ميقات الخلاص وصرخة الميلاد
يا شعبَ السودانِ.. يا شبابَ هذا الوطنِ ومستقبله .. إلى كلِّ مواطنٍ حرٍّ شريفٍ يرفض الظلم والقهر ويكره الاستبداد ويقاوم من أجل الحرية والعيش الكريم؛ من أجل رحيل نظام الانقاذ الفاسد تمسكوا في هذا المنعطف الحاسم بحراك التغيير المجيد فهو الحل والعلاج الناجع … يا شباب السودان لقد خطوتم الخطوة الأولى بنجاح باهر في 19 ديسمبر الماضي وشهد العالم أجمع بمدى حدبكم على تخليص الوطن من طغمة الفساد والاستبداد .. استمروا على هذا النهج وطوروا من أدوات نضالكم فالمرحلة تقتضي التحول السريع للثورة العارمة ولا تلتفتوا لدعاوي الخزلان التي يطلقها سدنة النظام من الانتهازية والمنتفعين فلا نجاح ولا فلاح بدون تضحيات.
وأنتم لا شك أكثر حبًّا وولاء للوطن وأهله من جميع قادة ومنسوبي هذا النظام المستبد الذين نهبوا البلاد وأفقروا العباد وأكثر حرصا على أمن الوطن من هم لذا تعملون من أجل التحرر واستعادة العزة والكرامة له بكافة الوسائل السلمية المتاحة ومنها التظاهرات والمواكب الحاشدة، وفي نفس الوقت أنتم الأجدر بالمحافظة وحماية المصالح ومؤسسات الدولة من عبث زبانية نظام الخراب؛ سيقول بعض المرجفين أنها دعوة للفوضى، ويجب أن يكون الرد حاسمًا بأنها الفوضى الواجبة لزعزعة أركان الطغيان وهزيمة فكر الاستبداد ولا بدّ من استمرار العصيان وتصعيده بخطوات ثابتة ومدروسة تعجز نظام الغفلة وتفقده السيطرة على مقاليد الأمور.
ليستمر نضالكم وصولا إلى التغيير الشامل للنظام برحيل رموزه وجماعته ، أي إنجاز أقل من هذا هو خيانة للدماء التي سالت والجهود الجسورة التي بذلت، والحذر ثم الحذر من ألاعيب (الجماعة) ومحاولاتها الثعبانية لتغيير جلدها، والحذر كل الحذر من التنازلات والتغيرات الشكلية التي قد تجترحها ذئاب (الجماعة) في لحظات ضيقها لتخفيف الضغط والمحافظة على السلطة، إن العصيان المدني معركةٌ وطنيةٌ ندافع فيها عن الشعب والوطن ،ومستقبل الأجيال القادمة، والدعوة للمشاركة فيها ليست ملكاً لحزب أو أيديولوجية معينة، فيجب خروج كل السودانيين الشرفاء، متحدين على حب الوطن، ورفض الظلم، ساعين لرفع الغبن والدفاع عن الحقوق.
يا شباب السودان يا صناع المجد، أيها المنتفضون في كافة ربوع البلاد، من حلفا شمالاً إلى كوستي جنوباً، ومن الفشقة المنتهكة شرقا إلى آخر مخيمات النزوح في غربنا الجريح، إنكم أمل الشعب ومحط رجائه، فاصبروا وصابروا، وانجزوا ثورتكم من أجل العزة والكرامة والحرية، وانتقلوا نحو المواجهة المفتوحة، والفاصلة مع الطغمة الفاسدة، تحركوا في كل الأماكن والاتجاهات، واجعلوها مقاومة شرسة في كل شارع وميدان في كل قرية ومدينة، فهذا الحراك يجب أن يعم ويتنوع ويتواصل؛ ليصعب على النظام وأجهزته الأمنية التعامل معه، ومن ثم التحول من مرحلة التظاهرات الى مرحلة العصيان المدني والأضراب السياسي العام والانتفاضة الشعبية الشاملة بتحريك الجموع إلى الأماكن الحيوية ، ولا بدّ من الحسم والسرعة لقلب موازين القوى وارهاق السلطة وأجهزتها القمعية.
الفظوا جميع القوى الميتة وسماسرة المساومات الفطيرة، والحذر ثم الحذر من المتاجرين الانتهازيين عملاء النظام يا شباب السودان الأبيّ: الحذر . . الحذر من سرقة جهدكم ودماء شهدائكم، والحذر يا صناع الحرية والكرامة والمجد يا من تقلبون التاريخ رأساً على عقب، وتلقنون الطغاة اليوم بثورتكم السلمية المجيدة دروسا في الوطنية، والمقاومة الحضارية، الحذر من عملاء النظام المتفسخ أن يندسَوا وسط حراككم محاولين الانقضاض عليه وعلى ثورتكم، وإياكم أن تعطوا (الجماعة) أية فسحة من الزمن، مهما كانت قصيرة لاسترداد الأنفاس، والحذر كذلك من الانتهازيين والوصوليين فهؤلاء أخطر الناسِ على الثورات.
يا شباب الوطن إياكم أن تتراجعوا عن مطلب واحد من مطالبكم، فالثورات إذا تراجعت خطوة إلى الوراء وتنازلت عن أحد مطالبها فإن خطوات التراجع لن تتوقف . . فكلما تقدمتم وازددتم إصراراً وعزيمة على مطالبكم تراجع نظام (الجماعة) إلى الخلف وتَرَنَّحَ، فهو اليوم وبفضل نضالاتكم المستمرة منذ أكثر من ربع قرن في أضعف حالاته، وآيلٌ للسقوط الحتمي، ومعركة الإجهاز عليه تسير لصالح الجماهير، فإياكم والقبول بالتفاوض أو تقديم أي تنازلات تنقذه من مصيره المحتوم، لا تمنحوا النظام ولا ثعالبه الوقتَ لترتيب أوراقه التي تَنَاثَرَتْ، فالحريةُ آتيةٌ لا محالة، وإرادة الشعب هي الأقوى، وما من قوة على الأرض يمكن أن تقف أمام إرادة الشعوب؛ الحرية قادمة في الطريق، والتاريخ لن يرحم من يعوق خط سيرها.
ليخرج الشعب السوداني عن بكره أبيه غدا وفي الايام القادمات لرفض القهر والظلم والعدوان، ويتمسك بمطالبه ماضيا بكل ثقة نحو المرحلة المقبلة من الحراك، ألا وهي الإضراب السياسي، بمشاركة كافة الفئات في كل ربوع البلاد، عبر التجمعات الشعبية، ونقابات الظل المهنية، والتجمعات العمالية، وتصعيد وتيرة النضال عبر الإضراب السياسي العام، استكمالا لأركان الانتفاضة الشعبية القادمة حتى يتحقق المطلب العادل برحيل نظام(الجماعة) الفاسد، وتفكيك سلطته الظالمة ومحاكمة رموزه المفسدة، مع الانتباه لمحاولات شق الصف التي يتقنها منسوبو الجماعة المندسين وسط الحراك المعارض، في محاولة أخيرة متوقعة منهم لإحداث شرخٍ في الموقف العام؛ لإيجاد موطأ قدم؛ والعودة من جديد لمسرح الأحداث، فالجميع بما فيهم منسوبو الجماعة يدركون تمام الإدراك أن النظام الحالي انتهى من الناحية العملية والواقعية.
** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
تيسير حسن إدريس 30/12/2018م
tai2008idris@gmail.com