سقوط أسوأ رئيس في العالم!!

 


 

 

 

تأملت موضوع الرئاسة على مستوى بلدي وعلى المستوى العالمي فلم أفهم أي شئ وأنتصبت أمامي دهشة كبرى مكونة من مائة طابق!! الملاكم الفذ أو لاعب كرة القدم الحريف، والذي يعتبر رئيساً في اللعبة، يجبر على الاستقالة من رئاسة اللعبة التي يعشقها عند بلوغه سن الثامنة والعشرين، لماذا؟ لأن العلم والأمر الواقع يؤكدان أن قمة القوة الجسدية وقمة القوة الذهنية للشباب تبدأ في عمر السابعة عشر وتنتهي في عمر الثامنة والعشرين!! العامل أو الموظف الماهر، الذي يعتبر رئيساً في عمله، يجبر على الاستقالة من رئاسة عمله الذي يحبه في سن الستين أي سن المعاش والتقاعد الإجباري، لماذاً؟! لأن العلم والقانون يؤكدان أن سن الستين هي سن الخرف وفقدان كامل اللياقة الذهنية بل أن معظم شركات التأمين في العالم تلغي التأمين على حياة المؤمن عند بلوغه سن الستين باعتبار سن الستين هي سن الموت الشديد المفاجيء!! طيب صدقنا وآمنا لكن إذا كان الأمر كذلك فلماذا تسمح الولايات المتحدة الأمريكية للعجوز ترامب البالغ من العمر أربعة وسبعين عاماً وللعجوز بايدن البالغ من العمر ثمانية وسبعين عاماً بالمشاركة في الانتخابات الأمريكية والتنافس على الفوز بكرسي الرئاسة القابع داخل البيت الأبيض الأمريكي والاحتفاظ بحقيبة السلاح النووي التي تهدد حياة جميع البشر وجعل العالم كله ينشغل بالمعركة الرئاسية المحتدمة حتى الآن بين عجوزين مخرفين؟! لا أحد يملك أي إجابة على هذا السؤال العالمي الهام بما في ذلك السكرتير العام للأمم المتحدة وهو أيضاً ينتمي لفصيلة العواجيز والمخرفين حسب نظرة الرأي العام العالمي
الآن تم إعلان نتائج مبدئية للانتخابات الأمريكية مفادها فوز العجوز بايدن برئاسة أمريكا حيث عم رقص الديموقراطيين في الشوارع الأمريكية وبالمقابل يتظاهر الجمهوريون الغاضبون ويتهمون الديموقراطيين بسرقة الرئاسة من ترامب، أما العجوز ترامب فهو غاضب للغاية ولا يعترف بهزيمته الرئاسية ولا يكف عن إرسال تغريداته التويترية التي تؤكد انتصاره المدوي وفوزه بفترة رئاسية ثانية وهزيمة العجوز بايدن هزيمة ساحقة، ومعظم سكان العالم يحبسون أنفاسهم الآن في انتظار حسم هذا الجدل الرئاسي البيزنطي بصورة رسمية من قبل اللجنة المنظمة للانتخابات الأمريكية ويقول بعض الديموقراطيين الراقصين المنتشين بفوز العجوز بايدن إن أغلب الأمريكيين فرحين بهزيمة ترامب أكثر من فرحهم بفوز بايدن وأنه إذا تشبث العجوز ترامب بكرسي الرئاسة ورفض مغادرة البيت الأبيض فستتكفل قوات الخدمة السرية بإخراجه بالقوة الجبرية من البيت الأبيض، علماً بأن هذا الصراع الرئاسي الغريب يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية، مهد الديمقراطية العالمية الحديثة، وليس في جمهورية الواق واق الأفريقية!! على أي حال إذا أردت أن تعرف من هو أسوأ رئيس في العالم وكيف بدأت وانتهت قصة سقوطه العجيبة فعليك مواصلة القراءة.
