محمود محمد طه في فضاء جامعة الأنبار العراقية .. إعداد/ الدكتور عبد الله الفكي البشير

 


 

 

جامعة الأنبار تجسد التسامح وتحرر الاختلاف وتعزز الحرية الأكاديمية وتحتفي بالمُخْتَلِف عبر دراسته

إعداد الدكتور عبد الله الفكي البشير

منحت جامعة الأنبار، بمدنية الرمادي، مركز محافظة الانبار، العراق، الطالبة جنان مجيد حميد، بكلية التربية للبنات، قسم التاريخ، درجة الماجستير عن رسالتها الموسومة بـ: محمود محمد طه ودوره في السودان 1909-1985. كان المشرف على الرسالة البروفيسور إياد ناظم جاسم، كلية الآداب، جامعة الأنبار، وجرت المناقشة العلنية يوم 5 سبتمبر 2022 في قاعة الخنساء بالجامعة. وتألفت لجنة المناقشة من الأساتيذ الآتية أسماؤهم:

1. الأستاذ الدكتور طه خلف عبد الجبوري، كلية التربية للعلوم الإنسانية، جامعة تكريت، رئيساً.
2. الأستاذ الدكتور يوسف سامي فرحان، كلية التربية للبنات جامعة الانبار، عضواً.
3. الأستاذ الدكتور علي ناجح محمد، كلية التربية للعلوم الإنسانية، جامعة الانبار، عضواً.
4. الأستاذ الدكتور إياد ناظم جاسم، كلية الآداب، جامعة الانبار، عضواً ومشرفاً.

ما بعد سردية الكسل العقلي وتناسل الجهل: سردية العلم والأخلاق

بهذه المناسبة، وتقديراً للعلم ومؤسساته ممثلة في جامعة الأنبار والبروفيسور إياد، واحتفاءً بطلابه وطالباته، لا سيما الطالبة جنان مجيد حميد، وفي إطار تجسير التواصل الإنساني والمعرفي، والاحتفاء بالشراكات الفكرية والثقافية بين العراق والسودان بما يخدم التعارف والتصاهل الفكري وتنمية الوعي وخدمة التنوير، ودعماً للسردية الجديدة التي بدأت تتشكل بالعلم والأخلاق عن محمود محمد طه، وهي تهدم بالحق في سردية الكسل العقلي وتناسل الجهل، التي بنيت بالباطل، نقف في لقاءين قصيرين مع البروفيسور إياد والباحثة جنان.

الأكاديمي المسكون بالعلمية والقيم الأخلاقية البروفيسور إياد: لقد حان الوقت لإعادة فحص مشروع الأستاذ محمود محمد طه عبر العلم والأخلاق

