توزيع نتائج امتحانات كورونا!!
أدخل كورونا أغلب دول العالم في مدرسة كورونا العالمية المزعجة وعرضها لأقسى الامتحانات الكورونية، كان عام 2020م هو سنة أولى كورونا، وكان المقرر هو الموجة الكورونية الأولى وتجسدت الدروس الموجعة في ملايين الإصابات والوفيات، وخسائر اقتصادية مليارية ناجمة عن الإغلاقات!! أما المفاجأة الكورونية الكبرى فهي أنه وفي ذات التوقيت الذي استبشر فيه العالم خيراً بإنتاج اللقاحات التي ستقضي على كورونا في نهاية سنة أولى كورونا، استنسخ كورونا سلالة كورونية جديدة محورة ونقل معظم البشر إلى سنة ثانية كورونا في عام 2021م بعد أن نشر مقرر الموجة الكورونية الثانية، الأسرع انتشاراً، في بريطانيا والتي أصابت آلاف الأشخاص في أيام قليلة، وأجبرت معظم دول العالم على وقف الرحلات الجوية من وإلى بريطانيا وحولتها إلى جزيرة معزولة تماماً عن العالم الخارجي في سابقة لم تحدث حتى خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية!!
من الملاحظ أن معلومات السّلالة الإنجليزية الكورونية الجديدة قليلة ومتناقضة، الأمر الذي أدى لنشر موجات من الهلع العالمي في وسائل التّواصل الاجتماعي عبر ترويج نظريات المؤامرة الدولية والحرب البيولوجية، فمثلاً أعلن وزير الصحة الفرنسي أن اللقاحات الموجودة حاليا للوقاية من كورونا ستوفر وقاية من السلالة الجديدة للفيروس، بينما صرح وزير الصحة البريطاني أن السلالة الكورونية الجديدة لا يمكن تلافيها بتعاطي اللقاح!! ثم ظهرت سلالات كورونية جديدة في جنوب أفريقيا، فرنسا واليابان وانتشرت في عدة بلدان أخرى، ولعل السؤال العالمي الأهم الذي يجب طرحه الآن هو: هل اللقاحات الحالية التي احتفل العالم مؤخراً بخبر التوصل إليها واستخدامها كافية للقضاء على السلالات الكورونية الجديدة أم لا؟! بالمقابل فقد زفت منظمة الصحة العالمية بشرى عالمية مفادها أن العالم يمكنه الانتصار على كورونا في عام 2021م إذا تم تعاطي اللقاحات وتخفيض معدلات الإصابة بالعدوى عبر إتباع الإجراءات الاحترازية المتمثلة في لبس الكمامة والتباعد الاجتماعي وغسل الأيدي!!
إذا تخيلنا قيام كورونا بتوزيع نتائج امتحانات كورونا في آخر سنة أولى كورونا فإننا سنكتشف صدور النتائج الكورونية العالمية الآتية: احتلت سبع دول المراكز الأولى العالمية في مواجهة كورونا وهي دولة قطر، تركيا، كوريا الجنوبية، رواندا، تايلند، فيتنام ونيوزلندا، فقد وضع المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي دولة قطر في المرتبة الأولى في قائمة الدول الأكثر شفاءً من كورونا بنسبة 81% من نسبة الحالات المؤكدة، وتعتبر قطر من أقل دول العالم في معدل وفيات كورونا وذلك لعدة أسباب، منها تقديم الرعاية الصحية الممتازة للمصابين بكورونا، توفير الفحوصات الاستباقية لتحديد الإصابات مبكراً، زيادة وحدات العناية المركزة ورفع الطاقة الاستيعابية للمستشفيات، تكثيف الحماية لكبار السن وذوي الأمراض المزمنة، فرض قوانين ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي ومعاقبة المخالفين، وتوفير اللقاحات لجميع المواطنين والمقيمين، أما المراكز العالمية الأخيرة فقد احتلتها 10 دول في أمريكا واوربا وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، المانيا، فرنسا، إيطاليا، واسبانيا!! ولعل أكبر المفارقات الكامنة في توزيع نتائج كورونا لعام كورونا 2020 هي أن كورونا قد قلب التصنيف العالمي للدول رأساً على عقب، فقد أصبحت دول العالم الأول التي لم يستطع كورونا أن يدخلها هي بالاو، ميكرونيزيا، جزر مارشال، ناورو، كيريباتي، جزر سليمان، توفالو، ساموا، تونجا" ويمكننا أن نضيف إليها فانواتو التي أصيب فيها بكورونا مواطن واحد فقط لا غير!! وأصبحت دول العالم الثاني هي جيبوتي، ارتيريا، اثيوبيا، السودان وهلم جرا، أما لقب دول العالم الثالث فقد احتلته بجدارة بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت أسوأ دولة بين دول العالم الثالث في مواجهة كورونا!! ولعل ذلك لا يدعو للتشفي بل للتأمل في هذه الحكمة الكورونية البالغة التي مفادها (ليس الأقوى هو الأفضل في كل الأحوال، الأضعف قد يتفوق على الأقوى في بعض الأحوال لأن القوة الخفية الأعظم تتحكم في كل الأمور)!!
من المؤكد أن تخليص البشرية من كورونا يتطلب قيام الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بإلغاء قرار ترامب الذي قضى بسحب عضوية الولايات المتحدة الأمريكية من منظمة الصحة العالمية وحرمانها من المساهمة المالية الأمريكية، وهي الأكبر عالمياً، فيجب إعادة عضوية الولايات المتحدة الأمريكية إلى منظمة الصحة العالمية ودفع المساهمة المالية الأمريكية لمنظمة الصحة العالمية ويجب قيام الدول الغنية بزيادة مساهماتها المالية لمنظمة الصحة العالمية حتى تتمكن من محاربة كورونا في كل دول العالم بما في ذلك الدول الفقيرة، لأن القضاء على كورونا في الدول الغنية وطرده عبر الباب ثم السماح بانتشاره في الدول الفقيرة سيؤدي حتماً إلى تدوير كورونا وإعادته للدول الغنية عبر الشباك ومن ثم ستدور جميع دول العالم في حلقات كورونية مفرغة إلى أجل غير مسمى، فهلا تكاتفت كل دول العالم للقضاء على كورونا عدو البشرية رقم واحد وتمكين العالم من إغلاق مدرسة كورونا المزعجة إلى الأبد؟!!
فيصل الدابي/المحامي
menfaszo1@gmail.com