للتفكير المسموع
محمد عتيق
11 April, 2022
11 April, 2022
خارج المتاهة /
————————————
يتحدث الناس عن أهمية تأسيس مركز سياسي مُوَحَّدْ يستطيع أن يستثمر مليونيات الشباب وتضحياتهم في قيادةالثورة نحو آفاقها التالية .. والجميع يُظهرون الحرص البالغ على نجاح الثورة وتحقيق أهدافها.. ولكن ، ودونما تكرارٍ واجترار لوقائع تاريخنا الوطني المعاصر ونتائج الانتفاضات الشعبية الباسلة في وجه الدكتاتوريات العسكرية ، دون تكرار ، ولكن واضعين دروسها في الاعتبار وفي مناهج نضالنا الآن وفي المستقبل ، بدون إغفال ، علينا أن ننتبه لصفوفنا وقراءة الأفكار والمبادئ التي تُظَلِّل رؤانا ..
بمعنىً آخر ، وللتوضيح ؛ إذا افترضنا أن كل المعارضين لانقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ (انقلاب البرهان حميدتي) قد توحّدُوا في جبهةٍ واحدة وِفقَ ميثاق سياسي أجمعوا عليه ، فإن مثل هذا الافتراض لا يمنعنا من مراجعة مواقفنا وقناعاتنا ؛ هل وحدتنا التي أساسها إسقاط الانقلاب كافية ؟ أَلَمْ نتفق في مواجهة البشير تحت شعار "تسقط بس" ؟ ماذا حدث بعد ذلك ؟ ..
حقيقة الأمر أن هنالك تيارات متباينة في مواقفنا وآرائنا لِمَا بعد إسقاط الانقلاب :
- بيننا من ذهب يُردِّد مقولة "الترتيب لإجراء انتخابات (حُرَّة ونزيهة) ليختار الشعب من يريد" كهدفٍ للثورة دون البحث والتساؤل عن مهامٍّ تريد الثورة إنجازها في مواجهة الخراب الموروث في هيكل الدولة وواقع حياة الشعب ، ولذلك سنجد بيننا من يدعو لبرنامج إسعافي دقيق للإنقاذ في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية ووضع أسس راسخة لإعادة بناء الدولة والمجتمع ، وفي ذلك لا يهم عمر الفترة الانتقالية (عامين أو ٤ أو ٥ )….الخ..
وهنالك بيننا من يؤمن بالتعامل مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ شروطه في إطار اقتصاد السوق ، ومن يدعو للاهتمام بموارد البلاد العديدة التي ينبغي على الدولة أن تهيمن على النسب الأعلى فيها وتُسخِّر أغلب عائداتها في تمويل الخدمات الأساسية الهامة كالتعليم والصحة ، وبأنه لا مانع من التعامل مع صندوق النقد والبنك الدوليين ولكن بشروطنا النابعة من احتياجاتنا واعتماداً على حشد مواردنا المتعددة والتخطيط على ضوئها ثم تحديد المطلوب من تلك المؤسسات الدولية وفقاً لها. (دولة الرعاية الاجتماعية) ..
وهنالك أيضاً من يتحدث حديثاً طيباً عن ضرورة قيام جبهة عريضة لإسقاط الانقلاب و…و….إلى آخره ، وفي نفس الوقت يجتمع مع وفد من "الجبهة الثورية" ليستمع إلى مبادرتها الساعية لإنتاج حلول للاحتقان السياسي الراهن في البلاد.. الخ ، وهي الدعوة التي تستهدف (في رأي البعض الآخر ) جمع أطراف المعارضة مع قادة الانقلاب لينتج عنه العودة إلى مرحلة ما قبل ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ ، وذلك مرفوضٌ في نظرهم .. بينما يذهب آخرون لأبعد من ذلك ، إلى التساؤل : وهل الجبهة الثورية مُؤَهَّلَة أصلاً للتعامل مع قوى الثورة وهي الموجودة مع الانقلابيين مجلساً وحكومةً ، وبعض أطرافها : مشاركةً في فعل الانقلاب ؟ ، بل - هذه الفئة - تعتقد أن الجبهة الثورية قد فقدت مشروعيتها (كطرفٍ في الثورة) منذ أن استبدلت الدخول (عشية سقوط النظام) في حوار مباشر مع قوى الثورة لوضع الخطط الكفيلة بتحقيق مطالب الأهل في دارفور والمنطقتين ، استبدلت ذلك بمفاوضاتٍ خارج القطر مع نفس أعداء الأمس (حميدتي والكباشي) والاتفاق معهم - في السر وفي العلن - على السودان !!
