شكرٌ .. وذمٌّ .. وشيءٌ ثالث
جعفر خضر
7 April, 2023
7 April, 2023
الشكر:
أود أن أشكر الدكتور سيف الدين الأسد بالولايات المتحدة الأمريكية الذي تحمل كامل تكلفة كرسي كهربائي لمصلحتي (جعفر خضر)، والذي بلغت كلفته ستة آلاف دولار، وهذا سالفٌ يصعب رده في ظل الظروف الاقتصادية الماثلة. تظل كلمات الشكر والامتنان عاجزة، ولكن من لا يشكر الناس لا يشكر الله .
كما اشكر أصدقاء وإخوان وأخوات كثر من حركة بلدنا، الذين تحزموا وتلزموا وعملوا على شراء الكرسي. وعندما استعان العزيز عادل عبد الجليل جاليلو بالدكتور سيف الدين الأسد للاستفادة من خبرته في مجال الكراسي الكهربائية بغية الحصول على نوع جيد، تصدى الدكتور سيف الدين للأمر وكفى الأصدقاء شر القتال.
كانت اول مرة استخدم الكرسي الكهربائي في بدايات العام 2017 بعد ان اشتريت كرسيا مستعملا من احدى صيدليات القضارف، بتشجيع من الأستاذ محجوب صغيرون، إذ أنني كنت أخشى ألا أستطيع استعماله، بحكم أن إعاقتي تتضمن اليدين .
اشتريت ذلك الكرسي بمبلغ تسعة آلاف جنيه ، وكان معروضا بمبلغ 11 ألف جنيه. كان المبلغ له قيمة في ذلك الوقت، أواخر العام 2016، ولكنه لم يكن مبلغا عصيا على التدبير.
وارى ان الكرسي الكهربائي قد صنع فرقا إيجابيا كبيرا في حياتي، اذ انه اعطاني قدرا معتبرا من الاستقلالية. فلكي اصل من حي ديم النور الى سوق القضارف فانني لا احتاج الى مرافقة أحد. ولكن الكرسي العادي يتطلب شخصا آخر يدفعه طوال المشوار.
ظللت استخدم هذا الكرسي الكهربائي قرابة السنوات الست، وقد ابلى بلاء حسنا بتسهيل المشاركة في المليونيات والكثير من الأنشطة الأخرى حتى تعطل مقود تحكمه في يوليو 2022.
وطبعا هذه الكراسي لا اسبيرات لها في السودان، لا مقود التحكم، ولا البطارية، والتي عندما ضعفت اضطررنا لاستخدام بطارية بديلة، ولا حتى اللساتك التي يكثر استهلاكها بسبب الحركة في الشوارع السيئة، فكم غيرت لساتكها (المجد لها) بلساتك مستعملة من السودان، ولساتك جديدة من السعودية، وذات مرة اشتريت كرسي كهربائي خردة واستفدت من اللساتك الأربعة والشاحن.
ولكن لما تعطل مقود التحكم، لم نتمكن من إصلاحه، ولم نعثر على بديله، رغم المجهودات التي بذلها مامون علي في الخرطوم، وزهير الفاضل في الإمارات، وعبد الله عبد القيوم عبدالله عبدالله عبدالقيوم نعيم في القاهرة، ومحمد خضر وعبد الرحمن محمد علي في السعودية.
انصب كل تفكيري في شراء كرسي آخر مستعمل،ولا غرابة فقد قضى معي الكرسي السابق ست سنوات، وكان سعره معقولا جدا . ولكن قطع مأمون قول كل خطيب، عندما قال لي ان كرسيا جديدا قد تم شراؤه بالولايات المتحدة الأمريكية، وأنهم بصدد ترتيب ترحيله.
قد تنادى قرابة الثلاثين شخصا من الأصدقاء والإخوان والأخوات من حركة بلدنا ويمموا وجوههم لتجميع المبلغ عند الدكتور أسامة محمد ادريس . ولكن عندما تواصل جاليلو مع الدكتور سيف الدين تحمل الأخير العبء .
استلم العزيز محمد مصطفى عبادي الكرسي الكهربائي بالولايات المتحدة الآمريكية، وقسمه إلى قطع، فأرسل قطعة مع أحد أصدقائه، صحبة راكب، وجاءت القطعة الثانية برفقة جاليلو عندما أتى للسودان في أكتوبر الماضي، وشحن عبادي القطعة الثالثة شحنا.
