في ذكرى تاريخ الاستقلال إليكم جذور انفصال جنوبه !!(2 -3)

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية
هذا بلاغ للناس
بقلم: أبوبكر يوسف إبراهيم


توطــئة:
•         ليلة البارحة كنت أستمع  لبرنامج المحطة الوسطي الذي تقدمه الاعلامية  المتميزة إيمان بركية وقد استضافت الأستاذ الصحفي والمؤرخ الكبير محمد سعيد محمد الحسن، وقد بدأ الأستاذ محمد سعيد مقنعاً  في إجاباته كمؤرخ محايد ومتجرد لا يريد أن يسبغ على الأحداث التاريخية وجهة نظره أو رأيه الشخصي، بل روى الأحداث التاريخية  بتجرد كاتب التاريخ  دون أن  يضفي رأيه الشخصي، بينما البروفيسور بركات موسى الحواتي وهو الضيف الثاني، والذي يوثق لإعادة كتابة تاريخ السودان، فمن وجهة نظري الشخصية فإنه حاول إضفاء سبغة من آرائه الشخصية على بعض الأحداث، مما نتج عنه تحوير للوقائع المجردة ،  وقد أورد  من التاريخ أحداث جلية  ولكنه عندما أسبغ عليها وجهة نظره الشخصية ، دفع ذلك الأستاذ محمد سعيد أن يتدخل بكياسته المعهودة في تصويبه وطرح الحقائق بتجرد،  ولعلي أواصل وأنقل من الموسوعة ما يفيد أجيالنا التي لم  تعاصر الأحداث حتى تلم بتاريخ الوطن !!. على كل جال نواصل السرد التاريخي المقتضب حسب ما هو مدون في الموسوعة.
المتــن:
•         بدأ السودان في أخذ شكله الحالي منذ دخول العثمانيين للسودان عبر مصر في العام 1821، حيث قام محمد على باشا بضم شمال السودان إلى الدولة العثمانية ، واستمر الوضع على ما هو عليه حتى قاد الامام محمد أحمد المهدي ثورة ضد الحكم التركي ونجح في طردهم من السودان، معلنا بذلك قيام الدولة المهدية في العام 1885 وتعتبر هذه أول دولة وطنية في السودان في التاريخ الحديث. إلا أن هذه الدولة لم تستمر طويلا، إذ أسقطها الإنجليز الذين كان يصحبهم المصريون في العام 1898، وتم التوقيع على اتفاقية سميت باتفاقية الحكم الثنائي الإنجليزي المصري، والتي نصت على الغاء نفوذ العثمانيين على السودان ، وأن يكون الحاكم العام للبلاد من بريطانيا العظمى. قامت بريطانيا برسم حدود السودان بما يتماشى مع مصالحها، لكن الاتفاقية منعت دخول قوى أخرى ومنافستها في السودان مثل بلجيكا وفرنسا. في العام 1921 ظهرت حركة وطنية تدعو للاستقلال تسمى بـ "اللواء الأبيض"، وتسارعت خطواتها لتتكلل بثورة ضد البريطانيين، ومؤيدة للمصريين، وكان قائدها الضابط علي عبد الطيف. وتعتبر هذه الثورة الشرارة الأولى للكفاح من أجل الاستقلال. وقد أتهم المصريون بتدبير هذه الثورة، الشيء الذي أدى إلى سحب القوات المصرية من السودان وتولي بريطانيا مسؤولية حكم السودان منفردة. في العام 1930 ، قامت بريطانيا بفرض سياسة فصل الشمال عن الجنوب بجعل المنطقتين تداران بصورة منفصلة. وفي هذه الأثناء، استمرت الحركة الوطنية في الشمال وكان يحيي نارها المصريون بينما ظل الجنوب معزولا. وفي العام 1936 كانت هناك تنازلات من قبل الحكومة البريطانية حيث سمحت بقيام مجلس استشاري في الشمال لتقديم الاستشارة للحاكم العام.
