مصير الوطن ؛ بين الظنِّ والتَعَنُّتْ
محمد عتيق
25 April, 2022
25 April, 2022
خارج المتاهة /
————————————
الأحلاف المعادية التي ظهرت في الساحة جاءت إيذاناً بأن ثورة ديسمبر قد طوت الصفحة الأولى من مسيرتها ، وأنها ستمضي لإستكمالها فقط بالقوى الحية في ساحتها ..
تحتاج حركات التغيير الكبرى - وثورة ديسمبر ٢٠١٨ السودانية منها - التي ورثت أكواماً هائلةً من الأزمات في كل شيء ، وتواجه قوى متباينة المخاطر ، تحتاج مثل هذه الحركات أن تبحث عن المهام العاجلة التي تُوَحِّد أطرافها وبالتالي عن شركاء حتى من صفوف الأعداء مِمَّن لا داعي لمواجهتهم في المرحلة الأولى من عمرها ، ولأهمية التعامل المرحلي معهم .. وهذا ما حدث - بشكل من الأشكال - عندما اضطرت قوى الحرية والتغيير إلى القبول بمشاركة العسكريين لها في قيادة الفترة الانتقالية ، وذلك ما أسميناه بمرحلةٍ من مراحل الصفحة الأولى للثورة .. ولكن العسكريين - شركاء الفترة الانتقالية - من بقايا النظام الساقط (وقد أصبحوا قيادات مفروضة على القوات النظامية وبالتالي شركاء في الفترة الانتقالية ومعها الحركات المسلحة المعروفة بإسم الجبهة الثورية) ، ولأسباب مختلفة لا داعي لتكرارها هنا ، بدأ هؤلاء العسكريون في خيانة العهود منذ البداية عندما تَغَوَّلوا على صلاحيات الحكومة المدنية وانتزعوا أهم ملفاتها، انتهاءاً بالانقلاب الكامل على ذلك المكون المدني وعلى الثورة بانقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ ..
هذا حلف يضم المكون العسكري وحلفاءه في الجبهة الثورية (الحركات المسلحة) ، ورغم التناقضات والطموحات المتصارعة داخله إلا أنه أصبح حالياً حجر العثرة الكبرى في طريق الثورة .. ثم أحلافٌ أخرى :
أطراف النظام الساقط ، وبعد أن أنعم عليهم انقلاب ٢٥ أكتوبر بالحريات وأعادت لهم الممتلكات المختلفة "المسروقة" التي كانت قد صادرتها لجنة إزالة التمكين (أهم منجزات المكون المدني طوال عامين) ، هذه الأطراف ، تداعت إلى منتدىً عام لتوحيد مختلف أطراف الإسلام السياسي ، طموحه الأكيد هو العودة إلى الحكم بوجهٍ وسمتٍ وشعاراتٍ جديدة .. هذا طرفٌ حاول إنقلاب البرهان ان يستقوى به في صراعاته الداخلية خاصةً في مواجهة طموحات قائد الجنجويد إضافةً إلى دوره الأساسي في مواجهة الشعب وقواه السياسية المناضلة ، ولكنه (أطراف النظام الساقط وقوى الإسلام السياسي) طرفٌ له أحلامه وحساباته ومراراته خاصةً ضد المكون العسكري كخونةٍ لها عندما إئتمنتهم على عرشها يوماً ما في مواجهة ألشعب الثائر إضافةً إلى خبراته المتراكمة في إدارة الدولة ..
وحلفٌ آخر نتج عن اشتراك أكثر من سبعين حزباً سياسياً وحركات مسلحة في التوقيع على ميثاقٍ أسموه "الوثيقة التوافقية لإدارة الفترة الانتقالية" ليستخدمه إنقلاب البرهان/حميدتي حاضنةً سياسيةً يأوي إليها ..
ورغم الأنباء التي تتواتر من بعض القوى ، كُلٌّ يقول أن الذي وَقَّع على الوثيقة لا يمثله ، وأن ذلك الإنكار يظلُّ حديثاً نظرياً ما لم يتم إتخاذ إجراءات عقابية عملية في حقهم ، إلا أنّ الحدث (صياغة الوثيقة والتوقيع عليها) يُشير إلى أن قوى الانقلاب تسعى حثيثاً لإقامة كيانات سياسية تحتمي بها ، وأحلافاً يناهض بها الثورة في صعودها ، وليستقوى بها أطراف الانقلاب في الصراع الذي سينفجر قريباً عندما تصطدم طموحات كل من البرهان وحميدتي في حكم البلاد ..