طرحنا على البروفيسور إياد ثلاثة أسئلة تلخصت في الآتي: كيف بدأت قصتك مع الأستاذ محمود محمد طه كيف سمعت به؟ ومتى؟ 2. لماذا توجيه طلابك وطالباتك لدراسة مشروع الأستاذ محمود محمد طه الفكري؟ 3. في تقديركم، ما هي أسباب تغييب مشروع الأستاذ محمود محمد طه الفكري في الفضاء الأكاديمي؟
تحدث البروفيسور إياد عن قصته مع المفكر السوداني محمود محمد طه، وقال إن أول مرة يسمع فيها بالأستاذ محمود محمد طه، كانت في يناير 2020 عندما عُقد في الخرطوم مؤتمر بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لاستشهاده. وكان المؤتمر بعنوان: المسلمون وتحديات العصر: السلام والديمقراطية والاشتراكية (نحو فكر إسلامي مستنير). منذ ذلك اليوم ظللت مشغولاً بالأستاذ محمود محمد طه وبمشروعه وما حدث له. وبدأت فوراً في الاطلاع على كتبه والاستماع لمحاضراته، وقراءة ما كتب عنه. وظللت متابعا لكل ما يصدر عنه. ووقفت على دعوته من خلال كتبه، لا سيما الكتاب الأساس: الرسالة الثانية من الإسلام، وغيره من الكتب، ورؤيته تجاه آيات الأصول، القرآن المكي (الآيات المكية) وآيات الفروع، القرآن المدني (الآيات المدنية)، والتوحيد، وكذلك طرحه عن تطوير التشريع الإسلامي. كما وجدته تناول قضايا كبرى وله فيها نظرات ورؤى، مثل: الحرية والديمقراطية، والاشتراكية، والعدالة الاجتماعية، والمرأة... إلخ. ودرست كذلك الفكر السياسي الذي قدمه، والسياسية عنده لا تنفصل عن الدين. ووقفت كذلك على فكره الصلاة عنده، وما لديها من الطمأنينة والسكينة والراحة والتوجه لله ليس بهيأة الحركات وإنما بالروح والقلب والجوارح ورسالته واضحة بهذا الصدد وما كتبه يشهد له بذلك. ولا أزال في حالة اطلاع وبحث ومتابعة لمشروع الأستاذ محمود محمد طه فهو، في تقديري، مشروع فكري إنساني، يستحق منا الاهتمام والاحتفاء عبر دراسته.
وعن أسباب توجيه طلابه وطالباته لدراسة مشروع الأستاذ محمود محمد طه الفكري، أوضح البروفيسور إياد، بأن الفكر الإنساني الذي حمله الأستاذ محمود محمد طه، وهو فكر عابر للثقافات والجغرافية وعنده الإنسان هو الغاية، ويشتمل على قضايا عديدة ومتنوعة وملامسة لقضايا الإنسان ومتطلبات العصر، قادني إلى أن أطرحه على طلبة الدراسات العليا بجامعة الانبار. وقد لاحظت أن ما حمله مشروع محمود محمد طه من أفكار، وما تضمنه من صور فلسفية عديدة، وما دار حوله من جدل على مدى ثلاثة أرباع القرن (1951- 2022)، جعل الكثير من الناس يجهلونه، والبعض الآخر يتجاهله، وهناك من ينسج حوله الكثير من القصص والروايات المختلقة، والتي لا تتماسك أمام العلم والأخلاق. هذا الجدل غير العلمي في بعض جوانيه، وهذا الاختلاف غير المنصف في بعض أطرافه، غيب الكثير من الأفكار الكبيرة والمعارف المفيدة. جاءت هذه الأفكار والمعارف في صور اجتماعية ورؤى إصلاحية ومنهج لتحقيق التغيير على مستوى الأفراد، وعلى مستوى نهضة المجتمع، وقد حاول الأستاذ محمود محمد طه جاهداً لبيانها وتبيانها للعالم أجمع. ومن أجلها نشر الكتب والبيانات والمقالات ونظم المحاضرات... إلخ. وكل هذا يحتاج من المثقفين ومن الجامعات دراسته وفحصه، لا الاستكانة لروح المعارضة والعداء بلا علم ومعرفة. ولهذا، ولمَّا كانت جامعة الأنبار تسعى إلى ترسيخ قيم التسامح والاعتدال في خدماتها التنويرية وفي أداء مسؤوليتها المجتمعية، وفي ظل الحرية الأكاديمية التي تتمتع بها، فكان لابد من تحرير الاختلاف عبر عقلنته بالدراسة والالتزام بالعلمية والقيم الأخلاقية، وكان لابد من الاحتفاء بالمُخْتَلِف عبر دراسته. ولهذا فإنني أوجه طلابي لدراسة المشروع الفكري للأستاذ محمود محمد طه، وفي هذا تربية علمية وفكرية على قبول الآخر واحترامه، فضلاً عن التعزيز لقيم التسامح والاعتدال.

