ويسألونك ما هو الحل؟..!!

 


 

 

ظل المعارضون والحاكمون قهراً، والذين ليسوا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، يسألون: ما الحل؟، قل أسباب الحل كامنة بينكم أيها السودانيون وكل التجارب أكدت على ذلك، فإن لم تعملوا ولن تعملوا على الإرتهان للحل المصنوع بأيديكم، لن ينجو وطنكم من الخراب والدمار الأكيد، ولتعلموا أن كل الحلول المقدمة من الوسطاء الدوليين والمسهّلين الإقليميين ليست بعيدة عن الولاء للأجندة الخارجية، فلولا أن البلاد قد تورطت في مستنقع تقاطعات المصالح الإقليمية والعالمية، ووقعت في فخ تعقيدات الأطروحات العربية والإفريقية والأوروبية والأمريكية، لما اتسعت الشقة بين المكونات الوطنية، ولما تكالبت هذه المكونات على السلطة المؤقتة التي لا تمنح أي كيان سياسي الحق الدستوري لإنزال برنامجه، ورغم هذا تُصر القوى السياسية والعسكرية صاحبة الإمتياز التاريخي في الاستحواذ على النفوذين الاقتصادي والسياسي، على الاستمساك بسلطة الانتقال، فأساس تأزم الحل هو التكالب على برنامج الانتقال المعلوم بديهياً أنه مرحلي وليس خاضعاً للتنافس، فالكيانات السياسية لو أرادت الكرسي عليها الانتظار، وعلى المنظومة الدفاعية والأمنية أن تقوم بدورها الوطني ولو لمرة واحدة في تاريخها، بالعمل الجاد والمخلص وبالتعاون مع حكومة الانتقال التكنوقراطية المدنية المرتقبة، وذلك بخروجها الآمن من ممارسة النشاط الاقتصادي الموازي والمنافس لعمل وزارات المال والاقتصاد والتجارة والصناعة والتعدين.
الحل يكون في فترة إنتقالية لا تتجاوز مدتها السنتين، تقودها حكومة تكنوقراط غير حزبية، مكوّنة من كفاءات وطنية مشهود لها بالأمانة والنزاهة وعدم الارتهان لدول الجوار والأحزاب والحركات، ولم يثبت أن شغل واحد منها منصباً أو وظيفةً سياسية في العهد (البائد)، وأن يكون رئيس وزراءها خبيراً إقتصادياً له خبرة دولية ومُلماً بطرائق مكافحة الفساد وحبذا لو حاز على مؤهل مهني في هذا الخصوص، وأن تكون له صلاحيات تنفيذية واسعة تمكّنه من اتخاذ القرارات الداعمة والمساندة للوزراء ورؤساء المفوضيات والأجهزة الأمنية والشرطية – وزراء المالية والعدل والتجارة والداخلية ورئيس جهاز المخابرات ورئيس مفوضية مكافحة الفساد والمراجع العام ومدير السجل المدني ورئيس مفوضية الانتخابات. إنّ عقدة المشكل السوداني تسبب فيها غولان – غول الفساد المالي والإداري وغول تسييس الأجهزة العدلية والقضائية، وتعطيل دور دوواين المحاسبة والمراجعة والرقابة والجمارك، فهذه المهام لن تقوم بها إلا حكومة كفاءات وطنية غير منتمية لحزب سياسي ولا إلى كيان أهلي أو جهوي، فالتأسيس بحاجة للحيادية والإستقلالية والبعد عن التطرف والابتعاد عن الرقص على خشبة مسرح الرجل الواحد. إنّ قاصمة ظهر أعداء الثورة برلمان تأسيسي يجلس تحت قبّته رموز المقاومة وأسر الشهداء والشخصيات الوطنية صاحبة السجل النظيف غير الملوّث بمداهنة الدكتاتوريات.
الحلول المقدمة أعلاه هي عبارة عن اطروحات بديهية راسخة في ذهن أي ترس قابض على الزناد، ومستوعبة لدى أي ثائر ترك بيت أبيه وأمه وأمسك بحواف اللستك، ومعلومة لأي كنداكة جالسة بكل صبر وأناة أمام جبال مداميك الطوب المكوّم على الطرقات والشوارع، ومن المؤكد أيضاً أن هنالك من البنود الوطنية والثورية الداعمة للحل ما هي بقدر أهمية ما أوردناه أعلاه أو ما قد سقط سهواً، لكن يظل التحدي الأكبر ليس فقط في طرح الحلول من الناحية النظرية، بل في اصطدام أي طرح وطني خالص وتلقائي بعقبة القوى السياسية والعسكرية التقليدية القديمة المتجددة والمتلونة، والمتمثلة في جناحي قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي والوفاق الوطني (الحركات المسلحة)، ومعهما قادة الجيش المدجنين التابعين للمنظومة الكيزانية (البائدة) وقيادة قوات الدعم السريع، فجميع هذه المجموعات العسكرومدنية المتنافسة فيما بينها للحصول على ميراث تركة المنظومة (البائدة)، هي العقبة الكؤود، وهي حجر العثرة الواقف أمام إنفاذ المشروع الثوري الوطني الطموح (المستقل)، الذي يعمل من أجل تحقيقه الثوار المستقبلين للرصاص بصدر مكشوف إلّا من حبهم الوحشي لوطنهم. هذا هو الحل المُر مرارة الحنظل، فمن أراد أن يخوض غماره ما عليه إلّا أن يتدثر برداء الكفن، فالانعتاق ثمنه غالٍ ولن يقدر على الإيفاء به إلّا أشباه عبد العظيم وكشة، أمّا الذين يبحثون عن الأضواء ففي حقيقة أمرهم أنهم أقصر قامة من الشهيدين.

اسماعيل عبدالله
17 يوليو 2022
ismeel1@hotmail.com

 

آراء