مستقبل السودان!

 


 

د. زهير السراج
11 November, 2022

 

manazzeer@yahoo.com

* تنعقد هذه الايام بمدينة شرم الشيخ المصرية الدورة السابعة والعشرون لمؤتمر المناخ (كوب 27) الذي يتناول قضية جوهرية بل قضية حياة او موت، وليس كما يعتقدها الكثيرون مجرد ترف فكري، وهى ارتفاع درجة حرارة الكرة الارضية التي ستقضي على الحياة في كوكب الارض إذا لم تتدراكها البشرية وتعمل على انخفاض الغازات الناتجة عن الافعال البشرية خاصة الصناعة مثل غاز ثاني اكسيد الكربون والميثان، اللذان يعملان على زيادة سخونة الارض وبالتالي غرقها نتيجة الفيضانات المدمرة بسبب ذوبان الجليد وغيرها من التأثيرات الأخرى المدمرة مثل ازدياد الاعاصير وهطول الامطار الغزيرة في بعض المناطق وتعرض مناطق اخرى لموجات من الجفاف المريع وانهيار الغطاء النباتي فيها وازدياد حدة التصحر والتأثير الضار على النبات والانسان وانتشار الامراض وتدمير انماط الحياة الاخرى!

* لقد وضع العالم منذ سنوات طويلة قضايا البيئة على راس قائمة اولوياته، وحماية الكرة الارضية من الانشطة البشرية المدمرة للحياة وعلى راسها الانشطة الصناعية ومحاولة التقليل من أضرارها بالاتفاق بين الدول، خاصة الصناعية على خفض الانبعاثات الغازية وتخفيض نسبة الغازات في الجو والتي تعمل على تسخين الارض ورفع درجة حرارتها وتؤدى للتأثيرات المدمرة، وإن لم يحدث ذلك في غضون خمسين عاما فعلى الحياة على الكرة الارضية السلام، ولقد بدأت الآثار الضارة تتبدى جليا في معظم مناطق العالم إما بحدوث فيضانات وأعاصير مدمرة أو موجات الجفاف الحادة والتي يزيدها حدة الإعتداء على الغطاء النباتي والقطع الجائر للغابات بغرض استغلال الأرض لأنشطة بشرية مثلما يحدث لدينا في السودان الذي يشهد إعتداء يوميا على الغابات للمتاجرة بالاخشاب واستغلالها كوقود والاستفادة من الارض في انشطة بشرية مختلفة مما يؤدى لتصحيرها وتحويل المناطق الحية الى صحاري على حساب حياة الاجيال القادمة، بل على الحياة بكاملها على الكرة الارضية.

* واقولها بصراحة ربما تكون معركتنا البيئية هى الاصعب في تاريخنا على الاطلاق منذ نشأة الكرة الأرضية وحتى اليوم، وهى معركة بقاء .. بقاء السودان على قيد الحياة في مواجهة عدو شرس لا يرحم هو التصحر وللأسف فإن السلاح الذي يستخدمه ضدنا هو نحن، هو الانسان السوداني الذي يتعامل بعنف وعدم مبالاة مع البيئة التي يعيش فيها وينتفع منها ويحيا بسببها، وبدلا من أن يحافظ عليها ويحفظ لها الجميل، يعاملها بكل جحود ونكران ويُخربها بدون أن يدرك أن خرابها يعنى فناءه!

* السودان في خطر داهم قد لا نحس به مع تفاصيل الحياة اليومية ومتاعبها وانعدام الرؤية الثاقبة والتخطيط فضلا عن الفهم الخاطئ للبعض بان قضايا البيئة مجرد ترف فكرى رغم انها اهم القضايا الاساسية التي يجب أن تنصرف لها الاذهان خاصة في بلادنا المهددة بالفناء في أقل من مائة عام بتحولها الى صحراء بالكامل لا زرع فيها ولا ضرع ولا نسل ولا حياة، لا شيء سوى الرمال والصحراء الممتدة على مر البصر، ولعلكم لاحظتم كيف غطت الرمال في غضون سنوات بسيطة مناطق كانت تتميز بالخضرة والنماء في يوم من الأيام، وكيف تختفى شوارع الاسفلت تحت الرمال كل يوم والأموال الباهظة التي تنفقها المجالس المحلية لازاحة الرمال عنها بدون فائدة تذكر!

* الكثير من المؤسسات العلمية التي تعطى اهتماما خاصا للقارة الافريقية تضع السودان على رأس قائمة الدول التي تحتاج الى حملة انقاذ عاجلة لما يواجهه من تحد كبير بالتحول الى صحراء قاحلة بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الشديد وما تتعرض له الغابات والقطاع النباتي من إبادة ليس لها مثيل في العالم بدون أن يهتم أحد بما يحدث، بل بمباركة الحكومة ومشاركتها في التخريب البيئي الكبير والقضاء على الغابات بغرض الاستثمار والتربح في حياة الناس، ولقد سمح النظام البائد للشركات الصينية العاملة في مجال استخراج النفط بإبادة ملايين الافدنة من الغابات بدون أن يلزمها بزراعة غيرها، فسرقت نفطنا ودمرت غاباتنا ووضعتنا في مواجهة مع الموت بدون أن ننتفع منها بشيء !

* لا ادري شيئا عن طبيعة مشاركة السودان في مؤتمر شرم الشيخ غير المشاركة الرسمية للفريق عبد الفتاح البرهان، ولم أقرأ شيئا في الصحف ولم اسمع شيئا في اجهزة الاعلام عن تكوين الوفد السوداني والاوراق والبحوث التي سيعرضها في المؤتمر والمشاريع التي سيتقدم بها لمكافحة الجفاف والتصحر وتاهيل القطاع النباتي حتى يحظى بعون مقدر من الدول والمنظمات والجهات الدولية المهتمة بالبيئة، خاصة ان الدول الغنية ستعلن عن مبلغ مالى ضخم خلال هذه الدورة لمساعدة الدول الفقيرة في مجال التدريب والتأهيل والبحوث والانشطة البديلة الصديقة للبيئة ومكافحة الجفاف والتصحر ..إلخ، وأخشى أن تضيع علينا الفرصة ونخرج من المولد بدون حمص كما حدث خلال الدورات الست والعشرين السابقة!

* يجب ان يدرك الجميع أن بلادنا وحياتنا في خطر، فالرمال صارت تغطى كل شبر في السودان، والصحراء في طريقها الى القضاء التام على حياتنا في وقت قريب، أقرب مما يتصور أي إنسان بسبب جحود وعدوانية الانسان، وأعيد الحديث مرة أخرى بهذه المناسبة بان اشهر القنوات التلفزيونية في العالم واوسعها انتشارا وهى قناة الـسى ان ان (CNN ) الامريكية قطعت برامجها العادية قبل بضعة اعوام لتبث (خبرا عاجلا) نقلا عن تقرير علمي دولي، بأن التغير المناخي قد يقضى على كل اشكال الحياة في السودان في الخمسين سنة القادمة إن لم تتخذ التدابير اللازمة والعاجلة لدرء هذا الخطر، ويمكن لأى شخص أن يجد التفاصيل على هذا الرابط :

https://www.cnn.com/…/sudan-climate-change/index.html

* مرة عاشرة أقول انقذوا السودان، لتجدوا على الأقل بلدا تتصارعون فيه، بدلا من التشرد في الملاجئ إذا وجدتم من تلجؤون إليه!

 

آراء