جامعة الأنبار والسعي لتجسيد التسامح عبر عقلنة الاعتدال في الخطاب الديني

ويقول البروفيسور إياد هنا لابد من الإشارة إلى أن رؤية جامعة الأنبار ورسالتها وانشغال قيادتها، وفي ظل الراهن المحلي والإقليمي والعالمي، تنطلق من ضرورة العمل على ترسيخ التسامح والاعتدال في الخطاب الديني. ولهذا فهي تسعى في تقديمها للخدمات التنويرية، وفي سعيها لأداء مسؤوليتها المجتمعية، إلى الاحتفاء بالمُخْتَلِف عبر دراسته، وتعزيز الحرية الأكاديمية وبث ثقافة قبول الآخر واحترامه. ولم يكن الانشغال بقضايا الاعتدال والتسامح في رؤية جامعة الأنبار، أمراً عابراً أو مرتبطاً بمناسبة أو ظروف بعينها، وإنما كان انشغالاً متبوعاً بالعمل المستمر والمتوسع. ففي 31 تشرين الأول/ أكتوبر- 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 نظمت جامعة الأنبار مؤتمراً دولياً بعنوان: الاعتدال في الخطاب الديني والسياسي وأثره في تعزيز التنمية المجتمعية. كان مؤتمراً كبيراً، وربما كان أكبر مؤتمر نظم في المنطقة، من حيث عدد المشاركين والمشاركات وخارطة توزيعهم الجغرافية. وأعلنت الجامعة بأن المؤتمر يهدف إلى:(1) تعزيز الترابط الفكري وتوثيق العلاقات العلمية بين جامعة الأنبار والجامعات العراقية والعربية والعالمية. (2) الارتقاء بالأداء العلمي للباحثين وتشجيعهم على المساهمة الفاعلة فـي معالجة القضايا التي تمس المواطن. (3) إشاعة ثقافة الوسطية والاعتدال وإبراز الجوانب المشرقة للتراث الإسلامي بهذا الصدد. (4) التصدي للأفكار المتطرفة والارهابية التي تتبناها بعض الحركات والمنظمات. (5) ايجاد بيئة علمية وثقافـية تستهدف إعلاء قيم التميز والتفوق العلمي. (6) الخروج بخطط وتوصيات قابلة للتنفـيذ من قبل اللجان مع الجهات المشاركة بالمؤتمر. وتأكيداً على حرص جامعة الأنبار على العمل المستمر من أجل ترسيخ الاعتدال والتسامح وتعميقه، عقد جامعة الأنبار النسخة الثانية من مؤتمرها العلمي الدولي برعاية معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وبأشراف سعادة رئيس جامعة الانبار الأستاذ الدكتور مشتاق طالب الندا، تحت عنوان: الاعتدال ودوره في بناء السلام والدولة المعاصرة، وذلك خلال الفترة 23 – 24 آذار/ مارس 2022. وكان شعار المؤتمر "الاعتدال في الخطاب طريقنا إلى السلام". وجاء المؤتمر بمشاركة واسعة من المفكرين والأساتذة والباحثين والباحثات، إلى جانب شخصيات دينية وفكرية من مختلف الدول العربية كتونس والسودان والمغرب والأردن ومصر حيث نوقشت بحوث مختلفة واوراق بحثية ومحاضرات قيمة بهذا الاتجاه. وأوضح البروفيسور إياد بأن رئيس جامعة الأنبار الأستاذ الدكتور مشتاق طالب صالح الندا يسعى جاهداً ان يسير بجامعته وبخطوات واثقة لكي تكون رائدة للجامعات العراقية والعربية والإسلامية في نشر قيمة التسامح والاعتدال وذلك ما جسده المؤتمر الدولي الثاني الذي اقامته الجامعة في بداية هذا العام، كما ورد آنفاً. وستجد هذه الأفكار التعزيز والتعميق والاستمرار في الحوار في المؤتمر القادم، وهو النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي، الذي سيعقد في رحاب جامعة الأنبار مطلع العام القادم.
وأضاف البروفيسور إياد، قائلاً: ويقيني إن جامعة الأنبار ستستمر في تنظيم هذا المؤتمر ومثله من المؤتمرات في سبيل توسيع الحوار وعقلنته حول أهم قضايا إنسان ومجتمعات اليوم. ولقد درجت جامعة الأنبار من خلال العمل العلمي بصوره المختلفة إلى جعل قيم التسامح والاعتدال هي الأصل، وهي الثقافة السائدة التي تقوم عليها تنمية الوعي وخدمة التنوير، بما يحقق بناء الإنسان الحر والمسؤول، ونهضة المجتمع القائمة على العلم والمعرفة.
وعن أسباب تغييب مشروع الأستاذ محمود محمد طه الفكري في الفضاء الأكاديمي، تحدث البروفيسور إياد، قائلاً: إن تغيب محمود محمد طه ومشروعه الفكري في الفضاء الأكاديمي تم بفعل السياسات والتوجهات المضادة لأفكاره تارة ولشخصيته وتوجهاته تارة أخرى، وفي تقديري قد حان الوقت لإعادة فحص مشروع طه عبر العلم والأخلاق. وقد يكون الباحث في حيرة من أمره فيما إذا كان مادحاً أو قادحاً لكن الصورة العلمية تتطلب تبيان الحقيقة وكلنا بني البشر معرض للأخطاء فالكمال لله وحده جل في علاه. والفكر لا يموت، كما أن التحامل على المشاريع الفكرية، كما هو حال مشروع الأستاذ محمود محمد طه، على الدوام ينسفه نمو الوعي وارتقاء حياة الإنسان وقيمه. وها نحن اليوم، مقارنة بالأمس حيث المحاكمات بالردة عن الإسلام عليه، وتنفيذ حكم الإعدام في 18 يناير 1985، فإننا نشهد اهتماماً واسعاً بمشروع الأستاذ محمود في مختلف الدوائر العلمية، وفي الكثير من جامعات العالم. وقد طرحت دراسات كثيرة، سواء أطروحات الدكتوراه أو رسائل الماجستير أو الكتب أو الأوراق العلمية في العديد جامعات العالم الإسلامي، سواء في العراق أو الأردن أو تونس أو الجزائر أو المغرب أو لبنان وغيرها. إن الفكر الحر والحي لا يَغِيب ولا يُغَيب، وإنما الغياب يكون مصير العقول المتآمرة على التغييب.
وذكر البروفيسور إياد، قائلاً: إن ما يؤخذ على الأستاذ محمود محمد طه هو نفيه للتشريعات والأحكام المدنية ومأخذها أنها أتت للضرورة وهي مرحلية وموقوته، بمعنى أنها مؤقتة، ليس إلا، فهو يرى بأن الحجاب للمرأة ليس أصلاً وإنما فرع، والأصل هو الـسفـور، ويجب الاحتراز هنا، فهو لا يقصد التبرج وإنما السفور، وهذا يرجع إلى أصل البشرية من نبي الله آدم عليه السلام وزوجته حواء، هذا القصد الذي كان في كتاباته ولو سلمنا للأمر وقلنا إنه اباح السفور على أن زوجته سافره؟ أم قبل ان تكون بناته سافرات؟ ومن حوله؟ أكاد أجزم هذا الأمر من خلال قراءتي لأفكاره وفلسفة التي حملت في طياتها الكثير، أن الأمر عنده على غير ما أشاعه المعارضون. وأضاف البروفيسور إياد، قائلاً: إن الرسائل السامية التي وجهها محمود محمد طه إلى العالم من خلال مؤلفاته بالتوحيد تارة وعن المرأة تارة أخرى وقضايا المجتمع والبشرية جمعاء، كما أن الفلسفة التي استخدمها الأستاذ محمود محمد طه في فكره، في تقديري ومن وجهة نظري المتواضعة، كادت أن تكون فوق المستوى المعهود للقارئ، ولو تمعنا قليلاً في كتابته لوجدنا أننا في حاجة لدراسة كل موضوع لحاله، وأن كل مؤلف من مؤلفاته، يستحق الدراسة لوحده.

