قالوا: الوزير أرسله لنبدي ملاحظاتنا حوله: مجمَّع الفقه يعلن رأيه – هل تجاوز مفرِّح؟!

 


 

 


ركن نقاش


انتقدت وزارة التربية والتعليم في السودان - حسب سودان تربيون نت - تدخل مجمع الفقه الإسلامي (التابع لوزارة الشؤون الدينية) في عملها، وقالت إن المقررات الجديدة للطلاب لن تخضع لأي مساومة من أي جهة، لأن إصلاحها مستمد من الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية. وأكد بيان وزارة التربية والتعليم عدم قيام وزارة التربية والتعليم إرسال كتاب التربية الإسلامية إلى مجمع الفقه ليجيزه، وإنما أرسل إلى وزير الشؤون الدينية والأوقاف لعدم حضوره اجتماع مجلس الوزراء الذي عُرض فيه بعض كتب المقررات الجديدة.
وفي محاولة للرد على توضيح وزارة التربية والتعليم أنها لم ترسل كتاب التربية الإسلامية إلى مجمع الفقه ليجيزه، وانما أرسلته لنصر الدين مفرح وزير الشؤون الدينية والأوقاف، لغيابه عن جلسة المجلس المعنية بذلك، أوضح مجمع الفقه أن وزير الشؤون الدينية أرسل إليهم الكتاب لإبداء الملاحظات حوله وأن رأي المجمع هو الإبقاء على المنهج القديم.
وأشارت وزارة التربية في بيانها إلى أن المنهج القديم الذي يطالب مجمع الفقه بإبقائه، وضعه نظام الرئيس المعزول عمر البشير "وهو منهج أضعف التعليم العام، إضافة إلى أنه ملئ بالدعوة إلى قتل السودانيين بدعوى الجهاد، كما أنه يكرِّس للعدوان وتهديد الوحدة الوطنية، وهو جرم كان النظام البائد يقوم به دون أي اعتراض من مجمع الفقه الإسلامي".
وأفاد بيان وزارة التربية والتعليم أن مجمع الفقة الإسلامي لا يميز بين المنهج والمقرر، حيث اعترض على المقرر في أنه خالٍ من الأهداف والغايات التربوية التي يحويها المنهج، مع أن الأهداف والغايات لا تظهر في المقرر الدراسي للسنة الأولى للمرحلة الابتدائية.
وأوضحت وزارة التربية والتعليم في بيانها أن المقررات الجديدة للمرحلة الإبتدائية في معظمها نقِّحت وطوِّرت بتنفيذ أساتذة أجلاء وخبراء ومراجعتها من لجان متخصصة وأساتذة جامعات في كليات التربية.
مجمع الفقه أخطاء متتابعة:
أولاً: إرسال وزير الشؤون الدينية مُفرِّح الكتاب لابداء الملاحظات حوله لا يخوِّل للمجمع ابداء الملاحظات للعامة وانما رفعها للوزير باعتبارهم مستشاريه وتابعين له لا مستقلين عن سلطاته، وهو – أي الوزير مُفرِّح – ليس ملزماً بقبول ملاحظاتهم وإن طلبها للاستنارة بها في تكوين رأيه النهائي، والبداهة تقول أنه – بحكم منصبه ومتابعته للسياسات العامة – أكثر علماً وتفهماً لمجريات الأمور، وسبق لمفرح أن تعرض لترويج خلاف بينه وبين مجلس الوزراء وقد نفى ذلك وأوضح أنه يمكنه أن يبدي رأيه داخل مجلس الوزراء التزاماً بالمؤسسية واعلاءً لها وتثبيتاً.
لقد أسرع مجمع الفقه بنشر رأيه علانية للعامة وانتقل إلى وسائل التواصل الاجتماعي، من ما أكد صحة رأي وزارة التربية والتعليم القائل "أن الهجوم على وزارة التربية والتعليم واحد من سلسلة حلقات استهداف ممنهج من فلول النظام البائد، ولن يثنينا هذا الهجوم عما نقوم به من أجل الوطن".
وصف مجمع الفقه الإسلامي، بيان وزارة التعليم، بشأن ملاحظته حول منهج التربية الإسلامية بأنه "متشنِّج وخارج عن المهنية والبيان العلمي الواقعي" (صحيفة السوداني)، ونتساءل: هل كان بيان مجمع الفقه هادئاً غير متشنج ومهنياً وهو يخالف التراتبية والمهنية بتخطيه لوزيره المشرف عليه فالمجمع تابع لا متبوع؟!، وهل كان رأيهم الذي أبدوه حول مقرر الصف الأول الابتدائي الجديد بياناً علمياً واقعياً؟!، حيث تقول وزارة التربية والتعليم بالحرف عن رأي المجمع: "إن مجمع الفقه الإسلامي لايميز في بيانه بين المقرر والمنهج وأعترض على المقرر بأنه خال من الأهداف التربوية . وأضافت :”الغايات لاتظهر في كتاب التربية الإسلامية للصف الأول الإبتدائي"، ونقد آخر وجهته وزارة التربية والتعليم لرأي المجمع: "أن مجمع الفقه الإسلامي لم يذكر ملاحظات بعينها في الكتاب".
