شٌـملة بنت عِنيـزة: إن غَلبـّك سـدٌها ما توسِـع قـدّها 

 


 

 

في مقال سابق تحت عنوان :

شٌـملة بنت عِنيـزة هي تِلاتِيَـة وقـَدها رُبَـاعِي تطرقت لردود الأفعال حول الحالة الإقتصادية الراهنة وميزانية العام ٢٠٢٢م، التي تناولها الكثيرين محذرين من إننا على حافة الإنهيار الإقتصادى،  وكما ذكرت حسب تقديري إننا لسنا على الحافة بل في جُِـب الإنهيار.

بأخذ تداعيات الأحداث خلال الأيام السابقة التي أكد لنا ما ذكرته في المقال المذكور إننا فعلاً في جُِـب الإنهيار للأسباب التالية :


°  أولاً  :

حملة إعلامية غير مسبوقة لإظهار إن الحالة في تحسن وجاري العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تداعيات تجميد التدفقات النقدية من الخارج فى ٢٥ أكتوبر . منها :


١. تصريح وزير الموارد المعدنية بأن صادر السودان من الذهب  وصل لرقم غير مسبوق وهو ١.٧ مليار دولار . ولم يذكر كم هي الكمية - لا أعلم إن حجب الكمية بالطن ونشر العائد بالدولار تم بقصد أو بدونه -.  لكن للعلم حسب تقديرات السوق إن سعر الطن ٥٠ مليون دولار مما يعني أن الكمية التي حققت المبلغ المذكور بالتصريح في حدود ال ٣٥ طن . عليه إن تصريح وزير المعادن   جانبه الصواب بكلمة (غير مسبوق) .  علماً بأن ما يتناوله الإعلام وتصريحات المسؤولين أن إنتاج السودان فوق ال ١٠٠ طن ، وفي تصريح لوزير الصناعة الأسبق المرحوم موسى كرامة  أن إنتاج السودان فوق ال ٢٠٠ طن في السنة ، مما يعني ان هناك خلل وتهريب لأكثر من  ٦٥٪ من الإنتاج اي ٦٥ طن بأفتراض الإنتاج ١٠٠ طن ، حسب تقديري إن عوائد ال ٦٥ طن أكثر من ٣ مليار دولار كافية جداً  لتغطية الجزء الأكبر من عجز ميزانية العام ٢٠٢٢  الناجم عن تجميد التدفقات النقدية الخارجية . وكان الأفضل والأخف وطأة على المواطن ملاحقة عوائد هذه الكمية ومعرفة مهربيها وملاحقتهم ضمن ال ٢٠٨ شركة  المجمدة معاملاتها البنكية بالبنوك التجارية بموجب قرار بنك السودان لعدم توريدها عائدات الصادر . ملاحقة هذه العوائد بديلاً لإصدار ما تم تسميته  بموجهات الميزانية لفرض رسوم ، و ضرائب ، وجبايات ، طالت الكهرباء والمواد البترولية، و طالت حتي رسوم دخول المستشفيات الحكومية وسلسلة تكاليف العلاج بمضاعفات مضاعفات الرسوم السابقة ، والتي هي أصلاً  كانت منهكة لكاهل المواطن قبل مضاعفاتها .


٢. أقر وزير المالية جبريل إبراهيم خلال ورشة حول الصادرات الزراعية إن الحكومات المتعاقبة قصّرت في إستغلال موارد البلاد .


٣. كما ذكر السيد الوزير في نفس الورشة إن العجز بلغ ٢.٥ مليار دولار  خلال الأشهر التسعة الأولى من العام ، وليت السيد الوزير كان شفافاً وذكر لنا العجز في ما بعد التسعة الأشهر الأولى ،  أي الثلاثة أشهر الأخيرة بعد ٢٥ أكتوبر  لنعلم مقدار إنجازاته فيها حيث كان وزيراً للمالية كامل الدسم بكامل سلطاته دون رقيب أو حسيب من  مجلسي السيادة و الوزراء الغير موجود أصلاً  طيلة أكثر من أربعة أشهر ، حيث يمتلك سلطة الملاحقك لأنه حسب قراراته و ما يسمى موجهات ميزانيته في هذه الفترة يمثل  بصفته وزيراً المالية بماكينة رئيس وزراء ..