كذلك بيننا من يوافق على التطبيع مع "اسرائيل" بحجَجٍ مختلفة متجاهلةً - كما يرى البعض الآخر - الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني وأنه يخوض معركة تحرُّرٍ وطني في المقام الأول ضد إسرائيل ، إضافةً - وهو الأهم - إلى أن أمراً كهذا لا تُقَرِّرَهُ فترة انتقالية وإنما برلمانٌ مُنتخب إذا (أساساً) هنالك سببٌ للتطبيع ، وذلك مستحيلٌ حسب رأيهم.….. وهكذا ؛
فهل يجوز أن نحصر هدف (مركزنا المُوَحَّد) في إسقاط الانقلاب "تسقط بس" مرةً أخرى دونما تحديدٍ واضحٍ لخطواتنا القادمة في الإسعاف وفي صياغة أسس البناء الجديد ؟ وهل الوقت القصير لانجاز هدف الإسقاط ثم نأتي لنقاط الخلاف أفضل أم الصبر على - الوقت الأطول - لتأتي منجزات الثورة جذريَّةً شاملةً تضع البلاد على طريق النهضة التاريخية بما يحقق رفاهية شعبها ويُرضي أرواح الشهداء الأبرار ، شهداء الثورة المجيدة وكل شهداء الوطن … بعضنا سيقول : الحديث عن البرامج وخطوات ما بعد إسقاط الانقلاب سيُضعِفْ وحدتنا ويُطيل عمر نضالنا ويكلِّفنَا أرواحاً ودماءاً أكثر ، ولكنه - عند الآخرين - سيزيد الوحدةَ صلابةً والخطوات وضوحاً ..
10.04.2022
atieg@hotmail.com
————————————
يتحدث الناس عن أهمية تأسيس مركز سياسي مُوَحَّدْ يستطيع أن يستثمر مليونيات الشباب وتضحياتهم في قيادةالثورة نحو آفاقها التالية .. والجميع يُظهرون الحرص البالغ على نجاح الثورة وتحقيق أهدافها.. ولكن ، ودونما تكرارٍ واجترار لوقائع تاريخنا الوطني المعاصر ونتائج الانتفاضات الشعبية الباسلة في وجه الدكتاتوريات العسكرية ، دون تكرار ، ولكن واضعين دروسها في الاعتبار وفي مناهج نضالنا الآن وفي المستقبل ، بدون إغفال ، علينا أن ننتبه لصفوفنا وقراءة الأفكار والمبادئ التي تُظَلِّل رؤانا ..
بمعنىً آخر ، وللتوضيح ؛ إذا افترضنا أن كل المعارضين لانقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ (انقلاب البرهان حميدتي) قد توحّدُوا في جبهةٍ واحدة وِفقَ ميثاق سياسي أجمعوا عليه ، فإن مثل هذا الافتراض لا يمنعنا من مراجعة مواقفنا وقناعاتنا ؛ هل وحدتنا التي أساسها إسقاط الانقلاب كافية ؟ أَلَمْ نتفق في مواجهة البشير تحت شعار "تسقط بس" ؟ ماذا حدث بعد ذلك ؟ ..
حقيقة الأمر أن هنالك تيارات متباينة في مواقفنا وآرائنا لِمَا بعد إسقاط الانقلاب :
- بيننا من ذهب يُردِّد مقولة "الترتيب لإجراء انتخابات (حُرَّة ونزيهة) ليختار الشعب من يريد" كهدفٍ للثورة دون البحث والتساؤل عن مهامٍّ تريد الثورة إنجازها في مواجهة الخراب الموروث في هيكل الدولة وواقع حياة الشعب ، ولذلك سنجد بيننا من يدعو لبرنامج إسعافي دقيق للإنقاذ في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية ووضع أسس راسخة لإعادة بناء الدولة والمجتمع ، وفي ذلك لا يهم عمر الفترة الانتقالية (عامين أو ٤ أو ٥ )….الخ..
