من المعلوم أن العملات الورقية، كالدولار الأمريكي، لها شكل مادي ويمكن حيازتها ووضعها في المحفظة الجلدية وهي عملات رسمية تصدر من البنك المركزي للحكومة، أهم ايجابياتها هي شعور حاملها بالثقة لصدورها من الحكومة بصفتها الضامنة للوفاء، وعدم تحمل أي رسوم عند الدفع بالنقود، وما زال البعض يتعاملون بها ويقولون: إذا حضر الكاش، انتهى النقاش! أما أكبر سلبياتها فهي أن طباعة النقود وتخزينها يكلف نفقات باهظة، وهي عرضة للسرقة والنهب، كما أنها تحمل الكثير من الفيروسات الخطيرة مثل فيروس كورونا الذي أدى انتشاره في العالم إلى إنحسار التعامل بها، ففي السويد مثلاً تُوجد لافتات على المتاجر مكتوب عليها "لا نقبل النقود"، كما أن بعض البنوك السويدية لم تعد تتعامل بالنقود بأي حال من الأحوال! أما العملات الرقمية المشفرة غير الرسمية، كالبيتكوين، فلها شكل افتراضي غير مادي ولا يمكن حيازتها ولا يمكن وضعها في المحفظة الجلدية وهي عملات غير رسمية تصدر من جهة مجهولة ولا تخضع لرقابة أي بنك مركزي أو أي حكومة، أهم ايجابياتها هي إجراء المعاملات بسرعة وبدون وسيط وبدون رسوم أو برسوم منخفضة للغاية، وشعور المتعامل بالحرية المطلقة وبسرية المعاملة لإنعدام أي رقابة عليها! أما أكبر سلبياتها ومخاطرها فهي تسهيل ارتكاب جرائم غسل الأموال، الارهاب، والتهرب الضريبي، التذبذب الشديد في قيمتها، كذلك فإن تعدين البيتكوين عبر أجهزة الحواسيب الالية باهظ التكلفة ويستهلك الكثير من الكهرباء ويزيد التلوث البيئي! والملاحظ أن هناك هوس عالمي للتعامل بالبيتكوين رغم مخاطرها العالية، فقد يتحول المتعامل بها بين ليلة وضحاها من أغنى الأغنياء إلى أفقر الفقراء وعندها لن يحصل على أي تعويض لأن البيتكوين لا ضامن لها! مع العلم أن معظم دول العالم تحظر التعامل بالبيتكوين باستثناء دول قليلة كاليابان التي تسمح بدفع المرتبات بالبيتكوين!! العملات الرقمية الرسمية، كاليوان الرقمي الصيني، لها شكل افتراضي غير مادي فلا يُمكن حيازتها ولا يُمكن وضعها في المحفظة الجلدية وهي عملات رسمية تصدر من البنك المركزي للحكومة وتخضع لرقابته، من سلبياتها بالنسبة للعملاء فرض الرسوم البنكية على المعاملات، أما أهم ايجابياتها فهي استقرار القيمة، الشعور بالأمان والثقة لدى المتعامل بها لارتباطها بالضمان الحكومي، عدم إمكانية تعرضها للسرقة والنهب والتزوير، وتسهيل منع ارتكاب جرائم غسل الأموال، الإرهاب والتهرب الضريبي. بعد الانتشار العالمي الواسع للتعامل بالعملات الرقمية المشفرة غير الرسمية كالبيتكوين وهيمنتها على التحويلات العالمية للعاملين بالخارج إلى بلدانهم بسبب انخفاض رسومها مقارنةً برسوم البنوك والسوق السوداء التي تضارب في الدولار، أخذت البنوك المركزية العالمية، كالبنك المركزي الروسي ومجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي، تتسابق في دراسة إصدار العملات الرقمية الرسمية، علماً بأن الصين الشعبية قد تصدرت السباق فقد أصدر بنك الشعب الصيني اليوان الرقمي الصيني في عام 2020م. بتاريخ 7 فبراير 2018م أصدر مصرف قطر المركزي تعميماً بمنع البنوك من التعامل بالبيتكوين وتوقيع الجزاءات المقررة وفقاً لأحكام القانون رقم 13 لسنة 2012م في حال المخالفة، وبتاريخ 17 يناير 2021م، أعلن مصرف قطر المركزي أنه بصدد دراسة إصدار الريال الرقمي القطري وفقاً لرؤية قطر الوطنية 2030م التي تهدف للوصول لمجتمع غير نقدي، من الملاحظ أن الموقف الصيني يشكل أكبر مفارقة عالمية فالصين هي أكبر دولة تعدن البيتكوين وهي أكثر دولة تحارب التعامل بالبيتكوين وهي أول دولة أصدرت العملة الرقمية الرسمية، ولعل هذه المفارقة الكبرى هي التي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى التصريح بأن الهدف الصيني من ذلك هو محاربة الدولار الأمريكي، أخيراً يمكن الجزم بأن لسان حال كل البنوك المركزية في العالم يصيح الآن: وداعاً للمحفظة الجلدية ومرحباً بالمحفظة الالكترونية!!