معقولية الطرح بدلا من التشكيك في حملة لواء العمل الوطني يا شيوخ اليسار

 


 

 

زهير عثمان حمد

في بعض الاحيان نجد كتابات كبار المثقفين والذين لهم دور في حياتنا الثقافية تشكل مصدر تشكيك في القوي التي تحملت دور النضال من أجل الانتقال الديمقراطي وهؤلاء يظنون أن القوي لم تفرد لهم مساحة للمشاركة أو لم تنصاع لما يقولون بل هنالك مجموعة تعتقد في أنها بمقامها الأكاديمي والمعرفي ما يؤهلها لقيادة جهود هذا النفر من أبناء السودان ولا يحق لنا غير القبول بقياداتهم لنا والمجموعة الرابعة هي التي تتبني ما يطرحه حزبها دون التفكر في معقولية الطرح من التفهم لواقع الحال الحالي ,و لقد أورثنا هذا الصراع مشكلات كثيرة ونعاني منه بالرغم من النداء المتكرر بالحوار من خلال الحوار نحل أقعد المشكلات وسوف أنطلق من مفهوم التنظيم في الحياة السياسية، خاصةً من منظور اليسار السوداني، يتضمن عدة جوانب. ويُنظر إلى اليسار في السودان كقوى حديثة تقابل القوى التقليدية، ويرتكز على أسس مختلفة عن الأحزاب التقليدية التي تعتمد على الولاءات الطائفية أو القبلية. واليسار السوداني يشمل القوى السياسية التي تهتم بالقضايا الاجتماعية مثل التنمية والاشتراكية والعدالة، ويخاطب الفئات المستضعفة مثل النساء والشباب وفقراء الريف والمهمشين كما يتميز بطابعه العلماني، حيث يدعو إلى دولة مدنية قائمة على حقوق المواطنة بدلاً من الدين أو العقيدة أو العرق.من الناحية التنظيمية، يُفترض أن يتأسس الحزب اليساري على بنية فكرية متماسكة ومتطورة، لكن هناك نقد يرى أن أحزاب اليسار العربي لم تصل بفكرها إلى مستوى النظرية، ولم يتجاوز فكرها حد الآيديولوجيات الأخلاقية. وفي السودان، يُنظر إلى اليسار على أنه لم يتجاوز المركزية الديمقراطية، وأن الحزب غالبًا ما يُختزل في شخص الأمين العام، مع خضوع التنظيم لمجموعة محدودة تسيطر على مصادر القوة. يبدو أن المقال يتناول موضوع القيادة ودور البرجوازية الصغيرة في الثورات السودانية، مشيرًا إلى أن هذه الطبقة تعاني من التذبذب وعدم القدرة على قيادة الثورة بفعالية. ويُعتقد أن البرجوازية الصغيرة تميل إلى الانسحاب عندما تواجه الثورة تحديات، وهذا يُظهر عدم استقرارها وعدم قدرتها على تحمل أعباء القيادة على المدى الطويل.

وللرد على مقال شيخ المفكرين المعاصرين السودانيين وهو يكتب عن (ماذا حدث لثورتنا: أسأل عن الطبقة في قيادتها) ، ويمكن القول إن القيادة الفعالة لا تعتمد فقط على الطبقة الاجتماعية، بل على القدرات الفردية والالتزام بالمبادئ والأهداف. والقيادة الحقيقية تأتي من القدرة على تحمل المسؤولية، والتفاني في العمل من أجل الصالح العام، والقدرة على توحيد الناس نحو هدف مشترك. وبالتالي، يمكن لأي شخص، بغض النظر عن خلفيته الاجتماعية، أن يكون قائدًا إذا كان يمتلك هذه الصفات.من المهم أيضًا النظر إلى السياق التاريخي والاجتماعي الذي تنشأ فيه الثورات. في السودان، كان للبرجوازية الصغيرة دور في الثورات المختلفة، لكن الثورة ليست مجرد نتاج لطبقة معينة، بل هي حركة جماعية تشمل مختلف شرائح المجتمع. إذن، يجب ألا نقلل من قيمة مساهمات الأفراد من مختلف الطبقات في النضال من أجل التغيير الاجتماعي والسياسي.

