وثائق امريكية عن عبود (7): امريكا تعارض الجنوبيين .. واشنطن: محمد علي صالح

 


 

 



امريكا تعارض الجنوبيين بسبب "صديقنا عبود"


اسلحة امريكية لعبود رغم الحرب في الجنوب


"بعد ان يعود اللواء نصر من لندن (لشراء اسلحة)، نعرض عليه اسلحة امريكية."


وزير الخارجية رسك يتدخل لتأكيد رفض بعثة دراسية لوليام دينق


عبود يتحالف مع امريكا ضد لوممبا في الكونغو


عبود يتحالف مع بريطانيا ضد قادة الحركات الوطنية في مستعمرتي يوغندا وكينيا

-----------------------------------
واشنطن: محمد علي صالح
--------------------------------
هذه سابع حلقة في هذا الجزء من الوثائق الامريكية عن السودان. وهي كألآتي:
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956). وكانت 25 حلقة.
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958). وكانت 22 حلقة.
وثائق النظام العسكري الثاني بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، اخر سنة كشفت وثائقها). وكانت 38 حلقة.
هذه وثائق النظام العسكري الاول بقيادة الفريق ابراهيم عبود (1958-1964). وستكون 25 حلقة تقريبا.
وبعدها، واخيرا، وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة اكتوبر (1964-1969). وستكون 25 حلقة تقريبا. ان شاء الله.
----------------------------
هذه عناوين الحلقة السابقة:
-- قرارات اسلمة الجنوب، وطرد المبشرين المسيحيين
-- بداية حركة انفصالية في الجنوب
-- وليام دينق يشتكي للامريكيين
-- قادة جنوبيون يلجأون الى "تحالف مسيحي عالمي"
-- مع زيارة عبد الناصر للجنوب، بداية "الثورة"
---------------------------
عبود يطارد ساترنينو ورفاقة:

26-1-1961
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... هذا رد على طلبكم بارسال معلومات مفصلة عن اخبار بان قادة من جنوب السودان هربوا الى يوغندا، لطلب المساعدة لحركة انفصالية لجنوب السودان ...
خلال هذا الشهر، نشرت صحف سودانية اخبارا عن هذا الهروب، بدون ان تشير الى "حركة انفصالية." ونشرت ان سبب هروب الاب ساترنينو، زعيم حزب الاحرار الجنوبي، هو اختلافه مع رئاسة الكنيسة الكاثوليكية. لان "الكنيسة رفضت ترقيته الى منصب اسقف. بل خفضت وظيفته الى قس عادي."
وقالت هذه الصحف السودانية ان حكومة السودان اتصلت بحكومة يوغندا، وطلبت اعادة الاب ساترنينو وزملائه الخمسة. وذلك لوجود "اتهامات موجهة لهم، ولابد من مثولهم امام القضاء في السودان" ...
قبل يومين، قابل دبلوماسي في سفارتنا دبلوماسيا في سفارة بريطانيا هنا، روبن هيدن. وقال البريطاني ان سفارتهم تتعرض لضغط من حكومة الفريق عبود لاعادة الاب ساترنينو وزملائه من يوغندا. (في ذلك الوقت، كانت يوغندا مستعمرة بريطانية. وايضا كينيا).
ووعدت السفارة البريطانية بترتيب لقاء على الحدود بين يوغندا والسودان يشترك فيه حاكم يوغندا (البريطاني) ومدير الشرطة السودانية عباس محمد فضل. لكن، كما قال الدبلوماسي البريطاني، كانت السفارة البريطانية مترددة في تلبية الطلب. واشترطت الشروط التالية لعودة ساترنينو وزملائه:
اولا: لا يحاكموا اذا عادوا.
ثانيا: يسألوا، بدون محاكمة، لانهم غادروا السودان بدون تاشيرة خروج.
ثالثا: تقلل الحكومة بياناتها ضدهم ...
يوم 17 من هذا الشهر، عقد اجتماع الحدود. لكن، لم يتفق الجانبان. لان الجانب السوداني لم يقدم تعهدا مكتوبا لتلبية الشروط البريطانية. وعاد الوفد السوداني خالي الوفاض. وبعد اسبوع، اجتمع وزير الداخلية السوداني مع السفير البريطاني في الخرطوم. وهذه المرة، تعهد بتقديم تعهد مكتوب. وقال للسفير: "لابد من اعادة هؤلاء الناس. للموضوع اهمية سياسية كبيرة."
في نفس الوقت، اعلن حاكم عام يوغندا منح هؤلاء الجنوبيين "اللجوء السياسي المشروط"، اي التزامهم بعدم القيام باي نشاط سياسي ... "

