 

آراء