من المحاضرات إلى الشوارع – مسار الحركات الطلابية نحو مستقبل مشرق

 


 

 

زهير عثمان حمد
دراسات تصفية الاستعمار في الجامعات الأمريكية: تُعد هذه الدراسات محورًا أساسيًا في البحث الأكاديمي، حيث تسلط الضوء على تأثير الاستعمار وتبحث في سبل التغلب على آثاره. تتناول هذه الدراسات النظم التعليمية والسياسات التي تعزز الهيمنة الثقافية والاقتصادية للغرب، وتقدم تحليلات لكيفية إعادة تشكيل الفهم التاريخي والثقافي لتعكس وجهات نظر متنوعة.
أهمية دراسات تصفية الاستعمار: تكمن أهميتها في توفير فرصة لفهم التاريخ من منظور الشعوب المستعمرة وتسليط الضوء على تجاربهم ومقاومتهم. كما تحلل استمرار الهيمنة الثقافية والاقتصادية وتأثيرها على السياسات والممارسات الحالية، وتشجع على تقرير المصير والاستقلال الثقافي والسياسي.

تعزيز تقرير المصير وإعادة تشكيل المعرفة: تسعى هذه الدراسات لتمكين المجتمعات من خلال تعزيز الهويات الثقافية واللغوية والمعرفية الأصلية، وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتصحيح الظلم التاريخي.
النظريات والمناهج الأكاديمية: تعتمد دراسات تصفية الاستعمار على مجموعة متنوعة من النظريات والمناهج، مثل -النظرية ما بعد الاستعمارية: تحلل كيف تستمر آثار الاستعمار في التأثير على الثقافات والمجتمعات.
النظرية النقدية: تبحث في استخدام السلطة والهيمنة في الحفاظ على الأنظمة الاستعمارية.
النظرية النسوية: تنظر في تأثير الاستعمار على النساء والجندر.
المنهج التاريخي: يُستخدم لتحليل الأحداث التاريخية والمقارنة بين حالات الاستعمار المختلفة.
المنهج المقارن: يُستخدم لدراسة ومقارنة تجارب الشعوب والثقافات المتأثرة بالاستعمار.
التأثيرات المعقدة للاستعمار: تساعد هذه النظريات والمناهج في توفير فهم أعمق للتأثيرات المعقدة للاستعمار وتقدم أسسًا لنقاش نقدي يمكن أن يؤدي إلى تغييرات اجتماعية وثقافية إيجابية
مفهوم المثقف العضوي الذي طوره أنطونيو جرامشي له تأثير كبير على الحركات الطلابية في مختلف أنحاء العالم. يُعتبر المثقف العضوي شخصًا ينخرط بشكل فعال في مجتمعه ويعمل على تحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي من خلال تعزيز الوعي والمعرفة. هذا المفهوم في الحركات الطلابية:أن الحركات الطلابية خلال الربيع العربي في العديد من الدول العربية، لعب الطلاب دور المثقفين العضويين من خلال تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات التي دعت إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي.
حركة الطلاب ضد الفصل العنصري: في جنوب أفريقيا، كان الطلاب المناهضون للفصل العنصري مثالاً على المثقفين العضويين الذين ساهموا في تعبئة الرأي العام والضغط من أجل التغيير السياسي.
الحركات الطلابية في أمريكا اللاتينية: في دول مثل تشيلي والمكسيك، قاد الطلاب حركات للإصلاح التعليمي والعدالة الاجتماعية، مستخدمين مفهوم المثقف العضوي لتحفيز النقاش والتغيير.
النشاط الطلابي في الجامعات الأمريكية: في الولايات المتحدة، استخدم الطلاب مفهوم المثقف العضوي للتأثير على السياسات الجامعية والترويج لقضايا مثل العدالة العرقية والبيئية.
العلاقة بين السلمية في الحراك الطلابي السوداني خلال ثورة ديسمبر ومفاهيم جرامشي تكمن في الدور الذي يلعبه المثقفون والمجتمع المدني في تشكيل الوعي وقيادة التغيير الاجتماعي. خلال ثورة ديسمبر في السودان، اتخذ الحراك الطلابي نهجًا سلميًا في مواجهة النظام القائم، مما يعكس مفهوم الهيمنة الثقافية الذي طوره جرامشي.

جرامشي يرى أن الهيمنة لا تتحقق فقط من خلال القوة، بل أيضًا من خلال القبول الثقافي والفكري. الحراك الطلابي السوداني، من خلال تأكيده على السلمية، استطاع أن يكسب القبول والدعم الشعبي، ويعزز الوعي الجماعي حول أهداف الثورة⁴. هذا يتوافق مع مفهوم المثقف العضوي لدى جرامشي، الذي يُعتبر الطلاب جزءًا منه، حيث يلعبون دورًا في نشر الوعي والمعرفة داخل مجتمعاتهم.

المثقف العضوي، بحسب جرامشي، هو الشخص الذي يستطيع أن يُدرك بمهارة تنم عن وعي ثقافي مائز تُعبر عن جماعته التي ينتمي إليها⁸. في سياق الحراك الطلابي السوداني، يمكن رؤية الطلاب كمثقفين عضويين يعملون على نشر الوعي والمعرفة، ويُساهمون في تحفيز التغيير الاجتماعي والسياسي في مجتمعاتهم. وبالإضافة إلى ذلك، يُعتبر المجتمع المدني في نظرية جرامشي مكانًا لنشر الأفكار وتعميمها، وهو ما يُمكن رؤيته في الحراك الطلابي الذي يُعد جزءًا من المجتمع المدني السوداني. الطلاب، من خلال مشاركتهم الفعالة والسلمية في الثورة، ساهموا في تعزيز الوعي بالوحدة والتضامن بين طبقات المجتمع.