في النهاية، القيادة الذاتية والاستقلال في اتخاذ القرارات هي التي تحدد مسار الثورة ونجاحها، وليس الانتماء الطبقي وحده. ومن هنا، يمكن القول إن الأفراد لديهم القدرة على قيادة أنفسهم وتشكيل مستقبلهم، بغض النظر عن الطبقة التي ينتمون إليها. وتأسس الحزب الشيوعي السوداني خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وبدأ نشاطه الفعلي عام 1946 تحت اسم الجبهة المعادية للاستعمار. لاحقًا، أصبح يعرف بالحركة السودانية للتحرر الوطني واختصارًا باسم “حستو”. في عام 1953، شارك في الانتخابات قبيل استقلال السودان من الاستعمار البريطاني. تم اعتماد اسم الحزب الشيوعي السوداني بعد عشر سنوات. قاد الحزب عدة قادة على مر السنوات، بما في ذلك عبد الخالق محجوب الذي قاده منذ عام 1949 حتى عام 1971. يُعتبر الحزب جزءًا من تاريخ الحركة الشيوعية السودانية وله دوره في السياسة والمجتمع. والدور هو نمـوذج يرتكز حول بعض الحقوق والواجبات، ويرتبط بوضع محدد للمكانة داخل جماعة أو موقف اجتماعي معين، ويتحدد دور الشخص في أي موقف عن طريق مجموعة توقعات يعتنقها الآخرون كما يعتنقهـا الفرد نفسه. يشير الدور إلى الاضطلاع بمهمة. ولتوضيح معنى الدور لابد من التعرض أولاً لمعنى المركز، وهو الوضع الذي يشغله الفرد في مجتمع ما بحكم سنه أو جنسه أو ميلاده أو حالته الاجتماعية أو وظيفته أو تحصيله. يمكن أن نفرق بين مركز موروث ومركز مكتسب، حيث يشير المركز الموروث إلى المركز الذي ليس للفرد دخل أو جهد في شغله، بينما المركز المكتسب هو الذي يمكن للفرد شغله بناءً على جهوده الشخصية وقدراته والفرص المتاحة أمامه. يمثل الدور الجانب الدينامي للمركز، وعندما يضع الفرد عناصر المركز من حقوق وواجبات موضع التنفيذ، فإنه حينئذ يمارس دورًا. الفرد يمارس دورًا ولا يشغل دورًا، بل يشغل مركزًا اجتماعيًا.

إن الانتماء للأفكار والمبادئ يظل جزءًا لا يتجزأ من هويتنا الشخصية، وقد يظهر هذا جليًا حتى عندما ندعي الحياد أو الابتعاد. فالعقل البشري بطبيعته يميل إلى الدفاع عن ما يؤمن به، سواء كان ذلك بوعي أو بدون وعي. ومن المهم أن نتذكر أن النقاش البناء والتبادل الفكري يجب أن يسود على أي تعصب أو غيرة، لأنه في النهاية، الحقيقة والمعرفة هي ما يجب أن تقود طريقنا.”

التحديات التي تواجه اليسار السوداني وتأثير الانقسامات الداخلية على فعاليته. الانقسامات غالبًا ما تؤدي إلى تقويض الالتزام بالأهداف المشتركة ويمكن أن تحل محلها الولاءات الحزبية الضيقة، مما يؤثر على قدرة الحركات على تحقيق أهدافها. هذه القضايا مهمة للغاية في السياق السياسي والاجتماعي وتستحق الدراسة والتحليل العميق لفهم كيفية تطور الحركات السياسية وتأثيرها على المجتمع. الفكرة الوطنية يمكن أن تكون عاملاً مهماً في استمرارية الأحزاب السياسية وقدرتها على التكيف مع التغيرات. الأحزاب التي تتبنى مرونة في أيديولوجياتها قد تجد نفسها أكثر قدرة على التعامل مع الظروف المتغيرة دون التخلي عن مبادئها الأساسية. من ناحية أخرى، الأحزاب التي تحتكر مفاهيم مثل “الوطنية” قد تواجه تحديات إذا شعر الشعب بأن هذه المفاهيم تُستخدم لأغراض سياسية بحتة. في النهاية، الوطنية هي شعور ينبع من الشعب ويجب ألا تُستغل كأداة للسيطرة السياسية. هذا الرأي يمكن أن يكون قريباً من الواقع في بعض السياقات، ولكن تأثيره يعتمد على الظروف الخاصة بكل بلد وكل حزب.

الخصومة السياسية بين المثقفين السودانيين معقدة وتعود جذورها إلى عوامل متعددة، منها التنوع الثقافي والعرقي الكبير في السودان، والتاريخ الطويل من النزاعات والحروب الأهلية. ويرى بعض المثقفين أن الحرب الدائرة في البلاد والتي تعمق الانقسامات، تعيق إقامة دولة ديمقراطية تضمن حقوق الجميع.

