نظرة عجلي في (وللبحر ارتعاشات) .. عميد شرطة. د. مالك ساتي

 


 

 

رواية للكاتب والصحفي فائز الشيخ السليك ,صدرت من دار الشروق بالقاهرة علي 213 صفحة من القطع المتوسط , ويقول الناشر في غلافها الأخير أنها رواية للهواجس والأحلام ,وقصص الغراميات , وحكايات البحر والموج والنوارس .
تدور احداث الرواية في أحياء القاهرة وحواريها , شخوصها مجموعة من الشباب الافريقي والعربي الذين جاءوا الي القاهرة , محطة تمهيدية للسفر الي اروبا أو الهروب الي اسرائيل , وتسترسل الرواية حول أحلامهم وتطلعاتهم وعواطفهم , وخيباتهم ,وقد كانت السياسة حاضرة بين تفاصيل وتحركات الشخصيات.

أنطباع ذاتي :
كان ضمن أهداءه الرقيق ( كل الأمنيات أن تجد ما يلفت الانتباه ) يتمني الكاتب فائز الشيخ فقط أن تلفت روايته الانتباه , ولكن هذا التواضع خادع , حيث يجعل القارئ يقذف بنفسه في أمواج الرواية الهائجة دون استعداد كافي لخوض هذه المقامرة , فالرواية تمسك بتلابيب القارئ وتدفعه الي التماهي مع تفاصيلها اللاهثة دون أن يجد فرصة للتنفس , فلا فواصل بين الاحداث أحيانا , ينتقل السرد من موقف الي اخر و ولا يفصل بين الموقفين سوي ( شولة ) .
وانت تلهث خلف الاحداث والشخصيات والمواقف تلعن ذاك وتشفق علي اخر وتحزن مع ثالث , وتضيع مع البطل في متاهات شتي حتي تجد نفسك بين أمواج البحر المرتعش في مصير مجهول ( بحر لا تأمنه تلك السفائن , أمواجه كاسره وزرقته لا متناهية ) وهي ( بحار شبقة لا يتوقف مد ارتعاشها ) هكذا يلقي بك المؤلف منذ بداية الرواية , وتخرج من الرواية ب( القارب يصطدم بجذوع اعاصير بحرية عنيفة , والموج يتلاعب بقاربنا ) وتنتهي الرواية بجملة ( كانت الرياح عاتية , والاسماك المفترسة تنتظر .. البحر يلامس السفيبة فيرتعش وترتعش ) .
يدخل القارئ للرواية ويخرج بذات الحدث وفي اللازمن بين الدخول والخروج تتداعي الاحداث والمواقف والمشاعر .
أن متعة السفر في سطور هذه الرواية تأسر العقل بحيث لاتستطيع وضع الكتاب حتي تصل الي أخر حرف فيه , ثم تتساءل هل من مزيد , فالنهاية ذات احتمالات .

دلالات الاسماء في الرواية :
يحمل البطل أسم يونس وشقيقة يوسف , ومعظم أسماء شخوص الرواية تدل علي صفات حامليها مثلا ساره الساره , او كريم الذي يوزع الابتسامات ويلتقط الصور , أو جميل الذي يحب الحياة والناس ..الخ .فأسماء شخصيات الرواية لا تأتي اعتباطا وانما متناسقة مع تفاصيل وصفات الشخصية .
بطلنا يونس جاء الي القاهرة بحجة البحث عن شقيقة يوسف , واسم يوسف اسم عبري وهو من رسل بني اسرائيل ( التي يحلم البطل بالهجرة اليها كما هاجر شقيقة يونس اليها من قبل ) وينطق يوسيف وهو مشتق من الحزن والاسف ,كما حال صاحبه في الرواية , ويقال أن صفات من يحمل اسم يوسف احترام الاخرين ولا يتأخر عن مساعدة الغير ومحبوب من الاصدقاء , ويسمي أيضا جو . نجد في الرواية أن هذه الصفات تنطبق علي شقيق البطل الذي باع كليته وانفق ثمنها علي أصدقاءه, وقد عاش حياة قاسية , كما أنه هاجر الي اسرائيل وعاد منها حتي أتهم بالتجسس والقي بالسجن , وعندما اراد الاختباء سمي نفسه جو .
بالرغم من أن الرواية تتفادي الخوض في أمور دينية والتي تتصرف شخصياتها في تحرر كامل من الدين والتقاليد الا أن الدين حاضرا في دلالة الأسماء ( البطل وشقيقه) بالصفات الرمزية لهؤلاء الرسل الكرام في الديانات السماوية , ويعزز ذلك حلم البطل بالهجرة الي اسرائيل التي هي أرض ارض النبي يوسف , وبالرغم أن يوسف قد عاد منها بخيبات كبيرة الا ان ذلك لم يثني يونس من ركوب البحر .
يحمل البطل اسم يونس كما اسلفنا هو اسم ماخوذ من الأنس واصله يؤنس ثم خفف , وكذلك يعني التجمع ولم الشمل , ونجد أن البطل هاجر باحثا عن أخيه ليلم شمل اسرته , كما ان لديه الكثير من الاصدقاء , كما تقول دلالة الاسم بالاضافة الي ذلك حب الحرية وكراهية التقيد وعدم الالتزام بمكان واحد , وبطلنا هجر محبوبته وأختار الترحال سبيلا . كما لا تخفي دلالة اسم النبي الله يونس صاحب الحوت أشارة الي مصير محتمل للبطل ....
الرواية تحتاج الي وقفات عديدة وفي جوانب مختلفة وقبل ذلك فهي جديرة بالقراءة .

 

آراء