الباحثة جنان: فضاء محمود محمد طه يدعوك للجد والصدق والحياد والتفكير بعمق

توجهنا للباحثة جنان مجيد حميد بثلاثة أسئلة، هي: كيف ولماذا اخترت محمود محمد طه لموضوع دراستك للماجستير؟ وكيف كانت رحلة الكتابة في عالم محمود محمد طه؟ وماذا بعد الماجستير؟
تحدثت حنان عن سبب اختيارها لموضوع البحث، قائلة: الموضوع كان من اختيار أحد الأساتذة وهو الأستاذ الدكتور إياد ناظم جاسم بكلية الآداب بجامعة الأنبار. كنت في بداية الأمر مترددة في أن أبحث في هذا الموضوع، لكن بعدما قرأت وبحثت، ولاسيما في مؤلفاته، اكتشفت أنني أمام مؤلفات غنية وزاخرة، فقررت المضي قدماً في الموضوع. وعن سؤالنا عن كيف كانت رحلة كتابتك في عالم محمود محمد طه. ذكرت حنان، قائلة: في حقيقة الأمر، الرحلة كانت ممتعة، ولكنها لم تكن سهلة، فالكتابة عن شخصية جدلية مثل الأستاذ محمود محمد طه، مسألة صعبة للغاية.. خاصة وأن هناك من وصفه بالمفكر الحر وصاحب الرؤية الجديدة، وهناك من أدان فكره واسلوبه وفلسفته، الأمر الذي يتطلب الدقة والحذر والإتقان، فكان دوري أن أمسك العصا من المنتصف وأدلو بما جاء في مؤلفاته وما كتب عنه. وفي واقع الأمر إن فضاء محمود محمد طه يدعوك للجد والصدق والحياد والتفكير بعمق، فالمشروع كبير والجدل حوله واسع، والرجل كان شخصاً مختلفاً في تفكيره وفي رؤيته، وقد أثرى عالمنا بإنتاج فكري كبير وغني.
إما فيما يتصل بماذا بعد الماجستير؟ قالت حنان: بعد أن اكتمل البحث أقول الحمد لله الذي وفقني لإتمام هذا الجهد المتواضع عن الأستاذ محمود محمد طه والذي أرهقني من كثرة التفكير في شخصه ورؤيته لأغلب الافكار فأتذكر هل هو على صواب؟ وما مدى صحة النيل منه؟ ولماذا تتم مصادرة حقه في الحياة وحرية التفكير والتعبير؟ وما مدى صحة وأحقية ما صدر في حقه من قبل بعض العلماء؟ أسئلة كثيرة وكبيرة وتحتاج للمزيد من العمل، عشت مع هذه الأجواء في فضاء محمود محمد طه، غير أني وجدت فيه المفكر والكاتب والناقد صاحب المؤلفات الغنية والزاخرة.

