مفارقات أغرب بحث علمي!!

 


 

 


في الشهر الماضي تم إجراء بحث علمي طريف للغاية، فقد قامت مجموعة من خبراء علم المنطق بأخذ عينات عشوائية من أحاديث الأحباب في مختلف قارات العالم وحللوها تحليلاً موضوعياً، فاكتشفوا أن القاسم المشترك بينها هو أن لغة العشاق، سواء أكانوا آسيويين، أوربيين، أمريكيين، استراليين أم أفارقة أو بدون، تتسم في كل الأحوال بالتفاهة، السطحية والركاكة، لا فرق في ذلك بين كلام الشبان والشابات أو الرجال أو النساء فكلهم في الهوى سواء!!
فمن حيث الشكل أثبت البحث أن حوالي 90% من لغة الأحباب تتكون من عبارات مفككة، جمل غير مفيدة وتعابير مقلوبة رأساً على عقب وأن النسبة المتبقية لا تخرج عن كونها مجرد كلمات متقاطعة لا يفهمها إلا من تفرغ لفك الطلاسم الوهمية عبر سلوك طرق التفكير الملتوية، وعزا البحث سبب ذلك إلى أن أسلوب لغة الأحباب يعتمد أساساً على لغة الجسد ولغة العيون ولا يقترب أبداً من لغة المنطق!!
أما من حيث الموضوع، فقد أثبت البحث المعني أن المواضيع المفضلة التى يلوكها الأحباب دون ملل لا تخرج عن إبداء الأراء الشخصية حول الأزياء، برامج التلفزيون، أخبار سيئ الذكر كورونا وأكل لحوم الأصدقاء والصديقات عند اللزوم، وأنه في أغلب الأحيان تدور حوارات هلامية بين الأحباب بسبب إنعدام الموضوع، وانتهى البحث إلى نتيجة عجيبة مفادها أن كلام الأحباب هو مجرد كلام فارغ جداً جداً إذا قيس بالمقياس الموضوعي وأنه من المستحسن أن يحب العشاق بعضهم البعض بصمت إذا أمكن ذلك!!
قبل أسبوعين ، قامت مجموعة أخرى من خبراء علم الجمال بإجراء تحليل ذاتي لنفس العينات العشوائية التى حللها خبراء علم المنطق فوجدوا أن لغة الأحباب هي أجمل لغة في العالم وأن العجب العجاب هو في لغة الأحباب فهي تبدوا للناطقين بها ممتعة إلى أقصى درجة وجديرة بالإحتفاظ بها كأغلى وأجمل ذكريات، وأنها تعتبر، ولأسباب غير مفهومة، من أكثر لغات العالم إقناعاً فهي خالية تماماً من المجادلات والمغالطات، ويكفي أن ترفع الفتاة أحد حاجبيها ليقتنع الشاب بفكرتها حتى لو لم تكن موجودة أصلاً ويكفي أن يفتل الشاب شاربه وينفخ صدره مثل الديك الرومي ويقول أي كلام لتقتنع به الفتاة على الفور حتى لو كان ما قاله مجرد فقاعات صوتية عديمة الفائدة!!
بل ثبت أيضاً أن الغموض في لغة الأحباب هو مصدر الجذب الأكبر فيها فرغم اختلاف الإهتمامات بين الجنسين فإن الأحباب يستمتعون إلى أقصى حد بأحاديث بعضهم حتى لو كان الواحد منهم لا يفقه شيئاً عن موضوع الحديث الذي يتشدق به الآخر، وانتهى البحث إلى نتيجة غريبة مفادها أن كلام الأحباب هو كلام ممتع وشيق إلى أقصى حد إذا قيس بالمقياس الذاتي وأنه من المستحسن أن يحب العشاق بعضهم البعض وألا يتوقفوا عن الثرثرة أبداً!!
