اشتداد العنف دلالة على قرب النهاية

 


 

 

 

 

كل من شاهد اللحظات الأخيرة من "فرفرة المذبوح" يدرك مدى عنفها وشدتها ولكنها لا تستمر إلا لحظات ثم تسكت إلى الآبد.

المراقب لما يحدث من ردة فعل النظام الحاكم على سلمية المتظاهرين السودانيين في مختلف مدن السودان وخاصة الخرطوم منذ أكثر من شهرين يرى أن العنف في تصاعد مستمر ومن يقومون به يفعلونه في صورة جنونية!!! توحي بأنهم مغيبين العقل تحت المخدرات أو غيرها من أساليب التخدير وهو أمر يذكر بفرق الحشاشين قديما والدواعش حديثا.

كذلك يستغرب المرء للتباين الواضح ما بين موقف وزير الداخلية وهو ممثل حزب سياسي في الحكومة الذي يندد بالعنف!!! وموقف الشرطة وبقية الأجهزة العدلية وهي كيانات يفترض أنها تابعة للدولة وليس للنظام الحاكم، فمثلا تجد الشرطة تقول أن الملثمين والذين يعتقلون المتظاهرين ويفرطون في العنف معهم ليسوا بقوات نظامية!!! وأنه يجب على المواطنيين التبليغ عنهم وعدم الإستسلام لهم!!! إذن لماذا يصمت قائد عام الشرطة ولماذا لا يتدخل للقبض على هؤلاء الملثمين الذين يجوبون العاصمة على ظهر أرتال من سيارات الدفع الرباعي في وضح النهار!!!.

على كل حال، أعتقد وبكل صدق أن الموقف السائد الآن ومنذ شهرين تجاوز نقطة الاختلاف والصراع السياسي ليدخل حلقة الوطنية و الأخلاق والرجولة. فكل من يسكت عن إنتهاك مجموعات كتائب الظل أو غيرها من مجموعات تابعة للحكومة لحرمة المنازل وضرب سكانها وقبض نسائها هو خائن للسودان ولشعبه ولا أخلاق ولا رجولة له. وكل من يسكت عن إعتقال الفتيات والنساء ورميهن في العربات كالبهائم والتحرش بهن هو خائن للسودان ولشعبه ولا أخلاق ولا رجولة له. بل إن كل من يسكت عن القتل والتعذيب والعنف المفرط الذي يمارس يوميا ضد المتظاهرين في سلمية يجب عليه أن يتفرس وجهه في المرآة ليرى هل هو إنسان سوي أم وحش كاسر وفاجر. حينها يتضح من الصادق مع نفسه من الكاذب. وحينها يعرف كل شخص موقعه من الوطنية والأخلاق والرجولة.

كذلك ليسأل أي ساكت أو موافق على تلك الأفعال اللاأخلاقية والعنف الحكومي، هل يرضى أن تمارس تلك البشاعة من التحرش والتعذيب والاغتصاب والقتل على أمه وأخته وأبنته وأخيه وأبنه!!! وبذلك يكون موافق لما ذكره أحد أفراد كتائب السائحون- حركة إسلامية- "أن كل أمرآة قبض عليها في مظاهرة هي من السبايا لأنها خرجت ضد الحاكم ويجري عليها حكم السبايا!!!

تبجح حزب المؤتمر الحاكم بان عضويته تفوق ال6 مليون عضو، فلماذا لا يخرجون في مظاهرات أسبوعية مؤيدة للحكومة أو لماذا لا تكون المعركة شريفة بمعنى أن تخرج عضوية الحزب الحاكم وتتصدى بالهتاف المضاد والصدور العارية لمظاهرات تجمع المهنيين لأنه من باب الشرف أن تتساوى "أسلحة" الطرفين!!! لا أن تحمي أجهزة الدولة الشرطة والأجهزة الامنية مظاهرة الساحة الخضراء المؤيدة للحكومة في حين تتصدى كتائب الظل المحملة على عربات "التاتشر" بمدافع مضاد للطائرات و بالأسلحة النارية و البمبان والخراطيش والعصي لقهر وكسر عزيمة للشباب العزل الذين لا يملكون إلا حناجرهم للهتاف في سلمية مطالبين بالحرية والسلام والعدالة!!!

أختم بالقول أن كل يوم جديد يمر ويستمر البعض فيه بالسكوت أو التأييد لما يقوم به النظام الحاكم من قتل و عنف وتعذيب وإذلال للمتظاهرين هو يوم خزيي وتردي أخلاقي وانحطاط لأولئك الصامتين أو المؤيدين.وهو كذلك دليل على علمهم بدناءتهم وقرب نهاية عهدهم الظالم وأن خوفهم من تلك النهاية هو ما يدفعهم لذلك الحقد الأعمى الذي يترجمونه في الانتقام المبكر بالاعتقال والتعذيب والقتل للمتظاهرين!!!

يجب أن يخرج الشعب السوداني عن بكرة أبيه ويقول إن التظاهر السلمي حق دستوري وأن العنف الحكومي والقتل والاعتقال والتعذيب للمتظاهرين في حد ذاته يستوجب الإستقالة الفورية للحكومة والمحاكمة الفورية لكل المسئولين الرسميين إبتدأ من البشير مروراً بوزير الدفاع ووزير الداخلية إلى أصغر مسئول قد سكت وأيّد ذلك العنف اللاأخلاقي.

لقد عاثت حكومة الانقاذ بمساندة الحركة الإسلامية خلال قرابة ال30 عاما ظلم وإستبداد وفساد لم يحدث في تاريخ السودان من قبل، ورغم ذلك يمكننا القول بأن ما حدث خلال هذين الشهرين الأخيرين فقط من قتل وتعذيب وإغتصابات وأحداث بشعة قامت بها حكومة الحركة الإسلامية "المظللة" وجوقة الانتهازيين حول البشير وحدها كافية لأن يجتمع الشعب على شعار "تسقط بس".


أنشد الشاعر غازي محمد ناصر
"راجيهو يومك أنا يا بلد
يوم أنت تفرح بالولد
ساعة الخلاص
دقت خلاص
....
ويبقى النضال مافيش محال
لو حتى ليل الظلم طال
نبقى الشمس نمحو الظلال
نبقى الأسود صوت الرعود
من صوتنا تهتز الجبال
والليلة يومك يا بلد
يوم أنت تفرح بالولد".

wadrawda@hotmail.fr

 

آراء