التباين في الآراء قد ينبع من اختلافات في الرؤى الأيديولوجية، والمصالح الشخصية، والمواقف من القضايا الوطنية. فمن ناحية، هناك من يدعم الجيش السوداني ويرى في ذلك ضرورة للتخلص من قوى الدعم السريع، ومن ناحية أخرى، هناك من يرفض الحرب كليًا باعتبار أن الانتصار لأي طرف يعني إجهاض الديمقراطية واستمرار الحكم العسكري. و التبعاد قد يكون سياق معرفي يظهر تنوع الآراء والتجارب الشخصية، لكنه قد يتحول أيضًا إلى اختلاف سجالي عندما يتم التركيز على الجدل بدلاً من البحث عن حلول وسطية تخدم مشروع النهضة الوطنية. الأهم هو السعي نحو تحقيق توافق وطني يدير التنوع العرقي ويضمن حقوق الجميع، وهو ما يتطلب حوارًا بناءً وتفاهمًا مشتركًا بين جميع الأطراف.

أن الحركة اليسارية السودانية هي حجر الزاوية فى الثورة السودانية المعاصرة التي حدثت ، أو قل هي حاضنة النضال المعاصر، وان كان مؤسس الحركة الوطنية السودانية هو مؤتمر الخريجيين في نسختها الأولي كما أنه الحركة الأم، التي احتضنت كافة التيارات الوطنية في المشهد السوداني ، وتحت جميع هذه المسميات فإنها تحمل منها جميعا نصيبا من الحقيقة والواقع، فهي فاتحة للنضال ومؤسسة له منذ بدايته المعاصرة، كما أنها تمثل بوتقة النضال السوداني بالرغم من قلة الأطروحات الفكرية في تلك الحِقْبَة وهو الذي انخرطت فيه كافة التيارات الوطنية، واحتضنت كافة فصائل النضال الوطني من كافة ألوان الطيف الأيديولوجي والسياسي --أذا تم تحليل هذا الرأي بما نملك من معلومات نقول أن الحركة اليسارية السودانية لعبت دورًا مهمًا في تاريخ السودان الحديث، وخاصة في النضال الوطني ضد الاستعمار وفي السعي نحو الديمقراطية. ويُعتبر مؤتمر الخريجين، الذي تأسس في العام 1938، نقطة انطلاق للحركة الوطنية السودانية وقد ساهم في توحيد الجهود الوطنية ضد الحكم الاستعماري. ومع مع تقدم الزمن، شهدت الحركة اليسارية في السودان تطورات وتحولات عديدة، وقد تأثرت بالأحداث السياسية الكبرى مثل استقلال السودان في العام 1956 والانقلابات العسكرية التي تلت ذلك. كما أن الحركة اليسارية واجهت تحديات بسبب الانقسامات الداخلية والصراعات الأيديولوجية، ولكنها ظلت جزءًا لا يتجزأ من النسيج السياسي والاجتماعي في السودان.

في العقود الأخيرة، لعبت الحركات اليسارية دورًا في الاحتجاجات والثورات التي شهدها السودان، مثل الثورة التي أدت إلى سقوط نظام الرئيس عمر البشير في العام 2019. وقد أظهرت هذه الأحداث قدرة الحركة اليسارية على التأثير في الشارع السوداني والمساهمة في التغيير السياسي.

من المهم الإشارة إلى أن الحركة اليسارية في السودان، مثلها مثل الحركات اليسارية في أماكن أخرى، تواجه تحديات تتعلق بالتنظيم والتوجه الأيديولوجي والعلاقة مع الحركات الأخرى، ولكن تأثيرها في النضال الوطني والديمقراطي يظل محل تقدير.

واريد القول أن المعاصرة تسبب العمي من الاخرين في ناحية فهمهم و التفاعل مع أطروحاتهم الفكرية ولكن هذا لايعطي المختلف الحق في تسفيه الآخر وهذه قضية ماثلة الان ولا بد من معالجتها ومع الأيمان بأن كلنا شركاء في هذا الوطن -وقل راي في هذا الامر بشجاعة, أن التحديات الفكرية التي تأتي مع المعاصرة يمكن أن تؤدي إلى سوء فهم وتواصل بين الأفراد. من المهم الاعتراف بأن الاختلاف في الرأي لا يبرر إلغاء الآخرين. يجب أن يكون هناك حُوَار مفتوح واحترام متبادل لجميع الأطراف للتغلب على هذه القضايا والعمل معًا من أجل مستقبل مشترك. وكل شخص له دوره في بناء مجتمع يسوده التفاهم والتعاون

في ختام هذا النقاش، يجب أن نؤكد على أهمية معقولية الطرح والبناء الفكري الرصين بدلًا من الوقوع في فخ التشكيك والتعالي على أولئك الذين حملوا لواء العمل الوطني. إن الوقت الذي نعيشه يتطلب منا أكثر من أي وقت مضى الاتحاد والتكاتف والتعاضد، لنبني معًا مستقبلًا يسوده العدل والمساواة. لنجعل من الحُوَار جسرًا للتفاهم والتقارب، ولنسعى جاهدين لتحقيق الوحدة التي هي عماد النجاح في وقف الحرب وإدارة التنوع والعمل علي تقدم البلاد .

zuhair.osman@aol.com

 

آراء