•         في الفترة ما بين 1940-1945 ظهر تنظيم سياسي يسمى "مؤتمر الخريجين"، وقد مارس ضغوطا على الإدارة البريطانية بان تفتح البلاد للسفر للجنوب بحرية لتمكينه من اللحاق بالشمال في مجال التعليم والتنمية،  في العام 1948 قامت أول هيئة تشريعية في السودان مثل الجنوب فيها 13 عضوا، كلهم معينون، وهذه كانت بداية وجود حكومة ممثلة وأول خطوة نحو الاستقلال. وفي العام 1954 تم التوصل مع إدارة الحكم الثنائي لاتفاقية تم الاعتراف فيها بحق تقرير المصير للسودان، وأجريت أول انتخابات عامة في السودان في العام 1954. فاز حزب الوطني الاتحادي المتحالف مع طائفة الختمية والمدعوم من مصر بأغلبية في البرلمان، واختير الزعيم الخالد إسماعيل الأزهري كرئيس لوزراء السودان. وفي 19 من ديسمبر من العام .1955، وقد صوت البرلمان بالإجماع لصالح استقلال السودان، وفي الأول من يناير من العام 1956 أصبح السودان دولة مستقلة وأنزل العلم المصري والإنجليزي ورفع العلم السوداني مكانهما.
الحاشية:
•        وفيما يتعلق بمشكلة الجنوب فقد اعتمدت حكومة عبود الحل العسكري على نفس نهج الحكومة التي سبقتها،، وعينت بعض السياسيين الجنوبيين في مناصب قيادية كتعيين سانتينو دينق وزيراً للثروة الحيوانية - الذي حافظ على منصبه في كافة الحكومات المتعاقبة في تلك الفترة لمدة عشر سنوات وذلك بسبب الخط المتشدد الذي كان يتخذه ضد الحركات الانفصالية في الجنوب. ويرى البعض أن مشكلة الجنوب لم تكن ضمن أولويات حكومة عبود. ولهذا فأنه لم يتقدم بأي طرح لحلها، ويستدلون على ذلك بأن الفريق إبراهيم عبود لم يشر أبداً إلى المشكلة في بيانه الأول يوم الاستيلاء على السلطة. إلا أن حكومة ثورة 17 نوفمبر (كما كان يطلق عليها آنذاك)، تبنت سياسة قطع الدعم الأجنبي الذي كان يتلقاه المتمردين من خلال شن حملة منظمة لوقف أنشطة الإرساليات التبشيرية المسيحية التي تم اتهامها بتأجيج النزاع وتوسيع هوة الخلاف وتغذية الاختلافات من خلال عمليات التبشير والتنصير في الجنوب.
•         تبنت حكومة الفريق عبود خططاً تنموية شملت البنيات الأساسية مثل مد خطوط السكك الحديدية، والتوسع في قطاع الزراعة من خلال إقامة مشاريع تنموية صغيرة في الأقاليم لتنمية الأرياف والمناطق النائية. وتم إبرام اتفاقية جديدة مع مصر لتقاسم مياه النيل أدت إلى رفع حصة السودان إلى 11 مليار متر مكعب من المياه وذلك في إطار صفقة شملت بناء السد العالي في مصر والسماح بتدفق مياه بحيرة السد إلى داخل حدود السودان وإغراق حلفا القديمة.
•        ورغم هذه الإنجازات الاقتصادية واجهت حكومة عبود أزمة سياسية عميقة لم تمهلها طويلاً للبقاء في الحكم. ففي عام 1963م، شهد جنوب السودان نشاطاً سياسياً مكثفاً من قبل المعارضة الجنوبية في المنفى ضد حكومة عبود. وبرز حزب سانو SANU (الاتحاد السوداني الإفريقي الوطني)، بزعامة جوزيف أدوهو كداعية إلى استقلال الجنوب، كآخر خيار في حالة رفض الشمال الاتحاد الفيدرالي كحل للمشكلة. لم تتم الاستجابة لمبادرة أدوهو، واستمر التصعيد من الجانبين مما أدى إلى اشعال نار الحرب الأهلية في الجنوب. ظهرت في سبتمبر / ايلول 1963 م، حركة الأنيانيا Anyanya (والكلمة تعني الأفعى السوداء السامة) بلغة قبيلة المادي التي ينتمي إليها زعيم ومؤسس الحركة جوزيف لاقو لتشن حرب عصابات في المديريات الجنوبية الثلاث (أعالي النيل، وبحر الغزال، والاستوائية) مما أدى إلى تدهور في الوضع الأمني فيها. استغلت الأحزاب السياسية الوضع وجاهرت