عن جامعة الأنبار

تقع جامعة الأنبار في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار بالعراق. وضمت الجامعة عند تأسيسها كليتين هما: كلية التربية للبنات وكلية التربية للعلوم الانسانية، ونظراً لتزايد متطلبات المحافظة التنموية التي فرضت على جامعة الانبار التوسع من حيث أعداد الطلبة و ملاكاتها العلمية ومد نطاق نشاطها العلمي إلى كافة اقضية ومدن محافظة الانبار، استحدثت جامعة الانبار تسع كليات (كلية الهندسة، وكلية العلوم، وكلية الادارة والاقتصاد، وكلية القانون والعلوم السياسية، وكلية علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، وكلية الآداب، وكلية التربية البدنية وعلوم الرياضة، وكلية العلوم الاسلامية وكلية التربية للعلوم الصرفة) في موقع الجامعي الرئيسي وثلاث كليات (كلية الطب و كلية طب الاسنان وكلية الصيدلة) في مدينة الرمادي قرب مستشفى الرمادي التعليمي وكلية الزراعة في مركز مدينة الرمادي وكذلك أنشأت كلية التربية في مدينة القائم وكلية التربية الأساسية في مدينة حديثة وكلية العلوم التطبيقية في مدينة هيت من أجل نشر المعرفة في كافة أرجاء المحافظة ليصبح عدد كليات الجامعة (18) كلية بأقسام وتخصصات علمية مختلفة حيث بلغ عدد الاقسام العلمية في كليات الجامعة (62 ) قسم علمي وعدد المراكز البحثية التابعة لجامعة الانبار (4) والمراكز الخدمية (2) . وظل أعداد الطلبة المقبولين في الدراسات العليا في تزايد مستمر، سواء على مستوى دراسات الماجستير أو دراسات الدكتوراه في مختلف التخصصات. وتأخذ الجامعة في لغة التدريس باللغتين العربية والإنجليزية. وتمنح الدرجات العلمية: البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه.

عن المفكر السوداني الإنساني محمود محمد طه

بعد خروجه من اعتكاف استمر لمدة خمس سنوات (1948- 1951)، قضى منها عامين في سجن الاستعمار البريطاني المصري، وثلاثة أعوام بمدينة رفاعة، وسط السودان، أعلن محمود محمد طه عن مشروعه الفكري في مساء الجمعة 30 نوفمبر 1951. وأخذ يفصل فيه، ويدعو له، بأدوات المثقف الحداثي: الكتاب والمقال والبيان والمحاضرة والمساجلة... إلخ. كما قدم آلاف الجلسات التربوية/ العرفانية لتلاميذه وتلميذاته (الإخوان الجمهوريون والأخوات الجمهوريات). وسم مشروعه بعدة أسماء جاءت في كتاباته وأحاديث، وهي: الفكرة الجمهورية، والفهم الجديد للإسلام، والبعث الإسلامي، والمذهبية الإسلامية الجديدة، والدعوة الإسلامية الجديدة، وإحياء السنة، والرسالة الثانية من الإسلام.
واجه محمود محمد طه الحكم بالردة عن الإسلام، مرتين، الأولى عام 1968، والثانية عام 1985، حيث تم استدعاء حكم المرة الأولى، وتم الاستناد عليه، في إصدار حكم بالإعدام وتنفيذه عليه في العاصمة السودانية الخرطوم في 18 يناير 1985. جدير بالذكر أن المحكمة العليا/ الدائرة الدستورية في السودان، أعلنت في 18 نوفمبر 1986 بطلان الحُكم الصادر في حق محمود محمد طه وتلاميذه الأربعة، وذلك بموجب القضية نمرة م ع/ق د/2/1406هـ، التي رفعها كل من أسماء محمود محمد طه وعبد اللطيف عمر حسب الله ضد حكومة جمهورية السودان. وقد رأت المحكمة بأن الحكم لم يكن إلا كيداً سياسياً، ووصفته بأنه قد "تجاوز كل قيم العدالة سواء ما كان منها موروثاً ومتعارفاً عليه، أو ما حرصت قوانين الإجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة، أو انطوى عليه دستور 1973م الملغي رغــم ما يحيط به من جدل". واستنبطت المحكمة من خلاصـــــــة الوقائع بأن الحكم "لا يعدو أن يكون ستاراً لاغتيال خصم سياسي تحت مظلة صـــــــورية للإجراءات القضائية وتطبيق حكم القانون".

 

abdallaelbashir@gmail.com

 

آراء