والمغزى الأهم للانقلاب الذي هَدَمَ التحالف المدني العسكري ووثيقته الدستورية هو أنه عَجَّل بإنهاء مرحلة العمل المشترك بين المكونين المدني والعسكري ودفع بشارع الثورة وقواه إلى القطيعة التامة تحت شعارات لا شراكة ، لا تفاوُض، لا شرعية .. وبذلك أصبح لزاماً على قوى الثورة أن تلتقي وتبني مركزها العملي المُوَحَّد لقيادة الثورة المشتعلة التي أصبحت مَسْكَنَاً لشباب السودان لا يغيب عنها حتى الجرحى والشهداء الكرام برسومهم وضماداتهم ..
رغم تواتر الدعوات لهذه الوحدة ، ورغم أهميتها المتصاعدة في حفظ الأرواح باستثمار مليونياتهم المبدعة على طريق النصر والظَّفَرْ ، رغم ذلك نجد أن القوى المعنيَّة بهذه الدعوات لا زالت تُصر على مواقفها الظنِّيَّة المُتَعَنِّتَة ، ألا إن :
- الأقوياء هم الذين يستشعرون الأخطار ويَنْفُذُون إلى المستقبل بمُخَيِّلاتهم ..
- الشجعان هم الذين يتسامون وينحازون لحقوق الغير ؛ يقاتلون في سبيلها .. يستصغرون "الفارغات" ، يتيمَّمون الوطن ومحاريب الفداء ..
- الشهم هو الذي يحتوي الآخرين ، يُؤْثِرَهم ، يجد لهم الأعذار ، يُحسن الظن بهم ويُقَدِّمَهم ..
وهل عند الوطن لَجْلَجَة ؟ أو بعده سؤال ؟
ومقترحاتٌ مباشرة إذا كانت هنالك أذانٌ صاغية ..
24.04.2022
atieg@hotmail.com
————————————
الأحلاف المعادية التي ظهرت في الساحة جاءت إيذاناً بأن ثورة ديسمبر قد طوت الصفحة الأولى من مسيرتها ، وأنها ستمضي لإستكمالها فقط بالقوى الحية في ساحتها ..
تحتاج حركات التغيير الكبرى - وثورة ديسمبر ٢٠١٨ السودانية منها - التي ورثت أكواماً هائلةً من الأزمات في كل شيء ، وتواجه قوى متباينة المخاطر ، تحتاج مثل هذه الحركات أن تبحث عن المهام العاجلة التي تُوَحِّد أطرافها وبالتالي عن شركاء حتى من صفوف الأعداء مِمَّن لا داعي لمواجهتهم في المرحلة الأولى من عمرها ، ولأهمية التعامل المرحلي معهم .. وهذا ما حدث - بشكل من الأشكال - عندما اضطرت قوى الحرية والتغيير إلى القبول بمشاركة العسكريين لها في قيادة الفترة الانتقالية ، وذلك ما أسميناه بمرحلةٍ من مراحل الصفحة الأولى للثورة .. ولكن العسكريين - شركاء الفترة الانتقالية - من بقايا النظام الساقط (وقد أصبحوا قيادات مفروضة على القوات النظامية وبالتالي شركاء في الفترة الانتقالية ومعها الحركات المسلحة المعروفة بإسم الجبهة الثورية) ، ولأسباب مختلفة لا داعي لتكرارها هنا ، بدأ هؤلاء العسكريون في خيانة العهود منذ البداية عندما تَغَوَّلوا على صلاحيات الحكومة المدنية وانتزعوا أهم ملفاتها، انتهاءاً بالانقلاب الكامل على ذلك المكون المدني وعلى الثورة بانقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ ..