بهذه الطريقة، يُمكن القول إن الحراك الطلابي السوداني خلال ثورة ديسمبر يُعبر عن تطبيق عملي لمفاهيم جرامشي، حيث يُظهر الطلاب كيف يمكن للأفكار النظرية أن تتحول إلى عمل عملي يُساهم في التحولات الاجتماعية والسياسية. هذا التأثير يعكس الدور الذي يمكن أن يلعبه الطلاب كقوة تغيير في المجتمع، ويُبرز كيف يمكن للأفكار النظرية أن تتحول إلى عمل عملي يُساهم في التحولات الاجتماعية والسياسية⁴ , وهذه الأمثلة تظهر كيف يمكن للطلاب، كمثقفين عضويين، أن يلعبوا دورًا محوريًا في تحفيز التغيير الاجتماعي والسياسي في مجتمعاتهم. مستقبل الحركات الطلابية في العالم يُعتبر موضوعًا مهمًا ومتطورًا، ويتأثر بعدة عوامل مثل التغيرات السياسية، التكنولوجية، والاجتماعية. وفقًا للتحليلات الأكاديمية، هناك عدة اتجاهات يمكن أن تشكل مستقبل هذه الحركات , التكنولوجيا والتواصل وسف ستستمر وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا في لعب دور حاسم في تنظيم الحركات الطلابية وتعبئة الدعم.

التعليم والسياسة: ستظل القضايا المتعلقة بالتعليم، مثل الرسوم الدراسية وجودة التعليم، من الدوافع الرئيسية للحركات الطلابية. , العولمة والقضايا العالمية: ستتأثر الحركات الطلابية بشكل متزايد بالقضايا العالمية مثل التغير المناخي والعدالة الاجتماعية. , التعددية الثقافية والهوية: ستركز الحركات الطلابية على قضايا الهوية والتنوع الثقافي، مع التأكيد على الشمولية والتمثيل.وتعالوا نري التحديات ,التحديات الجديدة: ستواجه الحركات الطلابية تحديات جديدة مثل الرقابة والقمع السياسي، وستحتاج إلى إيجاد طرق جديدة للمقاومة والتعبير , ومن خلال التعاون الدولي: من المتوقع أن تزداد الشبكات الطلابية الدولية والتعاون بين الحركات الطلابية عبر الحدود.

منظور جرامشي: الأفكار والتأثيرات , أنطونيو جرامشي، الفيلسوف والناقد الثقافي الإيطالي، طور مجموعة من المفاهيم التي أثرت بشكل كبير على النظرية السياسية والفلسفة. يُعد منظور جرامشي إطارًا نظريًا يشمل مفاهيم مثل-الهيمنة الثقافية وتُستخدم الثقافة والأيديولوجيا من قبل الطبقات الحاكمة للحفاظ على السيطرة.
المثقف العضوي هو من يُعبر عن وعي الطبقة الاجتماعية وينشر تصوراتها عن العالم. والدولة والمجتمع المدني : ويُميز جرامشي بين استخدام القوة من قبل الدولة والإقناع في المجتمع المدني.حرب المواقع و تُشير إلى النضال التدريجي من أجل التغيير الاجتماعي والثقافي.
ويُعتبر منظور جرامشي أساسًا لتحليل العلاقات الاجتماعية والسياسية، ويُقدم إطارًا شاملًا لفهم الديناميكيات في المجتمعات الحديثة. يُؤكد على أهمية النضال الثقافي والفكري لتحقيق التغيير الاجتماعي، ويُعتبر السيطرة على الأفكار والثقافة جزءًا أساسيًا من السيطرة على المجتمع.
تأثير جرامشي على الحركات الطلابية واضح وقوي ومفاهيم جرامشي لها دور كبير في تشكيل الحراك الطلابي، خاصة فيمَا يتعلق بالوعي السياسي والثقافي. يُعتبر الطلاب بصفة مثقفين عضويين يُساهمون في نشر الوعي والمعرفة، ويُستخدمون مفهوم الهيمنة الثقافية لنقد الأنظمة التعليمية والسياسات. يُظهرون تأثير حرب المواقع من خلال النضال من أجل التغييرات داخل الجامعات والمجتمعات، ويُناضلون لتعزيز المجتمع المدني كمنصة للتعبير.
وفي السياق الحالي، يُظهر الطلاب وعيًا متزايدًا بالقضايا العالمية ويُستخدمون منصاتهم للتأثير على السياسات والرأي العام. يُعكس هذا التأثير دور الطلاب كقوة تغيير، ويُبرز كيف يمكن للأفكار النظرية أن تتحول إلى عمل يُساهم في التحولات الاجتماعية والسياسية.
أن الحديث مستقبل الحركات الطلابية يطول ويحتاج لمباحث كثيرة ورصد دقيقة, ويُعتبر موضوعًا مهمًا ومتطورًا، يتأثر بالتغيرات السياسية، التكنولوجية، والاجتماعية. من المتوقع أن تستمر هذه الحركات في التطور والتأثير على السياسات والمجتمعات، مع الاستفادة من التقدم التكنولوجي والتواصل العالمي لتعزيز أهدافها.

zuhair.osman@aol.com

 

آراء