يا أخت رباح: تفكري وتدبري وأعقلي قول الله تعالى الذي سأورده لك!! (2/2). بقلم: د. أبوبكر يوسف إبراهيم

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية
هذا بلاغ للناس

zorayyab@gmail.com

توطــــــئة:
-          يبدو أن الإناث من نسل مولانا الإمام الحبيب الصادق المهدي كلهن احترفن السياسة فإحداهن من باب الطب والأخرى من باب الصحافة،  وهذه الأيام قررن أن يشهرن كل أسلحة الدمار الشامل على الدعاة وأئمة المساجد وقيادات الحكومة ولا أدري كيف تناسين أن شقيقهن العقيد عبدالرحمن مشارك في الحكومة العريضة الحالية,  وما أن بدأت أُعقب كمناصحةً على الأخت رباح حتى أطلت علينا الشقيقة الثالثة أم سلمة الصادق  وقد إختارت أن تفتح جبهة جديدة وتطلق  تطلق نار راجماتها على منظمات العمل المدني، ففتحت نيران مدفعية  قلمها لجمعية حماية المستهلك ، ووجهت لها ما يشبه التهديد تحت عنوان(إإلى جمعية حماية المستهلك:قولوا النصيحة أو فلتصمتوا!) فلو قالت(أو أصمتوا أو لتصمتوا) لأفهمتنا أن ذلك من باب التمني والترجي أما وإن استعملت تعبير (أو فلتصمتوا!!) فهذا يحمل في مضمونه تهديداً مُقَنَّع ، ونتمنى عليها أن لا تعيدنا بتهديدها المبطن لمربع مصادمات العنف التي جرت بين الأنصار وحكومة عبود في ميدان المولد، فجمعية حماية المستهلك جمعية مجتمع مدني تعمل من أجل حماية المستهلك من (الكومودو والأناكوندا والماموث) وهذه المخلوقات هي الماصة لدماء الغلابة وهي تتواجد في كل زمان ومكان طالما هناك من يمتص دمه حتى الرمق الأخير، وجاهدات هذه  الجمعية خوفاً من الوصول للرمق الأخير ، وقد كانت أكثر شراسة في الفترة من بين 1986-1989 ولم يكن يومها هناك من يحمي المستهلك الضحية الهالكة من جراء محاصصات رخص الاستيراد وإحتكار السلع  فلا  جمعية مدنية ولا حكومية ولا (دياولو)!! ونحن نعلم أن جمعية حماية المستهلك هي جسم أعزل،  ولا قبل لها بمواجهة العنف بالعنف لأنها مجرد جمعية تعنى بحماية المستهلك الضعيف.
المتــــــــن:
-          حقيقي ما أسعدني أن حزب الأمة وهو الحزب الطائفي العريق ، قدمّ  حتى الآن ثلاثة إناث من بنات سيدنا الإمام الحبيب ليتصدرن المشهد القيادي في الحزب وربما مرجع هذا هو شدة إيمانه بالعنصر النسائي وحق المرأة في قيادة الأحزاب ، ولو أننا كنا نتمنى أن يفسح المجال  كرماً وفضلاً، وكان رجاؤنا أن تطال أريحيته غير بناته وأبنائه فيفسح المجال لكوادر الحزب من الإناث من خارج البيت الكريم!!
-          الحقيقة أن الأخت أم سلمة بدأت بإستهلالة طيبة يبجو أن المقصود منها القصف التمهيدي ضد الجمعية ، ثم انتقلت إلى هجومها الكاسح المكشوف، الذي حينما تسبر غوره تجد أنها تلك التي تطلب من الجمعية أحد أمرين لا خيارين، أما أن تتنازل عن مهامها وواجباتها وتختفي عن المسرح حتى لا يجد المستهلك من يدافع عن حقوقه فيلجأ إلى وسائل قد يكون العنف من بينها وهذا  ربما ما كانت ترمي إليه وتتمناه في قرارة نفسها حتى يبرر هذا الوضع تدخل الشرطة وهذا ما تتمناه فيستثمره حزبها ويجيره لمصلحته، فما أشبة أمنيتها بسيناريو أحداث ميدان المولد في حقبة حكم الفريق عبود ، أما الهدف الثاني هو محاولة تحزيب وتسيس عمل الجمعية والجمعية لا تقبل ذلك هو المبرر والمسوغ لهجومها الكاسح غير المقنع!!