في الأسبوع الماضي قامت مجموعة ثالثة من خبراء علم النفس بإجراء بحث علمي على عينات عشوائية من كلام الأزواج من مختلف أرجاء العالم، فوجدوا أن روتين الحياة الزوجية والملل العائلي يدفعان معظم الأزواج في أغلب الأحوال إلى اللجوء لفلسفة القرود الآسيوية الثلاثة عبر تطبيق سياسة لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم، وفي بعض الحالات، يلجأون إلى الجدل المنطقي حول أمور غير منطقية فيقعون في فخ حوار الطرشان، وانتهى البحث إلى نتيجة غير مفهومة مفادها أن كلام الأزواج غير قابل للتقييم وسيظل من المجهولات لأنه يأخذ في أغلب الأحيان شكل مؤشر بياني عشوائي الذبذبة يتحرك صعوداً وهبوطاً على خارطة نفسية غير ثابتة تتأرجح على مدار اللحظة بين حالة الاتزان العقلي الكامل وحالة انعدام الوزن النفسي التام!!
ولأن البحوث العلمية في هذا الزمان قد أصبحت تؤكد الشيء وضده في ذات الوقت بسبب انعدام الحياد العلمي واختلاف مصالح من يدفعون المال للباحثين وبالتالي صارت غير جديرة بالثقة، فقد قرر مقدم أحد البرامج الاجتماعية النزول إلى الشارع واستجواب ذوي الشأن من الأحباب والأزواج بشأن هذا الموضوع المثير للجدل!!
حكى له أحد الرجال حكاية حدثت في الأيام الخوالي مفادها أن فتاته المفضلة قد حدثته عن إجراءات، آليات وأهداف عملية التطريز بالتفصيل الدقيق بعد أن سألها عنها سؤالاً عابراً على سبيل إظهار الإهتمام بإحترام الهوايات النسائية، فاستمتع عندها بمقطوعة موسيقية مطرزة بأعذب الانغام والإيقاعات إلى درجة أنه كاد أن يرقص في الطريق العام من شدة الطرب، ثم تزوج الرجل نفس الفتاة والتى أصبحت اليوم حرمه المصون وقد أكد الرجل وهو يضحك بسخرية أنه على استعداد الآن لتطليقها فوراً إذا تجرأت وحكت له أي جزء من تلك الحكاية مرة أخرى!!
أما إحدى النساء فقد أكدت وهي تضحك أن حبيبها قد كتب فيها قصيدة غزلية رقيقة أثناء فترة الخطوبة، وما أن تزوجها حتى تظاهر بإصابته بفقدان ذاكرة مزمن إذ صار ينكر قيامه بكتابة القصيدة المعنية كلما حاولت تذكيره بتلك الذكري الجميلة الغابرة!!
أما أحد المثقفاتية فقد أتحف مقدم البرنامج بقوله: لقد ذكرني موضوع الاستطلاع الطريف بإحدى الروايات العالمية المشهورة حيث ورد فيها أن بطل الرواية الهمام كان يكمن كل يوم بالساعات الطوال عند سور حديقة محبوبته على أمل رؤيتها وسماع صوتها الملائكي حتى الفت وجوده السحالي والجنادب والصراصير، وبعد مرور شهر كامل من التربص والإنتظار ونصب الكثير من الأكمنة الثابتة والمتحركة، وبينما كان الحبيب المغوار رابضاً في مخبئه الخفي الذي لا يرى بالعين المجردة، خرجت محبوبته الحسناء إلى فناء المنزل ثم قالت لرفيقتها جملة سحرية موجزة، ما أن سمعها صاحبنا حتى انطلق بسرعة البرق عبر الغابات والسهول وهو يردد الجملة الرائعة التى سمعها وكأنه يخشى عليها من الإنزلاق المفاجئ في هوة النسيان، لقد كانت تلك الجملة الموسيقية الخالدة التى سلبت لب ذلك العاشق التاريخي العظيم هي " ناوليني المكنسة يا عزيزتي"!!

menfaszo1@gmail.com

 

آراء