أي أن الكرسي تقسم إلى ثلاث قطع، وجعلوا في كل طائرة قطعة، وفي الخرطوم جاءني الكرسي يسعى، وسبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين.
الذم:
زاد وزير مالية الانقلاب جبريل إبراهيم الجمارك على الكراسي المتحركة لذوي الإعاقة من 3% الى 10%.
ولم يكتف الانقلابيون بزيادة الأعباء المالية على كاهل ذوي الإعاقة، بل وزادت عليهم الأعباء النفسية باستخدام مفردات ومصطلحات غير متفق عليها.
إذ أن الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادق عليها السودان، سمت ذوي الإعاقة بذوي الإعاقة. يستخدم كثيرون مصطلح "ذوي الاحتياجات الخاصة" وهم يقصدون بذلك استخدام مفردات أكثر تهذيبا من وجهة نظرهم. ورغم طيب النوايا، لكن المصطلح لا يصف بدقة الشريحة المعنية. ولقد "نجر" الإماراتيون مصطلح "ذوي الهمم" وهو مصطلح عاطفي ينزع نحو التمجيد الجزافي.
أما الانقلابيون ووزير ماليتهم جبريل إبراهيم فقد استخدموا في وثيقة زيادة الجمارك المرفقة مصطلح (العجزة وذوي العاهات) وهذه أقرب للشتائم والبذاءات.
قد نصت الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة - التي صادق عليها السودان - (لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من العيش في استقلالية والمشاركة بشكل كامل في جميع جوانب الحياة، تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة التي تكفل إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع غيرهم، إلى البيئة المادية المحيطة)
وقد نص قانون الأشخاص ذوي الإعاقة القومي لسنة (2017) ضمن المادة الرابعة (إعفاء الأجهزة التعويضية الطبية والإلكترونية ومعينات العمل والحركة والتعليم الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة من الضرائب والرسوم الأخرى والرسوم الجمركية).
مما يعني أن الانقلابيين يخالفون الاتفاقات والقوانين، ويرهقون الشعب السوداني وذوي الإعاقة بالجبايات التعسفية .
ليس هذا وحسب، بل هم يزيدون يوميا عدد ذوي الإعاقة باستخدام العنف المفرط في مواجهة المواكب السلمية.
لكل ذلك لا بد من بذل قصارى الجهد لإسقاط الانقلاب بالوسائل السلمية ، ومليونية 6 أبريل، اليوم، فرصة للمضي قدما في هذا الطريق الذي لا يساورنا أدنى شك أن نهايته النصر المؤزر .
الشيء الثالث:
أما الشيء الثالث الذي هدفت إليه من هذا المقال - هو أن أجيب على سؤال : من أين لك هذا؟
وهو سؤال مهم جدا ينبغي أن يحرص المنخرطون في العمل العام على الإجابة عليه بأريحية وعن طيب خاطر .
هنالك مشكلتان في هذا السياق : إحداهما أن الأغلبية تستحي من رفع هذا السؤال بظن أنه يتضمن إدانة ما! وهذا غير صحيح؛ وثانيهما أن البعض لا يشهرون سؤالا وإنما يلصقون تهما مباشرة. وقد تعرضت شخصيا لهذا النوع كثيرا من الأجهزة الأمنية تارة، وتارة من ثوار أو مرتدين لزي الثورة.
إن الفضاء العام في السودان اضحى شديد التلوث جراء تجريف الأخلاق الذي مارسه الكيزان على مدى أكثر من 30 عاما، ونتاج لفعائل البرهان وحميدتي والانقلابيين من ضمنهم الولاة والمعتمدين، الذين يمنحون العطايا والرشاوى والهدايا. كما ان العطايا المخابراتية لدول الاقليم المتدخلة في الشأن السوداني (الإمارات - السعودية - مصر - إسرائيل) في المتناول، وفاغنر والذمم المأمركة البغيضة تتقدل في سوق النخاسة السياسية.
لكل ذلك طرحت السؤال استباقا : من أين لي هذا الكرسي الكهربائي؟
وقد اجبت على هذا السؤال أعلاه . إن المساءلة ليست خصما علينا، بل هي حصننا الحصين.