٤.  أقر وزير المالية السوداني ، جبريل إبراهيم ، بتقصير الحكومات المتعاقبة في إستغلال الموارد الطبيعية للبلاد.

وجاء ذلك لدى مخاطبته ورشة بعنوان تطوير وترقية الصادرات الزراعية والحيوانية  والتي عقدت بببنك السودان .  كما أستنكر إبراهيم إن تكون بلاده تمتلك كل هذه الموارد وتعاني من الجوع والفجوة الغذائية، ونشتكي من عجز الميزان التجاري .

السؤال للسيد الوزير بما أنك تربعت على منصب وزير المالية ماقبل وبعد ٢٥ أكتوبر ما هي الخطط والسياسات التي وضعتوها  كوزارة مالية لمعالجة ما ذكرته من تقصير الحكومات السابقة ؟ وهل تعلم وزارة المالية أن الجزء الأكبر من  العجز الحالي ناتج عن أن الميزانية التي بُنيت على تدفقات نقدية خارجية من قروض ، ومعونات وعائدات صادر وتحويلات مغتربين  والتي أصبحت هباءاً منثوراً بين ليلة وضحاها ، و إن العجز إن كان بسبب تقصير الحكومات السابقة - والذى ذكره السيد الوزير- ليس بالقدر الذي ضاعفت به وزارة المالية بموجب موجهات الميزانية الرسوم وما شكلها من مسميات .


° ثانياً  :

في ظل الظروف الحالية ونحن في جُـب الإنهيار تم عقد ورشة تطوير وترقية الصادرات الزراعية والحيوانية ، وكأننا نملك إنتاج وينقصنا التصدير ، والأوجب عقد عدة ورش لمناقشة ترقية وزيادة الإنتاج وتطويره كجودة يمكن المنافسة بها، وحلحلة مشاكل الإنتاج والمتمثلة في القطاع الزراعي حيث  إنه يمثل رافعة الإقتصاد من الجُـب :


١. ورش توفير مدخلات الإنتاج من معدات زراعية وتقاوي وسماد ، توفيرها بالجودة العالية والتكلفة تكون مستثناءة من أي رسوم وجبايات وموجهات ميزانية . حيث جُِل هذه المدخلات عاني منها الموسم الرزاعي الحالي بعروته الصيفية والشتوية . مثالاً لا حصراً عاني مشروع الجزيرة والمناقل بحكم إنه أكبر مشروع مساحته تفوق الاثنين مليون فدان ، عاني في الري في العروة الصيفية ولولا رحمة المولى عز وجل بنزول أمطار كافية  لأصابتنا مصيبة الجوع ، مع نفس مشكلة الري في نفس المشروع واجهت العروة الشتوية في القمح والمقتدرين من المزارعين لجأوا للري بالطلمبات  في ظل تكاليف المواد البترولية العالية. كذلك عانت العروة الشتوية من إحجام وزارة المالية والبنك الزراعي عن تمويل السماد المفترض وصوله أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر ، وما لاح في الأفق  فقط ما يُعتقد  إنه الحل سوى خبر وصول باخرة سماد اليوريا ميناء بورتسودان في يوم ٢ فبراير ٢٠٢٢م، (والزراعة مواقيت - من المفترض توفير السماد في بداية الزراعة، أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر).


٢. العمل على تخفيض تكلفة الزراعة عموماً ، والتي بموجب موجهات الميزانية رفعت التكلفة ممثلة في تعرفة الكهرباء مما أرغم المزارعين لوقف ري محصل القمح في الرقعة الثانية المعول عليها توفير كميات من الإنتاج لتسهم في حاجة البلاد من القمح ، حيث تمثل زيادة الإنتاج التخفيف من الطلب على العملات الصعبة لتوفير القمح لرغيف الخبز .