تأملت أسماء الأحزاب السودانية وأسماء وأحوال رؤسائها فشعرت بغبن سياسي فاحش، المؤتمر الوطني ينسب نفسه لكل الوطن ورئيسه السبعيني كان يحكم السودان منذ أكثر من ربع قرن وحتى ذهابه لسجن كوبر حبيساً، ولم يعترض أحد من أعضاء حزبه!! المؤتمر الشعبي ينسب نفسه لكل الشعب ورئيسه الثمانيني كان يتلاعب ويتحكم بجميع خيوط السياسة السودانية حتى ذهابه للقبر حبيساً، ولم يعترض أحد من نوابه!! الحزب الشيوعي السوداني ينسب نفسه لكل السودان وللشيوعية العالمية التي انقرضت في بلدها الأصلي ويعيش أولاد وزوجات كبار أعضائه في الدول الرأسمالية ويظل رئيسه رئيساً للحزب حتى ينتقل إلى الرفيق الأعلى، ولا يعترض أحد من رفقائه المناضلين!! وكل رؤساء الأحزاب ورؤساء الحكومات في السودان وفي العالم العربي والأفريقي أيضاً يعتبرون الرئاسة تشريفاً وليس تكليفاً وأغلبهم يصرون على أن يعيشوا رؤساء ويموتوا رؤساء، أما رؤساء الحكومات العسكرية، فهؤلاء يشكلون العجب العجاب فهم يعتبرون أن مؤهلات الرئاسة هي رجالة وحمرة عين وقوة عضلات فقط لا غير وأنها لا تحتاج إلى أي مؤهلات أخرى!! عشان كده، عقدت اجتماع قمة مع نفسي وأصدرت فرماناً سياسياً قررت بموجبه أن اكون رئيساً لجمهورية بيتنا ومافيش حد أحسن من حد ، فهم رجال ونحن رجال!!
أردت أن أصبح فرعوناً عصرياً واتحكم بوزارة الاعلام المنزلية على الطريقة الإشتراكية القابضة وأن لا أسمح لزوجتي وأولادي بأن يروا إلا ما أرى، لكنني انفضحت أمام الجميع بسبب التعصب وعدم احترام الرأي الآخر، أضف إلى ذلك أن خبرة أولادي في التعامل مع أجهزة الاعلام الالكتروني الحر من تلفزيونات وآيبادات وسامسونات وموبايلات وجهلي الفاضح بتشغيل هذه الأجهزة الالكترونية الحديثة جعلني أقلع نهائياً عن هذه الفكرة الرئاسية غير العملية وأصبحت مجرد متلقى لكل الأخبار الاعلامية الداخلية والخارجية سواء أكانت حقيقية أم مفبركة
حاولت أن أتحكم في وزارة المالية البيتية على الطريقة الرأسمالية القابضة وأن اسيطر على الدخل والمنصرف في المنزل لكنني اكتشفت أنني أضعف فرد في العائلة في كل الأمور المحاسبية وأنني لا اجيد حتى العمليات الحسابية البدائية كالجمع والطرح والضرب والقسمة وأن زوجتي وأولادي بارعون في وضع الميزانيات وماهرون في صرفها وعندها رفعت الراية البيضاء وأصبحت مجرد صراف آلي
فكرت أن أجرب الطريقة الديمقراطية المفتوحة في محاولة للتمسك بآخر مظهر من مظاهر السيادة الرئاسية فقررت أن أشكل مجلس شورى عائلي بعضوية زوجتي ورئاستي طبعاً وقررت تطبيق المثل السوداني الذي يقول (المرا شاورا وخالفا) لكن ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنني أعاني من ضيق أفق وقصر نظر خيالي وأن كل القرارات التي تصدر من جانبي وتعترض عليها زوجتي تكون فاشلة وخاطئة في نهاية المطاف ولهذا تنازلت نهائياً عن فكرة رئاسة مجلس الشورى العائلي وبدأت في تطبيق المثل السوداني الآخر الذي يقول: (مرتك لو قالت ليك اطلع الجبل، اطلع من بدار
أخيراً لعنت شيطان الرئاسة الرجيم وقلت لنفسي، على سبيل التبرير الشخصي والمواساة الذاتية: ياخي أي رئيس في هذا العالم بيكون مريس ومتيس ساكت، يعني أي رئيس بكون مجرد لعبة في يد المطبلاتية والمزمراتية الذين يلتفون حوله وينتفعون من سلطاته وفي نهاية المطاف يحملونه المسؤولية وحده ويهربون ويختفون في جحورهم لو قامت ثورة أو وقع انقلاب ضده أو انهزم في الانتخابات، وعندما وصل تفكيري إلى هذا الحد، عقدت مؤتمر قمة مع نفسي وأصدرت آخر فرمان رئاسي وتنازلت بموجبه عن كل سلطاتي الرئاسية لزوجتي وأولادي بعد أن اقتنعت بأنني أسوأ رئيس في العالم وأنني لا أصلح حتى أن أكون رئيساً لنفسي ومن ثم قررت أن أعيش داخل المنزل وخارجه كمواطن ساي أي كمواطن عادي ولا نامت أعين الرؤساء في أي مكان

مذكرات زول سوداني
مذكرات زول ساي
فيصل الدابي

menfaszo1@gmail.com

 

آراء