لا لتكدس الجثامين .. فإكرام الموتىً دفنهم

 


 

 

رغم اوجاع هذا الملف الداكن السواد لتداخل خيوطه وغرقانه في بحور من الظلم لاسر الشهداء والمفقودين وما زالت أمهاتهم يتوجعن بحرقة لغياب الحقائق وغموض المسارات القانونية ولكن برغم هذا وذاك فان " اكرام الموتي دفنهم " كثير من الحضارات والتقاليد والديانات القديمة والمعاصرة تنظر وتعتقد بقوة أن دفن الموتى من اهم سبل كفالة كرامتهم واحترامهم وحفظ ادميتهم ولعدم تعرض جثامينهم " للتعفن والتلوث " كما تنقل الاخبار بمستشفي بشائر الخرطوم وكذلك وفي المقام الاول احترام لمشاعر أحبائهم واسرهم ومعارفهم ويروي ذلك القرآن الكريم في الآية (31) من سورة المائدة .. كما ان الاحكام المنظمة للدفن والقبور وحتى آداب زيارتها كلها مبينة وبالتفصيل وفق الفقه الاسلامي وهي دلالة علي ان النظام القانوني الاسلامي يجمع كثيرا في بنوده ودلالاته علي احقية الانسان بين مواضيع قانونية بحته ومواضيع دينية او اخلاقية وهو دليل قاطع للاثر العظيم للشريعة الاسلامية علي السلوك المجتمعي وحتى تنظيم طرق التعامل مع الموتى في أوقات النزاعات المسلحة وفي زمن السلم، ولا يزال تأثيرها لم ينقطع.. وقد تلاحقت معها وانسجمت مع اغلبها الانظمة العالمية وقوانين حقوق الانسان القديمة والمستحدثة …
وقطعا فان الانظمة الحديثة وما وصلت له المعارف الانسانية التراكمية اوجدت سبل وطرق مختلفة لاحترام الموتي ودفنهم وفق التوثيق الدقيق وحفظ حقوق اهاليهم بذات سبل التوثيق والتصوير وفحوصات ال dnn والترقيم .. وحفظ الرفات بالدفن وامكانية نبشها للضرورات القانونية .. كل هذا متاح وميسر احتراما للانسانية وتقليلا لاوجاع الاسر وامهات الشهداء والمفقودين وحفظ حقوقهم كاملة وتطييب خواطرهم بالاسراع بالكشف عن الحقائق مهما كانت مؤجعة وحفظا لسلامة المحيط البيئي من التلوث والامراض ..
ان تحتفظ بالجثامين لتتكدس للدرجة التي تتحلل و" تتمزق " وبعيدا عن ابجديات الطرق السليمة من تبريد وانظمة دقيقة للتوثيق توطئة للكشف عن شخوصهم و طريقة اغتيالهم هي كارثة ومدعاة للاسر للمطالبة بدفنهم علي شرط ان يكون لهم كل الحق لنبش رفاتهم وفحصها لضرورات التحقيق واستكمال ملفات مسارات العدالة وتوطين القانون ..
لماذا لا يتم اخطار كل الامهات والاسر لستر الجثامين وتوثيق المراسيم بالترقيم والتصوير للمدافن بحيث يرجع " لنبشها " وفق الضرورات .. وبما يحفظ حق الميت وفي نفس الوقت يضمن لاسر الشهداء والمفقودين كل حقوقهم الانسانية والقانونية ومهما طال الزمان .. أدفنوا مؤتاكم .. واحتفظوا بحقوقكم القانونية كاملة بدلا من تحللها وتراكمها وتلوثها بما يزيد اوجاعكم مرة بفقدهم ومرات بهذا التكدس بعيدا عن ابجديات احترام الموتى ..
عواطف عبداللطيف
اعلامية مقيمة بقطر
Awatifderar1@gmail.com

 

آراء