****
عودا على بدء، أشكر دكتور سيف الدين الأسد على هذا السند الكبير، شكرا جاليلو ومأمون وعبادي والجميع.
gafar.khidir70@gmail.com
أود أن أشكر الدكتور سيف الدين الأسد بالولايات المتحدة الأمريكية الذي تحمل كامل تكلفة كرسي كهربائي لمصلحتي (جعفر خضر)، والذي بلغت كلفته ستة آلاف دولار، وهذا سالفٌ يصعب رده في ظل الظروف الاقتصادية الماثلة. تظل كلمات الشكر والامتنان عاجزة، ولكن من لا يشكر الناس لا يشكر الله .
كما اشكر أصدقاء وإخوان وأخوات كثر من حركة بلدنا، الذين تحزموا وتلزموا وعملوا على شراء الكرسي. وعندما استعان العزيز عادل عبد الجليل جاليلو بالدكتور سيف الدين الأسد للاستفادة من خبرته في مجال الكراسي الكهربائية بغية الحصول على نوع جيد، تصدى الدكتور سيف الدين للأمر وكفى الأصدقاء شر القتال.
كانت اول مرة استخدم الكرسي الكهربائي في بدايات العام 2017 بعد ان اشتريت كرسيا مستعملا من احدى صيدليات القضارف، بتشجيع من الأستاذ محجوب صغيرون، إذ أنني كنت أخشى ألا أستطيع استعماله، بحكم أن إعاقتي تتضمن اليدين .
اشتريت ذلك الكرسي بمبلغ تسعة آلاف جنيه ، وكان معروضا بمبلغ 11 ألف جنيه. كان المبلغ له قيمة في ذلك الوقت، أواخر العام 2016، ولكنه لم يكن مبلغا عصيا على التدبير.
وارى ان الكرسي الكهربائي قد صنع فرقا إيجابيا كبيرا في حياتي، اذ انه اعطاني قدرا معتبرا من الاستقلالية. فلكي اصل من حي ديم النور الى سوق القضارف فانني لا احتاج الى مرافقة أحد. ولكن الكرسي العادي يتطلب شخصا آخر يدفعه طوال المشوار.
ظللت استخدم هذا الكرسي الكهربائي قرابة السنوات الست، وقد ابلى بلاء حسنا بتسهيل المشاركة في المليونيات والكثير من الأنشطة الأخرى حتى تعطل مقود تحكمه في يوليو 2022.
وطبعا هذه الكراسي لا اسبيرات لها في السودان، لا مقود التحكم، ولا البطارية، والتي عندما ضعفت اضطررنا لاستخدام بطارية بديلة، ولا حتى اللساتك التي يكثر استهلاكها بسبب الحركة في الشوارع السيئة، فكم غيرت لساتكها (المجد لها) بلساتك مستعملة من السودان، ولساتك جديدة من السعودية، وذات مرة اشتريت كرسي كهربائي خردة واستفدت من اللساتك الأربعة والشاحن.
ولكن لما تعطل مقود التحكم، لم نتمكن من إصلاحه، ولم نعثر على بديله، رغم المجهودات التي بذلها مامون علي في الخرطوم، وزهير الفاضل في الإمارات، وعبد الله عبد القيوم عبدالله عبدالله عبدالقيوم نعيم في القاهرة، ومحمد خضر وعبد الرحمن محمد علي في السعودية.
انصب كل تفكيري في شراء كرسي آخر مستعمل،ولا غرابة فقد قضى معي الكرسي السابق ست سنوات، وكان سعره معقولا جدا . ولكن قطع مأمون قول كل خطيب، عندما قال لي ان كرسيا جديدا قد تم شراؤه بالولايات المتحدة الأمريكية، وأنهم بصدد ترتيب ترحيله.
قد تنادى قرابة الثلاثين شخصا من الأصدقاء والإخوان والأخوات من حركة بلدنا ويمموا وجوههم لتجميع المبلغ عند الدكتور أسامة محمد ادريس . ولكن عندما تواصل جاليلو مع الدكتور سيف الدين تحمل الأخير العبء .
استلم العزيز محمد مصطفى عبادي الكرسي الكهربائي بالولايات المتحدة الآمريكية، وقسمه إلى قطع، فأرسل قطعة مع أحد أصدقائه، صحبة راكب، وجاءت القطعة الثانية برفقة جاليلو عندما أتى للسودان في أكتوبر الماضي، وشحن عبادي القطعة الثالثة شحنا.