٣.  ورش لحل مشكلة الجبايات والضرائب المفروضة على المنتجات الزراعية في زرائب المحاصيل ورسوم العبور والتي تسهم مساهمة سلبية  في عدم قدرة المصدرين على المنافسة في السوق المحلي والعالمي  . وإصدار قوانين رادعة للجهات التي تفرض هذه الرسوم من محليات ومعتمديات  دون رقيب ، أو حسيب لتسيير أعمالها  من رواتب ومخصصات ، مع العلم ان مصاريف التسيير تقررها وتحولها وزارة المالية ، والعمل على تعطيل أي تشريعات قانونية تخول لهذه المحليات، والمعتمديات والولايات  لجبايات ورسوم على المنتجات الزراعية تقعد المنتجين عن زيادة الإنتاج  نسبة لقلة العوائد والإتجاه لبدائل أخرى {التعدين الأهلي} .


٤. ورش لتوفير التمويل للمزارعين بالحصول على المعدات بتسهيلات متناسبة مع مصادر دخلهم مع تسهيل الضمانات  حتى لا تكون عقبة أمام المزارع في الحصول على التمويل .


٥. ورش عمل عن التصنيع الأولى والتنظيف وجودة التعبئة، كي يتحصل معظم المزارعين على عوائد قيمة مضافة محفزة لزيادة الإنتاج ، مع قيام الجمعيات التعاونية الصناعية للمزارعين لتصنيع منتجاتهم وتصديرها للأسواق العالمية .


٦َ. ورش عمل لتوفير أهم  البنيات التحتية للصادر وهي صناعة التعبئة والتغليف حسب المواصفات العالمية ، والتي ما زالت بدائية وغير مطابقة للمواصفات العالمية  ، هذه الورش لإستقطاب رؤوس الأموال والشركات والقطاع الحكومى للإستثمار في توفير مواد التعبئة والتغليف المستهدفة ، حيث إن الإستثمار في تصنيع مواد التعبئة والتغليف حسب المواصفات العالمية يتطلب رؤوس أموال كبيرة . مع الأخذ في الإعتبار  إن المتوفر من مصانع  المتخصصة في تصنيع مواد التعبئة والتغليف بالمواصفات العالمية  في السوق المحلي لا يغطي ٥٪ من حاجة السوق لتعبئة وتغليف منتجاتها وخاصة الزراعية وغزو الأسواق المحلية والعالمية .


٧. ورش وعمل دراسات لتحقيق أكبر عدد من أهداف التنمية المستدامة لبعض السلعة المتميز بها السودان . مثالاً لا حصراً :

  (أ) تصنيع سلعة الصمغ وتجهيزها كمدخلات غذائية وأغذية علاجية حسب المواصفة العالمية .

(ب) حلج وتجهيز الأقطان طويلة التيلة ومتوسطة التيلة {خامة الخيوط الرفيعة} للحصول على قيمة مضافة عالية جداً لتصديرها لمصانع الغرب في إنجلترا وسويسرا وفرنسا واليابان مالكة تقنية ومصانع منسوجات الخيوط الرفيعة مثل التوتال وال تو باى تو واللينو ، حيث إن الغرب لم يفرط في تقنيتها لتهرب لدول آسيا الهند والصين وباكستان ، بل إن كل مصانع الغرب التي تنتج منتجات القطن طويل التيلة ومتوسط التيلة  تعمل بنصف طاقتها الإنتاجية نسبة لشح خام هذه الأقطان  في الأسواق العالمية ، إضافة للقيمة المضافة العالية ، تسهم بذرة القطن الناتجة من الحلج لإنتاج أفضل واحسن زيوت الطعام من ناحية صحية ، مما يوفر الضغط على الخزينة العامة بإستيراد زيوت الأولين وخلافها الضارة بالصحة..

من أهداف التنمية التي يحققها تصنيع سلعتي الصمغ والقطن ١٢ هدف من ال ١٧ هدف التي تمثل أهداف التنمية المستدامة ، وال ١٢ هدف منها الآتي  :

 القضاء على الفقر ، القضاء التام على الجوع ، توفير الصحة الجيدة وبالرفاه ، توفير  التعليم الجيد  ،  مدن ومجتمعات محلية مستدامة  وذلك نسبة لتحسن دخل وعائدات  المنتجين من القيمة المضافة للسلعتين المتميزتين وخلق زيادة الطلب عليها . وتحقيق هذه ال ١٢ هدف كافية للخروج من جُِـب الإنهيار الإقتصادي.


ثالثاً :

١َ. التخبط في إتخاذ القرارات وإلغائها  وخاصة المتعلقة بالرسوم .