بمعارضتها لسياسات حكومة عبود من خلال تصريحات زعمائها وندوات كوادرها خاصة في الجامعات والمعاهد العليا. وانطلق الحراك الذي أجبر الفريق عبود على التنازل عن الحكم، من جامعة الخرطوم في الربع الأخير من شهر أكتوبر على إثر تعرض الشرطة لتجمهر طلابي محظور بإطلاق النار عليه فأردت أحد المشاركين فيه قتيلاً ـ وهو الطالب أحمد القرشي طه، وتحول موكب تشييع جثمان القرشي إلى مظاهرة حاشدة حضرها عدد يقدّر بحوالي 30 الف شخص، تبعتها مظاهرات مماثلة في مدن أخرى كبيرة بالبلاد. وأصبح القرشي فيما بعد رمزاً وطنياً. عمت البلاد الفوضى والانفلات الأمني. وتحت هذه الضغوط اعلن الفريق إبراهيم عبود عن استقالة حكومته وحل المجلس العسكري، ودخل في مفاوضات مع زعماء النقابات العمالية والمهنية وممثلي احزاب المعارضة والأكاديميين أفضت إلى تشكيل حكومة انتقالية برئاسة سر الختم الخليفة، إلى جانب بقاء الفريق عبود كرئيس للدولة والذي سرعان ما تخلي عن الحكم وحل محله مجلس رئاسي يتكون من خمسة اعضاء، تماما كما كان الحال قبل مجيئه إلى السلطة. وهكذا بدأت فترة الديمقراطية الثانية. إنتهى الحكم العسكري في أكتوبر/ تشرين الأول 1964 م، وعادت الحياة الحزبية للمرة الثانية إلى السودان. و كان أهم هدف المرحلة هو إعادة البلاد إلى الحكم المدني وحل المشاكل التي تسببت في عدم الاستقرار. رفضت الأحزاب التطرق إلى مسألة الدستور في المرحلة الانتقالية قبل أجراء الانتخابات العامة.
الهامش:
•        دخلت البرلمان في هذه الفترة حركات إقليميه أخرى إلى جانب الحركات الجنوبية تمثل القوى الإقليمية خارج المركز أبرزها مؤتمر البجا في شرق السودان الذي حاز على عشرة مقاعد واتحاد جبال النوبة  في جنوب كردفان في حين انقسم حزب الأمة إلى جناحين: جناح الصادق المهدي وجناح الإمام الهادي المهدي (عم الصادق)، وأتحد حزبا الطائفة الختمية تحت اسم الاتحاد الديمقراطي، ودخل حزب سانو الجنوبي المعارض البرلمان بخمسة عشر مقعد وجبهة الجنوب بعشرة مقاعد، فيما غاب اليساريون الشيوعيون عن البرلمان.
•        انتخب الصادق المهدي رئيسا لحزب الأمة في نوفمبر 1964م، واختلف مع عمه الإمام الهادي المهدي مما أدى للانشقاق المذكور في حزب الأمة، ضغط الصادق على رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب للاستقالة حالما بلغ الصادق العمر القانوني المطلوب لرئاسة الوزراء، ثم تولى رئاسة الوزراء عن حزب الأمة في حكومة ائتلافية مع الحزب الوطني الاتحادي في 25 يوليو 1966م- خلفا للسيد محمد أحمد محجوب الذي قاد جزءا من عضوية حزب الأمة بالبرلمان للمعارضة. حل الحزب الشيوعي أتهم الأخوان المسلمون عام 1965م أحد أعضاء الحزب الشيوعي السوداني بالإساءة إلى الإسلام في اجتماع عام. وقامت مظاهرات دعت إلى حل الحزب الشيوعي السوداني وانتهت بقيام الحكومة بطرح الموضوع في البرلمان الذي أجاز بأغلبية مشروع قرار يدعو إلى حلّ الحزب الشيوعي وحظر نشاطه وطرد نوابه من البرلمان بسبب ما ابداه الحزب من الحاد، وتعديل الدستور المؤقت على نحو يتيح تنفيذ القرار الذي لم يكن ممكنا في ظل الدستور المؤقت. لجأ الحزب الشيوعي إلى المحكمة العليا وأثار دعوى قضائية ضد شرعية قرار الحكومة التي حكمت لصالحه يؤكد عدم دستورية قرار الحكومة وبطلانه، لكن حكومة الصادق المهدي تجاهلت حكم المحكمة العليا ومضت في تنفيذ قرارها. وفي يناير / كانون الثاني 1967 م، شارك الحزب الشيوعي في الانتخابات العامة تحت اسم الحزب الاشتراكي التفافاً على قرار الحظر.
