صلاح قوش، البؤس ونهاية الجواسيس

 


 

محمد الربيع
28 February, 2022

 

————————
لكلِ شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ - فلا يُغَرُّ بطيبِ العيشِ إنسانُ
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ - من سرّه زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدارُ لا تُبقِي علي أحدٍ - ولا يدومُ علي حالٍ له شانُ
،،،، أبو البقاء الرندي ،،،،

✍️في الأيام الماضية تداول ناشطون علي مواقع التواصل الإجتماعي صوراً للفريق أمن معاش صلاح قوش المدير الأسبق لجهاز الأمن والمخابرات وإنقسموا ما بين شامتٍ منه ومشفقٍ، عليه ،، حيث ظهر بشكلٍ بائس وصحة منهارة وبدا نحيلاً شاحباً يرتدي الجلباب وينتعل السفنجة ويبدو في منزلٍ متواضع حيث يقيم بالعاصمة المصرية القاهرة منذ سقوط نظامه البائد هارباً من الملاحقة والعدالة التي تنتظره جراء ما إرتكبت يديه في عهد الظلم والظلمات حين كان الرجل ملء السمع والبصر يمشي الهويني ويختال كالطاؤوس في دروب السودان يطارد الشرفاء المعارضين لنظامه البائد وفكره المسموم يعتقل، يعذب، يغتصب ويقتل كما يشاء وكأنه فوق القانون والحساب وأسس واحدة من أقذر الأجهزة الأمنية عبر التاريخ متخصصاً فقط في قهر وإذلال الشعب السوداني بدلاً من أن يكون حامياً وظهيراً له وبني أسوأ الأقبية لإنتهاك آدمية الإنسان والحط من مكانته التي كرمها الله وهي (بيوت الأشباح) التي مورست بداخلها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر علي قلبِ بشر!! فمن هناك بدأ النظام عهده الدموي بدقّ مسمارٍ في رأس طبيب وأختتمه بخازوق في دبر معلمٍ!

?خلال تلك السنوات العجاف كان صلاح قوش هو العصا الغليظة للنظام والجاسوس القاتل الذي قال في عزّ جبروته الفرعوني "كل من يخرج علي النظام سأقطع أوصاله" وكأنه لم يقرأ مصير الجبابرة والجواسيس قبله الذين ملأوا الدنيا رعباً وأكثروا من القتل والترهيب والمؤامرات وكانت نهاياتهم جميعاً واحدة ما بين الإغتيال وبنفس أساليبهم والقتل في حوادث غامضة والبؤس والشقاء قبل الموت الذليل وأغلبها من أصدقاء الأمس لأن في عالم الجاسوسية لا مكان هناك لكلماتٍ مثل الأخلاق، الأخاء، الوفاء والصدق والرحمة ! فالكل عدو الكل!! والكل يتجسس علي الكل وجميعهم قتلة منحطين وفي الأخير "إنك ميّتٌ وإنهم ميتون" !! فصلاح قوش وصل به الأمر ليتجسس علي رئيسه (المخلوع وزوجته) واللواء عبدالغفار الشريف يتجسس علي رئيسه قوش،،والفريق عطا يتجسس عليهما معاً والفريق طه "أبو حرفين" يتجسس عليهم جميعاً وفي الأخير ضحك عليهم وهرب بجنسيته المزدوجة!!!

