هل الديمقراطية الامريكية تتآكل ؟

 


 

 

هل الديمقراطية الامريكية تتآكل ؟
الاجابة ربما لا .

هنالك انطباع عام ان الديمقراطية تتاكل في امريكا نسبة لانخفاض نسبة التصويت مما يعكس عزوف بعض المواطنين عن الادلاء باصواتهم في الانتخابات.

الحقيقة ان الديمقراطية حية جدا في امريكا وربما تظهر اكثر في مستويات الحكم الادني كالحكم الولائي و المحلي. الحقيقة ان بعض المواطنين الامريكيين لايهتم كثيرا بالانتخابات الفيدرالية لان تاثيرها غالبا غير ملموس وغير مباشر ولا تؤثر علي حياة المواطن اليومية ولكن الحكم المحلي مختلف حيث تجد المواطن يشارك فيه ويتفاعل معه وبقوة.

تجربتي بحكم عملي في حكومة الولاية ابشركم ان المواطن مشارك وبقوة في السياسات والميزانية وغيرها. كل عام في توقيت رسم الخطط المستقبلية يصل بريدي خطاب من المدير العام عن مبدأ الشفافية في ادارة ميزانية البنية التحتية في مجال الطرق والكباري . تنزيل هذا المبدأ يبدأ من وضع الاولويات في صرف الميزانية . الفكرة ان المواطن يجب ان يشارك في تحديد اولويات صرف المال العام لانه اي المواطن هو المالك الرئيسي وليس ( نحن) موظفي الخدمة العامة . يااخواني الجيش والبرهان وغيرهم هم موظفين لخدمة المواطن وليس العكس. لايجب ان يكون عندهم دور بخلاف مايريده المواطن. لا تقل الجيش كمؤسسة يفعل مايريد. المؤسسة في ذاتها لا قيمة لها اذا ومالم تؤدي وظيفتها ورسالتها. يااخواني هل نعلموا ان البغاء مؤسسة كالزواج ولكن شتان بين مؤسسة تهدم ومؤسسة تعمر.

لنرجع للسؤال كيف يشارك المواطن في تحديد اولويات صرف المال العام ؟

يتم ذلك عبر اللقاءات والاجتماعات والمراسلات مع ممثلي المحليات المختلفة حيث ناخذ منهم اولويات كل محلية ثم ندرجها في خطة المؤسسة للاعوام القادمة . هذا يعني ان صرف المال العام لانحدده نحن كموظفين في الخدمة العامة في الحكومة الولائية بل يحدده المواطن.

شي جميل جدا لمن تشوف الادارة العليا في ادارة الطرق والكباري تهتم وتحترم وتهاب المسئولين المنتخبين وتخشي شكوي المواطن وتعمل علي رضاه.

مثال اخر في الايام القليلة الماضية ناقشنا خطاب سناتور ( يسمي ايضا مسئول منتخب) من محلية بالتمور طالب باصلاح شارع محدد يقود الي مدرسة ابتدائي حيث طالب باصلاح الطريق وتوسعته وتوفير ممرات آمنة للمشاة واصحاب الدرجات الهوائية لتقليل الحوادث في تلك المنطقة ولراحة وسلامة السكان الذي يستفيدون من المدرسة... وفعلا اولوياتنا هي مجموع اولويات المسئولين المنتخبين .

طبعا لابد في العمل العام من الموازنة بين تخصص موظفي الخدمة العامة في الادارات المختلفة واحتياجات المواطنين. وحيث ان احتياجات المواطنين دائما اكبر من الموارد المالية . فان تنفيذ الاولويات يخضع لتوفر الموارد وللدراسة والتقييم . طبعا اول اهداف ادارة الطرق والكباري هي سلامة المواطنين وامنهم فالمشاريع التي تستهدف السلامة وتقليل الحوادث القاتلة دائما ماتكون في مقدمة الاولويات ومن احياها كمن احيا الناس جميعا.

المسئول المنتخب عن منطقة محددة هو ممثل المنطقة ونائبها في المجلس المحلي و يجتهد في لقاءته لقياس نبض المواطنين ماهي احتياجاتهم وماهي اهم المشروعات التي يريدون تنفيذها ؟ وهكذا...

مثال اخر وصلنا في ادارة الطرق والكباري رسالة من مواطن عن وجود حفرة في شارع ما. سارعنا بتبليغ ادارة الصيانة المختصة التي ارسلت فريقا واليات للقيام باللازم لمعالجة الامر. الروح التي تمتك الجميع ضرورة الاسراع والعمل بروح الفريق لعلاج المشكلة هدفنا سلامة المواطن ولو عثرت شاة في الطريق لشعرنا بالتقصير لماذا لم نسوي لها الطريق . حافزنا ليس الضمير او الايمان فقط بل جانب اخر خوفنا من المساءلة لان المدير العام يخضع ايضا للمساءلة من نواب الشعب وممثليه بل يمكنهم التوصية برفده عن عمله. لذلك الماكينة الامريكية تعمل بكفاءة لان من يقصر يفقد عمله . وجود نظم واليات اثبتت كفاءتها في النظام الديمقراطي ميزة تجعل الديمقراطية افضل نظام حكم عرفه البشر .

صفوة القول ان المستوي المحلي هو المكان الذي تتم فيه ممارسة الديمقراطية المباشرة حيث الاثر المباشر والملموس . وبالطبع الديمقراطية افضل الاليات لادارة الشؤون العامة.

شريف محمد شريف علي
٣٠/٨/٢٠٢٤

sshereef2014@gmail.com

 

آراء