•        في صبيحة يوم 25 مايو / أيار 1969 م بثت إذاعة أم درمان بياناُ للعقيد أركان حرب جعفر محمد نميري معلناً استيلاء القوات المسلحة السودانية على السلطة مجدداً، وتم تكوين مجلسين هما:
•        مجلس قيادة الثورة برئاسة العقيد جعفر نميري الذي ترقى في اليوم ذاته إلى رتبة لواء (ثم لاحقا إلى رتبة مشير) ثم تولى رئاسة الوزراء القاضي بابكر عوض الله رئيس القضاء السابق الذي استقال من منصبه في عام 1964 م، احتجاجاً على قرار حلّ الحزب الشيوعي السوداني. ومثل المجلسان سوياُ السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. شمل مجلس قيادة الثورة تسعة ضباط كلهم تقريباً من رتبة رائد وضمت الحكومة الجديدة (21) وزيراً برئاسة جعفر نميري رئيس مجلس قيادة الثورة ووزير الدفاع. وكانت حكومة تكنوقراط فعلية يحمل أعضائها درجات علمية كبيرة ومؤهلات عليا من بينهم: الدكتور موريس سدرة أخصائي الطب الباطني الذي أوكلت إليه وزارة الصحة، الدكتور محمد عبد الله نور (عميد كلية الزراعة بجامعة الخرطوم آنذاك)،الذي أصبح وزيراً للزراعة والغابات، الأستاذ محجوب عثمان (نائب رئيس تحرير جريدة الأيام حينذاك) وزيراً للإرشاد القومي، المحامي أمين الطاهر الشبلي وزيراً للعدل، المحامي فاروق أبو عيسى (نقيب اتحاد المحامين العرب السابق) وزيراً لشئون الرئاسة، وضمت فيما بعد الدكتور منصور خالد، المفكر السياسي والأستاذ بجامعة كولورادو، وزيراً للشباب. كما ضمت الحكومة اثنين من المثقفين الجنوبيين هما الدكتور جوزيف قرنق، برلماني ورجل قانون، وعيّن وزيراً للتموين، والقاضي أبيل الير وأصبح وزيراً للإسكان.وضحت منذ البداية توجهات الحكومة الجديدة اليسارية حين ضمت في تشكيلتها عددا كبيرا من الشيوعيين واليسارين البارزين والقوميين العرب. شكل أنصار الحزب الشيوعي قاعدة شعبية لها، فيما تولت المنظمات التابعة له دعم النظام الجديد-الذي عرف لاحقاً بنظام مايو- وحشد التأييد الشعبي له. ركزت البيانات الأولى للحكام الجدد على فشل التجربة الديمقراطية ذات الأحزاب المتعددة في السودان في حل مشكلات السودان الثلاثة: التنمية والجنوب والدستور الذي شله الصراع الحاد بين دعاة العلمانية والدولة الدينية. وأعلنت حكومة نميري الحرب على الأحزاب التقليدية وفي مقدمتها حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي ووصفتها بالإقطاع. ونال حزب الأمة خاصة، جناح الأمام الهادي المهدي العقاب الأكبر، حيث تمت مصادرة أمواله وإتهام قادته بالتآمر على الدولة، وقتل زعيمه الهادي المهدي أثناء محاولة الفرار إلى إثيوبيا بعد تمرد مسلح بالجزيرة أبا.
•        بدأت الخلافات تطفو على السطح داخل المعسكر اليساري، خاصة بين الشيوعيين والقوميين العرب والناصريين حول الرؤى والتصورات التي يجب أن يأخذ بها النظام في تعاطيه مع مشاكل السودان. ورفع القوميون العرب شعار الدين في وجه الشيوعية مطالبين بالاشتراكية العربية المرتكزة على الإسلام في مواجهة الاشتراكية العلمية .دبّ الانقسام بين الشيوعيين الراديكاليين واليساريين الوسط داخل الحكومة. وفي محاولة لحسم هذا الخلاف لصالحهم، حاول الشيوعيون الانقلاب على النميري. ولم يستمر انقلابهم الذي قاده الرائد هاشم العطا (العضو السابق في مجلس قيادة الثورة) في 19 يوليو / تموز 1971 م، أكثر من ثلاثة أيام عاد بعدها جعفر نميري مجدداً إلى السلطة محمولاً على أكتاف مناصريه، وقام بتشكيل محاكم عرفية أصدرت أحكاما بالإعدام على قادة الحزب الشيوعي السوداني ومن بينهم عبد الخالق محجوب سكرتير عام الحزب وجوزيف قرنق ،عضو الحزب والوزير الجنوبي بالحكومة.