☀️وبنظرة سريعة لبعض أشهر الجواسيس ورجال الأمن والمخابرات من المحيط إلي الخليج (الدول القمعية) نجد التشابه الغريب في نهاياتهم جميعاً لكنهم لا يعتبرون! فمن المملكة المغربية لا يجهل أحد إسم الجنرال المرعب - محمد أوفقير الذي شغل كل المناصب الأمنية مثل وزارة الدفاع والداخلية ورئاسة المخابرات وإشتهر بالقسوة وتعذيب الشرفاء ويُنسب إليه إغتيال المعارض الأشهر المهدي بن بركة عام 65 في باريس ،، ثم حاول الإنقلاب علي الملك الحسن الثاني نفسه فتم إعدامه مع وضع كل عائلته تحت الإقامة الجبرية إنتقاماً منه لمدة عشرين عاماً!! ثم قُتِل نائبه الشهير الجنرال أحمد الدليمي في "حادث غامض"!! وفي ليبيا القذافي يظهر إسم عبدالله السنوسي مثل هامان لفرعون ويُنسب إليه مجزرة سجن "أبو سليم " 1996 وقتل حوالي 1300 شاب وكذلك إغتيال وزير الخارجية الأسبق المعارض منصور الكيخيا في القاهرة بعد أختطافه وفي الأخير هرب كالجرذ بعد السقوط واُعتقل في نواكشوط وحالياً معتقل محكوم عليه بالإعدام في طرابلس في إنتظار التنفيذ!! ومن العراق لا يجهل أحد إسم الدكتور فاضل البرّاك "أشهر مدير مخابرات في تاريخ العراق (كاتب ومؤلف) ويحمل الدكتوراة في العلوم السياسية من موسكو شغل المنصب في سنوات الثمانينيات وفشلت علي جدرانه كل مكائد الغربيين والموساد والفرس!! ومات مقتولاً (في صراع نفوذ داخل البعث) عام 92 علي يد وزير التصنيع حسين كامل المجيد (إبن عم صدام وصهره) والذي مات مقتولاً بدوره في حادثة الخيانة الشهيرة عام 96!! ومن سوريا يظهر الإسم اللامع آصف شوكت صاحب السطوة والنفوذ وصهر الرئيس بشار والذي مات أغتيالاً في تفجير مبني الامن القومي ،،، ومن الجارة الشرقية نجد العقيد المرعب (تركّن) (اليد اليمني للإمبراطور هيلاسيلاسي) الذي إمتد دوره حتي دول الجوار ومات بائساً مشرداً مخموراً في شوارع لندن! ومن الجارة الشمالية مصر يكفي ذكر إسم أحد أشهر الجواسيس ورجال المخابرات في تاريخ مصر وهو اللواء عمر سليمان والذي أغتيل بدوره مع آصف شوكت في تفجير مبني الأمن القومي بدمشق وهناك روايات متضاربة عن هوية من فجّر المبني الحصين علي الرغم من مزاعم المعارضة السورية في تبني العملية لكن الحقيقة خلاف ذلك خاصة عندما تسمع لأحد الدبلوماسيين الأمريكيين يقول بالحرف: "إن عمر سليمان عَرِف أكثر مما ينبغي"!!! هذه العبارة تعتبر مفتاحية في مقتله (الغامض)!!! فالجاسوس يجب ألا يعرف أكثر مما ينبغي (حسب أسياده) لأن في أدبيات المخابرات هناك ما يُسمي ب "الساتر الحديدي للمعلومات" يجب أن يتوقف عنده الجاسوس! فكل هؤلاء مقارنة بصلاح قوش من حيث المهنية والتأهيل والدور الإقليمي لهم ولدولهم مقارنة بوضع السودان ودور جاسوسه هي كالمقارنة بين فريق الأمل عطبرة وفريق إيفرتون الإنجليزي!! فالأول أعلي تجاربه مع الهلال والمريخ والثاني يلعب مع عمالقة البريميرليغ!!!

✍️في الختام نقول لكل الشامتين والمشفقين علي حال صلاح قوش البائس هذا هو مصير كل الطغاة والجواسيس ومحترفي المؤامرات فعلي الرغم من معاناته من عدت أزمات منها تقدمه في السن ومرض الضغط والتدخين الشره ورفض أمريكا لدخوله (بعد نهاية دوره)!! ثم خوفه من العدالة "الحتمية" فهو يعاني الهزيمة النفسية للسقوط المذل ووجوده "أسيراً مقيّد الحركة) علي أيدي مخابرات السيسي!! والأسوأ كله هي مطاردة أرواح الضحايا له في الصحو وفي المنام ويا قاتل الروح وين تروح؟! وكما تدين تدان…..
وصدق من قال "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يُفتري….." صدق الله العظيم.

m_elrabea@yahoo.com
////////////////////////

 

آراء