كيف تجرى محاصرة الانقلاب ودرء آثار الحرب؟

 


 

 

1
أشرنا سابقا الي أن الإسلامويين اوقدوا نارا للحرب بانقلابهم الرابع في 15 أبريل لاستكمال تصفية الثورة ، أكد ذلك خروج المطلوبين للعدالة والمحكمة الجنائية الدولية ورموز النظام المدحور نافع على نافع ، على عثمان محمد طه ، عوض الجاز ، إبراهيم السنوسي، وقطع بيان أحمد هارون الشك بأن الانقلاب من تدبير "الكيزان" الذي جاء لاستكمال حلقات تصفية الثورة ، بعد التهاون من حكومات (قحت) وانقلاب 25 أكتوبر في محاكمتهم وعدم تسليمهم للجنائية الدولية، والافلات من العقاب ، وعدم قيام الترتيبات الأمنية لحل مليشيات الكيزان والدعم السريع ، وجيوش الحركات ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، و عدم عودة شركات الجيش والأمن والدعم السريع لولاية وزارة المالية ، وبعد تضخم الدعم السريع عسكريا وماليا ، وبدأ يهدد مصالح الإسلامويين ، وينافسهم ماليا وعسكريا، مع الطموح بدفع خارجي لاستلام السلطة ، بعد أن مكن الإسلامويون للدعم السريع في مواقع مهمة مثل: ارض معسكرات الجيش والقصر الجمهوري والمطار والقيادة العامة ، والتصنيع الحربي حيث نال فيه الدعم السريع 30%!!! ،وتم اطلاق مجرمي الحرب وقيادات النظام المباد وكان ذلك من الأهداف الرئيسية للانقلاب، وفي حلم بعودة الإسلامويين للسلطة ولو على اشلاء الشعب السوداني كما في الحرب اللعينة الراهنة.
شعبنا ليست ذاكرته سمكية ، ويستحضر ارهاضات الانقلاب من المحاولات الانقلابية الفاشلة ، ومن تهديد العقيد الحورى بساعة الصفر لانقلاب عسكري ، و قبل ذلك انقلاب 11 أبريل ومحزرة فض الاعتصام ، وانقلاب 25 أكتوبر الذي تم فيه عودة التمكين والأموال المنهوبة للفاسدين ، وفك حسابات (152) لشركات وأفراد من النظام المدحور ، وقبلها تم فك حسابات (150) منهم ، فضلا عن عودة نشاط منظمة الدعوة الإسلامية، واحكام قبضة التمكين في الخدمة المدنية والقضائية والنيابة والعسكرية، كما تم في الاعفاءات في الجيش والخدمة المدنية، وكلها خطوات صبت في الهيمنةعلي جهاز الدولة ليسهل التزوير في الانتخابات المتوقعة في نهاية الفترة الانتقالية. قبل الانقلاب نشط المؤتمر الوطني وعقد مؤتمرا ، اضافة للمواكب والافطارات الرمضانية ، والحشود العسكرية في المدن مع قوات الدعم السريع ، كل ذلك كان ينذر بشر مستطير وخرب لا تبقي ولا تذر لواحةً لليشر ، وانقلاب عسكري ، وكانوا يحلمون بضربة خاطفة، لكن كانت تقديراتهم خاطئة ، فالحرب طالت واستطالت ، وكعهدهم كانت كل حروبهم التي خاضوها فاشلة حتى ضد مليشيات الدعم التي صنعوها بايديهم ، كما في حرب الجنوب التي انتهت بالانفصال، وحروب دارفور وحنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان التي انتهب بجرائم الإبادة الجماعية التي نفذوها مع مليشيات الدعم السريع ، واصبح البشير ومن معه مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وثار الشعب ضدهم في 19 ديسمبر..
الهدف من الانقلاب استكمال تصفية الثورة وا لتسوية على طريقة الإسلامويين الفاشلة التي يكون لهم فيها اليد العليا ،و تكون القوى السياسية الأخرى أقمارا تابعة تدور في فلكهم ، مع استمرار القمع وسياسة التحرير الاقتصادي و نهب ثروات البلاد والتفريط في السيادة الوطنية..
2
من جانب آخر ، تستمر ويتزايد دمار الحرب اللعينة التي رصدناها سابق ، رغم الهدنة المعلنة في جميع أنحاء السودان لمدة 72 ساعة ، مع آثارها الكارثية كما في الآتي :
- نزوح عشرات الالاف من السودانيين الي الدول المجاورة هربا من القتال ، كما تعمل أكثر من 28 دولة على اجلاء رعاياها من السودان.
- استمرار جرائم الحرب في ضرب المدنيين ، كما في القصف الجوى لأحياء في الكلاكلة جنوب الخرطوم والدوحة وشمبات. الخ ، واستمرار سرقة اسواق الذهب والمحلات التجارية والعربات، ونهب المخازن مثل : مخازن شركات دال ، وسيقا ، وال جي بمدينة بحرى ، اضافة لنهب سيارات توزيع المواد الغذائية لبعض الشركات في الحاج يوسف .
- استمرار الغلاء الفاحش في الأسعار مع الشح في المواد التموينية واستمرار انقطاع خدمات المياه والكهرباء والانترنت والاتصالات ، وازمة وقود حتى اصبح يُباع جالون البنزين في السوق الأسود ب 24 ألف جنية (حوالي 41 دولار)، وتتراوح اسعار تذاكر السفر بين العاصمة والولايات بين 120 – 150 الف جنية، هذا مع تكلفة الحرب الباهظة التي تقدر بحوالي نصف مليار دولار في اليوم ، فضلا عن أن الحرب تهدد بفقدان 2 مليار دولار من عائدات الذهب بعد التهريب .