رأينا:

"اولا: لا يريد البريطانيون اغضاب حكومة عبود لانها تعاونت مع سلطات الاستعمار البريطاني في كينيا ويوغندا في تضييق الخناق على الوطنيين الذين يعارضون الاستعمار البريطاني. وفعلا، امرت حكومة عبود بمنع سفر الوطنيين في البلدين عبر اراضيها في طريقهم الى مصر، او اوربا، او دول الستار الحديدي.
(في ذلك الوقت، كانت روسيا ودول المعسكر الشرقي تؤيد الحركات الوطنية التحررية في دول العالم الثالث. وفي افريقيا، ضد الاستعمار البريطاني، والفرنسي، والبلجيكي، والبرتغالي).
ثانيا: يخاف البريطانيون من اتهامات من حكومة عبود، رغم انها اتهامات غير مؤكدة، بانهم يريدون فصل جنوب السودان، وضمه الى كينيا ويوغندا، في اتحاد شرق افريقيا البريطاني.
ثالثا: يعرف البريطانيون ان حكومة عبود تريد، حقيقة، عودة الجنوبيين الهاربين. وان عدم تنفيذ هذا يمكن ان يخلق مشاكل في العلاقات بين بريطانيا والسودان.
رابعا: وضع قرار يوغندا منح "اللجوء السياسي المشروط" للجنوبيين المسئولين في لندن في وضع صعب. وتعرف الحكومة البريطانية في لندن صعوبة تغيير هذا القرار.
خامسا: بعد تمرد القوات الجنوبية في توريت سنة 1955 "المعادي للشماليين"، منحت كينيا ويوغندا اللجوء السياسي الى هاربين جنوبيين كانوا اشتركوا في التمرد. لهذا، يبدو غير منطقي ان تعيد يوغندا وكينيا "لاجئين سياسيين"، ولا تعيد "مجرمين متمردين" ...
داؤود عبد اللطيف:
"... قبل ثلاثة ايام، اجتمع دبلوماسي في السفارة هنا مع داؤود عبد اللطيف الذي كان مديرا للمديرية الاستوائية (بحر الغزال؟). وتحدثا عن موضوع العسكريين الجنوبيين الذين هربوا الى يوغندا وكينيا بعد تمرد توريت في سنة 1955. وقال عبد اللطيف ان المسئولين السودانيين في ذلك الوقت اعتبروا ما حدث "تمردا"، وان كل مشترك فيه لابد ان يقدم الى المحاكمة ...
وبعد سرد طويل عن ما حدث في ذلك الوقت، قال عبد اللطيف انه كان قدم قائمة فيها 86 اسم جنوبي اشتركوا في التمرد الى المسئولين في يوغندا، ولكن رفض المسئولون تسليمهم للمسئولين السودانيين ...
نقطة اخيرة: قال لي الدبلوماسي البريطاني في الخرطوم ان دبلوماسيا في السفارة الفرنسية في الخرطوم عرض على بريطانيا، عن طريقه، منح اللجوء السياسي لمجموعة الاب ساترنينو. وقال البريطاني ان الفرنسيين استعملوا عبارة "عتبارات انسانية." لكن، قال البريطاني انه يعتقد ان ساترنينو جاسوس للفرنسيين. ولهذا لا يريدون ان تعتقله حكومة عبود ..."
---------------------------------
وليام دينق:

