على هامش الاحداث

 


 

هاني رسلان
29 June, 2011

 

أحاديث سودانية


•    مازالت محاكمة الكاتب الصحفى المعروف فيصل محمد صالح والدكتور عمر القراى تشغل حيزا كبيرا من التغطية والإهتمام فى السودان . كان فيصل قد نشر مقالا يطالب فيه بتحقيق منصف ونزيه حول قضية صفية إسحاق، التى تثير الكثير من التساؤلات حول عدم اهتمام سلطة الانقاذ بتبرئه ساحتها، فى قضية بالغة الحساسية تتعلق بالإتهامات التى وجهتها هذه الفتاه الشجاعة ضد بعض العاملين فى جهاز الأمن وما روته حول تعرضها للاغتصاب، خاصة أن هذه ليست هى القضية الإولى التى تثار فيها قضايا تتعلق بإمتهان او انتهاك كرامة النساء والفتيات بشكل بالغ .. إن مثل هذه القضايا تترك آثارا من الصعب محوها، وهى تلحق الأذى بشرعية النظام ومصداقية خطابه بشكل أكثر خطورة من كل القضايا الإخرى .. وكان من الواجب تلبية مطالب الرأى العام التى عبر عنها الصديق فيصل، عبر القيام بتحقيق دقيق تتوافر فيه شروط النزاهة والشفافية ، حتى لو أدى ذلك إلى إدانه البعض، بدلا من توجيه الاتهامات للفتاه بالتلفيق ومحاكمة أصحاب الرأى الذين لا يملكون سوى أقلامهم .. المحاكمة فى نهاية المطاف وسام على صدر فيصل الذى أعرفة منذ سنوات طويلة صاحب رؤية وموقف، ويدهشك فى الوقت نفسه بحيويتة البالغة ودفئه الانسانى الرائع الذى يجعلك تشعر دائما انه مازالت هناك اشياء ومعانى جميله فى الحياه . لجنة الشئون العربية بنقابة الصحفيين المصريين أصدرت بيانا حول قضية فيصل يدين الاعتداء على حرية الرأى والتعبير فشكرا لمقرر اللجنة الصديق جمال فهمى .
•    حسنا فعلت الحكومة السودانية بسحب قواتها من منطقة أبيى واحلال قوات اثيوبية محلها، حيث ان بقاء هذه القوات كان مخالفا بشكل صريح لبروتوكول ابيى ، الامر الذى كان سيعرض الخرطوم بلا شك لضغوط لا قبل لها بها بعد التاسع من يوليو.. الشاهد ان اثيوبيا بوجودها المباشر تحولت الى فاعل اقليمى جديد فى الازمة السودانية سيكون له تأثيره وسياساته الخاصة فى مقبل الايام فى اطار الاستراتيجية الاثيوبية الساعية الى دور مهيمن فى القرن الافريقى وحوض النيل .
•    الطلب الذى تقدمت به نائبة مفوضية حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة، للحكومة السودانية بالسماح لفريق تحقيق دولي بدخول جنوب كردفان وابيي للتحري حول مزاعم بوقوع انتهاكات لحقوق الانسان، يستدعى الى الذاكرة المسار الذى بدأت به أزمة دارفور، لذا فان الوصول الى حلول وتفاهمات سياسية واعادة النازحين الى مناطقهم الاصلية، ينبغى ان يكون مسارا اجباريا تحرص عليه الحكومة السودانية من تلقاء نفسها لتجنب تعقيدات كثيرة سوف تكون خارج السيطرة وتؤدى الى المزيد من التفكك او التحلل .
•    الارتباك الهائل الذى صاحب تأخر طائرة الرئيس البشير فى الوصول إلى بكين والغموض الذى ساد الموقف لمدة 6 ساعات، وسريان بعض الشائعات حول اختطاف الطائرة ، كان ذا دلاله بالغة الخطورة بالنسبة لهشاشة الوضع فى الخرطوم. وقد كان من المثير للدهشة، سعى بعض التصريحات الرسمية لتصوير نجاح البشير فى الوصول الى بكين فى اليوم التالى عبر مسار جوى جديد، باعتباره انتصارا على الولايات المتحدة ، رغم ان الحادثة فى مجملها، توضح  بشكل جلى مدى دقة وحساسية وصعوبة الموقف الذى يواجهه النظام.
•    أقام المجلس المصرى للشئون الافريقية الذى يترأسه الدكتور عبدالمنعم عمارة، حفل وداع للفريق عبدالرحمن سر الختم سفير السودان بالقاهرة الذى سينتقل سفيرا لبلاده فى اثيوبيا. كان على رأس الحاضرين الدكتور حسين العطفى وزير الموارد المائية والرى والسفير محمد مرسى عوض مساعد وزير الخارجية المصرى  لشئون السودان ونائبه السفير رجائى توفيق. كما شارك السفير مروان بدر مستشار وزيرة التعاون الدولى بالنيابة عن الوزيرة، والدكتور محمد البطران نائب الدكتور عمارة فى رئاسة المجلس. من الجانب السودانى شارك عدد كبير من اطياف مختلفة كان على رأسهم الوزير فى الحكومة السودانية مبروك مبارك سليم .. أشاد المتحدثون بالسفير سر الختم وأدائه الرصين، الذى استطاع من خلاله ان ينسج علاقات مميزة مع الجهات الرسمية وغير الرسمية خلال الفترة القصيره التى قضاها فى مصر والتى لم تتجاوز العشرين شهرا .. قلت لسعادة السفير لقد كانت احاسيسك الصادقة تجاه مصر ورغبتك فى توطيد التعاون بين البلدين تصل الى قلوب الجميع دون حجاب .
•     وصلنى مؤخرا العدد الثانى عشر من التقرير الاستراتيجى السودانى. التقرير هو احد الانشطة الكثيرة والمتعددة التى مازال مركز الدراسات السودانية يتابعها ويثابر عليها، عبر الاداء المتميز والجهد غير المسبوق للدكتور حيدر ابراهيم مؤسس المركز ومديره العام. تقرير هذا العام جاء متوازنا الى حد كبير بين الاقسام الثلاثة التى تناولت السياسة الداخلية والسياسة الخارجية وحركة المجتمع السودانى . وقد تميزت كالعادة دراسة الاستاذ محمد على جادين حول مواقف الاحزاب السودانية من اتفاقية نيفاشا. كما أسعدنى أن تكون الدراسة التى سبق أن قمت بنشرها فى مركز الاهرام عن انتخابات 2010 فى السودان، احدى الدراسات التى تضمنها التقرير .
•    حول تطبيع العلاقات الامريكية السودانية وكيفية تعامل الحكومة السودانية مع هذه القضية، نشر الدكتور خالد التيجانى مقالا مهما حلل فيه بدقة مسارات هذ العلاقة منذ ما قبل توقيع نيفاشا وصولا إلى الإستفتاء على حق تقرير المصير، وحدد مناطق الضعف التى يتسم بها الاداء الحكومى السودانى، وكيفية إهداره لكل الفرص المتاحة لتحقيق إنجاز يعتد به فى هذا المجال، وما هى مخاطر ذلك على السودان الشمالى فى المرحلة المقبلة من حيث انطلاق الضغوط الامريكية من عقالها بعد انجاز عملية انفصال الجنوب  . . المقال اتسم بوضوح الفكرة وشمولية التحليل مع لغة تتسم بالسلاسة والوضوح والمباشرة فى إطار من المكاشفة والصدق مع النفس، كالعهد دائما مع مقالات الدكتور خالد  .


 

آراء