وهنالك بيننا من يؤمن بالتعامل مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ شروطه في إطار اقتصاد السوق ، ومن يدعو للاهتمام بموارد البلاد العديدة التي ينبغي على الدولة أن تهيمن على النسب الأعلى فيها وتُسخِّر أغلب عائداتها في تمويل الخدمات الأساسية الهامة كالتعليم والصحة ، وبأنه لا مانع من التعامل مع صندوق النقد والبنك الدوليين ولكن بشروطنا النابعة من احتياجاتنا واعتماداً على حشد مواردنا المتعددة والتخطيط على ضوئها ثم تحديد المطلوب من تلك المؤسسات الدولية وفقاً لها. (دولة الرعاية الاجتماعية) ..
وهنالك أيضاً من يتحدث حديثاً طيباً عن ضرورة قيام جبهة عريضة لإسقاط الانقلاب و…و….إلى آخره ، وفي نفس الوقت يجتمع مع وفد من "الجبهة الثورية" ليستمع إلى مبادرتها الساعية لإنتاج حلول للاحتقان السياسي الراهن في البلاد.. الخ ، وهي الدعوة التي تستهدف (في رأي البعض الآخر ) جمع أطراف المعارضة مع قادة الانقلاب لينتج عنه العودة إلى مرحلة ما قبل ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ ، وذلك مرفوضٌ في نظرهم .. بينما يذهب آخرون لأبعد من ذلك ، إلى التساؤل : وهل الجبهة الثورية مُؤَهَّلَة أصلاً للتعامل مع قوى الثورة وهي الموجودة مع الانقلابيين مجلساً وحكومةً ، وبعض أطرافها : مشاركةً في فعل الانقلاب ؟ ، بل - هذه الفئة - تعتقد أن الجبهة الثورية قد فقدت مشروعيتها (كطرفٍ في الثورة) منذ أن استبدلت الدخول (عشية سقوط النظام) في حوار مباشر مع قوى الثورة لوضع الخطط الكفيلة بتحقيق مطالب الأهل في دارفور والمنطقتين ، استبدلت ذلك بمفاوضاتٍ خارج القطر مع نفس أعداء الأمس (حميدتي والكباشي) والاتفاق معهم - في السر وفي العلن - على السودان !!
كذلك بيننا من يوافق على التطبيع مع "اسرائيل" بحجَجٍ مختلفة متجاهلةً - كما يرى البعض الآخر - الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني وأنه يخوض معركة تحرُّرٍ وطني في المقام الأول ضد إسرائيل ، إضافةً - وهو الأهم - إلى أن أمراً كهذا لا تُقَرِّرَهُ فترة انتقالية وإنما برلمانٌ مُنتخب إذا (أساساً) هنالك سببٌ للتطبيع ، وذلك مستحيلٌ حسب رأيهم.….. وهكذا ؛
فهل يجوز أن نحصر هدف (مركزنا المُوَحَّد) في إسقاط الانقلاب "تسقط بس" مرةً أخرى دونما تحديدٍ واضحٍ لخطواتنا القادمة في الإسعاف وفي صياغة أسس البناء الجديد ؟ وهل الوقت القصير لانجاز هدف الإسقاط ثم نأتي لنقاط الخلاف أفضل أم الصبر على - الوقت الأطول - لتأتي منجزات الثورة جذريَّةً شاملةً تضع البلاد على طريق النهضة التاريخية بما يحقق رفاهية شعبها ويُرضي أرواح الشهداء الأبرار ، شهداء الثورة المجيدة وكل شهداء الوطن … بعضنا سيقول : الحديث عن البرامج وخطوات ما بعد إسقاط الانقلاب سيُضعِفْ وحدتنا ويُطيل عمر نضالنا ويكلِّفنَا أرواحاً ودماءاً أكثر ، ولكنه - عند الآخرين - سيزيد الوحدةَ صلابةً والخطوات وضوحاً ..
10.04.2022
atieg@hotmail.com