٢. التصريحات والتغريدات الغير مسؤولة من جهات غير متخصصة منها ما هو مخجل في قامة وطن ، منها تصريح منسوب لأحد المسؤولين بوجوب فرض رسوم وحددها ب ٢٠٠ دولا  على الأجانب البالغ عددهم ٨ مليون - حسب التصريح-، وبحساب تجار السوق سوف تحقق مبالغ كبيرة ، ولا يعلم هذا المسؤول إن الدولة تفتقد الإحصاءات التي تُبني عليها القرارات  وتوضع بموجبها السياسات في كل مؤسسات الدولة ، ومن بينها بيانات الأجانب وعددهم ، والدولة عاجزة حتى حصر عدد الأجانب ومناطق إقامتهم وسكنهم  لمتابعتهم في قضية أكبر من تحصيل الرسوم وهي محاربة الجريمة ومهددات أمن المواطن .

٣. التخبط في السياسة الخارجية المعروفة بسياسة المحاور  والتي لها مردودات  سلبية تنعكس على الحالة الإقتصادية. مثالاً توقيت زيارة وفد روسيا في هذا الوقت الحرج مما يتم تفسيره بأن موقفنا موقف المؤيد لدولة أعتدت على سيادة دولة أخرى ، في ظل معاناتنا مع المجتمع الدولي . مما ستجر علينا الزيارة في هذا الوقت بالذات مزيداً من الإنهيار على الإقتصاد. مما يضعنا في مواجهة جُل الدول الغربية ومنها أصحاب مؤتمر باريس الإقتصادي الخاص بدعم السودان ، والتي كانت سنداً قوياً لرفع السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب وقائمة المقاطعة  الإقتصادية ، وفتحت هذه الدول في مؤتمر باريس ٢٠٢١ معظم أبواب ومنافذ دخول الدعم الخارجي والتدفقات النقدية الخارجية  بما فيها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومبادرة الهيبك لإعفاء ديون الدول الفقيرة.


خاتمة :


° والحق يقال إن هناك ورقة واحدة قدمت في ورشة تطوير وتنمية الصادرات الزراعية والحيوانية ببنك السودان .

 الورقة نشرتها وكالة السودان للأنباء، تطرقت لمعظم مشاكل الإنتاج بصورة تحليلية بحتة مدعمة بالأرقام مع مقترحات الحلول بصورة مهنية بحتة ، وتطرقت لبعض ما تطرقت له في هذا المقال والمقال السابق  . وهي ورقة:

 {رؤية وزارة الزراعة والغابات في تطوير الصادرات الزراعية النباتية المعوقات والحلول}،

والتي قدمتها الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم ، وذكرت  أن صادرات القطاع الزراعي تتمثل  في السمسم ، القطن ، القول السوداني ، الصمغ العربي ، السكر والمولاص ـ الذره ، الكركدي ، حب البطيخ ، الخضر ، الفاكهة ، الزيوت النباتيه ، الأمباز والمولاس. وتطرقت بالتحليل لكل منتج على حدة مشاكله ومقترحات حلوله.

 ما عدا هذه الورقة  معظم  المشاركين في  ورشة تطوير وترقية الصادرات الزراعية والحيوانية  المذكورة من قطاع المصدرين دون القطاعات الأخرى من قطاعات الخدمات اللوجستية من ترحيل وشحن وتخليص المرتبطة أرتباطاً وثيقاً بالتصدير عامة .. وأن البعض من المشاركات  ركزت في ما يخدم مصالحهم  دون التركيز على مناقشة مسببات الوقوع في جُب الإنهيار وهو الإنتاج  ومعالجة حصول المنتجين على العوائد النجزية والمحفزة لزيادة الإنتاج مما يخدم مصالحهم كمصدري بزيادة الصادر في المدى القريب  .. والمؤسف أن الورشة المذكورة والمشاركين فيها من الجانب الحكومي تغاضوا عن مورد  اهم من موارد الثروة الزراعية والحيوانية وهو عوائد الذهب ..


نسأل الله اللطف والتخفيف.


سـيد الحسـن عبـد اللٌـه

الإثنين ٢٨ فبـراير ٢٠٢٢م

ــــــــــــــــــــــــ


elhassansayed@hotmail.com

 

آراء