الشباب شعبة من الجنون (صدق رسول الله ﷺ)
بسم الله الرحمن الرحيم
منشورات حزب الحكمة:
abdelmoniem2@hotmail.com
إذا كنت شاباً ولم تكن مندفعاً توّاقاً للحرية فليس لك قلب، وإذا كنت كهلاً ولم تتريّث فليس لك عقل. الشباب وقود الثورات تجذبهم المثل العليا كما تجذب النار الفراشات فلا يتهيبون لهيبها ويقعون فيها منتشين فرحي.
والشيب يحنّون إلى أيام خلت من المشاعر الدفّاقة، ويلجم اندفاعهم العلم الذي اكتسبوه من التجارب، فيكونون اللجام لفرس الشباب المندفع، يوجّههم حيث يجدون الخير ويتجنبون الشر. ولا بدّ للفرس البرّي الحرّ من مروّض وإلا لم تنفع الخيل البشر، ولا مروّض للقلب أفضل من الحكمة، بل إنّ لجام الفرس يسمّي حَكَمَةٌ.
وإذا فهم الناس ذلك انتفي صراع الأجيال، لأنَّهما وجهين لعملة واحدة لا تقوم عملة بغيرهما، وإذا جهلوا ذلك دخلوا دار الفوضى من باب تبخيس الآخر واعتباره عدوّاً. إنّ من لا تراه لا يعني غيابه ولكن يعني قِصر نظرك وضمور بصيرتك.
أن تكون شاباً لا يعني أنّك أكثر حبّاً أو إخلاصاً للوطن من الكهول، وكذلك أن تكون كهلاً وينطبق ذلك على الكهول أيضاً. وأن تكون كهلاً لا يعني أنّك أكثر عقلاً من الشباب، فمنهم من يملك الرشد صغيراً ومن الشيب من يظلّ سفيهاً إلى أرذل العمر.
ولذلك فسياسة التعاند تفرّق وسياسة التساند تجمع ولا يصلح الوطن بغير تعاون. والأثرة، وهي تفضيل الإنسان نفسه على غيره، وقود التعاند، والإيثار، وهو تفضيل المرء غيره على نفسه، وقود التساند. والإنسان الذكي الفؤاد يعلم أنّ لكلّ جيل دور يؤديّه لا ينقص من حقّ الأجيال الأخرى شيئاً ولا يزيده حقّاً.
ولذلك فلا يملك من شارك في الثورة وساندها حقّاً أكبر من غيره من أبناء الوطن إن لم يخونوه، ولا يعطيهم حقّاً أكبر لتقرير نوع الحكم، أو شكله، أو من يقوم به، وإنّما حاله حال القابلة التي تساعد الأم على ولادة جنينها بسلامة، ولكنّها لا تدّعي امتلاك الجنين لأنّها كانت سبباً في تيسير عملية الولادة، ولكن يجب إكرامها. ولكن إذا صدف أن عانى الوليد من خطر فالقابلة تلجأ للطبيب وإلا كانت العاقبة شرّاً للجميع.
فانظروا أين أطبّاء الأمم المهرة الذين يعرفون مواضع الداء المستشري في الجسم وكيفية اجتثاثه من غير أن تقتل المريض.
ودمتم لأبي سلمي