تفكيك وزارة عموم “الزير”: الحرية وثالوث أقانيم الثورة “حرية سلام وعدالة”!!

 


 

عيسى إبراهيم
22 January, 2020

 

 

ركن نقاش


طرفة يوم قرأتها لأحد أحبابنا "المصاروة"، أستقرت في تلافيف ذاكرتي ولم تبارحها، إذ أن ملكاً تفقد رعاياه، فوجد قرية من هؤلاء يعاني قاطنوها شظف جلب الماء، فرق لحالهم (وقليل من يتمتع بخصلة الرقة) وقرر لهم زيراً بحمالته، وساقيا لملئه، مفادياً أهل القرية المشقة، ومرت الأيام وجاء متفقداً أهل القرية، فوجد عمارة (لها شنة ورنة) بعدة طوابق، سأل فقيل له: "هذه وزارة عموم الزير"، دلف إليها؛ فوجد إدارة طين الزير، ثم إدارة حمالة الحطب، ثم إدارة غتاية الزير، وعلم أن الوزير في مؤتمر مياه بهونق كونغ، ووكيل أول الوزارة في سمينار الأطيان المفضلة لصناعة الأزيار بكريمة، وفي سيره لمح رجلا (لحم على عظم) فعرف أنه الساقي الذي قام متحاملاً على غبنه وجراحه، وقال: "يا مولانا من يوم ما عينتني سقا ما صرفت مرتبي (ليشن؟) لأن مدير الخزينة يقول أن مرتبي على حاشية الملك، وأنهم أرسلوا لجلالتكم لتغطية بند مرتبي، ولم يصل منكم ما يفيد، أمسك الملك بيد الساقي مترفقاً وشاهد غرفة كئيبة في نهاية الممر مظلمة، (دي شنو؟) قيل له: دي غرفة الزير!، "طيب وينو الزير؟"، قيل له: "الزير القديم انكسر بي فعايل النيقرز!، والمخاطبات تمت لإدارة الطين، التي خاطبت ورشة الصيانة، التي كاتبت مركز المواصفات، ونحن في انتظار استجابة المركز يااامولانا!!..
أنا ابن سرحتها:
من مطاريد وزارة الثقافة والاعلام، تمت احالتي في 19 يناير 89 للصالح العام المادة (26) على يد الوزير عبدالله محمد أحمد (حزب أمة جناح الترابي!)، وخيراً فعل، فقد فاداني – حسب قراءة الأيام – من موت محقق، على يد الطيب "سيخة" الذي كلف صديقي وزميلي في العمل "الصادق أبو الريش" خريج قانون من الاتحاد السوفيتي، عدة عمليات، في معدته، نتيجة الضرب تحت الحزام!، وفي رأيي إذا "استنيتو" – يا عاملات البيجاوي – كان "قطعني قطاطيع"، وقصة البيجاوي أنه كان يعاني من كسور ورضوخ في سائر جسده، ولما سئل عن السبب قال: انه كان في لوري، واللوري يسير بسرعة فائقة، وجاتو "الهاشمية" (حالة وجدانية تنتاب من كان أهلاً لها) فقفز قفزة عينة، وتبريره للكسور قال: "أنا نتيت (نطيت) بس اللوري ما استناني!!"..

مصر والرقابة على المطبوعات:
"توضح الدراسة أن الإعلان الدستوري الصادر في 4-7-2013 حظر الرقابة على الصحف أو انذارها أو وقفها أو الغائها بالطريق الاداري لكنه أجاز فرض رقابة محدودة عليها فيما يخص الأمن القومي في حالة اعلان الطوارئ أو في زمن الحرب. وقد خالف هذا الإعلان دستور 2012 الذي كفل حرية الصحافة والطباعة والنشر لكنه اشترط أن تكون هذه الحرية في إطار المبادئ الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومي، وهي العبارات الفضفاضة التي تسمح للسلطة بتقييد حرية الصحافة. (...) أما دستور 1971 فقد فرض بابا كاملا لسلطة الصحافة، وكفل نفس الحقوق والحريات التي عاد وكفلها كل من دستور 2012 والاعلان الدستوري في 2013، الا أن دستور 1971 قصر حق اصدار الصحف على الأشخاص الاعتباريين فقط في حين كفل دستور 2012 الحق للأشخاص الطبيعيين كذلك" (https://www.legal-agenda.com/article.php?id=830)..