-          جاء موضوع الأخت أم سلمة الصادق متداخلاً  ومتزامناً مع مقال الأخت رباح  وقبله ندوة جريدة الأهرام القاهرية التي كان الإمام الحبيب ضيفاً ومتحدثاً، ولذلك تقاطع تعليقي ليشمل الأختين رباح وأم سلمة، والقاريء يستطيع أن  يستشف أن ما بين ما كتبته رباح وما كتبته أم سلمة أمورٌ متشابهات ، أولاهن أن الأخت رباح إتهمت الحزب الغريم  بتسيس الدين والمتاجرة به في حين أنها مارست نفس الشيء دون حياء بدا الأمر واضحاً و جلياً بأن ما تحرمه هي على غيرها تُحلله لنفسها، ووجه الشبه الآخر هو أن الأخت أم سلمة تريد أن تسيس مهام جمعية حماية المستهلك مثلما إتهمت شقيقتها رباح الحزب الغريم بتسييس الدين والمتاجرة به وكأنها لم ترتكب نفس الفعل الذي يثبته بلا مراء مقالها، ثم سفر الإمام الحبيب للقاهرة  ليجس نبض موقعه من الإعراب في المتغيرات التي أفرزتها الانتخابات التي أتت بالإسلاميين لحكم مصر!!
-          فالسؤال ما هي هذه الصدف الغريبة التي تزامنت ما بين مظاهرة جامع الأنصار التي ألبسها الإمام الحبيب ثوب الربيع العربي وصور خروج المصلون من مسجد الأنصار على أنه خروج لكل جموع الشعب السوداني  بمختلف أطيافه وطبقاته لإزالة النظام ، والصلة العضوية بين مقال الأستاذة رباح التي ترى أن الحكومة تسيس الدين عندما طلبب بعض رموز المؤتمر الوطني من الإئمة والمصلين الجأر بالدعاء إلى الله ليرفع منا الابتلاءآىت ، ثم تختم الأستاذة أم سلمة بأن  توعز لجمعية حماية المستهلك أن تسيس مهامها فبدلاُ من مقاطعة  اللحوم والدجاج لغلائها فينبغي عليها أن تتحول إلى حزب رديف يُحرض المستهلكين للتظاهر ضد الحكومة أي أن تصبح رافداً  من روافد حزب الأمة.. برضو فكرة!!
الحاشية:
-          يبدو أن حرب لعبة الكراسي وشهوة الحكم أصبحت معركة حامية الوطيس بين حزب الأمة وغريمه المؤتمر الوطني، فحزب الأمة يعتقد أن الحكم ميراثه الشرعي ولا يحق لغيره أن يمتطي صهوته ويراهن على الأجيال التي رأت النور بعد 1989 ولم تعايش حقبة حكمه والعجيب أن لا أحد من قادة حزب الأمة يجرؤ على النقد الذاتي وكأن حقب حكمه كانت قد حوّلت السودان إلى سنغافورة أخرى، ويراهن على تعمية الأجيال بفصم حقب حكم حزب الأمة على إعتبار أنه الحزب الذي وفّر لأهل السودان الرفاه ورغد العيش!!، والذي يدعونا للعجب ولا نعلم له أي سبب منطقي يجعل إعلام الإنقاذ الذي يعلم علم اليقين أسباب إقلابه في 30/6/1989 ويدعوه ليتستر على المألآت التي كانت سمة تلك الحقبة مما أدت بالسودان لأن يكون متسولاً للإغاثات،  ومعلوم إلى من واين ذهبت حتى أصبح الشعب يومها هياكل عظمية!!.. نفس الحزب الآن يتكالب على الحكم ليعيد إنتاج الأزمات مرة أخرى ويبدو أنه مصر ومصمم على أن يعيد لنا سيرة التسول مرة أخرى.
-          أما  المؤتمر الوطني فقد إرتكب أيضاً أخطاءً مميتة، فكان ينبغي أن يكون أميناً في طرح أسباب ومسببات الأزمة المالية التي تعيشها البلاد ومن غير اللآئق أن يخرج علينا من يقول أن متوسط دخل الفرد هو (1800) دولار مما أعطى الإمام الحبيب ومريم و رباح وأم سلمة أن يصطادوا ترهات هذا البعض الذي يعتقد في هذا الشعب السذاجة في حين أنه لو طرح طرحاً علمياً للأسباب والمسببات وكيفية المعالجات وتوقيتاتها لكان افضل له. اقصر الطرق للإقناع هو طرح الحقائق مجردة.!!
