في ذكرى الاديب الراحل الطيب صالح _عام على وفاته

 


 

د. أمير حمد
21 February, 2010

 

أولا  : في السرد والحوار "

 

يقول دكتور محمد يوسف نجم في كتابه فن القصة ص117

(....والحوار جزء هام من الأسلوب التعبيري في القصة . وهو صفة من الصفات العقلية , التي لا تنفصل عن الشخصية بوجه من الوجوه . وهذا كان من أهم الوسائل التي يعتمد عليها الكاتب في رسم الشخصيات . وعلاوة على ذلك , فكثيرا ما يكون الحوار السلس المتقن مصدرا من أهم مصادر المتعة في القصة , وبواسطته تتصل شخصيات القصة , بعضها بالبعض الآخر , اتصالا صريحا مباشرا , وبهذه الوسيلة تبدو لنا وكأنها تضطلع حقا بتمثيل مسرحية .....)

لقد تمكن الكاتب من إجراء الحوار بين الشخوص في رواية  موسم الهجرة الى الشمال وفق مقاييس فنية عالية نعني بها استخدام الحوار ككشف لذهنية وأحاسيس الشخصية وطريقة تعاملها مع الحياة  , كما في فصل ( بيت الجد ) حيث يكشف الحوار عن شخصية ود الريس الشهواني وبنت مجذوب اللامبالية وكذلك العمق الصوفي والوشائج القوية بالمكان كما هو حال الجد .

وإلى جانب آخر فإن الحوار في هذه الرواية يسمو ويهبط حسب وسط المتحاورين , فشله الجد كانت تتداول الحوار بينها بالعامية المفصحة وما ذلك بالغريب فهي طبقة شعبية من مجتمع قروي .....

أما حوار الراوي والبطل أو تحدث البطل في المحكمة اللندنية "الأولدبيلي " فهو حوار فصيح بلغة عالية تكشف عن أعماق دفينة واتخاذ مواقف مصيرية في الحياة ....

هذا كما أن الراوي انفرد عن الجميع باختياره لمنولوج الداخلي – تيار الحلم – فكان يحاور ذاته بعكسه وتقيمه للعالم الخارجي في كل تغيراته , لا سيما المكان وفق منظور معتمد في الأصل على شفافية عالية , إذا فهنالك حواران في هذه الرواية  :

1-     حوار مباشر ملموس بين الشخوص كما هو الحال مع الراوي , ومحجوب صديقه أو مع البطل  و حسنة .

2-     وحوار آخر مبطن مع المكان  - الطبيعة في قرية ود حامد , كما نلمسه في وصف وتأملات الراوي واستكشافه لسكنهما,

مثلا" أحس أنني لست ريشة في مهب الريح ولكنني مثل تلك النخلة مخلوق له أصل , له جذور له هدف ...."             

 وإذا تفحصنا الرواية  وجدنا أن الحوار استعمل أحيانا في تطوير الحوادث , واستحضار الحلقات المفقودة منها , إلا أن عمله الحقيقي في القصة هو رفع الحجب عن عواطف الشخصية , وأحاسيسها المختلفة , وشعورها الباطن تجاه الحوادث أو الشخصيات الأخرى , أو هو بوح  بطريقة تلقائية . تخلو من التعمد والصنعة والرهق والافتعال .

لقد ادمج الحوار في صلب القصة , لكي لا يبدو للقارئ وكأنه عنصر دخيل عليها متطفل على شخصياتها .وهذا يعني  أنه حقق فائدة ملموسة في تطوير الحوادث , أو تقوية عنصر (الدراما) فيها , وكذلك في رسم الشخصيات والكشف عن مواقفها من الحوادث .

لقد تغلغل الحوار إلى صميم العمل القصصي , وتضامن مع العناصر الأخرى تضامنا عضوي وكان طبيعيا سلسا رشيقا , مناسبا للشخصية وللموقف .

وعليه فقد دخلت العامية في الأسلوب القصصي متمثلة في  المواقف الحوارية فأضفت  صدقا وحيوية وواقعية .

 علما بان الكاتب قد  اثر استعمال العامية المفصحة أو الفصحى المبسطة .

وإذا تفحصنا بعض القصص(داخل هذه الؤواية ) , وجدنا أن الحوار يستعمل أحيانا في تطوير الحوادث , واستحضار الحلقات المفقودة منها , إلا أن عمله الحقيقي في القصة هو رفع الحجب عن عواطف الشخصية , وأحاسيسها المختلفة , وشعورها الباطن تجاه الحوادث أو الشخصيات الأخرى , وهو ما يسمى عادة بالبوح أو الاعتراف , على أن يكون بطريقة تلقائية . تخلو من التعمد والصنعة والرهق والافتعال

 

Amir Nasir [amir.nasir@gmx.de]

 

آراء