•        بحلول عام 1983 م، بلغ الاحتقان ذروته وتفجر الوضع في الجنوب عندما رفضت فرقة عسكرية في مدينة واو عاصمة إقليم بحر الغزال بالجنوب الأوامر الصادرة إليها بالانتقال إلى الشمال واغتالت الضباط الشماليين وفرت بعتادها إلى الغابة مطلقة على نفسها اسم حركة "أنيانيا ـ 2 "، وهكذا بدأ التمرد الثاني.[ وأرسلت الحكومة ضابطاُ جنوبياً برتيه عقيد هو جون قرنق دي ما بيور لتثنية الفرقة المتمردة عن تمردها وحثّها على إلقاء السلاح، إلا أن العقيد جون قرنق انضم الي المتمردين في الغابة بدلاً عن تهدئتهم واقناعهم بالعدول عن التمرد، منشئاً الجيش الشعبي لتحرير السودان وجناحها المدني الحركة الشعبية لتحرير السودان. وبدأ العد التنازلي لحكم جعفر نميري، والسودان بدون دستور دائم أو نظام للحكم متفق عليه مع حرب مستعرة في جنوبه وحالة من الارتباك السياسي والضبابية لم يعهدها من قبل.
•        إذا كان استيلاء الجيش على الحكم بقيادة العقيد جعفر محمد نميري قد جاء مفاجئا، على الأقل للبعض، فإن مجيء الفريق عبد الرحمن سوار الذهب إلى سدة الحكم في 6 ابريل / نيسان 1985 م، لم يكن مفاجئاُ بل كان الحدث الذي توقعه كثيرون على الاقل منذ فترة قبل وقوعه. وتماما كما بدأت احتجاجات أكتوبر / تشرين الأول 1964 م، عفوية بسيطة سرعان ما تطورت إلى عصيان مدني شامل أجبر العسكر على التنازل عن السلطة، بدأت احتجاجات ابريل/ نيسان 1986 م، بمظاهرات بسيطة عفوية ضد التسعيرة الجديدة المرتفعة التي وضعتها الحكومة لبعض السلع ومن ضمنها السكر، إلا أن مظاهرات "السكر المر" كما أطلق عليها سرعان ما تطورت إلى إضرابات واحتجاجات متواصلة رغم تراجع الحكومة عن التسعيرة الجديدة، حتى اضطرت القيادة العامة للجيش التدخل لتفادي تردي الأوضاع الأمنية وتفشى الفوضى أمام عجز الحكومة التي كان يرأسها نائب الرئيس عمر محمد الطيب ـ كان الرئيس نميري خارج البلاد في زيارة للولايات المتحدة ـ في احتواء الأزمة.
قصاصة:
•        ولأن التاريخ وأحداثه تستحق منا أن تنقل بتجرد لتطلع عليه الأجيال التي تلت حقبة الاستقلال ومعرفة الأسباب والمتسببين في كثير من الأزمات التي ورثتها الانقاذ لا بد وأن نكمل في حلقة ثالثة ما بدأناها من نقل محايد ومتجرد  حتى يمكن أن يستنبط القارئ أن  الخطل والمزايدات والمكايدات لن ولم تطمس الحقائق التاريخية خاصة فيما يتعلق بانفصال الجنوب عن الشمال ليصبحا دولتين. ولا بد أن نذكر أيضاً
قصاصة القصاصة: ( من رائعة الصاغ محمود أبوبكر)
صه يا كنار و دع يمينك في يدي
فكأن يوم رضاك ليلة مولدي
أنا كم رعيتك و الأمور عصية
و بذلت فيك جميع ما ملكت يدي
و جري فؤادي نحو قلبك سلسلا
لكن قلبك كالأصم الجلمد
ألف مليون عوافي يا وطن وأبناءك يحتفلون بعيد استقلالك (67) بعد أن تولوا زمام أمرهم وتحرروا من نير الاستعمار وعنجهية المستعمر روبنسون!!..
يتصل.....



Abubakr Yousif Ibrahim [zorayyab@gmail.com]

 

آراء