هذا حلف يضم المكون العسكري وحلفاءه في الجبهة الثورية (الحركات المسلحة) ، ورغم التناقضات والطموحات المتصارعة داخله إلا أنه أصبح حالياً حجر العثرة الكبرى في طريق الثورة .. ثم أحلافٌ أخرى :
أطراف النظام الساقط ، وبعد أن أنعم عليهم انقلاب ٢٥ أكتوبر بالحريات وأعادت لهم الممتلكات المختلفة "المسروقة" التي كانت قد صادرتها لجنة إزالة التمكين (أهم منجزات المكون المدني طوال عامين) ، هذه الأطراف ، تداعت إلى منتدىً عام لتوحيد مختلف أطراف الإسلام السياسي ، طموحه الأكيد هو العودة إلى الحكم بوجهٍ وسمتٍ وشعاراتٍ جديدة .. هذا طرفٌ حاول إنقلاب البرهان ان يستقوى به في صراعاته الداخلية خاصةً في مواجهة طموحات قائد الجنجويد إضافةً إلى دوره الأساسي في مواجهة الشعب وقواه السياسية المناضلة ، ولكنه (أطراف النظام الساقط وقوى الإسلام السياسي) طرفٌ له أحلامه وحساباته ومراراته خاصةً ضد المكون العسكري كخونةٍ لها عندما إئتمنتهم على عرشها يوماً ما في مواجهة ألشعب الثائر إضافةً إلى خبراته المتراكمة في إدارة الدولة ..
وحلفٌ آخر نتج عن اشتراك أكثر من سبعين حزباً سياسياً وحركات مسلحة في التوقيع على ميثاقٍ أسموه "الوثيقة التوافقية لإدارة الفترة الانتقالية" ليستخدمه إنقلاب البرهان/حميدتي حاضنةً سياسيةً يأوي إليها ..
ورغم الأنباء التي تتواتر من بعض القوى ، كُلٌّ يقول أن الذي وَقَّع على الوثيقة لا يمثله ، وأن ذلك الإنكار يظلُّ حديثاً نظرياً ما لم يتم إتخاذ إجراءات عقابية عملية في حقهم ، إلا أنّ الحدث (صياغة الوثيقة والتوقيع عليها) يُشير إلى أن قوى الانقلاب تسعى حثيثاً لإقامة كيانات سياسية تحتمي بها ، وأحلافاً يناهض بها الثورة في صعودها ، وليستقوى بها أطراف الانقلاب في الصراع الذي سينفجر قريباً عندما تصطدم طموحات كل من البرهان وحميدتي في حكم البلاد ..
والمغزى الأهم للانقلاب الذي هَدَمَ التحالف المدني العسكري ووثيقته الدستورية هو أنه عَجَّل بإنهاء مرحلة العمل المشترك بين المكونين المدني والعسكري ودفع بشارع الثورة وقواه إلى القطيعة التامة تحت شعارات لا شراكة ، لا تفاوُض، لا شرعية .. وبذلك أصبح لزاماً على قوى الثورة أن تلتقي وتبني مركزها العملي المُوَحَّد لقيادة الثورة المشتعلة التي أصبحت مَسْكَنَاً لشباب السودان لا يغيب عنها حتى الجرحى والشهداء الكرام برسومهم وضماداتهم ..
رغم تواتر الدعوات لهذه الوحدة ، ورغم أهميتها المتصاعدة في حفظ الأرواح باستثمار مليونياتهم المبدعة على طريق النصر والظَّفَرْ ، رغم ذلك نجد أن القوى المعنيَّة بهذه الدعوات لا زالت تُصر على مواقفها الظنِّيَّة المُتَعَنِّتَة ، ألا إن :
- الأقوياء هم الذين يستشعرون الأخطار ويَنْفُذُون إلى المستقبل بمُخَيِّلاتهم ..
- الشجعان هم الذين يتسامون وينحازون لحقوق الغير ؛ يقاتلون في سبيلها .. يستصغرون "الفارغات" ، يتيمَّمون الوطن ومحاريب الفداء ..
- الشهم هو الذي يحتوي الآخرين ، يُؤْثِرَهم ، يجد لهم الأعذار ، يُحسن الظن بهم ويُقَدِّمَهم ..
وهل عند الوطن لَجْلَجَة ؟ أو بعده سؤال ؟
ومقترحاتٌ مباشرة إذا كانت هنالك أذانٌ صاغية ..
24.04.2022
atieg@hotmail.com