3-3-1961
من: المكتب الدبلوماسي الامريكي، نيروبي
الى: وزير الخارجية
صورة الى: السفير، الخرطوم، والمكتب الدبلوماسي الامريكي، كمبالا.
"... جاء اليوم لزيارتي وليام دينق. قال ان غوردون (في السفارة الامريكية في الخرطوم) اعطاه اسمي. قال دينق انه مساعد مفتش مركز كابويتا في المديرية الاستوائية. وانه هرب من السودان في الاول من فبراير عندما علم بان المسئولين الشماليين اتهموه بمساعدة الاب ساترنينو وزملائه على الهروب من جنوب السودان ...
قال دينق ان الذين هربوا هم: الاب ساترنيو، جوزيف ادوهو، فيردناند ادينانق، وليام دينق، زوجته، اطفالهما الثلاثة.
وقال دينق انهم حائرون بين كينيا ويوغندا. وذلك لان البلدين كانا وقعا مع السودان اتفاقية تبادل المجرمين. لكن، يبدو ان الاتفاقية مع يوغندا لم تعد سارية المفعول، ولكن الاتفاقية مع كينيا مستمرة. ولهذا، قال دينق انهم سيعودون من كينيا الى يوغندا. وانهم عرفوا ان عشرة الاف سوداني في يوغندا لا يواجهون مشاكل اقامة في يوغندا...
وقال دينق ان الجنوبين في السودان يخططون لاستعادة وطنهم. لكنهم يعرفون ان بريطانيا التي تستعمر كينيا ويوغندا لن يقبل غزو السودان. ولهذا، سينتظر الجنوبيون حتى تخرج بريطانيا من كينيا ويوغندا. ثم سيطلبون من حكومتي البلدين الافريقيتين مساعدتهما...
وكرر دينق طلب الحصول على منحة دراسية في الولايات المتحدة، كما كان فعل في السفارة الامريكية في الخرطوم. وانا قلت له اننى اشك في ان الحكومة الامريكية ستساعده بسبب علاقتها الطيبة مع حكومة عبود ... "
-------------------------------
الوزير رسك يتدخل:

7-30-1961
من: وزير الخارجية رسك
الى: نيروبي، كمبالا، الخرطوم
" ... رغم اننا نعطف على وضع وليام دينق، نرى ان منحه بعثة حكومية لن يكن قرارا حكيما بسبب علاقتنا الودية مع حكومة السودان، واملنا ان تستمر هذه العلاقة الودية في المستقبل.
يمكن، طبعا، ترتيب بعثة خاصة له. لكننا نخاف ان حكومة السودان بسبب حساسيتها للوضع في جنوب السودان، ستعتبر ان منحة خاصة لا تختلف عن منحة حكومية. وخاصة اذا جاء دينق الى هنا، وبدا يمارس نشاطات سياسية. ولا توجد ضمانات انه لن يفعل ذلك ...
لا نريد ان نتورط في مشكلة جنوب السودان، ولا نريد ان نعادي حكومة السودان ...
لهذا، وانصافا لدينق، يجب ان نشرح له، بصراحة، اننا لا نقدر على مساعدته. ويجب ان تنسق نيروبي وكمبالا والخرطوم ردا واحدا.
ولهذا، نرى ان تبلغ كمبالا دينق الأتي شفاهه، وليس كتابة:
"نظرنا في طلبكم بعناية. لكن، نحن نأسف لعدم قبول لاجئ سياسي من دولة صديقة لنا. ونأسف لاننا لا نقدر على مساعدتك للحصول على منحة دراسية امريكية. واذا اعطيناك منحة، يمكن ان تفسرها حكومة السودان بانها تدخل في شئونها الداخلية. ونأمل ان تفهم وضعنا ..."
واخيرا، يجب ان تتشاور كمبالا مع نيروبي والخرطوم قبل ان تبلغ دينق هذه الرسالة ... "-----------------------
عبود والكونغو:

(في سنة 1960، وافقت بلجيكا، على مضض، على منح الاستقلال للكونغو، وصار اسمه الكونغو كنشاسا، وفيما بعد الكونغو زائير، والأن جمهورية الكونغو الديمقراطية. وفي اول انتخابات حرة، فاز جوزيف كاسافوبو، المحافظ، برئاسة الجمهورية. وفاز باتريس لوممبا، الليبرالي، برئاسة الوزارة. لكن، قاد مويس تشومبي، المحافظ، وحاكم ولاية كانتقا الغنية بالمعادن في جنوب البلاد، الانفصال. وتحالف مع الرئيس كازافوبو. وعزل الرئيس كازافوبو رئيس الوزراء لوممبا. وبدات حرب اهلية بين انصار لوممبا وانصار كازافوبو وتشومبي. ولان لوممبا كان ليبراليا، وكان صديقا للاتحاد السوفيتي، اتهمته بلجيكا والولايات المتحدة بالشيوعية. وفي سنة 1961، خططت الدولتان لانقلاب عسكري يقوده قائد القوات المسلحة جوزيف موبوتو، اليميني. صار موبوتو رئيسا واعتقل لوممبا. وفي ظروف غامضة، قتل لوممبا، ويعتقد ان الاستخبارات الاميركية والبلجكية كانت وراء القتل، اذا لم تنفذه فعلا.
بعد قتل لوممبا، حل محله انطوان جيزنجا، الذي كان نائبه. واعلن حكومة ليبرالية في شرق الكونغو. ومع انتشار الحرب الاهلية، كان جيزنجا يتلقى المساعدات العسكرية والانسانية من روسيا ودول المعسكر الشرقي، وايضا من مصر، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
وفي الجانب الآخر، كانت حكومة موبوتو اليمينية تتلقى المساعدات من الولايات المتحدة والدول الاروبية.
ورغم ان الفريق عبود لم يعلن انحيازه ضد لوممبا، صار يتعاون مع الولايات المتحدة والدول الغربية ضد انصار لوممبا. ورفض السماح للطائرات المصرية، وغيرها، بعبور الاجواء السودانية لنقل اسلحةالى انصار لوممبا، بقيادة جيزنجا.
اليوم، في الكونغو، يتراس جيزنجا، وعمره قرابة 90 سنة، "الحزب اللوممبي". وكان رئيس وزراء قبل سنوات قليلة.
كان عبود يتعاون، ايضا، مع بريطانيا ضد قادة الحركات الوطنية في كينيا ويوغندا، الذين كانوا يحاربون الاستعمار البريطاني هناك. ورفض عبود السماح لهم بالسفر عبر السودان الى مصر، والى روسيا ودول المعسكر الشرقي
------------------------
عبود وجيزنجا:

18-3-1961
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... بصورة عامة، يرى السودانيون الشماليون ان الجنوب ليس الا مصدرا للعمالة الرخيصة. وفي المستقبل، سيقدرون على الاستفادة من امكانياته الزراعية الكبيرة. لهذا، مع تفاقم الحرب الاهلية في الكونغو، يخشون ان تنتقل الى جنوب السودان. خاصة لان هناك قبائل جنوبية تعيش على جانبي الحدود مع البلدين. وايضا، مع كينيا، ويوغندا، وافريقيا الوسطي ...
في قمة تناناريف (في مدغشقر) حول مستقبل الكونغو، اتفق قادة افارقة على تاسيس كونفدرالية في الكونغو. لكن، يبدو ان الفريق عبود لا يتحمس لهذه الفكرة. لانه يخشى ان تنتقل الى السودان، ويطلب الجنوبيون الكونفدرالية. ويري السودانيون الشماليون ان الوحدة احسن من الكونفدريشن، ولكن الكونفدريشن احسن من الانفصال ...
وفي كل الحالات، يجب عدم فقدان حكومة السودان في التحالف ضد انصار لوممبا، بقيادة جيزنجا. ويجب استمرار ضمان عدم وصول م مساعدات الى جيزنجا عن طريق السودان ...
لهذا، ربما سيكون مفيدا اذا تعهدنا لحكومة عبود باننا سنرسل له اسلحة لقواته المسلحة. نحن نعرف ان عبود، وهو العسكري الاول، ظل يريد تقوية قواته المسلحة.
وهناك نقطة اخرى، وهي ان تسليح القوات السودانية المسلحة سيؤدي الى الاتي:
اولا: سيزيد فعاليتها على الحدود مع الكونغو، ومنع وصول اي اسلحة الى قوات جيزنجا.
ثانيا: سيزيد قدرتها على المحافظة على الامن في المناطق البعيدة (لم يقل جنوب السودان).
ثالثا: سيزيد تاثيرنا هنا ...
حسب معلوماتنا، في الوقت الحاضر، يوجد اللواء حسن بشير نصر، نائب القائد العام، في بريطانيا، ويتفاوض حول شراء اسلحة. وسيعود يوم 22-3.
اقترح الأتي:
اولا: ننتظر حتى يعود، ثم نناقش موضوع ارسال اسلحة امريكية الى السودان.
ثانيا: ثم، توقيع اتفاقية لارسال انواع معينة من الاسلحة حسب حاجة العسكريين السودانيين.
ثالثا: تبادر السفارة وتعرض الفكرة. لكن، لابد ان يأتي الطلب رسميا من حكومة عبود ...
طبعا، لا بد ان تتصلوا مع البنتاغون. ونحن نرفق مع هذا معلومات عسكرية عن حاجة القوات السودانية المسلحة لاشياء معينة ...
(في المعلومات المرفقة التي ارسلت، تفاصيل عن شبكة اتصالات بالتلفون والتلكس بين القيادة العامة و25 قاعدة عسكرية. وطائرات عسكرية "خفيفة" وطائرات هليكوبتر "لحراسة الحدود". ودبابات خفيفة لحامية الخرطوم، لان دباباتها الخفيفة "تعود الى الحرب العالمية الثانية، نوع "ستيوارت").
-------------------
زيارة عبود لامريكا:

18-3-1961
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... بالاضافة الى عرض ارسال اسلحة الى نظام الفريق عبود، كما جاء في خطاب منفصل بنفس تاريخ اليوم (الخطاب السابق)، نقترح توجيه دعوة الى الفريق عبود لزيارة الولايات المتحدة. الأن، وقد دعونا اللواء حسن بشير نصر، نائب القائد العام، صار هاما دعوة الفريق عبود نفسه ...
طبعا، لابد من وضع اعتبارات اقليمية لزيارة عبود للولايات المتحدة، خاصة نحو علاقتنا مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر ...
بصورة عامة، يقدر السودانيون مصر، ويرونها منارة العالمين العربي والاسلامي.
لكن، في الجانب الآخر، يحتقر المصريون السودانيين، وينظرون اليهم كخدم، وبوابين، وجنود (يخدمون المصالح المصرية).
لهذا، توجد نقمة سودانية قوية نحو المصريين، ولا يبدو ان السودانيين ياملون ان يغير المصريون رأيهم فيهم. ولهذا، يبدو السودانيون وكانهم لا يقدرون على تغيير الامر الواقع ...
ولهذا، وبسبب عوامل تاريخية، تظل حكومة الفريق عبود حساسة نحو اي تحركات او تصريحات عنها تاتي من مصر. وفي الوقت الحاضر، تنتقد الصحف المصرية عبود بسبب عدم مساعدته لانصار لوممبا في الكونغو ...
ويخشى السودانيون من تحركات مصرية تؤذيهم. مثلا:
اولا: مشاكل في شمال السودان على الحدود مع مصر (ربما يقصد التقرير حلايب).
ثانيا: مشاكل للرعاة الذين ينقلون جمالهم ومواشيهم الى مصر لبيعها هناك.
ثالثا: مشاكل للسودانيين في مصر. ويقدر عددهم بخمسين الف شخص. وخاصة ان بعضهم كان هدد بالابعاد الى السودان.
رابعا: عراقيل يسببها المدرسون المصريون في السودان، اكاديميون او رجال دين.
سادسا: استغلال عملاء استخبارات مصرية وسط الصحفيين السودانيين، وغيرهم، في الخرطوم ...
بالاضافة الى هذا، وبسبب نفوذ وقوة عبد الناصر، وبسبب قيادة مصر لجامعة الدول العربية، يقدر المصريون على الضغط على السودانيين باكثر من وسيلة، ولاكثر من هدف. وليس للسودان اي وزن عند الجدل مع مصر، خاصة بعد ان وقع، بعد تردد سنوات، على اتفاقية ماء النيل مع مصر ...
(اتفاقية سنة 1959، والتي ستاتي وثائقها في وقت لاحق).
واخيرا، لانه لا يوجد سبب للاعتقاد بان المصريين سيغيرون قريبا سياستهم نحو السودانيين. وسيغيرون عدائهم للدول الغربية، وخاصة في موضوع مساعدة انصار لوممبا في الكونغو، اقترح وضع سياسية بعيدة المدي لتاييد حكومة عبود ... "
-----------------
حسن بشير:

14-6-1961
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... انتظرت ثلاثة اسابيع ليقول اللواء حسن بشير نصر، نائب القائد العام، بان القوات السودانية المسلحة تريد اسلحة منا. ولهذا، امس، بادرت انا، خلال اجتماع معه، وعرضت تقديم مساعدات عسكرية.
وقال نصر: نعم، نريد اسلحة...
وتحدث عن خطة وضعها تكلف نصف مليون دولار لتزويد القوات المسلحة بشبكة اتصالات. وقال اننا يمكن ان نساعد في ذلك.
وقال انه لم يتحدث معى في الموضوع لانهم يترددون في التوقيع على "اتفاقية عسكرية" معنا (ربما خوفا من غضب المصريين).
وانا قلت ان هناك معدات تحتاج الى التوقيع على اتفاقيات. لكن، ربما لا يجب ان نعقد "اتفاقية عسكرية شاملة."
وقلت ان الخطوة الاولى هي حضور فريق عسكري من البنتاغون لاجراء مفاوضات تمهيدية.
ولم يعترض نصر ... "
(يبدو الامريكي وكانه يضغط على نصر لقبول الاسلحة الامريكية).
---------------------------------
نهاية وثائق سياسة عبود في جنوب السودان. الاسبوع القادم، عبود يقبل المعونة الاميركية التي كان رفضها البرلمان المنحل.
MohammadAliSalih@yahoo.com

 

آراء