أي أن الكرسي تقسم إلى ثلاث قطع، وجعلوا في كل طائرة قطعة، وفي الخرطوم جاءني الكرسي يسعى، وسبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين.
الذم:
زاد وزير مالية الانقلاب جبريل إبراهيم الجمارك على الكراسي المتحركة لذوي الإعاقة من 3% الى 10%.
ولم يكتف الانقلابيون بزيادة الأعباء المالية على كاهل ذوي الإعاقة، بل وزادت عليهم الأعباء النفسية باستخدام مفردات ومصطلحات غير متفق عليها.
إذ أن الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادق عليها السودان، سمت ذوي الإعاقة بذوي الإعاقة. يستخدم كثيرون مصطلح "ذوي الاحتياجات الخاصة" وهم يقصدون بذلك استخدام مفردات أكثر تهذيبا من وجهة نظرهم. ورغم طيب النوايا، لكن المصطلح لا يصف بدقة الشريحة المعنية. ولقد "نجر" الإماراتيون مصطلح "ذوي الهمم" وهو مصطلح عاطفي ينزع نحو التمجيد الجزافي.
أما الانقلابيون ووزير ماليتهم جبريل إبراهيم فقد استخدموا في وثيقة زيادة الجمارك المرفقة مصطلح (العجزة وذوي العاهات) وهذه أقرب للشتائم والبذاءات.
قد نصت الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة - التي صادق عليها السودان - (لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من العيش في استقلالية والمشاركة بشكل كامل في جميع جوانب الحياة، تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة التي تكفل إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع غيرهم، إلى البيئة المادية المحيطة)
وقد نص قانون الأشخاص ذوي الإعاقة القومي لسنة (2017) ضمن المادة الرابعة (إعفاء الأجهزة التعويضية الطبية والإلكترونية ومعينات العمل والحركة والتعليم الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة من الضرائب والرسوم الأخرى والرسوم الجمركية).
مما يعني أن الانقلابيين يخالفون الاتفاقات والقوانين، ويرهقون الشعب السوداني وذوي الإعاقة بالجبايات التعسفية .
ليس هذا وحسب، بل هم يزيدون يوميا عدد ذوي الإعاقة باستخدام العنف المفرط في مواجهة المواكب السلمية.
لكل ذلك لا بد من بذل قصارى الجهد لإسقاط الانقلاب بالوسائل السلمية ، ومليونية 6 أبريل، اليوم، فرصة للمضي قدما في هذا الطريق الذي لا يساورنا أدنى شك أن نهايته النصر المؤزر .
الشيء الثالث:
أما الشيء الثالث الذي هدفت إليه من هذا المقال - هو أن أجيب على سؤال : من أين لك هذا؟
وهو سؤال مهم جدا ينبغي أن يحرص المنخرطون في العمل العام على الإجابة عليه بأريحية وعن طيب خاطر .
هنالك مشكلتان في هذا السياق : إحداهما أن الأغلبية تستحي من رفع هذا السؤال بظن أنه يتضمن إدانة ما! وهذا غير صحيح؛ وثانيهما أن البعض لا يشهرون سؤالا وإنما يلصقون تهما مباشرة. وقد تعرضت شخصيا لهذا النوع كثيرا من الأجهزة الأمنية تارة، وتارة من ثوار أو مرتدين لزي الثورة.
إن الفضاء العام في السودان اضحى شديد التلوث جراء تجريف الأخلاق الذي مارسه الكيزان على مدى أكثر من 30 عاما، ونتاج لفعائل البرهان وحميدتي والانقلابيين من ضمنهم الولاة والمعتمدين، الذين يمنحون العطايا والرشاوى والهدايا. كما ان العطايا المخابراتية لدول الاقليم المتدخلة في الشأن السوداني (الإمارات - السعودية - مصر - إسرائيل) في المتناول، وفاغنر والذمم المأمركة البغيضة تتقدل في سوق النخاسة السياسية.
لكل ذلك طرحت السؤال استباقا : من أين لي هذا الكرسي الكهربائي؟
وقد اجبت على هذا السؤال أعلاه . إن المساءلة ليست خصما علينا، بل هي حصننا الحصين.
****
عودا على بدء، أشكر دكتور سيف الدين الأسد على هذا السند الكبير، شكرا جاليلو ومأمون وعبادي والجميع.
gafar.khidir70@gmail.com