وثالثة الأثافي: "قال المجمع في بيان له، (صحيفة السوداني)، أن وزارة التربية والتعليم والمركز القومي للمناهج، لاتمثل وحدها الشعب السوداني أو هي وحدها من تنفرد بإعداد المناهج والمقررات؛ بل هي جزء من الشعب ومن مؤسسات الدولة التي يجب أن تعمل بتناغم وتنسيق مع المؤسسات الأخرى في جميع الشؤون ذات الصلة"، وفي اتجاه رأي مجمع الفقه نفسه، هل وزارة الصحة تنفرد برأي متخصصيها في المجال الصحي أم أنها تلجأ للشعب ليحدد لها عملها في مجال الصحة؟!، من المؤكد أن وزارة الصحة جهة استشارية لمجاميع الشعب السوداني يستنير برأيها ولا يفرض عليها عملها في مجال تخصصها، وكذلك في صحة البيئة، والشؤون الهندسية، وغيرها من الأمور المتخصصة ولها كوادرها، فهل وزارة التربية والتعليم بدعاً في ذلك أم لها متخصصوها في مجال المناهج وخبراؤها في المجال التربوي!!..
من أكبر آثام الانقاذ سلمها التعليمي ذي ثماني الدرجات وعِيبَ من خبراء التربية في حينه من أنه جمع بين فئتين عمريتين متباينتين عمراً ونمواً؛ فئة مراهقة، وفئة في مرحلة الطفولة ولم نسمع لمجمع الفقه نقداً أو شجباً لهذه الفعلة الشنعاء!!..
موقع الفقه من الدين:
أرَّخ حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمبعوثه الى اليمن: "بم تحكم"؟، قال: "بكتاب الله"، قال: "فإن لم تجد"؟، قال: "فبسنة رسول الله"، قال: "فإن لم تجد"؟، قال: "أجتهد رأيي لا آلو"، فقال رسول الله (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم): "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما فيه مرضاة الله ورسوله"، أرخ هذا الحديث لمكانة الفقه من الدين مع أحاديث أخرى شجعت على الاجتهاد، حينما لا يكون هناك نص من قرآن أو حديث يُلجأ إليه، ومن هنا جاء الاجتهاد وظهر الفقه، ونلاحظ أن الفقه في أخريات أيامه خرج عن الدين، حتى أضطر علماء زمانهم لاغلاق باب الاجتهاد كما هو معلوم!..
مثال لخروج الفقه عن الدين:
جاء في فتاوى المذاهب الأربعة: "واختلفوا في أجر القابلة قيل عليه وقيل عليها وقيل على من استدعاها أولاً"، والفتوى بالطبع تخالف صريح الشريعة الاسلامية، ففي الشريعة بالنص الانفاق على الرجال: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"، فكيف تقول الفتوى: "وقيل عليها"، وأخرى حيث تمضي الفتوى لتقول: "وقيل على من استدعاها أولاً"، والبداهة تقول أن المرأة التي تتوجَّع هي من ستستدعي القابلة "الداية"، في حال كان الرجل شحيحاً!!..
بكاء الامام مالك:
بكى الامام مالك حين حضرته الوفاة وكان عاتباً على نفسه أنه قال رأيه مضافاً إلى القرآن والحديث، وقال: "وددت لو أني ضربت سوطاً عن كل اضافة أضفتها لكتاب الله ولحديث رسول الله"، وقال: "ما وجدتموه في كتاب الله وسنة رسول الله فخذوا به وما وجدتموه من أحاديثنا فاضربوا بها عُرض الحائط"..
هل نحن في حاجة لمجمع فقهي الآن؟:
سئل حافظ الشيخ الزاكي عن وقائع صاحبت تطبيق قوانين سبتمبر في عهد نميري منها عجلة القضاة في اصدار الأحكام حيث ساوى المكاشفي بين خيانة الأمانة والاختلاس بالسرقة، وهي حادثة محاسب وادي سيدنا، الذي أقيم عليه حد السرقة في جريمة اختلاس أموال كانت تحت عهدته (والشريعة لا تجيز القطع في المال العام لشبهة أن السارق له نصيب فيه، ولا تجيز القطع لمؤتمن)، فأجاب حافظ: مرد الخطأ الذي وقع فيه القاضي المكاشفي في رأيي يرجع لسببين: الأول: القانون لم يقيِّد القاضي بمذهب مخصوص، فرجَّح المكاشفي رأي الشافعي الذي يساوي بين خيانة الأمانة والسرقة، وكذلك لم يكن له إلمام كافٍ بالقانون، لأن هناك مادة مفصلة عن خيانة الأمانة في القانون. والثاني: قلة خبرة المكاشفي القضائية، برغم أنه قانوني، فهو لم يمارس القضاء من قبل. وسعيت شخصيًّا لمعالجة خطأ القاضي المكاشفي بانتقاده علنًا ودعوته للمشاركة في برنامج تلفزيوني للحوار حول الموضوع وتبيان حجته، ولكنه غاب عن اللقاء. (حوار مع حافظ الشيخ الزاكي أجراه وليد الطيب - (http://www.tawtheegonline.com
ولينظر القارئ أن خطأً في اجتهاد قاضي ونقص خبرته العملية حرمت شخصاً من يده بلا وجه حق!!..
والسؤال مرة أخرى: هل نحن في حاجة لمجمع فقهي يمكن أن يخطئ ويصيب؟!، كما شاهدنا تصرف المجمع في استئناس رئيسه – الوزير – بملاحظاته، فتخطى الوزير ونشر رأيه على عامة الناس، وتسييس الاستشارة لخدمة أغراض المعارضة، والمجمع جهة غير مختصة لا بالمناهج ولا بالمقررات ولا بالتعليم!!..
eisay1947@gmail.com

 

آراء