- استمرار تزايد عدد القتلى والجرحي ، فحسب منظمة الصحة العالمية : وفاة 460 شخص واصابة 4063 منذ اندلاع الحرب في العاصمة والولايات.
- استمرار التدهور في الخدمات الصحية وشح الدواء مع اسمرار قصف المستشفيات، رغم الجهود المبذولة والبطولية التي يقوم بها العاملون في القطاع الصحي لاصلاح الوضع ، وتقديم الخدمات في ظروف الحرب اللعينة التي يجب وقفها، كما اشار ممثل منظمة الصحة العالمية لخطر بيولوجي كبير في السودان ، احد طرفي المتقاتلين يحتل مختبرا للصحة العالمية ، مما يشكل خطرا بيولوجيا مرتفعا اذ به عينات من الحصبة ، الكوليرا، شلل الأطفال.
- خطر تزايد التدخل الدولي مثل : تدخل مرتزقة "فاغنر" واسرائيل في السودان ، فقد أشار وزير الخارجية االروسي لافروف في مؤتمر صحفي بالامم المتحدة : من حق السودان الاستعانة بخدمات " فاغنر" ، وهي شركة أمن خاصة ، علما بأنها حيثما حلت تجلب الدمار فهي تسيطر لنهب الموارد في مالي وجمهورية افريقيا الوسطى ، وتشارك في حرب اوكرانيا ، اضافة الى ان مدير "فاغنر" عرض الوساطة بين الطرفين المتقاتلين في السودان لعلاقته الجيدة بهما، كما دعت اسرائيل وهي دولة ارهابية لاجتماع للطرفين في اسرائيل للتفاوض لوقف الحرب ، فالطرفين ايضا البرهان وحميدتي على علاقة جيدة بالطرفين، فضلا عن ما جاء في الأخبار أن مدير الاستخبارات الاسرائيلي ايلي كوهين وصل الخرطوم واجتمع بوزير الدفاع .
اضافة الي أن الإمارات المتحالفة مع اسرائيل حليف لحميدتي منذ الحرب في ليبيا واليمن ، ودور الدعم السريع في نهريب الذهب الي الامارات معروف، ودعمت الإمارات الدعم السريع بالمعدات العسكرية ، وقامت قيادة قوات "فاغنر" الروسية بتدريب قوات الدعم السريع ، وكان لهم مسؤولون متمركزون داخل بعض قواعدهم. "مجلة فورن بوليسي الأمريكية 24 /4/ 2023 ".
3
كما تتواصل الحملة العالمية والمحلية لوقف الحرب اللعينة التى احدثت دمارا كبيرا في البلاد ، ويبقي ضرورة مواصلة وتعزيز كل الخطوات الجارية لدرء آثار الحرب ، كما في :
- الوقفات الاحتجاجية وقيام اوسع تنسيق جماهيري لوقف الحرب .
- الدور الكبير الذي تقوم به لجان المقاومة والأحياء والنقابات والعاملين لاصلاح مرافق الخدمات التي تم تدميرها مثل: المياه والكهرباء، المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس، وقيام الامتحامات في بعض الولايات وفتح المدارس، ونظافة الأحياء من الجثث وآثار الحرب والقنابل غير المتفجرة، في غياب خدمات صحة البيئة.
التصدى لإعادة بناء الأحياء والمنازل التي تم تدميرها.
- التصدي للغلاء الفاحش وتجار الحروب بتوفير السلع والأدوية باسعار معقولة.
- حملات التضامن من سكان الولايات لايواء المشردين بسبب الحرب من العاصمة التي أكدت وحدة وتلاحم الشعب السوداني ورفضه للحرب، اضافة لتضامن شعوب العالم ودول الجوار في استقبال اللاجئين السودانيين من جحيم الحرب..
- تصدي الشباب في الأحياء لحفظ الأمن بعد عمليات النهب والانفلات الأمني بسبب الحرب وغياب الشرطة.
- حملات التضامن الواسعة مع المدن التي تعاني من انفلات أمني كما حدث في الجنينة بنهب مقرات الحكومة والمنظمات الأممية ، والاسواق والمنازل.
وغير ذلك من الجهود التي تبذلها جماهير شعبنا لدرء الآثار الكارثية للحرب التي تفضي لاستلام الحكم المحلي لتقديم الخدمات للجمهور ، وحتى قيام الحكم المدني الديمقراطي من القاعدة الي القمة ، اضافة لمواصلة المقاومة الجماهيرية بمختلف الأشكال حتى اسقاط الانقلاب العسكري، وقيام الدولة المدنية الديمقراطية التي يتم فيها حل كل المليشيات ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد، وعودة الجيش للثكنات، وخروج معسكراته من المدن، وعودة شركات الجيش والأمن والدعم السريع والشرطة لولاية وزارة المالية، والغاء كل القوانين المقيدة للحريات، ومحاكمة مجرمي الحرب والجرائم ضد الانسانية وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتفكيك التمكين وعودة كل الأموال والاصول المنهوبة للشعب، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.


alsirbabo@yahoo.co.uk
///////////////////////

 

آراء