سودانيون في امريكا (49): الشيوعيون. واشنطن: محمد علي صالح

 


 

 

من قروب "يوكانا" (خريجي جامعة الخرطوم في أمريكا)
واشنطن، محمد علي صالح
الجمعة الجامعة، والكلمة السامعة. اللهم الطف بالعباد.
واللهم الطف بأعضاء هذا القروب، بعد ان تركوا وطنهم الأول (السودان)، وجاءوا الى وطنهم الثاني (أمريكا). وصاروا يواجهون مشاكل المهاجرين، جيلا بعد جيل، ومن بلد بعد بلد.
مؤخرا، نشر الأخ احمد الصايم، عضو هذا القروب، رايا عنوانه: "اليسار الهارب غربا، وعقدة الذنب الأيديولوجية."
فيهم الشيوعيون المهاجرون (وهم لا يؤمنون بالله). والقوميون العرب المهاجرون (وقضوا سنوات يشتمون أمريكا). والاسلاميون المهاجرون (وكانوا يهتفون: "يا أمريكا لمى جدادك").
الأخ احمد الصايم أعاد نشر راي الأخت رشا عوض، رئيسة تحرير صحيفة "التغيير". ويدور حول عبارة "المعذبون في الأرض"، إشارة الى التناقضات التي صار هؤلاء يعيشون فيها.
كتبت الأخت رشا عوض: " غالبية هؤلاء المتنطعين تجدهم شيوعيين فروا من جحيم وطنهم إلى أمريكا، او دول أوروبية غربية. اي إلى عقر دار الامبريالية والرأسمالية. وهم هناك سعداء جدا بجوازاتهم الأجنبية، وهانئين في النعيم البرجوازي في قلاع الرأسمالية، وغير مستعدين لمغادرته مطلقا."
وكتبت: "الشخص الأسير للأيدولوجيا، والذي رضع عقيدة الولاء والبراء الماركسي او الاسلاموي او العروبي، التي من اهم أركان التوحيد فيها الكفر بأمريكا والغرب، ووجوب محاربة هذا الطاغوت حتى بلوغ إحدى الحسنيين النصر او الشهادة، هذا الشخص حتما عندما يستقر به المقام في رحاب الغرب الامبريالي الرأسمالي سيكون من المعذبين في الأرض!"
وكتبت: " ... سيكون مستغرقا في إثبات صحة إيمانه الماركسي، ونقائه الايدولوجي، وتبرئة نفسه من تهمة خيانة البروليتاريا، عبر المزايدات والمغالاة في لعن سنسفيل الدول الامبريالية التي شد الرحال إليها طوعا واختيارا. رغم ان كوبا وكوريا الشمالية وروسيا والصين موجودة على خريطة هذا العالم."
في الشهر الماضي، في هذا القروب، كتب الأخ "قيس"، عضو هذا القروب، سلسلة آراء احتفل فيها بذكرى الانقلاب العسكري الشيوعي الفاشل في السودان (سنة 1971). وكتب كثيرا عن "الثورة الحمراء" و "الأبطال الشهداء" و "الحزب الشيوعي".
ونشر اغنى الفنان محمد وردى، وقصائد محجوب شريف.
ووصف عبد الخالق محجوب، السكرتير السابق للحزب الشيوعي، وكأنه واحد من الملائكة: "طار بى حبلو حلق. فج الموت وفات. خلى الموت محلق."
ووصف الحزب الشيوعي بانه "من كل الزوايا. وإلى ما لا نهاية. ومن كل الشوارع. وفي كل المصانع."
وفي الأسبوع الماضي، أعاد الاخ إسماعيل بدوي، عضو قروب "الجالية السودانية في واشنطن"، نشر راي عنوانه: "ان تكون شيوعيا في السودان." فيه إشادات بشخصيات شيوعية كثيرة. من حسن الطاهر زروق، الى محمد مختار الخطيب.
ليس هذا الموضوع عن شيوعيين سودانيين هاجروا الى أمريكا، ويفتخرون بشيوعيتهم. بل يشيدون بالانقلاب العسكري الشيوعي الفاشل (سنة 1971).
هذا عن موضوع اهم، وهو الاختلافات (والحروب) التاريخية بين العقيدة الشيوعية والعقيدة الديمقراطية.
تظل الشيوعية تحكم وتهدد (والحمد لله، فشلت في روسيا، ودول شرق أوروبا).
تحكم الصين. والاختلافات بين الصين وامريكا ليست فقط اقتصادية، وسياسية، وعسكرية. ولكن، أهم من هذا كله، اختلافات عقائدية: العقيدة الشيوعية ضد العقيدة الامريكية.
الصين تشتم بابا الفاتيكان، وتحظر تبشير المسيحيين، وتنقل المسلمين الى معسكرات الاعتقال.
نعم، الشيوعية أنواع (لكنها تتفق على عداء حرية امريكا، السياسية والاقتصادية).
ونعم، توجد الشيوعية الدينية (لكنها تعلو على الدين، وتأخذ منه ما يناسبها).
الشيوعية التي يروج لها الشيوعيون السودانيون في أمريكا لا تؤمن بالدين، ولا بالحرية.
لكن، حرية أمريكا أساسها دين أمريكا.
نعم، فصلت أمريكا الدين عن الحكومة (وعن السياسة والسياسيين). لكنها لم تفصله عن الدولة، وعن دستور الدولة. وعن قسم الولاء الذي يقسم به الذين يحصلون على الجنسية الامريكية (منهم كثير من الشيوعيين السودانيين).
لكن، لا بأس.
لان الله غفور ورحيم، يمكن لأمريكا ان تكون غفورة ورحيمة.
هي تريد الرحمة من الله ليغفر لها ذنوبها. وفى نفس الوقت، تقدر على ان تمنح الرحمة لهؤلاء، وتغفر لهم ذنوبهم.
في بلد الحرية العظيم هذا، يوجد شيوعيون، واشتراكيون، ونازيون، وفاشيون، وفوضويون، وكثير من أعداء الحرية.
هكذا، رحمة امريكا على أعداء حريتها.
حتى قانون الهجرة الأمريكي، الذي يمنع دخول الشيوعيين، فيه استثناءات.
لهذا، تتوقع امريكا من هؤلاء ان يحترمونها، مثلما تحترمهم.
رحمة الله للذين لا يؤمنون به.
واحترام أمريكا للذين لا يحترمونها.
===========

mohammadalisalih@gmail.com
//////////////////////////

 

آراء