قمة كوبنهاجن: لمن تنصب الفخاخ ؟ … بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم
16 December, 2009
لم تنعقد قمة حول المناخ بمثل هذه الاهمية و الخطورة كما يحدث الان في العاصمة الدنمركية كوبنهاجن منذ قمة الارض في ريو دي جانيرو البرازيلية في العام 1992م. احدث مؤتمر قمة الارض نقلة نوعية في الاهتمام بالبيئة و السيطرة علي لعبة الحرب الجارية بين الانسان و الطبيعة و اقر جدول اعمال القرن 21 للتنمية المستدامة. مهد ذلك الطريق الي برتوكول كيوتو في العام 1997م ، عندما اتفقت الدول الصناعية بخفض انبعاث الغازات الضارة بالبيئة بمعدل لا يقل عن 5% للفترة ما بين عامي 2008 و 2012 مقارنة بما كان عليه الوضع في العام 1990م. لكن لم يحدث شيئا كثيرا فيما تم الاتفاق عليه في قمة الارض و مؤتمرات التنمية المستدامة و برتوكول كيوتو و غيرها من الاتفاقيات و المواثيق الخاصة بالتغيرات المناخية الي ان وصل العالم لان يعقد اطول قمة عن الارض التي تجري أحداثها الان في كوبنهاجن.
لم يحدث اختراق يذكر لصالح المناخ في التنمية الزراعية و التنمية الريفية المستدامة ، لم يتم ضمان مشاركة السكان و تعزيز تنمية الموارد البشرية في الزراعة ، لم يحدث تطوير للانتاج الزراعي و النظم الزراعية و تحديث البنيات التحتية في معظم الدول النامية ، بشكل يعزز من صيانة الاراضي و استصلاحها ، لم توفر المياه بشكل كافي لانتاج الغذاء المستدام بل هناك ازمات في المياه و ارتفاع جنوني في اسعار الغذاء. لم تحدث صيانة للموارد الوراثية للثروة الحيوانية و استغلالها و تنميتها بالشكل المطلوب بل شاع انتشار الامراض من الجنون و حتي كافة اشكال الانفلونزا التي اصبحت تتكاثر بمتوالية هندسية. بدلا من زيادة الانتاج النباتي من اجل الغذاء، أصبح الغذاء يستخدم بشكل متزايد لإنتاج الوقود الحيوي كما لم يتم التغلب علي الجوع بل ان معدلاته في تزايد بسبب الازمات الاقتصادية و تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري و عوامل أخري.
من جانب اخر و فيما يتعلق ببرتوكول كيوتو لم يتم التقيد بحصص انبعاث الغازات و انما ارتفعت نسبة التلوث بسبب الدول الكبري ، خاصة مجموعة العشرين التي تسهم في تلويث الأجواء بما لا يقل عن 70% من الغازات المضرة بالمناخ. حصة الاسد في ذلك التلوث تعود للصين و الولايات المتحدة الامريكية باكثر من 20% تقريبا لكل منهما بينما تأتي بعدهما روسيا الاتحادية بحوالي 5% فقط. كما لم يتم تطوير الكثير من المشاريع التي تحافظ علي البيئة في الدول الفقيرة كما تم الاتفاق علي ذلك في كيوتو . تريد الدول الصناعية الكبري ان تقديم 7 مليار يورو للدول النامية بينما تنفق الترليونات علي انقاذ اقتصادياتها من تداعيات الازمة المالية العالمية. كذلك لم تقم الدول الصناعية بتطوير مشاريع مؤثرة في الدول النامية مثل مشاريع الطاقة النظيفة و توسيع المساحات الخضراء و الحد من التصحر ، كما لم توفر الاموال للدول النامية لاستثمارها في تحسين البيئة.
بالرغم من كل ذلك تريد الدول الصناعية الكبري فرض قوانين تضر بالتنمية في البلدان النامية بحجة الحفاظ علي البيئة و الحد من الانبعاث الحراري. بعد ان قامت الدول الصناعية الكبري باستغلال البيئة و تدميرها لمدة ثلاث قرون في القارات الخمسة ، تريد من الدول النامية المشاركة معها علي قدم المساواة او اكثر في الحد من انبعاث الغازات المضرة بالبيئة و من مختلف اشكال التلوث البيئي. لقد اجمعت الدول النامية ممثلة في مجموعة السبعين بما فيها الصين علي ان الدول الصناعية لم تفي بالتزاماتها المتعلقة بتقديم المساعدات للدول الفقيرة اللازمة لوضع الية علي المدي الطويل تساعد في الحد من التغيرات المناخية. بدلا عن ذلك تقدم لها المساعدات لمدة ثلاث سنوات " للتأقلم " مع التغيرات المناخية. ثم ماذا بعد التأقلم؟ ربما الانقراض كما فعلت الديناصورات التي لم تمكنها ظروفها من " التأقلم". مع إيماننا العميق بأهمية درء التغيرات المناخية و الحد من التلوث البيئي و صيانة الموارد الطبيعية و ضمان استدامتها ، لكننا ندعو الدول النامية ، و السودان الان يتزعم مجموعة ال 77 ، الي الحذر من الوقع في الشراك القانونية الخطيرة التي تنصبها الدول الصناعية للدول النامية ، و مطالبة الدول الغنية حتي التخمة بالقيام بدورها كاملا في الحد من التغيرات المناخية و مساعدة الدول الفقيرة في التغلب علي أثارها المدمرة للطبيعة و الإنسان معا.
hassan mn bashir [mnhassanb@yahoo.com]