المجلس الوطني للمصنفات والحقوق المجاورة:
احدى ادارات وزارة الثقافة والاعلام التي تعنى باجازة المصنفات الفنية، تبدأ من تسليم نسخة من الكتاب المطلوب اجازته ليطبع والحصول على الرقم الوطني والرقم الدولي بعد دفع الرسوم المقررة والانتظار لمدة تتراوح بين عشرة أيام إلى أسبوعين (لو الله هون) لتحصل على المطلوب، الحقيقة مما يتطلب حمد الثورة الديسمبرية ومجهودات الوزير والوكيل أن الاجراءات تم تقليصها من ثلاث نسخ لزوم تفتيش (CD)للمؤلف ونسخة في الممنوعات الفكرية "الغميسة"..

حصاد هشيم المصنفات:
أرسلت إلى المجلس الوطني للمصنفات كتابين من تأليفي، كتاب "حي ديم التجاني – حي ولا في أجعص اليوتوبيات"، وكتاب "النبي المصطفى المعصوم بين دعاوى التجديد ودواعي التطوير"، ومضت الليالي العشر، وتبعتها التمامة للأربعة عشر، لليوم الموعود، وجاءني رد شفاهي، متبوعاً بكتابي "حي ديم التجاني"، بطلب أن أحذف من المقدمة صفحة (7) هذه الأسطر:
"بجاة هدندوة بني عامر: كلمة البجاة هي الكلمة الجامعة لقبيلتي الهدندوة (ومن قبائل البجاة حالياً: قبائل بني عامر والهدندوة والأمرأر والبشاريين والحلنقة والحباب والحدارب والبلو والأرتيقة والأشراف والكميلاب والسيقولاب والملهتكتاب)" والبني عامر (الحباب). سألت من حمل لي النبأ: "ليشن؟!"، قال: "قالوا لحساسية الموقف في الشرق"، طيب وما علاقة كتابتي عما يجري بشرق السودان؟، وماذا تضيف وماذا تحذف؟!، لا اجابة تلوح في الأفق، سألت عن كتابي الآخر (النبي المصطفى المعصوم – وهو مقارنة بين منهج د. الترابي في تجديد الدين، ومنهج الأستاذ محمود محمد طه في تطوير التشريع الاسلامي) ماذا حل به، قيل لي حول إلى لجنة الأعمال الفكرية لاجازته!!، وعلي الانتظار عدة أيام أخرى لأتلقى الرد!!..

مبدأ الحرية أول "لابيحور لابيأول":
لا أدري ماذا يحدث في أرجاء العالم، متحضراً كان أو متخلفاً، من اجراءات لاجازة طباعة الكتاب، خاصة وأن ارتفاعات متلاحقة لأسعار ورق الطباعة وتكلفتها، بأسباب من ارتفاعات الدولار وانخفاض صاحبنا الجنيه السوداني (الكان عظيم) في عالم (ما بيرحمش ولا بيخلي رحمة الله تنزل) متلاحق الأنفاس والهرولة الرأسمالية (إنهم يقتلون الجياد) اللاهثة نحو الأرباح المنضبطة وغير المنضبطة (هو في زول بيقرا ذاتو في زمن الرغيفة بي جنيه وماشية تبقى لقمة واحدة اتنين مستحيل) و- هات يا زمن هات يا زمن جيب كل أحزانك تعال، جيب المحن – المهم نطالب السيد وزير الثقافة والاعلام (فيصل محمد صالح) وطاقمه الثوري، باتخاذ قرارات ثورية تقضي بأن نكون رواداً في اجراءات اجازة المطبوعات، تليق بناتج الثورة، معلمة الشعوب من حولنا، التي أنجزت اسقاط أكبر ديكتاتورية شهدها وطن عازة، وكنداكات وشباب عازة، بعمل نافذة واحدة، تأخذ علماً بعنوان المطبوع، والمؤلف، ويسلم طالب الاجازة – في الحال – الرقم الوطني للمطبوع، والرقم الدولي، (ويا دار ما دخلك شر)، ويكون المؤلف هو المسؤول عما يحمل مطبوعه من ترهات أو مفيدات، بلا رسوم مالية، أو – اذا اقتضى الحال – برسوم رمزية، والمسؤولية فردية بالطبع، والمتضرر يلجأ للقضاء (عدالة) لأخذ حقه، يا أخوانا أن غلطااان؟!!، لابد أن ينتهي عهد الوصاية على الأفكار والمعتقدات، والضابط الوحيد للحرية هو ألا اعتدي بحريتي على حرية الآخر، كما لا يعتدى علي في حريتي من الآخر، مش؟!!، يا فيصل "داو جرحك لا يتسع!!"، و"الرهيفة التنقد"..

eisay1947@gmail.com

 

آراء