-          الأخت أم سلمة طغت بواطن حروفها أن تتهم جمعية حماية المستهلك التي دعت إلى مقاطعة اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض والطماطم لأن الجمعية تعتقد أن الغلاء غير (مبرر) وهي ترى انه مبرر لإرتفاع سعر الدولار وكأن على رؤوسنا ( قنابير) لنعتقد أننا نستورد بالدولار  اللحوم والطماطم والبيض ولذلك هي ترى أن الغلاء مبرر ويفترض أن يقابل تبريرها هوى الجمعية وإلا فلتقفل الجمعية خشمها وتصمت وإلا سترى ...!!. أسأل الأخت أم سلمة سؤال بريء لا يبطن أي خبث : هل كان بمقدور المواطن الغلبان شراء اللحوم سواء كانت حمراء أو بيضاء في حقبة حكم والدها؟! ..هل كان الوقود متوفر أم كان المواطن يسهر الليالي في الصف ليحصل على جالون بنزين؟! وكيف تسرب البنزين يوم ذاك وأصبح يباع في السوق السوداء بأضعاف سعره؟! هل كان الخبز متوفراَ أم كان العباد يقفون في الطوابير للحصول على بضع رغيفات؟! هل كان السكر متوفر أم كان يباع في السوق السوداء؟! هل كانت الكهرباء متوفرة أم كان المحظوظ من يتمتع بها لساعتين في اليوم؟! ألم يكن السودان معزولاً عن العالم فلا تلفزيون ولا إذاعة  والصحيفة المحظوظة تصدر في أربعة صفحات؟! هل كان الأمن مستتب أم أن اللصوص أمسوا في مأمن والمواطن في خطر؟! هل كانت هناك وسائل مواصلات أم تعثرت العملية التعليمية لإنعدامها؟! هل كان المرضى يموتون في غرف العمليات لإنقطاع التيار اثناء إجرائها؟!..
-          عليها أن تجيبنا على هذه الأسئلة ثم نقرأ مقتطف من مقالها والذي اقتبسته من أحد المواقع : (نحن لا نملك معلومات تجعلنا نضع جمعية حماية المستهلك تحت هذا الباب الذي يصنفها كمحض ذراع حكومية مثلما وجدنا في أحد المواقع الاكترونية (الجمعية السودانية لحماية المستهلك، هي في الاساس جسم من اجسام المؤتمر الوطني يحاول من خلالها أن يشي بأن هناك منظمات مجتمع مدني ومتطوعين يهتمون بالمواطن وغذائه ودوائه وكسائه، لكن الهدف من هذه المنظمات المجهولة هو تضليل وتتويه الشعب من جهة، و التغطية والتجيير علي جرائم هذا النظام والبحث عن شماعة لتعليق سيئاته من جهة اخري. فقد جعلوا من الجزار- الذي هو واحداً من الغبش الغلابة- بمثابة شخص يمتص دماء الشعب،وبهذا تكون الحكومة قد بُرأت من المسئولية عن ارتفاع الأسعار!).. انتهى... أليس وارداً  يا أخت أم سلمة أن يقول قائل أن المستكتبون لهذه المادة أيضا من اذرع حزب الأمة؟!!
الهامـــــش:
-          الحق يقال أن الحكومة عندما أغفلت ضبط السعار ومراقبة مصاصي الدماء من (الأناكوندا والماموث والكومودو) أعطى المسوغ لإتهامها بالتنازل عن مسئولياتها في تأمين وثبات أسعار قوت المواطن الغلبان , فما علينا إلا أن نشد على يد جمعية حماية المستهلك  على ضعف إمكاناتها لقيامها بدور المحتسب وهذا يحمد لها !!
خير ما نختم به هو آيات من الذكر الحكيم ، قال المولى عز وجل :﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ* حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾.
رمضان كريم .. أقعدوا عافية.

 

آراء